الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأَيمان
واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته.
وأسماء الله تعالى قسمان:
أحدهما ما لا يسمى به غيره نحو: والله والقديم الأزلي، والأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء وخالق الخلق، ورازق العالمين، فهذا القسم به يمين بكل حال.
والثاني ما يسمى به غيره وإِطلاقه ينصرف إِلى الله سبحانه: كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرزاق (1) ونحوه، فهذا إِن نوى بالقسم به اسم الله أو أطلق فهو يمين، وإِن نوى غيره فليس بيمين.
وأما ما لا يعد من أسمائه سبحانه وتعالى كالشيء والموجود فإِن لم ينو به الله تعالى لم يكن يميناً، وإِن نواه كان يميناً وقال القاضي (2): لا يكون (3) يميناً أيضاً.
وإِن قال وحق الله، وعهد الله، وايم الله، وأمانة الله، وميثاقه،
(1) الرزاق: كذا في "ط" وفي "م": الرازق.
(2)
هو القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفرّاء، الفقيه الكبير ابن القاضي أبي يعلى، المتوفى سنة (526 هـ)، صاحب "طبقات الحنابلة" و"شرح مختصر الخرقي" وغير ذلك. انظر ترجمته ومصادرها في "المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإِمام أحمد" للعُليمي (3/ 112 - 113) و"شذرات الذهب" لابن العماد الحنبلي (6/ 130 - 131).
(3)
في "م": يكون.
وقدرته، وعظمته، وكبريائه، وجلاله، وعزته، ونحو ذلك فهو يمين، وإِن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك ولم يضفه إِلى الله تعالى لم يكن يميناً إِلا أن ينوي به صفة الله تعالئ، وعنه يكون يميناً.
وإِن قال لعمر الله كان يميناً، وقال أبو بكر: لا يكون يميناً إِلا أن ينوي.
وإِن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهو يمين فيها كفارة واحدة وعنه، عليه بكل آية كفارة.
وإِن قال أحلف بالله أو أشهد بالله، أو أقسم بالله، أو أعزم بالله، كان يميناً، وإِن لم يذكر اسم الله لم يكن يميناً إِلا أن ينوي، وعنه يكون يميناً.
فصل
وحروف القسم: الباء والواو والتاء في اسم الله تعالى خاصة، ويجوز القسم بغير حرف القسم فيقول: اللهَ لأفعلن بالجر والنصب: فإِن قال: الله لأفعلن مرفوعاً كان يميناً إِلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوي اليمين.
ويكره الحلف بغير الله تعالى ويحتمل أن يكون محرماً، ولا تجب الكفارة باليمين به، سواء أضافه إِلى الله تعالى مثل قوله: ومعلوم الله، وخلقه، ورزقه، وبيته، أو لم يضفه مثل: والكعبة، وأبي، قال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.
فصل
ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون اليمين منعقدة، وهي التي يمكن فيها البر والحنث، وذلك الحلف على مستقبل ممكن، فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة، وهي نوعان:
يمين الغموس، وهي التي يحلف بها عالماً بكذبه، وعنه فيها الكفارة، ومثلها الحلف على مستحيل كقتل الميت وإِحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه.
الثاني لغو اليمين: وهي أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها.
فصل
الثاني (1): أن يحلف مختاراً: فإِن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه، وإِن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد إِليها كقوله: لا والله، وبلى والله، في عرض حديثه فلا كفارة عليه.
فصل
الثالث (2): الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله مختاراً ذاكراً، وإِن فعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة عليه وعنه على الناسي كفارة. وإِن حلف فقال إِن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إِذا كان متصلًا باليمين، وإِذا حلف ليفعلن شيئاً ونوى وقتاً بعينه تقيد به وإِن لم ينو لم يحنث حتى ييئس من فعله إِما بتلف المحلوف عليه أو موت الحالف ونحو ذلك.
وإِذا حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها استحب له الحنث والتكفير.
(1) أي من شروط وجوب الكفارة.
(2)
أي من شروط وجوب الكفارة.
ولا يستحب تكرار الحلف، وإِن دعي إِلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فإِن حلف فلا بأس.
فصل
وإِن حرَّم أمته أو شيئاً من الحلال لم يحرم وعليه كفارة يمين إِن فعله، ويحتمل إِن يحرم تحريماً تزيله الكفارة. وإِن قال هو يهودي، أو كافر، أو برئ من الله تعالى أو الإِسلام أو القرآن أو النبي عليه السلام إِن فعل ذلك، فقد فعل محرماً وعليه كفارة إِن فعل في إِحدى الروايتين. وإِن قال: أنا أستحل الزنا أو نحوه فعلى وجهين، وإِن قال عصيت الله، أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني به، أو محوت المصحف إِن فعلت كذا؛ فلا كفارة فيه، وإِن قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء، وعنه عليه كفارة إِن حنث.
وإِن قال: أيمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج تشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال، فإِن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها، وإِلا فلا شيء عليه، ويحتمل أن لا تنعقد بحال إِلا في الطلاق والعتاق، وإِن قال علي نذر أو يمين إِن فعلت كذا وفعله، فقال أصحابنا عليه كفارة يمين.
فصل
في كفارة اليمين
وهي تجمع تخييراً أو ترتيباً فيخير فيها بين ثلاثة أشياء:
إِطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة. والكسوة للرجل ثوب يجزئه أن يصلي فيه وللمرأة درع وخمار، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام