الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومن كان له على إِنسان حق ولم يمكنه أخذه بالحاكم، وقدر له على مال لم يجز له أن يأخذ قدر حقه، نصَّ عليه، واختاره عامة شيوخنا، وذهب بعضهم من المُحْدثين إِلى جواز ذلك، فإِن قدر على جنس حقه أخذ قدر حقه وإِلا قومه وأخذ بقدر حقه متحريًا للعدل في ذلك لحديث هند:
"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(1).
ولقوله عليه السلام:
"الرَّهْنُ مركوبٌ ومحلوب"(2).
وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته في الباطن، وذكر ابن أبي موسى عنه رواية أنه يزيل العقود والفسوخ.
باب حكم (3) كتاب القاضي إِلى القاضي
يقبل كتاب القاضي إِلى القاضي في المال وما يقصد به المال: كالقرض والغصب، والبيع، والإِجارة، والرهن، والصلح، والوصية له، والجناية الموجبة للمال، ولا يقبل في حد لله تعالى، وهل يقبل فيما
(1) تقدم تخريجه.
(2)
ذكره بهذا اللفظ ابن عبد البرّ في "التمهيد"(4396 - 440) وابن القيسراني في "تذكرة الموضوعات"(1062)(طبعة السلفية) وهو في "السنن الكبرى" للبيهقي (386) و"المستدرك على الصحيحين" للحاكم (582) بلفظ: "الرهن محلوب ومركوب" وانظر "المغني" للمصنف (5116) بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو.
(3)
لفظ: (حكم) في العنوان زيادة من "م".
عدا ذلك: مثل القصاص، والنكاح، والطلاق، والخلع، والعتق، والنسب، والكتابة، والتوكيل، والوصية إِليه؟ على روايتين. فأما حد القذف فإِن قلنا هو لله تعالى فلا يقبل فيه، وإِن قلنا للآدمي فهو كالقصاص.
ويجوز كتاب القاضي فيما حكم به لينفذه في المسافة القريبة ومسافة القصر، ويجوز فيما ثبت عنده ليحكم به في المسافة البعيدة دون القريبة، ويجوز أن يكتب إِلى قاض معين، وإِلى من يصل إِليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم، ولا يقبل الكتاب إِلا أن يشهد به شاهدان يحضرهما القاضي الكاتب، فيقرأه عليهما، ثم يقول: أشهدكما أن هذا كتابي إِلى فلان ابن فلان ويدفعه إِليهما فإِذا وصلا إِلى المكتوب إِليه دفعا إِليه الكتاب وقالا: نشهد أن هذا كتاب فلان إِليك كتبه من عمله وأشهدنا عليه، والاحتياط أن يَشْهَدا عليه بما فيه ويختمه ولا يشترط ختمه.
وإِن كتب كتاباً وأدرجه وختمه وقال هذا كتابي إِلى فلان اشهدا علي بما فيه لم يصلح، لأن أحمد رحمه الله تعالى قال فيمن كتب وصية وختمها ثم اشهد على ما فيها: فلا حتى يعلمه ما فيها. ويتخرج الجواز لقوله: إِذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحداً عند موته وعرف خطه وكان مشهوراً فإِنه ينفذ ما فيها، وعلى هذا إِذا عرف المكتوب إِليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه جاز قبوله، والعمل على الأول.
فإِذا وصل الكتاب فأحضر المتكوب إِليه الخصم المحكوم عليه في الكتاب فقال: لسْتُ فلانَ ابن فلان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تقوم به بينه، فإن ثبت أنه فلان ابن فلان ببينة أو إِقرار فقال المحكوم عليه: غيري لم يقبل منه إِلا ببينة تشهد أن في البلد من يساويه فيما سُمِّيَ وَوُصِفَ به فيتوقف الحكم حتى يعلم من المحكوم عليه منهما، وإِن تغيرت حال القاضي الكاتب بعزل أو موت لم يقدح في كتابه، وإِن تغيرت بفسق لم