الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصَّدَاق
وهو مشروع في النكاح، ويستحب تخفيفه، وأن لا يُعَرَّى النكاح عن تسميته، وأن لا يزيد على صداق أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناته وهو خمسمائة درهم، ولا يتقدر أقله ولا أكثره، بل كل ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون صداقاً: من قليل وكثير، وعين ودين، ومعجل ومؤجل، ومنفعة معلومة: كرعاية غنمها مدة معلومة، وخياطة ثوب، ورد عبدها من موضع معين، فإِن كانت مجهولة كرد عبدها أين كان وخدمتها فيما شاءت لم يصح. وإِن تزوجها على منافعه مدة معلومة فعلى روايتين، وكل موضع لا تصح التسمية وجب مهر المثل.
وإِن أصْدَقها تعليم أبواب من الفقه، أو الحديث، أو قصيدة من الشعر المباح صح، وإِن كان لا يحفظها لم يصح، ويحتمل أن يصح ويتعلمها ثم يعلمها، وإِن تعلمتها من غيره لزمه أجرة تعليمها فإِن طلقها قبل الدخول وقبل تعلمها فعليه نصف الأجرة، ويحتمل أن يعلمها نصفها، وإِن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة.
وإِن أصدقها تعليم شيء من القرآن معين لم يصح، وعنه يصح (1). ولا يحتاج إِلى ذكر قراءة مَن، وقال أبو الخطاب يحتاج إِلى ذلك.
ولو تزوج نساءً بمهر واحد أو خالعهن بعوض واحد صح، ويقسم بينهن على قدر مهورهن في أحد الوجهين، وفي الآخر يقسم بينهن بالسَّوية.
(1) في "م": "ويحتمل أن يصح".
فصل
ويشترط أن يكون معلوماً كالثمن. وإِن أصدقها داراً غير معينة، أو دابة لم يصح، وإِن أصدقها عبداً مطلقاُ لم يصح، وقال القاضي يصح ولها الوسط وهو السندي، وإِن أصدقها عبداُ من عبيده لم يصح ذكره أبو بكر، وروي عن أحمد رحمه الله تعالى أنه يصح ولها أحدهم بالقرعة، وكذلك يُخَرَّج إِذا أصدقها دابة من دوابه، أو قميصاً من قمصانه ونحوه، وإِن أصدقها عبداً موصوفاً صح، وإِن جاءها بقيمة أو أصدقها عبداً وسطاً وجاءها بقيمته، أو خالعته على ذلك فجاءته بقيمته لم يلزمها قبوله، وقال القاضي يلزمها ذلك.
وإِن أصدقها طلاق امرأة له أخرى لم يصح، وعنه يصح، فإِن فات طلاقها بموتها فلها مهرها في قياس المذهب.
وإِن تزوجها على ألف إِن كان أبوها حياً وألفين إِن كان ميتاً لم يصح نص عليه، وإِن تزوجها على ألف إِن لم يكن له زوجة وألفين إِن كان له زوجة لم يصح في قياس التي قبلها والمنصوص أنه يصح.
وإِذا قال العبد لسيدته أعتقيني على أن أتزوجك فأعتقته على ذلك عتق ولم يلزمه شيء.
وإِذا فرض الصداق مؤجلًا ولم يذكر محل الأجل صح في ظاهر كلامه، ومحله الفرقة عند بعض أصحابنا (1)، وعند أبي الخطاب لا يصح.
فصل
وإِن أصدقها خمراً أو خنزيراً أو مالًا مغصوباً صحّ النكاح ووجب مهر المثل، وعنه: أنه يعجبه استقبال النكاح اختاره أبو بكر، والمذهب
(1) كذا في "م": "عند بعض أصحابنا" وفي "ش" و"ط": "عند أصحابنا".
صحته، وإِن تزوجها على عبد فخرج حراً، أو مغصوباً أو عصيرٍ فبان خمراً فلها قيمته، وإِن وجدت به عيباً فلها الخيار بين أخذ أرْشه أو رده وأخذ قيمته.
فصل
وإِن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صح وكانا جميعاً مهرها، فإِن طلقها قبل الدخول بعد قبضهما رجع عليها بألف ولم يكن على الأب شيء مما أخذ، فإِن فعل ذلك غير الأب فالكل لها دونه.
وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإِن كرهت، وإِن فعل ذلك غيره بإِذنها صح ولم يكن لغيره الاعتراض، فإِن فعله بغير إِذنها وجب مهر المثل، ويحتمل أن لا يلزم الزوج إِلا المسمى، والباقي على الولي كالوكيل في البيع.
وإِن زوج ابنه الصغير بأكثر من مهر المثل صح ولزم ذمة الابن، فإِن كان معسراً فهل يضمنه الأب، يحتمل وجهين.
وللأب قبض صداق ابنته الصغيرة بغير إِذنها، ولا يقبض صداق الثيب الكبيرة إِلا بإِذنها، وفي البكر البالغ روايتان.
فصل
وإِن تزوج العبد بإِذن سيده على صداق مسمى صح، وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده؟ على روايتين. وإِن تزوج بغير إِذنه لم يصح النكاح، فإِن دخل بها وجب في رقبته مهر المثل، وعنه يجب خمسا المسمى اختاره الخرقي. وإِن زوَّج السيد عبدَه أمَته لم يجب مهر، ذكره أبو بكر، وقيل يجب ويسقط، وإِن زوج عبده حرة ثم باعها العبد بثمن في الذمة تحول
صداقها أو نصفه إِن كان قبل الدخول إِلى ثمنه، وإِن باعها إِياه بالصداق صح قبل الدخول وبعده، ويحتمل أن لا يصح قبل الدخول.
فصل
وتملك المرأة الصَّدَاق المسمى بالعقد، فإِن كان معيناً كالعبد والدار فلها التصرف فيه ونماؤه لها ونقصه وزكاته وضمانه عليها، إِلا أن يمنعها قبضه فيكون ضمانه عليه، وعنه فيمن تزوج على عبد ففقئت عينه إِن كانت قد قبضته فهو لها وإِلا فهو على الزوج، فعلى هذا لا يدخل في ضمانها إِلا بقبضه، وإِن كان غير معين كقفيز من صبرة لم يدخل في ضمانها، ولم تملك التصرف فيه إِلا بقبضه كالمبيع.
وإِن قبضت صداقها ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إِن كان باقياً، ويدخل في ملكه حكماً كالميراث، ويحتمل أن لا يدخل حتى يطالب به ويختار، فما ينمى قبل ذلك فهو لها، وإِن كان الصداق زيادة منفصلة رجع في نصف الأصل والزيادة لها، وإِن كانت متصلة فهي مخيرة بين دفع نصفه زائداً وبين دفع نصف قيمته يوم العقد. وإِن كان ناقصاً خير الزوج بين أخذه ناقصاً وبين نصف القيمة وقت العقد. وإِن كان تالفاً أو مستحقاً بدين أو شفعة فله نصف قيمته يوم العقد، إِلا أن يكون مِثْلِيّاً فيرجع بنصف مثله، وقال القاضي: له القيمة أقل ما كانت من يوم العقد إِلى يوم القبض.
وإِن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق فهل تضمن نصفه؟ يحتمل وجهين. وإِن قال الزوج نقص قبل الطلاق وقالت بعده، فالقول قولها مَعَ (1) يمينها، والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح، فإِذا طلَّق قبل الدخول فأيهما عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله
(1) كذا في الأصلين: "ش" و"م" وفي "ط": بيمينها.
برئ منه صاحبه، وعنه أنه الأب فله أن يعفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة إِذا طلقت قبل الدخول.
فصل
إِذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه، وعنه لا يرجع بشيء، وإِن ارتدت قبل الدخول فهل يرجع عليها بجميعه؟ على روايتين.
وكل فرقة جاءت من (قبل)(1) الزوج: كطلاقه وخلعه، وإِسلامه، وردته، أو من أجنبي كالرضاع ونحوه، قبل الدخول يتنصف بها المهر بينهما، وكل فرقة جاءت من قبلها: كإِسلامها، وردتها، ورضاعها من ينفسخ به نكاحها، وفسخها لعيبه أو إِعساره، وفسخه لعيبها يسقط به مهرها ومتعتها.
وفرقة اللعان تخرج على روايتين.
وفي فرقة بيع الزوجة من الزوج وشرائها له وجهان.
