المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌27- أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس الأبار - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي - جـ ١

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌ مقدمة

- ‌قلبه للحقائق رأساً على عقب

- ‌الكوثري وتبين كذب المفترى

- ‌خيانته في النقل وجرأته على الله عز وجل

- ‌عرش الرحمن

- ‌كذب مفضوح في كتاب مطبوع

- ‌فصل: في الكشف عن مذهب المعتزلة وبيان حقيقته

- ‌خلاصة ما تقدم

- ‌كلام هؤلاء الطوائف

- ‌نفي القول بخلق القرآن

- ‌مقدمة

- ‌ترجمة فضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله

- ‌طلب المباهلة

- ‌الحقيقة والمجاز

- ‌الإيمان قول وعمل

- ‌إحراج الكوثري

- ‌اللامذهبية

- ‌الكوثري يشتم الأئمة

- ‌الكوثري يشتم الصحابة

- ‌طبع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الكوثري والغلو

- ‌دعوة الكوثري للمباهلة

- ‌الجزء الأول

- ‌القسم الأول: في القواعد

- ‌1- رمي الراوي بالكذب في غير الحديث النبوي

- ‌2- التهمة بالكذب

- ‌3 - رواية المبتدع

- ‌4- قدح الساخط ومدح المحب ونحو ذلك

- ‌5- هل يشترط تفسير الجرح

- ‌تحقيق أن الجرح المجمل يثبت به جرح من لم يعدل

- ‌6- كيف البحث عن أحوال الرواة

- ‌7- إذا اجتمع جرح وتعديل فبأيهما يعمل

- ‌8- قولهم: من ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا

- ‌9- مباحث في الاتصال والانقطاع

- ‌المبحث الأول: في رواية الرجل بصيغة محتملة للسماع عمن عاصره ولم يثبت لقاؤه له

- ‌المبحث الثاني: في ضبط المعاصرة المعتد بها

- ‌المبحث الثالث: لا يكفي احتمال المعاصرة

- ‌المبحث الرابع: اشترط العلم باللقاء أو بالمعاصرة إنما هو بالنظر إلى من قصدت الرواية عنه

- ‌المبحث الخامس: اشتهر في هذا الباب العنعنة مع أن كلمة «عن» ليست من لفظ الراوي

- ‌القسم الثاني في التراجم

- ‌1- أبان بن سفيان

- ‌2- إبراهيم بن بشار الرمادي

- ‌3- إبراهيم بن الحجاج

- ‌4- إبراهيم بن راشد الآدمي

- ‌5- إبراهيم بن سعيد الجوهري

- ‌6- إبراهيم بن شماس

- ‌7- إبراهيم بن أبي الليث

- ‌8- إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر أبو إسحاق الفزاري

- ‌9- إبراهيم بن محمد بن يحيى أبو إسحاق المزكي النيسابوري

- ‌10- إبراهيم بن يعقوب أبو إسحاق الجوزجاني

- ‌11- أحمد بن إبراهيم

- ‌12- أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبو بكر القطيعي

- ‌13- أحمد بن جعفر محمد بن سلم

- ‌14- أحمد بن الحسن بن جنيدب أبو الحسن الترمذي الحافظ

- ‌15- أحمد بن الحسن بن خيرون

- ‌16- أحمد بن خالد الكرماني

- ‌17- أحمد بن الخليل

- ‌18- أحمد بن سعد بن أبي مريم

- ‌19- أحمد بن سلمان النجاد

- ‌20- أحمد بن صالح أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبري

- ‌21- أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني الحافظ

- ‌22- أحمد بن عبد الله الأصبهاني

- ‌23- أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن العكي

- ‌24- أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود

- ‌25- أحمد بن عبيد بن ناصح أبو عصيدة النحوي

- ‌26- أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي

- ‌27- أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس الأبار

- ‌28- أحمد بن الفضل بن خزيمة

- ‌29- أحمد بن كامل القاضي

- ‌30- أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي

- ‌31- أحمد بن محمد بن الحسين الرازي

- ‌32- أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني إمام أهل السنة

- ‌33- أحمد بن سعيد بن عقدة

- ‌34- أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلِّس الحماني

- ‌35- أحمد بن محمد بن عبد الكريم أبو طلحة الفزاري الوساوسي

- ‌36- أحمد بن محمد بن عمر

- ‌37- أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست أبو عبد الله العلاف

