الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث
دعاء استفتاح رسول الله صلاته من الليل
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: [سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتح صلاته من الليل .. ؟
قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته قال:
((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختُلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم))]
هذا دعاء - كما قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم يفتتح به صلاته من الليل وإنه كما ترى
…
مسبوق بتوسلات إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ومع أنه صلوات الله عليه وسلامه مستجاب الدعوة
…
ولكن مع ذلك كان لا يدعو إلا ويقرب بين يدي دعائه توسلات إليه تعالى. وما التوسل بحد ذاته إلا تمجيد وتعظيم وتقديس لذات المتوسل إليه تبارك وتعالى وتقدس فما أعظم هذا التوسل حين يفتتح به قيامه في جوف الليل: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك قيما كانوا فيه تختلفون)).
مجده عليه الصلاة والسلام بأنه رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل وهم الأعيان من الملائكة وأعظمهم وأكرمهم على الله سبحانه وهم رسله إلى من يشاء من عباده رحمة أو عذاباً وأنه تعالى ربهم وخالقهم وهم عبيده لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ولا يغفلون عن عبادة ربهم طرفة عين وهم من خشيته مشفقون.
ثم يقول ممجداً ربه تعالى بأنه ((فاطر السموات والأرض)) أي خالقها بما ومن فيهما وما بينهما وموجدهما من العدم لا شريك له ولا رب غيره ولا إله سواه.
((عالم الغيب والشهادة)) أي يعلم كل شيء مما يشاهد العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء ولا يعلم من الغيب شيئاً أحد من خلقه
…
إلا من ارتضى من رسول وأنه صلى الله عليه وسلم يعظم ربه بأنه عالم الغيب والشهادة، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ثم يرد في الأرض ولا في السماء. ثم يرد إليه الحكم بين العباد فيما اختلفوا فيه من الحق ويقول: أ، ت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون فأنت الحكم العدل الذي لا يجور.
قدم كل هذه التوسلات إليه بتمجيده وتعظيمه وتقديسه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ثم شرع يدعو فقال صلى الله عليه وسلم: اهدني لما اختلف فيه من الحق بأذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، أي اهدني إلى الحق الذي اختلف فيه الناس لا يهديني إليه إلا أنت إنك تهدي من تشاء ممن يستحق الهداية إلى الحق القويم والصراط المستقيم.
وهكذا فقد رد المشيئة إليه تعالى في الهداية فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
إن هذه التوسلات والدعاء الذي تلاها بالإضافة إلى أنه يقرب إلى الرب تبارك وتعالى ودعاء إليه ورغبة، فهو ولا شك تعليم لأمته حتى تقتفى أثره وحض منه صلى الله عليه وسلم حتى تقتدي بفعله وتهتدي بهداه وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
الدليل الرابع
من أدعية النوم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول: ((اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته. اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأن الآخر فليس بعدك شيء وأنت الطاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر))] أخرجه أحمد ومسلم والترمذي.
بأبي وأمي أنت يا رسول الله ما أعطفك على أمتك وما أحناك عليها أنت كما وصفك ربك (
…
بالمؤمنين رؤوف رحيم) صلى الله عليه وسلم الله عليك وعلى آلك وسلم تسليماً ما أشدك حرصاً بالخير حتى تتملى منه أمتك وما أخوفك عليها من الشر حتى ترتدع عنه نعم المعلم أنت ونعم الأب أنت بل ونعم النبي والقائد والرسول الرائد تقودها في خير سبيل إلى خير غاية وتسير بها في أقوم نهج إلى أسلم نهاية. أرأيت يا أخي المسلم كيف يعلمنا الحبيب الأعظم الأدعية الطيبة الخيرة.؟
اسمعه
…
وكأنه ينطق أمامك بهذا الدعاء الكريم والتوسل العظيم بالأسماء الحسنى اسمعه وهو يقول: ((اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم)) هذا تمجيد لله باسمه رب السموات والأرض والعرش العظيم ((ربنا ورب كل شيء)) ثناء عليه بصفته الربوبية التي ربي بها العالمين بنعمته لا رب لهم سواه ((فالق الحب والنوى)) أي يشقه في الثرى فتنبت منه الزروع على اختلاف أصنافها من الحبوب والثمار على تباين أشكالها وألوانها وطعومها ومذاقها رزقاً لعباده ليعلموا أنه المنعم وحده فلزم أن يكون هو المعبود وحده فلا يعبدون إلهاً غيره ولا رباً سواه.
