الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشَّهَادَات
تَحَمُّلُ الشهادة وأداؤها فرض على الكفاية إِذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، وإِن لم يقم بها من يكفي تعينت على من وجد، قال الخرقي: ومن لزمته الشهادة فعليه أن يقوم بها على القريب والبعيد لا يسعه التخلف عن إِقامتها وهو قادر على ذلك، ولا يجوز لمن تعيَّنت عليه أخذ الأجرة عليها ولا يجوز ذلك لمن لم تتعين عليه في أصح الوجهين.
ومن كانت عنده شهادة في حد لله أبيح له إِقامتها ولم يستحب، وللحاكم أن يُعَرِّض له بالوقوف عنها في أحد الوجهين، ومن كانت عنده شهادة لآدمي يعلمها لم يقمها حتى يسأله فإِن لم يعلمها استحب له إِعلامه بها، وله إِقامتها قبل ذلك.
ولا يجوز أن يشهد إِلا بما يعلمه برؤية أو سماع. والرؤية تختص بالأفعال: كالقتل، والغصب، والسرقة، وشرب الخمر، والرضاع، والولادة، وغيرها، والسماع على ضربين:
سماع من المشهود عليه نحو: الإِقرار، والعقود، والطلاق، والعتاق.
وسماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه في الغالب إِلا بذلك: كالنسب، والموت، والملك، والنكاح، والخلع والوقف ومصرفه، والعتق، والولاء، والولاية، والعزل، وما أشبه ذلك. ولا تقبل الاستفاضة إِلا من عدد يقع العلم بخبرهم في ظاهر كلام أحمد والخرقي رضي الله عنهما. وقال القاضي تسمع من عدلين فصاعداً.
وإِن سمع إِنساناً يقر بنسب أب أو ابن فصدَّقه المقر له، جاز أن يشهد به، وإِن كذبه لم يشهد، وإِن سكت جاز أن يشهد، ويحتمل أن لا يشهد حتى يتكرر.
وإِن رأى شيئاً في يد إِنسان يتصرف فيه تصرف المُلَّاك: من النقض، والبناء، والإِجارة، والإِعارة ونحوها، جاز أن يشهد بالملك له، ويحتمل أن لا يشهد إِلا باليد والتصرف.
فصل
ومن شهد بالنكاح فلابد من ذكر شروطه، وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها.
وإِن شهد بالرضاع فلابد من ذكر عدد الرضعات، وأنه شرب من ثديها أو من لبن حلب منه.
وإِن شهد بالقتل احتاج أن يقول ضربه بالسيف أو جرحه فقتله أو مات من ذلك، وإِن قال جرحه فمات لم يحكم به.
وإِن شهد بالزنا فلابد أن يذكر: بمن زنا؟ وأين زنا؟ وكيف زنا؟ وأنه رأى ذكره في فرجها، ومن أصحابنا من قال لا يحتاج إِلى ذكر المزني بها ولا ذكر المكان.
ومن شهد (1) بالسرقة فلابد من ذكر المسروق منه، والنصاب والحرز وصفة السرقة.
وإِن شهد بالقذف ذكر المقذوف وصفة القذف.
وإِن شهد أنَّ هذا العبد ابن أمة فلان لم يحكم له به حتى يقولا ولدته في
(1)"ومن شهد" كذا في "ش" و"ط" وفي "م": "وإِن شهد".
ملكه، وإِن شهدا أنَّه اشتراها من فلان، أو وقفها عليه، أو أعتقها، لم يحكم له بها حتى يقولا وهي في ملكه.
وإِن شهد أن هذا الغزل من قطنه أو الطير من بيضته والدقيق من حنطته حكم له بها.
وإِذا مات رجل فادعى آخر أنَّه وارثه، فشهد له شاهدان أنه وارثه لا يعلمان له وارثاً سواه سلم المال إِليه سواء كانا من أهل الخبرة الباطنة أو لم يكونا، وإِن قالا لا نعلم له وارثاً غيره في هذا البلد احتمل أن يسلم المال إِليه واحتمل أن لا يسلم إِليه حتى يستكشف القاضي عن خبره في البلدان التي سافر إِليها.
وتجوز شهادة المستخفي، ومن سمع رجلًا يقر بحق، أو يُشْهِد شاهداً بحق، أو سمع الحاكم يحكم، أو يشهد على حكمه وإِنفاذه في إِحدى الروايتين، ولا يجوز في الأخرى حتى يشهده على ذلك.
فصل
وإِن شهد أحدهما أنه غصبه ثوباً أحمر وشهد آخر أنه غصبه ثوباً أبيض، أو شهد أحدهما أنه غصبه اليوم، وشهد الآخر أنه غصبه أمس لم تكمل البينة، وكذلك كل شهادة على الفعل إِذا اختلفا في الوقت لم تكمل البينة.
وإِن شهد أحدهما أنه أقر له بألف أمس، وشهد آخر أنه أقر له بألف اليوم، أو شهد أحدهما أنه باعه داره أمس، وشهد آخر أنَّه باعه إِياها اليوم كملت البينة وثبت البيع والإِقرار، وكذلك كل شهادة على القول إِلا النكاح: إِذا شهد أحدهما أنه تزوجها أمس، وشهد الآخر أنه تزوجها اليوم لم تكمل البينة، وكذلك القذف وقال أبو بكر يثبت القذف.
وإِن شهد شاهد أنه أقر له بألف، وشهد آخر أنه أقر له بألفين ثبت ألفٌ