- ‌38 - أحمد بن المعذل

- ‌39- أحمد بن موسى النجار

- ‌40- أحمد بن يونس

- ‌41- الأحوص الجَوَّاب أبو الجواب

- ‌42- إسحاق بن إبراهيم الحنيني

- ‌43- إسحاق بن إبراهيم الموصلي

- ‌44 - إسحاق بن عبد الرحمن

- ‌46- أسد بن موسى بن إبراهيم المرواني الأموي

- ‌47- إسماعيل بن إبراهيم بن معمر أبو الهذلي الهروي الكوفي

- ‌48- إسماعيل بن بشر بن منصور السليمي أبو بشر البصري

- ‌49- إسماعيل بن أبي الحكم

- ‌50- إسماعيل بن حمدويه

- ‌51- إسماعيل بن عرعرة

- ‌52- إسماعيل بن عياش الحمصي

- ‌53- إسماعيل بن عيسى بن علي الهاشمي

- ‌54- الأسود بن سالم

- ‌55- أصبغ بن خليل القرطبي

- ‌56- أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌57- أيوب بن إسحاق بن سافري

- ‌58- بشر بن السري

- ‌59- بقية بن الوليد

- ‌60- تمام بن محمد بن عبد الله الأذني

- ‌61- ثعلبة بن سهيل التميمي الطهوي

- ‌62- جراح بن منهال أبو العطوف

- ‌63- جرير بن عبد الحميد

- ‌64- جعفر بن محمد بن شاكر

- ‌65- جعفر بن محمد الصندلي

- ‌66- جعفر بن محمد الفريابي

- ‌67- حاجب بن أحمد الطوسي

- ‌68- الحارث بن عمير البصري

- ‌69- حبيب بن أبي حبين كاتب مالك

- ‌70- الحجاج بن أرطاة

- ‌71- الحجاج بن محمد الأعور

- ‌ ثناء الأئمة على الحجاج:

- ‌72- حرب بن إسماعيل الكرماني السيرجاني

- ‌73- الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان أبو علي بن أبي بكر

- ‌74- الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما النعَّالي

- ‌75- الحسن بن الربيع أبو علي البجلي الكوفي

- ‌76- الحسن بن الصباح أبو علي البزار الواسطي

- ‌77- الحسن بن علي بن محمد الحلواني نزيل مكة

- ‌78- الحسن بن علي بن محمد أبو علي المذهب التميمي

- ‌79- الحسن بن الفضل البوصرائي

- ‌80- الحسين بن أحمد الهروي الصفار

- ‌81- الحسين بن إدريس الهروي

- ‌82- الحسين بن حميد بن الربيع

- ‌83- الحسين بن عبد الأول

- ‌84- الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي

- ‌85- حماد بن سلمة بن دينار

- ‌86- حنبل بن إسحاق

- ‌87- خالد بن عبد الله القسري

- ‌88- خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك

- ‌89- داود بن الحجر

- ‌90- دعلج بن أحمد السجزي

- ‌91- الربيع بن سليمان المرادي

- ‌92- رجاء بن السندي

- ‌93- رقبة بن مصقلة

- ‌94- زكريا بن يحيى الساجي

- ‌95- سالم بن عصام

- ‌96- سعيد بن مسلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي الأمير

- ‌97 - سعيد بن عامر الضبعي

- ‌98- سفيان بن سعيد الثوري

- ‌99- سفيان بن عيينة

- ‌100- سفيان بن وكيع

- ‌101- سلام بن أبي مطيع

- ‌102- سلامة بن محمود القيسي

- ‌103- سلمة بن كلثوم

- ‌104- سليمان بن عبد الله

- ‌105- سليمان بن عبد الحميد البهراني

- ‌106- سليمان بن فليح

- ‌107- سنيد بن داود

- ‌108- شريك بن عبد الله النخعي القاضي

- ‌109- صالح بن أحمد

الفصل: ‌27- أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس الأبار

فأخذ الأستاذ يتكلم على الروايات ثم يقول «وهذا من المحفوظ عند الخطيب» ويشنع.

فأقول ابن حجر في (النخبة) وقرره السخاوي في (فتح المغيث) ص82.

«فإن خولف - أي الراوي - بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له المحفوظ ومقابله وهو المرجوح يقال له الشاذ» .

فالمحفوظ عندهم ما كان أرجح من مقابله فنقد كلمة الخطيب إنما هي بالموازنة فإن بان رجحان ما ذكره أخيراً صحَّ كلامه حتى على فرض أن يكون الثاني ضعيفاً فإن الضعيف أرجح من الأضعف، ولا يضره أن يكون فيما ذكره أخيراً رواية ساقطة توافق أخرى قوية، أو تكون عمن لم يتقدم في المناقب عنه شيء، ولا يحتسب على الخطيب ولا له بما عند غيره ولا يؤاخذ في أحوال الرواة بخلاف اعتقاده واجتهاده فإن مدار صدق كلمته على الرجحان عنده. وقد كنت جمعت ما في الترجمة عن أيوب والسفيانين وأبي بكر بن عياش ونظرت فيها، ثم كرهت شرح ذلك هنا لطوله وإن كان فيها إظهار حجة الخطيب وتصديق كلمته.

