الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لي الفتيا حتى كانت عندي نسخة من "المغني".
وكان طلبة العلم يتلقون الدروس عليه في الفقه والحديث وغير ذلك من العلوم، وقد تفقه عليه خلق كثير، منهم ابن أخيه شمس الدين بن أبي عمر وطبقته.
وكان إلى ذلك يواصل التأليف والتصنيف في أنواع شتى من العلوم والفنون، لا سيما الفقه الذي حذقه وصنف فيه العديد من الكتب التي تشهد بعلو كعبه فيه، حتى أصبح عَلَماً يشار إليه بالبنان، وتتحدث بفضائله ومناقبه وعلومه الركبان.
أقوال العلماء فيه:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الموفق.
وقال ابن الصلاح: ما رأيت مثل الموفق.
وقال سبط ابن الجوزي: من رأى الموفق فكأنما رأى بعض الصحابة، وكان النور يخرج من وجهه.
وكان إماماً في فنون كثيرة، ولم يكن في زمانه بعد أخيه أبي عمر والعماد أزهد ولا أورع ولا أعلم منه.
وكان كثير الحياء، عزوفاً عن الدنيا وأهلها، هيناً، ليناً، متواضعاً، محباً للمساكين، حسن الأخلاق، جواداً، سخياً.
وكان كثير العبادة، غزير الفضل، ثابت الذهن، شديد التثبت في علمه، دائم السكون، قليل الكلام، كثير العمل، يستأنس الإنسان برؤيته قبل كلامه. ومناقبه كثيرة.
وقد ألف الحافظ ضياء الدين المقدسي في سيرته كتاباً (1)، وكذلك الحافظ الذهبي (2).
ولم يقتصر أمره رحمه الله على العلم والتقوى، بل كان مجاهداً في سبيل الله مع البطل المسلم المجاهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، الذي جند المسلمين سنة (583) هـ لطرد الصليبيين وتطهير الأرض المقدسة من رجسهم، فقد ذكر من ثم للموفق أنه هو وأخوه أبو عمر وتلاميذهما وبعض أفراد أسرتهما كانوا تحت هذه الألوية المظفرة، وكان لهما ولتلاميذهما خيمة يتنقلون بها مع المجاهدين في سبيل الله حيثما حلّوا.
وقد خلَّف رحمه الله من المصنفات المفيدة والمؤلفات النافعة في الفقه وغيره الشيء الكثير.
منها: "العمدة" للمبتدئين، و"المقنع" للمتوسطين، و"الكافي" للمتقدمين، وذكر فيه من الأدلة ما يتوصل الطلبة للعمل بالدليل، و"المغني" شرح "مختصر الخرقي" وقد ذكر فيه مذاهب العلماء والأدلة ليعلم من كان عنده أهلية طرق الاجتهاد، و"روضة الناظر" في أصول الفقه، و"مختصر في غريب الحديث" و"البرهان في مسألة القرآن" و"القدر" و"فضائل الصحابة" و"المتحابين في الله" و"الرِّقَّة والبكاء" و"ذم الموسوسين" و"ذم التأويل" و"التبيين في نسب القرشيين"
(1) وهو أيضاً في سيرة الحافظ عبد الغني المقدسي، وسيرة العماد إبراهيم، وسيرة الشيخ أبي عمر، وسماه:"سير المقادسة" ومنه نسخة خطية في دار الكتب الظاهرية بدمشق وهو جدير بالتحقيق والنشر.
(2)
انظر مقدمة الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف لكتاب "سير أعلام النبلاء" ص (82).
و"مناسك الحج" و"لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد"(1) و"كتاب التوابين"(2)، وغيرها.
توفي رحمه الله يوم عيد الفطر، سنة (620) هـ، ودفن في سفح جبل قاسيون بصالحية دمشق فوق جامع الحنابلة.
خادم السنة النبوية
عبد القادر الأرناؤوط
* * *
(1) وقد قمت بتحقيقه منذ سنوات طويلة، ونشرته مكتبة دار البيان بدمشق، ثم دار الهدى بالرياض.
(2)
وقد قمت بتحقيقه منذ سنوات طويلة، ونشرته مكتبة دار البيان بدمشق، ثم دار الكتب العلمية ببيروت.