وفرقة الموت يستقر بها المهر كله كالدخول، ولو قتلت نفسها لاستقر مهرها كاملًا.
فصل
وإِذا اختلف الزوجان في قدر الصَّدَاق فالقول قول الزوج مع يمينه، وعنه القول قول من يدعي مهر المثل منهما، فإِن ادعى أقل منه وادعت أكثر منه رد إِليه بلا يمين عند القاضي في الأحوال كلها، وعند أبي الخطاب تَجِب اليمين.
(1) ما بين قوسين زيادة من "م".
وإِن قال تزوجْتُكِ على هذا العبد، وقالت بل على هذه (1) الأمة خَرج على الروايتين، فإِن اختلفا في قبض المهر فالقول قولها، وإِن اختلفا فيما يستقر به المهر فالقول قوله.
وإِن تزوجها على صداقين: سر وعلانية أخذ بالعلانية، وإِن كان قد انعقد بالسر، ذكره الخرقي [وقال القاضي (2)]: إِن تصادقا على السر لم يكن غيره، وإِن قال هو عقد واحد أسررته ثم أظهرته، وقالت بل هو عقدان فالقول قولها مع يمينها.
فصل في المفوضة
والتفويض على ضربين:
تفويض البضع: وهو أن يزوج الأب ابنته البكر أو تأذن المرأة لوليها في تزوجيها بغير مهر.
وتفويض المهر وهو أن يتزوجها على ما شاءت أو شاءَ (3) أو شاء أجنبي ونحو ذلك، فالنكاح صحيح ويجب مهر المثل بالعقد، ولها المطالبة بفرضه، فإِن فرضه الحاكم لم يجز إِلا بمقداره، وإِن تراضيا على فرضه جاز ما اتفقا عليه من قليل وكثير.
فإِن مات أحدهما قبل الإِصابة ورثه صاحبه ولها مهر نسائها، وعنه أنه يتنصف بالموت إِلا أن يكون قد فرضه لها، فإِن طلقها قبل الدخول بها لم يكن عليه إِلا المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره؛ فأعلاها خادم، وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها، وعنه يُرْجَعُ في تقديرها إِلى الحاكم،
(1) كذا في "ش" و"ط" وفي "م": هذا العبد قالت بل هذه.
(2)
ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "م" وبالخط نفسه.
(3)
عبارة: (أو شاء) الأولى ساقطة من "م" و"ط".
وعنه يجب لها نصف مهر المثل، وإِن دخل بها استقر مهر المثل، وإِن طلقها بعد ذلك فهل تجب المتعة؟ على روايتين أصحهما لا تجب.
فصل
ومهر المثل معتبر بمن يساويها من نساء عَصَبَاتِها: كأختها، وعمتها، وبنت أخيها، وعمها، وعنه يعتبر جميع أقاربها كأمها وخالتها، وتعتبر المساواة في المال، والجمال، والعقل، والأدب، والسن، والبكارة والثيوبة، والبلد، فإن لم يكن في نسائها إلا دونها زيدت بقدر فضيلتها فإِن لم يوجد إِلا فوقها نقصت بقدر نقصها، فإِن كانت عادتهم التخفيف على عشيرتهم دون غيرهم اعتبر ذلك، وإِن كان عادتهم التأجيل فرض مؤجلًا في أحد الوجهين، وِإن لم يكن لها أقارب اعتبر بنساء بلدها ثم بأقرب النساء شبهاً بها.
فصل
وأما النكاح الفاسد فإِذا افترقا قبل الدخول بطلاق أو غيره، فلا مهر فيه، وإِن دخل بها استقر عليه المسمى، وعنه يجب مهر المثل [وهي أصح ولا يستقر بالخلوة، وقال أصحابنا يستقر، ويجب مهر المثل (1)] للموطوءة بشبهة، والمكرهة على الزنا، ولا يجب معه أَرْش البكارة، ويحتمل أن يجب للمكرهة.
وإِذا دفع أجنبية فأذهب عذرتها فعليه أَرْش بكارتها، وقال القاضي يجب مهر المثل، وإِن فعل ذلك الزوج، ثم طلق قبل الدخول، لم يكن عليه إِلا نصف المسمى.
(1) ما بين الرقمين مستدرك على الهامش في "ش" وبخط مغاير.