وأقتصر في ترجمة الخطيب على هذا القدر وأدع الكلمات المفرقة في (التأنيب) وسينكشف حال غالبها إن شاء الله تعالى.

‌27- أحمد بن علي بن مسلم أبو العباس الأبار

. في (تاريخ بغداد) 13/325 «أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الخُتَّلي حدثنا أحمد ابن على الأبار

» قال الأستاذ ص19 «والأبار من الرواة الذين كان دعلج التاجر يدر عليهم الرزق فيدونون ما يروقه للنكاية في مخالفيه في الفروع والأصول فللأبار قلم مأجور ولسان ذلق في الوقيعة في أئمة أهل الحق، وكفى ما يجده القارئ في روايات الخطيب عنه في النيل من أبي حنيفة وأصحابه لتعرف مبلغ عدواته وتعصبه، ورواية العدو المتعصب مردودة عند أهل

ص: 358

النقد، كيف وهو يروي عن مجاهيل بل الكذابين في هذا الباب ما ستراه، فلا يحتاج القارئ الكريم في معرفة سقوط هذا الراوي إلى شيء سوى استعراض مروياته فيمن ثبتت إمامته وأمانته، فكفى الله المؤمنين القتال» .

أقول في (تذكرة الحفاظ) للذهبي ج2 ص192 «الأبار الحافظ الإمام أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم محدث بغداد، يروي عن مسدد وعلي بن الجعد وشيبان بن فروخ وأمية بن بسطام ودُحيم وخلق كثير حدث عنه دعلج وأبو بكر النجاد وأبو سهل بن زياد والقطيعي وآخرون. قال الخطيب كان حافظاً متقناً حسن المذهب، قال جعفر الخلدي: كان الأبار أزهد الناس استأذن أمّه في الرحلة إلى قتيبة فلم تأذن له فلما ماتت رحل إلى بلخ وقد مات قتيبة وكانوا يعزونه على هذا. قلت وله تاريخ وتصانيف مات يوم نصف شعبان سنة تسعين ومائتين» .

رأى الأستاذ في الرواة عن الأبار دعلج بن أحمد السجزي ورأى في ترجمة دعلج أنه كان تاجراً كثير المال كثير الأفضال على أصحاب الحديث وغيرهم وأنه أخذ عن ابن خزيمة مصنفاته وكان يفتي بقوله، فاستنبط الأستاذ أن دعلجاً كان متعصباً لابن خزيمة في الأصول يعني العقائد، وفي الفروع، وابن خزيمة عند الأستاذ مجسم، وأبو حنيفة عنده منزه، والتنزيه الذي يسميه خصومه تعطيلاً وتكذيباً، فعلى هذا كان دعلج متعصباً عند أبي حنيفة للعقيدة وللمذهب معاً! ثم استنبط الأستاذ في شأن الأبار أنه جمع ما جمعه في الغض من أبي حنيفة تقرباً إلى دعلج المثري المنفق، وأن دعلجاً كان يوسع العطاء للأبار لأجل ذلك!

فأقول: لا يخفى على عارف بالفقه والحديث أنه يكفي في رد هذه التهمة أن يبين أن الأبار ودعلجاً من الحفاظ المعروفين روى عنهما أئمة الحديث العارفون بالعدالة والرواية ووثقوهما وأثنوا عليهما، ولم يطعن أحد في عدالتهما ولا روايتهما، ولم يذكر أحد دعلجاً بتعصب بل كان فضله وأفضاله كلمة وفاق، ولم يذكر أحد الأبار يحرص على الدنيا كما ذكروا الحارث بن أبي أسامة وعلي بن عبد العزيز البغوي وغيرهما بل وصفه شيخ الزهاد ورواية أخبارهم جعفر بن محمد بن نصير

ص: 359

الخلدي بأنه كان أزهد الناس كما سلف.

