الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الحَجْر
وهو على ضربين (1): حجر لحق الغير فذكر منه ههنا الحجر على المفلس، ومن لزمه دين مؤجل لم يطالب به قبل أجله، ولم يحجر عليه من أجْلِهِ، فإِن أراد سفراً يحل الدين قبل مدته فلغريمه منعه إِلا أن يوثقه برهن أو كفيل، وإِن كان لا يحل قبله ففي منعه روايتان. وإِن كان حالًا وله مال يفي بدينه لم يحجر عليه ويأمره الحاكم بوفائه، فإِن أبى حبسه، فإِن أصر باع ماله وقضى دينه، وإِن ادعى الإِعسار وكان دينه عن عوض كالبيع والقرض أو عرف له مال سابق حبس إِلا أن يقيم البينة على نفاد ماله وإِعساره، وهل يحلف معها؟ على وجهين، فإِن لم يكن كذلك حلف وخلى سبيله. وإِن كان له مال لا يفي بدينه فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه (2) لزمته إِجابتهم ويستحب إِظهاره والإِشهاد عليه.
فصل
ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام:
أحدها: تعلق حق الغرماء بماله فلا يقبل إِقراره عليه، ولا يصح تصرفه فيه، إِلا العتق على إِحدى الروايتين، وإِن تصرف في ذمته بشراء أو ضمان أو إِقرار صح وتبع به بعد فك الحجر عنه، وإِن جنى شارك المجنى عليه الغرماء، وإِن جنى عبده قدم المجني عليه بثمنه.
(1) كذا في "ش" و"م" وفي "ط": وهو ضربان.
(2)
كذا في "ش" و"ط" وفي "م": عليهم وهو خطأ.
فصل
الثاني: أن من وجد عنده عيناً باعها إِياه فهو أحق بها، بشرط أن يكون المفلس حياً ولم ينقد من ثمنها شيئاً، والسلعة بحالها لم يتلف بعضها، ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها: كنسج الغزل وخبز الدقيق، ولم يتعلق بها حق من شفعة أو جناية أو رهن ونحوه، ولم تزد زيادةً مُتصلة كالسِّمَن وتَعَلُّم صنعة، وعنه أن الزيادة لا تمنع الرجوع، فأما الزيادة المنفصلة والنقص بهزال أو نسيان صنعة فلا يمنع الرجوع، والزيادة للمفلس، وعنه للبائع.
وإِن صبغ الثوب أو قصره لم يمنع الرجوع والزيادة للمفلس، وإِن غرس الأرض وبنى فيها فله الرجوع ودفع قيمة الغراس والبناء فيملكه إِلا أن يختار المفلس والغرماء القلع ومشاركته بالنقص، وإِن أبوا القلع وأبى دفع القيمة سقط الرجوع.
فصل
الحكم الثالث: بيع الحاكم ماله وقسم ثمنه، وينبغي أن يحضره ويحضر الغرماء ويبيع كل شيء في سوقه ويترك له من ماله ما تدعو إِليه حاجته من مسكن وخادم وينفق عليه بالمعروف إِلى أن يفرغ من قسمه بين غرمائه، ويبدأ ببيع ما يسرع إِليه الفساد ثم بالحيوان ثم بالأثاث ثم بالعقار، ويعطى المنادي أجرته من المال، ويبدأ بالمجني عليه فيدفع إِليه الأقل من الأَرْش أو ثمن الجاني، ثم بمن له رهن فيخص بثمنه، وإِن فَضَلَ له فَضْلُ ضرب به مع الغرماء، وإِن فضل منه فضل رُدَّ على المال. ثم بمن له عين مال يأخذها، ثم يقسم الباقي بين باقي الغرماء على قدر
ديونهم، فإِن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحل، وعنه أنه يحل فيشاركهم.
ومن مات وعليه دين مؤجل لم يحل إِذا وثق الورثة، وعنه أنه يحل، وإِن ظهر غريم بعد قسم ماله رجع على الغرماء بقسطه، وإِن بقيت (1) على المفلس بقية وله صنعة فهل يجبر على إِيجار نفسه لقضائها؟ على روايتين. ولا ينفك عنه الحجر إِلا بحكم حاكم، فإِذا فك عنه الحجر فلزمته ديون وحجر عليه شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني. وإِن كان للمفلس حق له به شاهد فأبى أن يحلف معه لم يكن لغرمائه أن يحلفوا.
فصل
الحكم الرابع: انقطاع المطالبة عن المُفْلس، فمن أقرضه شيئاً أو باعه لم يملك مطالبته حتى يفك الحجر عنه.