ثم أثنى عليه وحمده على تنزيل كتبه على عباده ليدلهم على الصراط المستقيم ويهديهم إلى العمل بما أنزل فيها من الأحكام التي لا يأتيها الباطل، فلا يزيغ عنها إلا من شاء لنفسه الهلاك واختار لنفسه الكفر ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)).
ثم استعاذ عليه أفضل الصلاة والسلام من شر كل شيء
…
فما من شيء إلا والله آخذ بناصيته فإنها كلها تحت سلطانه وقهره وهو آخذ بناصيتها ثم مجده بأنه هو الأول وليس قبل الأول شيء وأنه الآخر وليس بعد الآخر شيء وأنه الظاهر فما فوقه أحد قط ظاهر في صفاته العلى الدالة على وجود ذاته فلا ذات بلا صفات ولا صفات بلا ذات وأنه الباطن في ذاته العلية فليس دونه شيء ذاته ليست كالذوات وصفاته ليست كغيرها من الصفات فهي ذات وصفات بلا تكييف ولا تجسيم ولا تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تشبيه. وهكذا فقد مجد ربه بذاته وأسمائه وصفاته في كل ما تقدم من توسلات. . ثم شرع بالدعاء فقال: ((اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)).
وهكذا فإن صلوات الله عليه وسلامه لم يدع قبل أن قدم بين يدي دعائه هذه التوسلات المشروعة التي علمه إياها ربه ((وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)) 3 - النجم
ثم باشر بالدعاء إليه تعالى أن يقضي عنه الدين ويغنيه من الفقر وكان يأمر بذلك أمته أن تدعو بهذا الدعاء وغيره من الأدعية. . حتى يستجيب الله دعاءها. هكذا سنته صلى الله عليه وسلم في دعائه أي لا يدعو حتى يتوسل إلى ربه بما يرضيه فهلا نتحاض فيما بيننا على ذلك ونتوسل إليه تعالى بمثل ما توسل وندعوه تعالى بمثل ما كان يدعو؟ (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم * قل اطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين *)
31 -
32 آل عمران
نعم إن كنا نحب الله فيجب أن نقدم برهانا على ذلك ودليلاً يؤيد دعوانا وإلا فتكون دعوانا بمحبة الله مجرد دعوى عارية عن الدليل خالية من البرهان
وما دليل محبتنا إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الاتباع وطاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى فعندما نصدق باتباعه صلى الله عليه وسلم ونخلص بطاعته نكون قدمنا الدليل والبرهان .. عندها يجبنا الله تعالى ويرفعنا إلى مستوى المكانة التي وعدناها: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
…
) 110 - آل عمران
إذا
…
فإن محبة الله موقوفة ومرهونة باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فلنجهد جميعاً بالاتباع نصاً وتطبيقاً وسلوكاً ومنهجاً وحالاً وقالاً لا نبغي عن سنته حولا ولا بدلاً عليه أفضل الصلاة والسلام.
الدليل الخامس
السؤال بالقرآن
عن عمران بن حصين رضي الله عنه[أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل: فاسترجع (1) ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرأون القرآن يسألون به الناس))]
رواه أحمد والترمذي
مما لا شك فيه أن القرآن كلام الله تعالى: وكلامه تعالى وتقدس صفة له سبحانه فإذا قرأ المسلم القرآن إنما يقرأ ويتلو كلام الله تعالى وتبارك ليدبر آياته ويطبقها على نفسه ثم على من يعول ويجعل القرآن بما فيه من عقائد وأحكام وأخبار مرجعه في كل شيء فيحل حلاله ويحرم حرامه فيكون حجة له لا عليه وليسأل الله به حوائجه لتقضى ولا يسأل الناس به يتعجله ولا يتأجله.