ومع هذا فالأبار كان ببغداد، وسكنى دعلج بها وحصول الثروة له وما عرف به من الإنفاق وتجرد ابن خزيمة للكلام في العقائد وأخذ دعلج كتبه وأتباعه له كل ذلك إنما كان بعد وفاة الأبار بمدة، إن أقدم من سمي من شيوخ الأبار مسدد المتوفى سنة 228 فعلي بن الجعد المتوفى سنة 210 وتوفي سنة 290 كما مرّ، ومولد دعلج سنة 260 بسجستان وبها نشأ ثم كان يطوف البلدان لطلب العلم والتجارة ويظهر أن أول دخوله بغداد في أواخر سنة 282 أو أوائل التي تليها، إن أعلى من سمع دعلج منه ببغداد كما يؤخذ من ترجمته في (تذكرة الحفاظ) محمد بن ربح البزاز ومحمد بن غالب تمتام وكانت وفاتهما سنة 283 وقد كان ببغداد الحارث بن أبي أسامة وهو أسن منهما وأعلى إسناداً وأشهر ذكراً وتوفي يوم عرفة سنة 282 ولم يذكروا لدعلج عنه رواية ولو أدركه ما فاته، فعلى هذا أول ما لقي دعلج الأبار سنة 283 وسن الأبار يومئذ نحو سبعين سنة، وسن دعلج نحو ثلاث وعشرين سنة، ولم يكن دعلج حينئذ ذا ثروة ولا إنفاق لأنه أقام بعد ذلك بمكة زمناً وسمع بها من الحافظ المعمر عالي الإسناد على بن عبد العزيز البغوي المتوفى سنة 286، وكان البغوي بغاية الفقر حتى كان يضطر إلى أخذ الأجرة على الحديث ويقول كما في (تذكرة الحفاظ) ج2 ص179 «يا قوم أنا بين الأخشبين وإذا ذهب الحجاج نادى أبو قبيس قعيقعان يقول من بقي؟ فيقول: المجاورون، فيقول: أطبق!!» وبقي من ذلك إلى أن مات إذ لو كف قبل موته لكان الظاهر أن يذكر ذلك تلامذته الأجلاء وهم كثير ولهم حرص على أن يدفعوا عن شيخهم ما عيب به فيقول واحد منهم أو أكثر: إنما كان يأخذ للضرورة ثم كف عن ذلك. ولو كان دعلج تلك المدة قد اتسعت ثروته وإنفاقه لكان جديراً بأن يعطى شيخه ما يخلصه من انطباق الأخشبين والمشاحة على الدرهم والدرهمين. وفي (تاريخ بغداد) ج8 ص390 - قصة من سخاء دعلج وفي آخرها أنه

ص: 360

سئل عن ثروته وإنفاقه فقال: «نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث وكنت أتبزز فوافاني رجل من تجار البحر فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت نعم، فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك لتتجر فيه، فما سهل الله من فائدة فهي بيننا، وما كان من جائحة كانت في أصل مالي، وسلم إليّ البرنامجات بألف ألف درهم

ولم يزل يتردد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا والبضاعة تنمى فلما كان في آخر سنة اجتمعنا فيها، قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى الله عليّ بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على أتتصدق منه وتبني المساجد وتفعل الخير» .

ففي أي سن تر اشتهرت أمانة دعلج وديانته وحذقه بالتجارة حتى يأتمنه تاجر سمع به ولم يعرفه على مثل ذلك المال؟ ويكفيك النظر في عادات الناس تعلم أن الرجل لا يكاد يرسخ في التجارة ويتوفر رأس ماله وسخو نفسه بالإنفاق إلا بعد الأربعين من عمره، فكيف إذا لاحظت أن دعلجاً لم يكن متجرداً للتجارة، بل كان كثير التطواف سماع الحديث، والأبار توفي سنة 290 أي وسن دعلج ثلاثون سنة، وعاش دعلج بعده فوق ستين سنة فإنه توفي سنة 351 والظاهر مما ذكروه من أنه أقام بمكة زماناً أنه لم يسكن بغداد إلا بعد وفاة الأبار بمدة، فبالنظر فيما تقدم يتبين أنه ليس هناك أدنى قرينة أن يكون دعلج وصل الأبار بفلس واحد.

أما ابن خزيمة فإنه توفي سنة 311 أي بعد وفاة الأبار بإحدى وعشرين سنة، وإنما تجرد للتأليف في العقائد في أواخر عمره وفي (تذكرة الحفاظ) ج2 ص262 عن الحاكم عن جماعة «لما بلغ ابن خزيمة من السن والرياسة والتفرد بهما ما بلغ، كان له أصحاب صاروا أنجم الدنيا.. فلما ورد منصور الطوسي كان يختلف إلى ابن خزيمة للسماع وهو معتزلي

واجتمع مع أبي عبد الرحمن الواعظ وقالا: هذا إمام لا يسرع من الكلام وينهي عنه، وقد نبغ له أصحاب يخالفونه وهو لا يدري فإنهم إلى مذهب الكلامية

» ثم ذكر كلاماً فيه أن ذلك الخلاف كان بعد ضيافة عملها ابن خزيمة «في جمادي الأولى سنة تسع» يعني سنة 309 وكأن ذاك الخلاف هو الذي دعا ابن خزيمة إلى التأليف في العقائد، وعلى كل حال

ص: 361