الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكاه ابن عبد البر، ويلقب ابن تيمية بالحشوي، ويسمي المؤولين والمعطلين بأهل السنة؟ ويقول عن ابن تيمية: لا يعد هذا الحشوي من صغار تلامذتهم، كا تراه في مقدمة تبيين كذب المفتري. وتلقيب شيخ الإسلام بالحشوي من الحشو الذي لم يقع له نظير، ومن التقليد المميت للعقل والشعور، بل من التعصب الشنيع الذي لا يرضاه لنفسه إلا ورثة اليهود البهت، فإن هذا الإمام جمع في كتابه بين العقل والنقل جمعاً كم فيه أفواه جميع أهل الابتداع والأهواء، وهذا الخوض بالباطل لا يضر شيخ الإسلام ولا يزيد مريديه إلا بصيرة في دينهم ورسوخاً، ويأبى الله للحق إلا أن يظهر، وللباطل إلا أن يذل ويقهر، وها هي ذي كتب شيخ الإسلام تطبع وتنشر، وتطرد بدورها ظلام الشكوك والأوهام "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ".
كذب مفضوح في كتاب مطبوع
لو كان هذا الرجل- الكوثري- ممن يتقي الله ويبالي خزي الدنيا ويوم الحساب، لما رضي لنفسه هذا الموقف الشاذ الذي وقفه من حملة القرآن، ودعاة السنة وحماتها، ولما استباح لنفسه الكذب في التاريخ والتجني على أئمة الدين، ومفاخر المسلمين في كل العصور.
لا أطيل القول عليك أيها القارىء الكريم، وإنما أنقل لك جملة مما قال في كتابه الأخير الذي سماه "الإشفاق على أحكام الطلاق" كانه أشفق على المسلمن من أن يعودوا إلى عهد الطلاق الشرعي في الإسلام وأراد أن تستمر هذه الفوضى في البيوت، وتبقى نصوص القرآن محجوبة عن المسلمين- فقد عرض في كتابه هذا لنابغة الإسلام الإمام ابن تيمية كدأبه في عامة ما يكتب، ولكن هذه الكتابة من أفضح ما كتب وأخزاه، قال هداه الله (ص 73) . ولولا شدة ابن تيمية في رده على ابن المطهر في منهاجه، إلى أن بلغ به الأمر أن يتعرض لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه على الوجه الذي تراه في أوائل الجزء الثالث منه، بطريق يأباه كثير من أقحاح الخوارج مع توهين الأحاديث الجيدة في هذا السبيل- لما قامت دولة الغلاة من الشيعة في بلاد الفرس والعراق وشرقي الأسيا (كذا) الصغرى وأذربيجان من عهد الملك المغولي خدابنده.
وابن المطهر الحلى لما وصل إليه كتاب ابن تيمية هذا، قال كنت أجاوبه لو كان يفهم كلامي، ولكن جوابي يكون بالفعل. حتى سعى سعياً إلى أن تمكن من قلب الدولة السنية من تلك الأقطار، إلى دولة غالية في التشيع بحمل خدابنده الملك الشعوب على التمذهب بمذهب ابن المطهر، ولم يزل الغلو في التشيع في تلك البلاد منذ عمل ابن تيمية هذا، ولو كان يسعى بحكمة لما بعدت شقة الخلاف بين الأخوان المسلمين على الوجه الذي تراه. اهـ
أقول: كلامه هذا صريح في أن الإمامٍ ابن تيمية هو الذي أثار ثائرة الشيعة بتعصبه عليهم. وطعنه فيهم، وتنقيصه علياً عليه السلام بما يأبى مثله الخوارج، وأنه هو الذي حمل ابن المطهر على هذا الغلو في التشيع والسعي في نشر المذهب من عهد الملك المغولي خدابنده الذي تشيع وقلب دولته شيعية بسعي ابن المطهر الحلي، هذا وأن "منهاج السنة النبوية" في نقض كلام الشيعة والقدرية لشيخ الإسلام هو الذي زاد النار ضراماً. إلخ.
سبحان الله!! ما أجرأ هذا الرجل على تشويه الحقائق وإفساد التاريخ، فهو ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً، وإليك الجواب عن هذا الكذب الصريح.
1-
إن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يؤلف كتابه "منهاج السنة النبوية" ابتداء، ولكنه ألفه رداً على كتاب الحلي الشيعي الذي سماه "منهاج الكرامة"، وقد قال رحمه الله في مقدمة كتابه. أما بعد فإنه أحضر إلى طائفة من أهل السنة والجماعة كتاباً صنفه بعض شيوخ الرافضة في عصرنا منفقاً لهذه البضاعة، يدعو به إلى مذهب الرافضة الامامية من أمكنه دعوته من ولاة الأمور وغيرهم (إلى أن قال) وذكر من أحضر هذا الكتاب بأنه من أعظم الأسباب في تقرير مذهبهم عند من مال إليهم من الملوك وغيرهم، وقد صنفه للملك المعروف الذي سماه خدابنده، وطلبوا مني بيان ما في هذا الكتاب من الضلال وباطل الخطاب اهـ.
