الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القَضَاء
وهو فرض كفاية. قال أحمد رحمه الله تعالى: لا بُدَّ للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟ فيجب على الإِمام أن ينصب في كل إِقليم قاضياً، ويختار لذلك أفضل من يجد وأورعهم، ويأمرهم بتقوى الله، وإِيثار طاعته في سره وعلانيته، وتحري العدل، والاجتهاد في إِقامة الحق، وأن يستخلف في كل صقع أصلح من يقدر عليه لهم.
ويجب على من يصلح له إِذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به الدخول فيه، وعنه أنه سئل هل يأثم القاضي بالامتناع إِذا لم يوجد غيره [ممن يوثق به؟ (1)] قال: لا يأثم، وهذا يدل على أنه ليس بواجب، فإِن وجد غيره كُرِه له طلبه بغير خلاف في المذهب، وإِن طُلِبَ فالأفضل له أن لا يجيب إِليه في ظاهر كلام أحمد، وقال ابن حامد: الأفضل الإِجابة إِليه إِذا أَمِنَ نفسه.
ولا تثبت ولاية القضاء إِلا بتولية الإِمام أو نائبه، ومن شرط صحتها:
معرفة المولي كون المُوَلَّى على صفة تصلح للقضاء.
وتعيين (2) ما يُوَلِّيه الحكم فيه من الأعمال والبلدان.
ومشافهته بالولاية أو مكاتبته (3) بها.
(1) ما بين الرقمين زيادة من "ط" و"م".
(2)
تعيين: كذا في "ش" وفي "م" و"ط": ويُعَيِّن.
(3)
أو مكاتبته: كذا في "ش" و"ط" وفي "م": ومكاتبته.
وإِشهاد شاهدين على توليته.
وقال القاضي تثبت بالاستفاضة إِذا كان بلده قريباً تستفيض فيه أخبار بلد الإِمام، وهل تشترط عدالة المولى؟ على روايتين.
وألفاظ التولية الصريحة سبعة: وليتك الحكم. وقلدتك.
واستنبتك. واستخلفتك. ورددت إِليك. وفوضت إِليك. وجعلت لك الحكم.
فإِذا وُجد لفظ منها والقبول من المُوَلّى انعقدت الولاية.
والكناية نحو: اعتمدت عليك. أو عولت عليك (1). ووكلت إِليك. وأسندت إِليك الحكم.
فلا ينعقد بها حتى يقترن بها قرينة نحو: فاحكم، أو فتولَّ ما عَوَّلْتُ عليك فيه وما أشبهه.
فصل
وإِذا ثبتت الولاية وكانت عَامَّة استفاد بها النظر في عشرة أشياء:
فصل الخصوات، واستيفاء الحق ممن هو عليه ودفعه إِلى ربه.
والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء.
والحجر (2) على من يرى الحجر عليه لسفه أو فَلَس.
والنظر في الوقوف في عمله، بإِجرائها على شرط الواقف.
وتنفيذ الوصايا.
وتزويج النساء اللاتي لا ولي لهن.
(1) عبارة: (أو عوَّلتُ عليك) سقطت من "م".
(2)
من هنا بدأ سقط في "ش" شمل معظم كتاب القضاء.
وإِقامة الحدود.
وإقامة الجمعة.
والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن طريق المسلمين (1) وأفنيتهم.
وتصفح حال شهوده وأمنائه، والاستبدال بمن ثبت جرحه منهم.
فأما جباية الخراج وأخذ الصدقة فعلى وجهين. وَلَهُ طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه (2) مع الحاجة، فأما مع عدمها فعلى وجهين.
فصل
ويجوز أن يوليه عموم النظر في عموم العمل، ويجوز أن يوليه خاصاً في أحدهما أو فيهما: فيوليه عموم النظر في بلد أو محلة خاصة فينفذ قضاؤه في أهله ومن طرأ إِليه، ويجعل إِليه الحكم في المداينات خاصة، أو في قدر من المال لا يتجاوزه، أو يفوض إِليه عقود الأنكحة دون غيرها، ويجوز أن يولي قاضيين أو أكثر في بلد واحد: يجعل إِلى كل واحد منهما (3) عملاً، فيجعل إِلى أحدهما الحكم بين الناس، وإِلى الآخر عقود الأنكحة دون غيرها (4)، فإِن جعل إِليهما عملاً واحداً جاز. وعند القاضي (5) لا يجوز.
وإِن مات المولِّي أو عُزِل المُوَلّى مع صلاحيته لم تبطل ولايته في أحد الوجهين، وتبطل في الآخر، وهل ينعزل قبل العلم بالعزل؟ على وجهين
(1) عبارة: (. . بكف الأذى عن طريق المسلمين) كذا في "ط" وفي "م": (. . بكشف الأذى عن طرقات المسلمين).
(2)
وأمنائه وخلفائه: كذا في "م" و"ط" والأجود أن يعيد الجار في الأول فيقال: ولأمنائه وخلفائه.
(3)
(منهما): زيادة من "م".
(4)
عبارة: (دون غيرها) ليست في "م" زيادة من "ط".
(5)
وعند القاضي: كذا في "ط" وفي "م": وعند أبي الخطاب.
بناءً على الوكيل، وإِذا قال المُوَلّي من نظر في الحكم في البلد الفلاني من فلان وفلان فهو خليفتي أو قد وليته لم تنعقد الولاية لمن ينظر، وإِن قال وليت فلاناً وفلاناً فمن نظر منهم فهو خليفتي انعقدت الولاية.
فصل
ويشترط في القاضي عشر صفات: أن يكون: بالغاً، عاقلاً، ذكراً، حراً، مسلماً، عدلاً، سميعاً، بصيراً، متكلماً، مجتهداً. وهل يشترط كونه كاتباً؟ على وجهين.
والمجتهد من يعرف من كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه السلام: الحقيقة والمجاز، والأمر والنهي، والمجمل والمبين، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمستثنى والمستثنى منه.
ويعرف من السنة: صحيحها من سقيمها، وتواترها من آحادها، ومرسلها ومتصلها، ومسندها ومنقطعها، مما له تعلق بالأحكام خاصة.
ويعرف ما أُجْمِع عليه مما اختلف فيه، والقياس وحدوده وشروطه وكيفية استنباطه، والعربية المتداولة بالحجاز والشام والعراق وما يواليهم، وكل ذلك مذكور في أصول الفقه وفروعه، فمن وقف عليه ورزق فهمه صلح للقضاء والفتيا وبالله التوفيق.
فصل
وإِن تحاكم رجلان إِلى رجل يصلح للقضاء فَحَكَّماه بينهما فحكم، نفذ حُكْمه في المال، وينفذ في القصاص (1). والحد والنكاح واللعان في
(1) وينفذ في القصاص. . . إلخ كذا في "ط" وفي "م" عطف بالواو أي بإسقاط =