الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الوَصَايا
وهي الأمر بالتصرف بعد الموت. والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت. وتصح من البالغ الرشيد عدلاً كان أو فاسقاً، رجلاً أو امرأة، مسلماً أو كافراً ومن السفيه في أصح الوجهين، ومن الصبي العاقل إِذا جاوز العشر، ولا تصح ممن له دون السبع وفيما بينهما (1) روايتان، ولا تصح من غير عاقل كالطفل والمجنون والمبرسم وفي السكران وجهان، وتصح وصية الأخرس بالإِشارة، ولا تصح وصية ممن (2) اعتقل لسانه بها، ويحتمل أن تصح.
وإِن وجدت وصية بخطه صحت ويحتمل أن لا تصح حتى يشهد عليها.
فصل
والوصية مستحبة لمن ترك خيراً وهو المال الكثير بخمس ماله، ويكره لغيره إِن كان له ورثة، فأما من لَا وَارِثَ له فتجوز وصيته بجميع ماله، وعنه لا يجوز إِلا الثلث. ولا تجوز لمن له وارث (3) بزيادة على الثلث لأجنبي، ولا لوارثه بشيء إِلا بإِجازة الورثة (4)، إِلا أن يوصى لكل وارث
(1) في "ط": بينها.
(2)
في "ط": من.
(3)
كذا في "ش" و"ط" وفي "م": وصية من له وارث.
(4)
العبارة مضطربة في "م" والمثبت يوافق "ش" و"ط".
بمعين بقدر ميراثه فهل يصح؟ على وجهين. وإِن لم يف الثلث بالوصايا تحاصوا فيه وأدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته، وعنه يقدم العتق.
وإِن أجاز الورثة الوصية جازت، وإِجازتهم تنفيذ في الصحيح من المذهب، لا تفتقر إِلى (1) شروط الهبة، ولا تثبت أحكامها فيها، فلو كان المجيز أباً للمجاز له لم يكن له الرجوع فيه، ولو كان المجاز عتقاً كان الولاء للموصي يختص به عصبته، ولو كان وقفاً على المجيزين صح، وعنه ما يدل على أن الإِجازة هبة فتنعكس هذه الأحكام، ومن أُوصِيَ له وهو في الظاهر وارث فصار عند الموت غير وارث صحت الوصية له، وإِن أوصي له وهو غير وارث فصار وارثاً بطلت لأن اعتبار الوصية بالموت، ولا تصح إِجازتهم وردهم إِلا بعد موت الموصي وما قَبْلَ ذلك لا عبرة به، ومن أجاز الوصية ثم قال إِنما أجزت لأنني ظننت المال قليلاً فالقول قوله مع يمينه وله الرجوع بما زاد على ما ظنه في أظهر الوجهين إِلا أن يقوم عليه بينة، وإِن كان المجاز عيناً فقال ظننت باقي المال كثيراً لم يقبل قوله في أظهر الوجهين.
ولا يثبت الملك للمُوصى له إِلا بالقبول بعد الموت، فأما قبوله ورده قبل الموت فلا عبرة به، فإِن مات المُوصى له قبل موت الموصي بطلت الوصية، وإِن ردها بعد موته بطلت أيضاً، وإِن مات بعده وقبل الرد والقبول قام وارثه مقامه، ذكره الخرقي، وقال القاضي: تبطل الوصية على قياس قوله، وإِن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول في الصحيح، فما حدث قبله من نماء منفصل فهو للورثة، وإِن كان متصلاً تبعها.
وإِن كانت الوصية بأمة فوطئها الوارث قبل القبول وأولدها صارت أم
(1) في "م": إِلاّ وهو خطأ.
ولد له ولا مهر عليه وولده حرّ لا تلزمه قيمته وعليه قيمتها لِلْمُوصى له (1)، وإِن وصَّى له بزوجته فأولدها قبل القبول لم تصر أم ولد له وولده رقيق، ومن أوصى له بأبيه فمات قبل القبول فقبل ابنه عتق المُوصى به حينئذ ولم يرث شيئاً، ويحتمل أن يثبت الملك من حين الموت فتنعكس هذه الأحكام.
فصل
ويجوز الرجوع في الوصية، فإِذا قال قد رجعت في وصيتي أو أبطلتها ونحو ذلك بطلت، وإِن قال في المُوصى به هذا لورثتي، أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعاً، وإِن وصى به لآخر ولم يقبل ذلك فهو بينهما، وإِن باعه أو وهبه أو رهنه كان رجوعاً، وإِن كاتبه أو دبّره أو جحد الوصية فعلى وجهين، وإِن خلطه بغيره على وجه لا يتميز منه أو أزال اسمه فطحن الحنطة أو خبز الدقيق أو جعل الخبز فتيتاً أو نسج الغزل أو نجر الخشبة باباً ونحوه أو انهدمت الدار وزال اسمها فقال القاضي هو رجوع، وذكر أبو الخطاب فيه وجهين.
وإِن وصى له بقفيز من صبرة ثم خلط الصبرة بأخرى لم يكن رجوعاً.
وإِن زاد في الدار عمارة أو انهدم بعضها فهل يستحقه الموصى له؟ على وجهين.
وإِن وصى لرجل ثم قال إِن قدم فلان فهو له فقدم في حياة الموصي فهو له، وإِن قدم بعد موته فهو للأول في أحد الوجهين وفي الآخر هو للقادم.
(1) لِلْمُوصى له: كذا في "ط" وفي "ش" و"م": لِلْوَصِيِّ.