الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/77/الفرقان) ففي هذا دلالة على أن العمل هو الذي جعل الذات مقربة ولا شك أن العمل لعامله وليس لغيره نصيب فيه فإذا فهم ما تقدم تبين أن العمل أفضل من العامل وهو الذي جعله فاضلاً لا أن العمل صار فاضلاً لما صدر عن ذلك الذات ولهذا فإن علياً رضي الله عنه كان يقول:
[أعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال واعرف الحق تعرف أهله]
* * *
وبهذا تبين فساد قول الشيخ دحلان وثبت أن الأعمال الصالحة أفضل من الذات بل هي التي جعلته ذاتاً فاضلاً وبها عرف ولولا الأعمال لما كانت الذوات شيئاً مذكوراً.
27 -
الرد على الشبهة الأخيرة
…
أما ما أوردتموه علينا - في آخر ما زعمتموه من حجج - من أنكم توسطون إلى الله أنبياءه وأولياءه الصالحين في قضاء حوائجكم كما توسطون إلى كبير من المخلوقين أحد المقربين إليه في حوائجكم لتقضي عنده.
فنقول وبالله المستعان: إن وساطة المخلوق للمخلوق جائزة فقد يكون هذا الكبير الذي ذكرتموه في شبهتكم تعتريه علل في نفسه مانعة دون قضاء حوائج الناس من جهل أو ظلم أو منفعة مادية أو معنوية يتطلع إليها أو مصالح متبادلة قائمة بينه وبين الوسيط أو أية علة أخرى تشكل حائلاً دونه قضاء مصالح الناس.
فمثل هذا الكبير الذي افترضتم وجوده يحتاج ولا شك إلى وسيط مقرب لديه يتوسط لحل المشاكل المستعصية
…
ولكن لا يجوز إن صح قيام الوساطة إلى هذا الكبير للحيلولة دون علله الضارة بمصالح الناس أن يصح قيام هذه الوساطة بين الله وبين خلقه لأن القياس بين الوساطتين قياس مع الفارق إذ أن الله تعالى لا تحول بينه وبين خلقه مثل تلك العلل!!؟
تنزه الله وتقدس وتعالى عن ذلك علواً كبيراً
…
ولعلكم أدركتم فساد قياسكم واقتنعتم بعدم صلاح وروده حجة لكم علينا ومع ذلك نسألكم: لو كان هذا الكبير مشهوراً لدى العام والخاص بإحقاق الحق والعدل وفاتحاً باب الدخول على مصراعيه للناس كافة فيدخل عليه من شاء ويسمع من كل أحد ظلامته ويقضي بها على الشكل الأتم الأكمل من الحق والعدل بلا أية واسطة فبالله عليكم أكنتم تحتاجون إلى واسطة للدخول عليه؟ ستقولون: لا بل ندخل عليه بلا واسطة.
ثم نسألكم أيضاً: بالله عليكم أيكون هذا الذي قضى لكم حوائجكم بلا واسطة أفضل في نظركم أم ذاك الذي جعل دونه ودون مصالح الناس حجاباً فلا يقضي حوائجهم إلا بوسائط في نظركم أفضل ستقولون: بل هذا الذي يقضي حوائجنا بلا واسطة أفضل في نظرنا وفي أنظار الناس جميعاً.
فنقول: يا سبحان الله لماذا لم تفترضوا الأفضل لله تعالى وأنكم لتعلمون أن الله تعالى واجب دائماً في حقه الأفضل والأمثل؟ ولكن يجب أن تعلموا علم اليقين إنكم والله لو شبهتم الخالق الأفضل لكفرتم فكيف وقد شبهتموه بأدنى ما يتصور من الحكام الظالمين الذين لا يوصلون الناس إلى حقوقهم إلا بوساطات المتوسطين وشفاعات الشافعين!!!
فهل شعرتم في عملكم هذا أنكم ما قدرتم الحق قدره هدانا الله وإياكم سواء السبيل وسلكنا وإياكم صراطاً مستقيماً.
والحمد لله رب العالمين