فأنت ترى أن كتاب منهاج السنة النبوية قد كتب رداً لاعتداء من اعتدى على أهل السنة وتهجم عليهم، وطعن في دينهم، وأن شيخ الإسلام، قد أحضر إليه كتاب الشيعي ولم يكن رآه، وطلب منه أهل السنة والجماعة رد مفترياته على أهل السنة وهو
شيخهم بل شيخ الإسلام، ومن أولى منه ببيان الحق وأقدر منه عليه؟
2-
إن الملك المغولي خدابنده قد ترفض أو تشيع على يد ابن المطهر الحلى قبل صدصر رد شيخ الإسلام عليه كما هو ظاهر من كلامه.
3-
إن أقصى ما في كلام شيخ الإسلام هو الدعوة إلى الاعتدال في الأقوال والأعمال، وتخفيف غلو الغاليين في العقائد، وتقليص ظل عصبيات أهل البدع والأهواء، ودفع أكاذيبهم وأباطيلهم، والغرض من ذلك كله تنوير العقول، وتقريب
القلوب، وتطهيرها مما تراكم عليها من أوضار الباطل، وأوغار الحقد، وإزالة ما استحكم فيها من جفوة وقسوة.
وهذه نبذة صغيرة من كلام شيخ الإسلام مصدقة لما ذكرناه.
قال رحمه الله "وأما الرافضي فإذا قدح في معاوية بأنه كان باغياً ظالماً، قال له الناصبي: وعلي أيضاً كان باغياً ظالماً لما قاتل المسلمن على إمارته وبدأهم بالقتال، وصال عليهم وسفك دماء الأمة بغير فائدة لا في دينهم ولا في دنياهم، وكان السيف
مسلولاً في خلافته على أهل الملة، مكفوفاً على الكفار- إلى أن قال-: فالخوارج والمروانية وكثير من المعتزلة وغيرهم يقدحون في علي- رضي الله عنه وكلهم مخطئون في ذلك ضالون مبتدعون ". اهـ
فانت ترى أن شيخ الإسلام يحكي كلام الروافض والنواصب والخوارج، ولكنه لا يحكم لفريق على فريق، بل يحكم بأنههم مخطئون مبتدعة ضالون، خلافاً لما يزعمه الكوثري، المقلد الغبي، من انتقاص مقام الإمام علي، فما أضيع البرهان عند المقلد!
4-
وأوضح وأفضح مما تقدم أن هذا المعتدي على التاريخ، الذي أسقطه الحسام القدسي بسبب اعتدائه- كما بينا من قبل- دعواه أن ابن تيمية هو سبب الغلو في التشيع، وبسط سلطانه في الأرض، ويوهم كلامه أو يفهم أن السلطان خدابنده قد
ترفض ونشر مذهب ابن المطهر بسبب ابن تيمية، وتحامله على الشيعة في منهاج السنة النبوية، وقال: وابن المطهر الحلى لما وصل إليه كتاب ابن تيمية هذا، قال: كنت أجاوبه لو كان يفهم كلامي، ولكن جوابي يكون بالفعل حتى سعى سعياً إلى أن تمكن من قلب الدولة السنية من تلك الأقطار إلى دولة غالية في التشيع بحمل خدابنده الملك الشعوب على التمذهب بمذهب ابن المطهر، ولم يزل الغلو في التشيع متغلغلاً في تلك البلاد، منذ عمل ابن تيمية هذا. اهـ
ونحن ننقل لك بعد هذا الكلام ما ذكره الشيعة الامامية أنفسهم في سبب ترفض الملك خدابنده، ليعلم مبلغ هذا الرجل من تحريف التاريخ وقلب الحقائق الواقعية بكل وقاحة وصفاقة، ونسجل عليه حقده وتعصبه على رجال الإسلام العظام، وافتراءه عليهم الكذب الصريح.
جاء في كتاب "روضات الجنات في تراجم الشيعة" تأليف ميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري الميلاد، والأصفهاني الموطن والمهاد- في ترجمة الحسن بن المطهر الحلي ما نصه، ثم نقل عن كتاب شرح مولانا التقى المجلسي على الفقيه نقلاً عن جماعة من الأصحاب: أن الشاه خدابنده المذكورغضب يوماً على امرأته فقال لها: أنت طالق ثلاثاً، ثم ندم وجمع العلماء فقالوا: لا بد من المحلل فقال عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة، أوَ ليس لكم هنا اختلاف؟ فقالوا لا، فقال أحد وزرائه: إن عالماً بالحلة وهو يقول ببطلان الطلاق، فبعث كتابه إلى العلامة (1) وأحضره- وهنا أطال في وصف اجتماعه بعلماء السنة ومناظرته لهم، بما يضحك الثكلى ويشبه كلام الصبيان (ثم قال) وعلى أي حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لأنه لم يتحقق شروطه، ومنه العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال لا. ثم شرع في البحث مع العلماء حتى ألزمهم جميعاً فتشيع الملك، وبعث إلى البلاد والأقاليم حتى يخطبوا بالأئمة الإثنى عشر، ويضربوا السكك على أسمائهم، وينفقوها على أطراف المساجد، والمشاهد!!