هكذا الأصل في قراءة القرآن الذي أنزله الله دستوراً ومنهاجاً للعالمين فمن غير نهجه وبدل ما أنزل من أجله إلى مقاصد ومرادات تنحرف عن مراد الله سبحانه وتعالى من تنزيله فيكون قد أزور عن الصراط المستقيم والسبيل القويم إلى سبل تتفرق به عن سبيله (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)) الأنعام.
(1) أي عمران بن حصين
وقد انحرف المسلمون بالقرآن - إلا من رحم ربك - إلى مقاصد انحرفت به عن المراد الذي شاءه الله تعالى لهذه الأمة المحمدية لتكون: خير أمة أخرجت للناس.
فحققوا بذلك غايات وأهداف أعدائهم الذين يهدفون إلى صرف المسلمين عن أوامر القرآن ونواهيه وحلاله وحرامه وعبره وعظاته وهكذا كان
…
فجعل المسلمون قرآنهم: تمائم وتعاويذ أحجة ووصفات طيبة وقراآت على الأموات وترانيم تخرج بآياته الكريمة عن معانيها وتتعلق الأنفس بالترانيم دون المعاني فتنطلق الآهات والتأوهات لا على مجد الإسلام الضائع ولا على أحكام الكتاب المعطلة ولا على ما هم عليه من الانقياد إلى أغراض الكافر العدو اللدود بل من أثر النغمات الموسيقية التي أخضع القارئ القرآن وآياته إلى موازينها وإيقاعاتها
…
ودليلنا على ذلك أننا إذا سألنا أصحاب الآهات والتأوهات عن المعاني التي عقلوها من آيات الذكر الحكيم
…
لوجدناهم في غفلة عن هدي القرآن لأن النفوس منصرفة إلى الألحان عن المعاني. ويقولون: ما شاء الله!! شيخنا قارئ على السبعة!! يرددونها كالببغاء
وأنهم والله لأجهل منها بالسبعة والتسعة والعشرة
…
وهذا ما يسعى الكافر لتحقيقه فيصرف المسلمين عن الجهاد في سبيل الله والحكم بما أنزل الله وفهم مراد الله والعمل بمقتضاه.
يقولون: نقرؤه البركة!! وياليتهم يفهمون معنى البركة نعم يجب أن نقرؤه للبركة وما هي البركة .. ؟ أليست البركة هي الزيادة والنماء؟ زيادة في العقل ونماء في الفهم والعرفان فإذا عقلنا القرآن وفهمنا مضامينه وعلمنا أحكامه ونفذناها بدقة على مراد الله حصلت البركة والزيادة والنماء في كل شيء فكان الانطلاق والانعتاق والتحرير وكان البناء والعز والدولة والسلطان فلا نكتفي أن نكتب على الأوراق ونصرح بالأشداق: أمة واحدة من المحيط إلى الخليج
…
نعم لا نكتفي بذلك لأن القرآن لا يقف عند هذا المطلب التافه
…
بل هو هدى ورحمة للعالمين ولسوف ترف بنوده وأعلامه
وتخفق شاراته وراياته فوق كل سهل وجبل من هذه الأرض وستستظل بها كل ذرة من ذراتها وكل نسمة من نسماتها وكل بر وبحر وفضاء حتى يقضي الله أمره وينفذ أحكامه وترسو دولة الله وحدها على الأرض.
