الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظاهر كلامه، ذكره أبو الخطاب، وقال القاضي: لا ينفذ إِلا في الأموال خاصة.
باب أدب القاضي
ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف، ليناً من غير ضعف، حليماً ذا أناة وفطنة، بصيراً بأحكام الحُكَّامِ قبله.
وإِذا وُلِّي في غير بلده سأل عن من فيه من الفقهاء والفضلاء والعدول، وينفذ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقوه، ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت لابساً أجمل ثيابه، فيأتي الجامع فيصلي فيه ركعتين ويجلس مستقبل القبلة، فإِذا اجتمع الناس أمر بعهده فقرئ عليهم، وأمر من ينادي من له حاجة فليحضر يوم كذا ثم يمضي إِلى منزله، وينفذ؛ فيتسلم ديوان الحكم من الذي كان قبله، ثم يخرج في اليوم الذي وعد بالجلوس فيه على أعدل أحواله: غير غضبان، ولا جائع، ولا شبعان، ولا حاقن، ولا مهموم بأمر يشغله عن الفهم، فيسلم على من يمر به، ثم يسلم على من في مجلسه، ويصلي تحية المسجد إِن كان في مسجد، ويجلس على بساط، ويستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه سراً أن يعصمه من الزلل ويوفقه للصواب ولما يرضيه من القول والعمل.
ويجعل مجلسه في مكان فسيح كالجامع والفضاء والدار الواسعة في وسط البلد إِن أمكن. ولا يتخذ حاجباً ولا بواباً إِلا في غير مجلس الحكم إِن شاء.
ويعرض القصص فيبدأ بالأول فالأول، ولا يقدم السابق في أكثر من حكومة واحدة، فإِن حضروا دفعة واحدة وتشاحوا قدم أحدهم بالقرعة.
= (ينفذ في) وقال: في المال والقصاص والحد. . . إلخ.
ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه، إِلا أن يكون أحدهما كافراً فيقدم المسلم عليه في الدخول، ويرفعه في الجلوس وقيل يسوي بينهما، ولا يسار أحدهما، ولا يلقنه حجة، ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين، وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إِذا لم يحسن تحريرها، وله أن يشفع إِلى خصمه ليُنْظِرَهُ أو ليضَعَ عنه أو يزن (1) عنه.
وينبغي أن يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب إِن أمكن ويشاورهم فيما يشكل عليه، فإِن اتضح له حكم وإِلا أَخَّرَهُ، ولا يقلد غيره وإِن كان أعلم منه، ولا يقضي وهو غضبان ولا حاقن ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج، فإِن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه، وقال القاضي لا ينفذ، وقيل إِن عرض ذلك بعد فهم الحكم جاز وإِلا فلا.
ولا يحل له أن يرتشي، ولا يقبل الهدية إِلا ممن كان يهدي إِليه قبل ولايته بشرط أن لا يكون له حكومة.
ويكره أن يتولى البيع والشراء بنفسه ويستحب أن يوكل في ذلك من لا يُعْرف أنه وكيله.
ويستحب له عيادة المرضى وشهود الجنائز ما لم يشغله عن الحكم، وله حضور الولائم فإِن كثرت تركها كلها ولم يجب بعضهم دون بعض.
ويوصي الوكلاء والأعوان على بابه بالرفق بالخصوم، وقلة الطمع، ويجتهد أن يكونوا شيوخاً أو كهولاً من أهل الدين والعفة والصيانة.
ويتخذ كاتباً مسلماً مكلفاً عدلاً حافظاً عالماً يجلسه بحيث يشاهد ما يكتبه، ويجعل القمطر مختوماً بين يديه.
(1)(أو يزن عنه) العبارة كذا في "م" وفي "ط": (ويزن عنه).