الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشركة
وهي على خمسة أضرب:
أحدها شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما وربحه لهما فينفذ تصرف كل واحد منهما فيهما بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه. ولا تصح إِلا بشرطين:
أحدهما: أن يكون رأس المال دراهم أو دنانير، وعنه تصح بالعروض ويجعل رأس المال قيمتها وقت العقد، وهل تصح بالمغشوش والفلوس؟ على وجهين.
والثاني: أن يشرطا لكل واحد جزءاً من الربح مشاعاً معلوماً، فإِن قالا: الربح بيننا فهو بينهما نصفين. فإِن لم يذكرا الربح أو شرطا لأحدهما جزءاً مجهولًا أو دراهم معلومة، أو ربح أحد الثوبين لم يصح. وكذلك الحكم في المساقاة والمزارعة، ولا يشترط أن يخلطا المالين ولا أن يكونا من جنس واحد.
وما يشتريه كل واحد منهما بعد عقد الشركة فهو بينهما. وإِن تلف أحد المالين فهو من ضمانهما والوضيعة على قدر المال.
فصل
ويجوز لكل واحد منهما أن يبيع ويشتري ويقبض ويقبّض ويطالب بالدين ويخاصم فيه ويحيل ويحتال ويرد بالعيب ويقر به ويقايل ويفعل كل ما هو من مصلحة تجارتهما.
وليس له أن يكاتب الرقيق ولا يزوجه ولا يعتقه بمال ولا يهب ولا يقرض ولا يحابي ولا يضارب إِلا بالمال ويأخذ به سفتجة ولا يعطيها إِلا بإِذن شريكه. وهل له أن يودع أو يبيع نسأ أو يبضع أو يوكل فيما يتولى مثله أو يرهن أو يرتهن؟ على وجهين.
وليس له أن يستدين على الشركة. فإِن فعل فهو عليه وربحه له إِلا أن يأذن شريكه. وإِن أخر حقه من الدين جاز. وإِن تقاسما الدين في الذمة لم يصح في إِحدى الروايتين. وإِن أبرأ من الدين لزم في حقه دون صاحبه. وكذلك إِن أقر بمال. وقال القاضي: يقبل إِقراره على مال الشركة.
وعلى كل واحد منهما أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه من نشر الثوب وطيه وختم الكيس وإِحرازه. فإِن استأجر من يفعل ذلك فالأجرة عليه. وما جرت العادة أن يستنيب فيه فله أن يستأجر من يفعله. فإِن فعله ليأخذ أجرته فهل له ذلك؟ على وجهين.
فصل
والشروط في الشركة ضربان:
صحيح: مثل أن يشترط أن لا يتجر إِلا في نوع من المتاع أو بلد بعينه أو لا يبيع إِلا بنقد معلوم أو لا يسافر بالمال ولا يبيع إِلا من فلان.
وفاسد: مثل أن يشترط ما يعود بجهالة الربح أو ضمان المال أو أن عليه من الوضيعة أكثر من قدر ماله (1) أو أن يوليه ما يختار من السلع، أو يرتفق بها، أو لا يفسخ الشركة مدة بعينها، فما يعود بجهالة الربح يفسد به العقد، ويُخَرَّج في سائرها روايتان.
(1) في "ط": ثمنه.
وإِذا فسد العقد قسم الربح على قدر المالين. وهل يرجع أحدهما بأجرة عمله؟ على وجهين.
فصل
الثاني المضاربة: وهي (1) أن يدفع ماله إِلى آخر ليَتَّجِرَ (2) فيه والربح بينهما. فإِن قال: خذه واتجر به والربح كله لي فهو إِيضاع، وإِن قال: والربح كله لك فهو قرض. وإِن قال: والربح بيننا فهو بينهما نصفين. وإِن قال: خذه مضاربة والربح كله لك أو لي لم يصح. وإِن قال: لك ثلث الربح صح والباقي لرب المال. وإِن قال ولي ثلث الربح فهل يصح؟ على وجهين. وإِن اختلفا لمن الجزء المشروط فهو للعامل. وكذلك حكم المساقاة والمزارعة.
وحكم المضاربة حكم الشركة فيما للعامل أن يفعله أو لا يفعله، وما يلزمه فعله، وفي الشروط.
وإِن فسدت فالربح لرب المال وللعامل الأجرة. وعنه له الأقل من الأجرة أو ما شرط له من الربح.
وإِن شرطا تأقيت المضاربة فهل تفسد؟ على روايتين.
وإِن قال بع هذا العَرَض وضارب بثمنه أو اقبض وديعتي وضارب بها، أو إِذا قدم الحاج فضارب بها صح. وإِن قال: ضارب بالدين الذي عليك لم يصح.
وإِن أخرج مالًا ليعمل فيه هو وآخر والربح بينهما صح ذكره الخِرَقي.
(1) وهي: كذا في "ش" و"ط" وفي "م": "وهو" وهو صحيح أيضاً.
(2)
في "م": يتجر بدون لام التعليل.
وقال القاضي إِذا شرط المضارب أن يعمل معه رب المال لم يصح وإِن شرط عمل غلامه فعلى وجهين.
فصل
وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال، فإِن فعل صح وعتق وضمن ثمنه، وعنه يضمن قيمته علم أو لم يعلم، وقال أبو بكر إِن لم يعلم لم يضمن ويحتمل أن لا يصح البيع، وإِن اشترى امرأته صح وانفسخ نكاحه، [فإِن كان قبل الدخول فعلى العامل نصف الصداق (1)]، فإِن اشترى من يعتق على نفسه ولم يظهر ربح لم يعتق، وإِن ظهر ربح فهل يعتق؟ على وجهين.
وليس للمضارب أن يضارب لآخر إِذا كان فيه ضرر على الأول، فإِن فعل رد نصيبه من الربح في شركة الأول، وليس لرب المال أن يشتري من مال المضاربة شيئاً لنفسه، وعنه يصح، وكذلك شراء السيد من عبده المأذون.
وإِن اشترى أحد الشريكين نصيب شريكه صح، وإِن اشترى الجميع بطل في نصيبه، وفي نصيب شريكه وجهان، ويتخرَّج أن يصح في الجميع.
وليس للمضارب نفقة إِلا بشرط، فإِن شرطها له وأطلق فله جميع نفقته من المأكول والملبوس بالمعروف، فإِن اختلفا رجع في القوت إِلى الإِطعام في الكفارة، وفي الملبوس إِلى أقل ملبوس مثله، وإِن أذن له في التسري فاشترى جارية ملكها وصار ثمنها قرضاً، نص عليه.
(1) ما بين الرقمين زيادة من "ط".
وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال [وهل يُمْلَكُ الربح بالظهور على روايتين (1)]، وإِن اشترى سلعتين فربح في إِحداهما وخسر في الأخرى أو تلفت جبرت الوضيعة من الربح، وإِن تلف بعض رأس المال قبل التصرف فيه انفسخت فيه المضاربة وإِن تلف المال ثم اشترى سلعة للمضاربة فهي له وثمنها عليه إِلا أن يجيزه رب المال. وإِن تلف بعد الشراء فالمضاربة بحالها والثمن على رب المال، وإِذا ظهر الربح لم يكن له أخذ شيء منه إِلا بإِذن رب المال. [وهل يملك العامل حصته من الربح قبل القسمة؟ على روايتين (2)].
وإِن طلب العامل البيع فأبى رب المال أجبر إِن كان فيه ربح وإِلا فلا، وإِن انفسخ القراض والمال عرض فرضي رب المال أن يأخذ بماله عرضاً أو طلب البيع فله ذلك، وإِن كان ديناً لزم العامل تقاضيه وإِن قارض في المرض فالربح من رأس المال، وإِن زاد على أجرة المثل ويقدم به على سائر الغرماء. وإِن مات المضارب ولم يعرف مال المضاربة فهو دين في تركته وكذلك الوديعة.
فصل
والعامل أمين، والقول قوله فيما يدعيه من هلاك وخسران، وما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للقراض، وما يدعي عليه من خيانة، والقول قول رب المال في رده إِليه، وفي الجزء المشروط للعامل، وفي الإِذن في البيع نسأ أو الشراء بكذا، وحكي عنه أن القول قول العامل إِن ادعى أجرة المثل،
(1) ما بين الرقمين مستدرك في هامش "ش" بخط مغاير ولم يذكر في "م" و"ط".
(2)
ما بين الرقمين زيادة من "م" و"ط".
وإِن قال العامل ربحت ألفاً ثم خسرتها أو هلكت قُبِلَ قوله، وإِن قال غلطت (1) لم يقبل قوله.
فصل
الثالث شركة الوجوه: وهو أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما ديناً فما ربحا فهو بينهما، فكل واحد منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن، والملك بينهما على ما شرطاه، والوضيعة على قدر ملكيهما فيه والربح بينهما على ما شرطاه ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما، وهما في التصرفات كشريكي العِنَان.
فصل
الرابع شركة الأبدان: وهي أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما فهي شركة صحيحة. وما يتقبله أحدهما من العمل يصير في ضمانهما يطالبان به ويلزمهما عمله. وهل يصح على اختلاف الصنائع؟ على وجهين.
وتصح في الاحتشاش والاصطياد والتلصص على دار الحرب وسائر المباحات.
وإِن مرض أحدهما فالكسب بينهما، فإِن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه ذلك.
وإِذا اشتركا ليحملا على دابتيهما والأجرة بينهما صح، فإِن تقبلا حمل شيء فحملاه عليهما صحت الشركة والأجرة على ما شرطاه. وإِن أجَّراهما بأعيانهما فلكل واحد منهما أجرة دابته.
وإِن جمعا بين شركة العنان والأبدان والوجوه والمضاربة صح.
(1) في "م": "غلط".