من أجل هذا نز القرآن
…
ولأجل هذا شرع الله تلاوته وقراءته ليكون لجنوده في كل حرف يتلون منه عشر حسنات لا أقول (الم) حرف، بل: ألف حرف لام حرف ميم حرف أجل يكون لكل جندي من جنود القرآن ثلاثون حسنة بمجرد تلاوته (الم) فكيف إذا كان دائم التلاوة عميق الفهم غزير العلم قائماً بالحكم شاكي السلاح يده على الزناد أيداً تنطلق بندقيته وقذيفته وصاروخه لأقل بادرة تبدر من أعداء الإسلام شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً بالكيد للإسلام .. وليعتبر كل مسلم نفسه جندياً للقرآن تسيل نفسه على حد الظبى في سبيله ومن أجل خلوده وهذا أقصى ما يؤمله ويتمناه.
لقد قدمت بين يدي هذا الحديث الكريم هذه المقدمة .. حتى أصل بأخي القارئ المسلم الكريم إلى أغوار ما يهدف إليه هذا الحديث، من توجيه بليغ ومقصد سام وأنني أعيده على مسامعك
…
حتى تتلوه مرة ثانية بعد ما قرأت هذه المقدمة له: [من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرأون القرآن ويسألون به الناس]. أجل
…
إذا سأل به الله تعالى يكون قد استعمله فيما أنزله الله وإذا سأل الناس به فيكون قد غير الوجهة التي أنزل من أجلها إلى وجهة أخرى وترك سبيل الله واتبع السبل
…
!!؟ فتفرق به عن سبيله.
فالذي يقرأ القرآن إذا عليه أن يقرأه ليفهمه ويعمل به ويستهدي بهديه ويقيم أحكامه فإذا سأل الله به متوسلاً كانت الاستجابة قريبة ومأمولة فتكون قراءة القرآن أقرب القربات وأعظم التوسلات لأن القرآن كلام الله وكلامه صفة له والتوسل إليه بصفاته العلى من أعلى أنواع التوسل المشروع اقرأ القرآن في المسلم
…
واقرأه في خط النار وتوسل بما قرأت إليه تعالى أن ينصر الإيمان على الكفر والتوحيد على الشرك واقرأه
وتوسل به في أية حاجة لك مشروعة فإن الله سبحانه يستجيب دعاءك ويعطيك سؤلك وينيلك ما تتمنى في أي حاجة من حاجات الدنيا والآخرة.
أما إذا سألت الناس به وتعجلت أجرك منهم ولم تتأجله من رب العالمين فقد أغضبت الله لأنك غيرت الوجهة التي من أجلها أنزل القرآن
…
وفي ذلك معصية الرب فمن ساعدك على المعصية فهو شريكك فيها.
أصبح القياد في يديك فإنك تستطيع أن تجعل قراءتك نوراً لك وهداية تخرجك من الظلمات إلى النور وسبيلاً صحيحاً ومنهجاً سليماً للوصول إلى رضاء الله تعالى وثوابه وعطائه في الدنيا والآخرة .. وتستطيع أن تجعل قراءتك حسرة عليك تتعجلها من الناس وتشتري بها ثمناً قليلاً في غير طاعته
…
تقرأه على القبور وللأموات والله تعالى يقول: (إن هو إلا ذكر وقرأن مبين لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين) إن هذا القرآن نذير للأحياء يفهمونه ويعقلونه ويعملون به لا للأموات الذين غدوا إلى ما عملوا في الدنيا وانقطع عملهم منها بوفاتهم إلا من صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو لهم وكل ذلك من كسبهم في الحياة الدنيا.
اتضح لك ما هو المقصد الكريم من قوله صلى الله عليه وسلم: [من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرأون القرآن يسألون به الناس].
وشتان بين من يسأل الله ومن يسأل به الناس وهل ما عند الناس كما عند الله وأي شيء يملكه الناس
…
؟!! ومن أين ما عند الناس
…
أليس هو مما عند الله ومن ماله ورزقه
…
؟ فإذا كان ما عند الناس هو من الله فهلا سألتا به الله الذي له ملكوت كل شيء .. ورب الناس ورب ما عند الناس
…
؟ وهلا تقربنا إليه تعالى بما يحب ويرضى ولم نبع عطاء الله بعطاء الناس؟
أجل
…
إن مراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلق المسلم بربه ويرغب إليه بالدعاء
ويقدم بين يدي دعائه توسلاً مشروعاً أقرب ما يكون للاستجابة وأن يقطع المسلم كل أمل إلا منه تعالى وليرجوا ما عند الله وينقطع رجاءه مما عند الناس حق يكون حقاً عبد الله لا أعبد أحد غيره وأن يتقرب به إليه وبكلامه إلى حضرة قدسه وبسائر صفاته العلى وأسمائه الحسنى إلى جنابه تعالى وتبارك وتقدس وهل يشتري بعد الله بقرب الناس
…
إلا من سفه نفسه .. !!!؟
القرآن .. وتلاوة القرآن وإمعان النظر بمعانيه وتدبره وتفهمه وتطبيقه على النفس والأهل والولد وسائر من ترعى وتعول هي القربات المقبولة المستطابة والتوسلات المطلوبة المستجابة. كيف لا، والقرآن:
[كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم](1).
فإذا أنت قرأته يا أخي المسلم مستحضراً هذه النعوت الكريمة والأوصاف العظيمة علمت عظم ما تتوسل به إلى الله تعالى وأيقنت منه بالاستجابة لأنه كلام الله والكلام صفة للمتكلم والتوسل إليه تعالى بكلامه توسل بصفة من صفاته العلى وهو عمل يحبه ويرضاه بل هو أقرب القربات إليه.
لا سيما وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [لكل قارئ قرآن دعوة مستجابة] أي أن من يقرأ القرآن ويتوسل به إلى الله ثم يدعو
…
كانت دعوته مستجابة.
وأرجو أن لا يفهم أن مجرد القراءة بدون عمل وتطبيق لما قرأ .. يمكن أن تكون دعوة مستجابة
…
لا بل عليه أي على القارئ أن يعزم على تطبيق
(1) رجح مخرج أحاديث الطحاوية: أنه من كلام علي رضي الله عنه.
أحكام ما قرأ بقدر استطاعته .. حتى تكون دعوته مستجابة وأما من يقرأ ويفهم ويستطيع أن يطبق ولا يطبق فقد يكون عمله هذا من أسباب عدم القبول والعياذ بالله من غضبه ونقمته.
اللهم إنا نتوسل إليك بالقرآن العظيم وبما نتلوه منه وما نعمل به ونطبق من كلامك الكريم أن تهدينا إلى أحكام كتابك وأن تقوينا على الأخذ بها والحكم بمقتضاها في كل شأن من شؤون الحياة.
اللهم أعنا على الإقامة دولة الإسلام من جديد وأشدد أزرنا لتحقيق هذه الغاية حتى ننصر دينك ونعلي كلمتك أو نهلك دون هذه الغاية ونسقط من أجلها شهداء ابتغاء مرضاتك ولوجهك الكريم.
اللهم وفقنا للقول والعمل ولا تجعلنا نقول ولا نعمل فما تأخر المسلمون ولا سقطت بلادهم بلداً بلداً في أيدي الأعداء إلا لما اكتفوا بالقول دون العمل.
(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (3) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص (4)) الصف.
اللهم الهمنا القول الصحيح الذي ترضاه يا رب العالمين ووجهنا وجهة كتابك وسلكنا محجة
نبيك عليه أفضل الصلاة والسلام وأعد لنا الخيرية التي وصفتنا بها أول مرة: (كنتم خير أمة أخرجت للناس
…
) وأسبل علينا الهيبة التي أسبلتها علينا يوم الجهاد الأول اللهم وحد كلمة المسلمين وردهم إلى دينك رداً جميلاً وأجمعهم تحت راية الإسلام وحكم الإسلام اللهم ثبتهم على الحق في ميادين الحق والدعوة إلى الحق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.