الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقهيات في مسالة القضاة بالشاهد واليمين» .
المبحث الثالث: لا يكفي احتمال المعاصرة
لكن إذا كان الشيخ غير مسمى ففي كلامهم ما يدل على أنه يحكم بالاتصال وذلك فيما إذا جاءت الراوية عن فلان التابعي «عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم..» ونحو ذلك، راجع (فتح المغيث) ص 62، والفرق بين التسمية والإيهام أن ظاهر الصيغة السماع، والثقة إذا استعملها في غير السماع ينصب قرينة فالمدلس يعتد بأنه قد عرف منه التدليس قرينة وأما غيره فإذا سمى شيخاً ولم يثبت عندنا معاصرته له فمن المحتمل أنه كان معروفاً عند أصحابه أنه لم يدركه فاعتد بعلمهم بذلك قرينة، وأهل العلم كثيرا ما ينقلون في ترجمة الراوي بيان من حدث عنهم ولم يلقهم، بل أفردوا ذلك بالتصنيف «كمراسيل ابن أبي حاتم» وغيره، ولم يعتنوا بنقل عدم الإدراك لكثرته فاكتفوا باشتراط العلم بالمعاصرة، فأما إذا أبهم فلم يسم فهذا الاحتمال منتف لأن أصحاب ذاك التابعي لم يعرفوا عين ذلك الصحابي فكيف يعرفون أنه لم يدركه أو أنه لم يلقه؟ ففي هذا تنفي القرينة وإذا انتفت ظهر السماع وإلا لزم التدليس والفرض عدمه. «هذا ما ظهر لي، وعندي فيه توقف» .
المبحث الرابع: اشترط العلم باللقاء أو بالمعاصرة إنما هو بالنظر إلى من قصدت الرواية عنه
فأما من ذكر عرضاً فالظاهر أنه يكفي فيه الاحتمال، فإذا كان غير مسمى فالأمر أو ضح لما مر في المبحث السابق، وذلك كما في حديث (الصحيحين) من طريق عبد العزيز بن صهيب قال: سأل رجل أنس بن مالك ما سمعت نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر في الثوم؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم..» لفظ مسلم، ولفظ البخاري: «سئل أنس عن الثوم؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه
…
» عبد العزيز معروف بصحبة أنس ولا ندري من السائل. ومن ذلك ما في (صحيح مسلم) من طريق حنظلة قال: «سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوساً أن رجلاً قال لعبد الله عمر ألا تغزو؟ فقال إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
» وأخرجه البخاري من طريق حنظلة: «عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
» وقد يأتي شبه هذا ويكون المبهم هو الراوي نفسه، وإنما كنى عن نفسه لغرض كحديث (الصحيحين) عن معاذة: «أن امرأة قالت لعائشة: أيجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟
…
» لفظ البخاري، وفي (الفتح) :«بين شعبة في روايته عن قتادة أنها هي معاذة الراوية، أخرجه الإسماعيلي من طريقه وكذا لمسلم من طريق عاصم وغيره عن قتادة» .
أقول: في (صحيح مسلم) من طريق يزيد الرشك «عن معاذة أن امرأة سألت
…
» ومن طريق عاصم عن معاذة قالت: «سألت عائشة فقلت
…
» وقد يجيء نحو ذلك والراوي لم يشهد القصة ولكنه سمعها بتمامها ممن قصد الرواية عنه كما في حديث البخاري من طريق علقمة قال: «كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل: ما هكذا نزلت! فقال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه
…
» ورواه مسلم من وجه آخر عن علقمة: «عن عبد الله قال كنت بحمص فقال لي بعض القوم: اقرأ علينا، فقرأت عليهم قال: فقال لي رجل من القوم: والله ما هكذا أنزلت
…
» .
فإن لم يكن التصرف من الرواة فالجمع بين الروايتين أن علقمة كان مع عبد الله بن مسعود بحمص ولكنه لم يشهد القصة وإنما سمعها من عبد الله، ولما كان المقصود الرواية عنه هو عبد الله لم يلتفت إلى ما وقع في الرواية الأولى من إيهام شهود علقمة للقصة، وهكذا ما في قول معاذة: «أن امرأة سألت
…
» من إيهام أن السائلة غيرها فإن مثل ذلك لا يضع حكماً ولا يرفعه. والسر في حمل تلك الأمثلة على السماع ما قدمناه، ومن شك في هذا لزمه أن يشك في اتصال قول ثقة غير مدلس قد عرف بصحبة ابن المبارك: طار غراب