فصل
الضرب الثاني [من ضروب الحجر](2): المحجور عليه لِحَظِّه: وهو الصبي والمجنون والسفيه، فلا يصح تصرفهم قبل الإِذن، ومن دفع إِليهم ماله ببيع أو قرض رجع فيه ما كان باقياً، وإِن تلف فهو من ضمان مالكه علم بالحجر أو لم يعلم.
وإِن جَنَوْا فعليهم أَرْش الجناية.
ومتى عقل المجنون وبلغ الصبي ورشدا انفك الحجر عنهما بغير حكم
(1) في "ط": بقي وهو جائز لأن الفاعل مؤنث مجازي وفُصل بينه وبين الفعل بفاصل.
(2)
زيادة على الأصل للتوضيح.
حاكم ودفع إِليهما مالهما، ولا ينفك قبل ذلك بحال.
والبلوغ يحصل بالاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة أو نبات الشعر الخشن حول القبل، وتزيد الجارية بالحيض والحمل (1).
والرشد الصلاح في المال، ولا يدفع إِليه ماله حتى يختبر، فإِن كان من أولاد التجار فبأن يتكرر منه البيع والشراء فلا يغبن، وإِن كان من أولاد الرؤساء والكتاب فبأن يستوفي على وكيله فيما وكله فيه.
والجارية بشرائها القطن واستجادته ودفعها الأجرة إِلى الغزالات والاستيفاء عليهن. وأن يحفظ ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة له فيه كالقمار والغناء وشراء المحرمات ونحوه. وعنه لا يدفع إِلى الجارية مالها بعد رشدها حتى تتزوج أو تلد أو تقيم في بيت الزوج سنة ووقت الاختيار قبل البلوغ، وعنه بعده.
فصل
ولا تثبت الولاية على الصبي والمجنون إِلا للأب ثم لوصيه ثم للحاكم، ولا يجوز لوليهما أن يتصرف في مالهما إِلا على وجه الحظ لهما، فإِن تبرع أو حابى أو زاد على النفقة عليهما أو على من تلزمهما مؤنته بالمعروف ضمن.
ولا يجوز أن يشتري من مالهما شيئاً لنفسه ولا يبيعهما إِلا الأب، ولوليهما مكاتبة رقيقهما وعتقه على مال، وتزويج إِمائهما، والسفر بمالهما والمضاربة به، والربح كله لليتيم، وله دفعه مضاربة بجزء من الربح وبيعه نسأ وقرضه برهن وشراء العقار لهما وبناؤه بما جرت عادة أهل بلده به إِذا رأى المصلحة في ذلك كله، وله شراء الأضحية لليتيم الموسر
(1) كذا في "ش" و"م" وفي "ط": بالحمل والحيض.
نص عليه، وتركه في المكتب وأداء الأجرة عنه، ولا يبيع عقارهم إِلا لضرورة أو غبطةٍ وهو أن يزاد في ثمنه الثلث فصاعداً، وإِن وصَّى لأحدهما بمن يعتق عليه ولا تلزمه نفقته لإِعسار الموصى له أو لغير ذلك، وجب على الولي قبول الوصية وإِلا لم يجز له قبولها.
فصل
ومن فك عنه الحجر فعاود السفه أعيد الحجر عليه، ولا ينظر في ماله إِلا الحاكم، ولا ينفك عنه الحجر إِلا بحكمه، وقيل ينفك بمجرد رشده.
ويستحب إِظهار الحجر عليه والإِشهاد عليه لتُجْتَنَب معاملته، ويصح تزويجه بإِذن وليه، وقال القاضي يصح من غير إِذنه، وهل يصح عتقه؟ على روايتين.
وإِن أقر بحد أو قصاص أو نسب أو طلق زوجته أخذ به، وإِن أقر بمال لم يلزمه في حال حجره، ويحتمل أن لا يلزمه مطلقاً، وحكم تصرف وليه حكم تصرف ولي الصبي والمجنون.
فصل
وللولي أن يأكل من مال المُولى عليه بقدر عمله إِذا احتاج إِليه، وهل يلزمه عوض ذلك إِذا أيسر؟ على روايتين. وكذلك يُخَرَّج في الناظر في الوقف، ومتى زال الحجر فادَّعى على الولي تعدياً أو ما يوجب ضماناً فالقول قول الولي، وكذلك القول قوله في دفع المال إِليه بعد رشده، [ويحتمل أن لا يقبل قوله في دفع المال إِليه إِلا ببينة (1)]، وهل للزوج أن يحجر على امرأته في التبرع بما زاد على الثلث من مالها؟ على روايتين.
(1) ما بين الرقمين زيادة من "ط".