منهم (ثم قال) : والذي في أصفهان موجود الأن في الجامع القديم الذي كتب في زمانه
(1) يعني ابن المطهر.
ثلاثة مواضع منه، وكذا في معبديه- مكوار لنجان، ومعبد الشيخ نور الدين النطزي من الفرقاء، وكذا على منارة دار السيادة التي تممها هذا السلطان من بعد ما أحدثه أخوه غازان. اهـ.
(ثم قال) : وهذه اليد العظمى والمنة الكبرى التي له على أهل الحق مما لم ينكره أحد من المخالفن والموافقين، حتى أن في بعض تواريخ العامة (أي أهل السنة) رأيت التعبير عن هذه الحكاية بمثل هذه الصورة ومن سوانح سنة سبع وسبعمائة، أظهر خدابنده شعار التشيع باضلال ابن المطهر. اهـ
أعلمت الأن أيها القارىء الكريم السبب الذي من أجله ترفض هذا الجاهل الأعجمي المغولي وأنه مسألة شخصية. لا دخل فيها لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولا لكتاب منهاج السنة النبوية، وهو كونه طلق زوجته ثلاثاً وهو غضبان، واستفتى أمثال
الكوثري من علماء عصره فأفتوه بالمحلل، وهو الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم: التيس المستعار، وقال الملك لهم: عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة، أو ليس لكم هنا اختلاف قالوا لا، لا بد من المحلل- أي الملعون بلسان الرسول صلى الله عليه وسلم هو والمحلل له، فاستنكف الملك عن هذا التحليل الذي هو زنا صريح، ولو أخذوا بما كان عليه
الطلاق الثلاث في عهده صلى الله عليه وسلم وفي عهد صاحبيه، لخرجوا من جحر الضب الذي أوقعوا الملك معهم فيه، ولو اهتدى إلى شيخ الإسلام ابن تيمية لوجد لمسألته عنده حلاً نبوياً سنياً غير شيعي، ولكن الكوثري يلبس شيخ الإسلام ذنب غيره، فعليه ما يستحق من ربه، لماذا تسكت أيها الكوثري عمن أحرجوا الملك فأخرجوه من بينهم، وتطعن في دين من يرده وقومه إلى حظيرة السنة؟ أكان بالله إثماً أن يؤلف ابن تيمية كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية". ويرد به ضلالات ابن المطهر الحلي. والكوثري السني فيما يزعم يتبجح بقول الحلي الشيعي لإمام السنة.
كنت أجاوبه لو كان يفهم كلامي!.
وفي كتاب روضات الجنات في تراجم الشيعة، الذي لخصنا عنه ما تقدم (ص
(171- 174)(1) نقلأ عن تذكرة الشيخ نور الدين علي بن عراق المصري- أن الشيخ تقي الدين ابن تيمية الذي كان من جملة علماء السنة معاصراً للشيخ جمال الدين العلامة المذكور- منكرأ عليه في الخفاء كثيراً- كتب إليه إلعلامة بهذه الأبيات:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى
…
طراً لصرت صديق كل العالم
لكن جهلت فقلت أن جميع من
…
يهوى خلاف هو اك ليس بعالم
فكتب الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي في جوابه هذه القطعة وأرسلها إليه:
يا من يموه في السؤال مسفسطا
…
إن الذي ألزمت ليس بلازم
هذا رسول الله يعلم كل ما
…
علموا وقد عاداه جل العالم (3)
وترى الكوثري ينوه بكلمة ابن المطهر الحمقاء التي أخذها من شعره، ولكنه لم يذكر جوابها السديد لبعض علماء السنة، ويمكنك أن تقف مما أوردناه لك على دخيلته، وتعرف حقيقة نحلته وخبيئته.
وجملة القول. أن هذا الرجل (الكوثري) لا يعتد بعقله ولا بنقله ولا بعلمه ولا بدينه. ومن يراجع تعليقاته يتحقق صدق ما قلناه فيه، على أنا أوردنا شواهد منها دلت على سائرها، وعرفتنا حقيقة قائلها، فمن بقي له شك فيها فليرجع إليها، ليرى كيف أن التعصب يعمي ويصم، والله عليم بذات الصدور (3) .
(1) هذا في طبعة قديمة، وهو في 2/286 نشر دار العرفة بيروت.
(2)
غير أن البيت الأخير في "روضات الجنات" حرفت به كلمة "يعمل " الى "يعلم"، وأرجو أن يكون تصحيفاً غير مقصود، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما عمل الورى، لأن فلك لعلم الله سبحانه والبيت على الصواب في "الرد الوافر"- زهير-.
(3)
بل إن عمى التعصب قد شمل عدداً ممن رافقوا الكوثري، أو تتمذوا عليه، أويماروا على نهجه. كتب الله الهداية للجميع- زهير-.