الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أبي نجيح يقول: ما جاءنا منكم (يعني أهل الكوفة) مثله - يعني الحجاج بن أرطاة» وقال سفيان الثوري: «عليكم به فإنه ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه» وقال حماد بن زيد: «قدم علينا جرير بن حازم من المدينة فكان يقول: حدثنا قيس بن سعد عن الحجاج بن أرطاة، فلبثنا ما شاء الله ثم قدم علينا الحجاج ابن ثلاثين أو إحدى وثلاثين فرأيت عليه من الزحام ما لم أر على بن أبي سليمان، رأيت عنده داود بن أبي هند ويونس بن عبيد ومطر الوراق جثاة على أرجلهم يقولون: يا أبا أرطاة ما تقول في كذا؟» .
71- الحجاج بن محمد الأعور
. في (تاريخ بغداد) 13 / 405 من طريق سُنَيد بن داود حدثنا حجاج قال: سألت قيس بن الربيع عن أبي حنيفة قال: أنا أعلم الناس به
…
» قال الأستاذ ص 126: «سنيد إنما روى عن الحجاج بعد أن اختلط اختلاطاً شديداً، وقد رآه أهل العلم يلقن الحجاج فيتلقن منه، والملقن في السقوط عند أهل الفقه، وقال النسائي (في سنيد) : «غير ثقة» .
أقول: أما سنيد فستأتي ترجمته، وأما الحجاج فمدار الكلام فيه على الاختلاط والتلقن وههنا مباحث:
الأول: هل اختلط حجاج؟ وإن كان اختلط فهل حدث بعد اختلاطه؟
قال ابن سعد: «كان قد تغير في آخر عمره حين رجع إلى بغداد» وقال إبراهيم الحربي: أخبرني صديق لي قال: لما قدم حجاج الأعور آخر قدمة إلى بغداد خلط فرأيت يحيى بن معين عنده فرآه يحيى خلط فقال لابنه: لا تدخل عليه أحداً، قال: فلما كان بالعشي دخل الناس فأعطوه كتاب شعبة فقال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عيسى بن مريم عن خيثمة! فقال يحيى لابنه: قد قلت لك» فكلمة ابن سعد ليست بصريحة في الاختلاط لأن التغيير أعم من الاختلاط، وحكاية إبراهيم الحربي صريحة في الاختلاط لكن لا ندري من هو صديقه؟ وسكوت الحفاظ الأيقاظ كابن معين وأحمد وأبي خيثمة وكلهم بغداديون عن نقل اختلاط حجاج وبيان
تاريخه وبيان من سمع منه فيه مع إطلاقهم توثيق حجاج وتوثيق كثيرين ممن روى عن حجاج يدل حتماً على أحد أمرين: إما أن لا يكون حجاج اختلط، وإنما تغير تغيراً يسيراً لا يضر، وإما أن لا يكون سمع منه أحد في مدة اختلاطه، والثاني أقرب فكأن يحيى بن عشي ذاك اليوم في الوقت الذي جرت العادة بالدخول فيه على القادم للسماع منه خشية أن لا يعمل ابن حجاج بما أمره به، فوجد الأمر كذلك أذن لهم الابن فدخلوا ويحيى معهم قطعوا المجلس وحجبوا حجاباً حتى مات فلم يسمع منه أحد في الاختلاط. فلما وثق يحيى وبقية أهل العلم بذلك لم يروا ضرورة إلى أن يشيعوا اختلاط حجاج وبيان تاريخه، بل كانوا يوثقونه ويوثقون كثيراً من الذين سمعوا منه
مطلقاً، لعلهم أن ما بأيدي الناس من روايته كله كان في حال تمام ضبطه. وفي ترجمة حجاج من (مقدمة الفتح) :«أجمعوا إلى توثيقه وذكره أبو العرب الصقلي في (الضعفاء) بسبب أنه تغير في آخر عمره واختلط، لكن ما ضره الاختلاط فان إبراهيم الحربي حكى أن يحيى بن معين منع ابنه أن يدخل عليه بعد اختلاطه أحداً» فأما قوله في (التهذيب) : «وسيأتي في ترجمة سنيد بن داود عن الحلال
…
» فستعلم ما فيه قريباً.
المبحث الثاني متى سمع سنيد من الحجاج؟
روى الأثرم وهو ثقة عن الإمام أحمد انه قال: «سنيد لزم حجاجاً قديماً، قد رأيت حجاجاً يملي عليه، وأرجوا، لا يكون حدث آلا بالصدق» وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: «رأيت سنيدا عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه كتاب (الجامع لابن جريج) «وفيه» أخبرت عن الزهري. وأخبرت عن صفوان بن سليم. وغير ذلك. قال فجعل سنيد يقول لحجاج: يا أبا محمد قل: ابن جريج عن الزهري. وابن جريج عن صفوان بن سليم. قال فكان يقول له هكذا» قال عبد الله: «ولم
يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج وذمة على ذلك قال أبي: وبعض تلك الأحاديث التي كان يرسلها ابن جرير أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي ممن آخذها» حكى هذا في (تهذيب التهذيب) ثم قال «وحكى الخلال عن الأثرم نحو ذلك ثم قال الخلال وروى (؟ ونرى) أن حجاجاً كان هذا منه في وقت تغيره، ويرى (؟ ونرى) أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد» . أقول: هذا حدس يرده نص الإمام أحمد كما تقدم، ومبنى هذا الحدس على توهم أن القصة ما يخدش في تثبيت حجاج، وإنما يكون الأمر كذلك لو كان إذا قيل: ابن جريج عن فلان. يحمل عللا سماع ابن جريج من فلان، وليس الأمر كذلك لأن ابن جريج مشهور بالتدليس، فإذا قيل: ابن جريج عن الزهري. ولم يجيء بيان السماع من وجه آخر، فأنه لا يحكم بالاتصال، بل يبنى على أو هن الاحتمالين وهو أن بين ابن جريج وبين الزهري واسطة، وذلك لاشتهار ابن جريج بالتدليس، وعلى هذا فسيان قيل: ابن جريج أخبرت عن الزهري. و: ابن جريج عن الزهري. ولهذا قال الإمام أحمد: أرجو أن لا يكون حدث إلا بالصدق. وإنما ذكر في رواية عبد الله كراهيته لذلك لأنه رآه خلاف الكمال في الأمانة. وفي (الكفاية) ص187 من طريق «عبد الله بن أحمد قال: كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيره، وإذا كان لحناً سهلاً تركه، وقال: كذا قال الشيخ» فأنت ترى أحمد يمتنع من تغيير اللحن فما ظنك بما يقدم؟.
فإن قيل فما الحامل لسنيد على التماس ذلك من حجاج؟ قلت: طلب الاختصار والتزيين الصوري.
فتدبر ما تقدم يتبين لك أنه ليس في الحكاية ما يشعر بوهن في تثبيت حجاج حتى يقوي الحدس بأنها كانت في وقت تغيره، ويتضح لك أن ما تقدم من الدليل على أن حجاجاً لم يحدث في وقت تغيره هو على إطلاقه.
المبحث الثالث في التلقين: