الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُرى هل شعروا بهمز الشيطان ونفخه ونفثه يسري في كيانهم كما يسري السم في الجسد
…
؟ وهل سيظلون هكذا طائعين منقادين كالأنعام إلى جهنم وبئس المصير
…
أسيظلون هكذا
…
أم يفلتون من حبال عدوهم ويهربون إلى ربهم تائبين منيبين إليه، يذرفون دموع الندم ويرجون من الله رحمة ومغفرة
…
والله إن فعلوا
…
لوجدوا الله تواباً رحيماً فبادروا يا رعاكم الله إلى كنف التواب الرحيم تلقوا عفوه وكرمه ورضوانه رغم ما أسلفتم من الذنوب والآثام (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) /53/الزمر. وإن الكريم سبحانه لا يغفر ذنوبكم فحسب بل يبدلها حسنات وهذا جزاء التائبين المستغفرين المؤمنين العاملين اسمعوا قوله تعالى: (إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) /70/الفرقان. وقد ألحى العلماء باللائمة على من يقسم بالمخلوق وأقاموا النكير عليه وحذروا منه أشد التحذير لما فيه من المساس بالألوهية والعياذ بالله تعالى.
قال شارح العقيدة الطحاوية:
(وإن الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور لأن الإقسام بالمخلوق لا يجوز فكيف على الخالق؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: [من حلف بغير الله فقد أشرك] ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه رضي الله عنهم: يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حق كره أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أن يقول الرجل: اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ولم يكرهه أبو يوسف رحمه الله لما بلغه الأثر (1) كما أن القول: بجاه فلان عندك أو نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك ومراده أن فلاناً عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعاءنا. وهذا أيضاً محذور فإنه لو كان هذا هو التوسل الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لفعلوه بعد موته. وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه يطلبون
(1) قال الزيلعي في نصب الراية 4/ 273: هو حديث مرفوع موضوع.
منه أن يدعو لهم وهم يؤمنون على دعائه كما في الاستسقاء وغيره فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر رضي الله عنه لما خرجوا يستسقون -: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. معناه: بدعائه الله لنا وشفاعته عنده وليس المراد أنا نقسم عليك/به/أو نسألك بجاهه عندك إذ لو كان ذلك مراداً لكان جاه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وأعظم من جاه العباس). اهـ
ويروي
…
أن داود عليه السلام قال: [اللهم إني أسألك بحق آبائي عليك فأوحى إليه: وما حق آبائك علي؟](2).
وقال أبو الحسن القدوري في شرح كتاب الكرخي:
(قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول: أسألك بمعاقد العز من عرشك. وأن يقول: بحق فلان وأنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام)) قال أبو الحسن: أما المسألة بغير الله فمنكره لأنه لا حق لغير الله عليه وإنما الحق له على خلقه) وفي قول له: (المسألة بخلقه لا تجوز: لأنه لا حق للمخلوق على الخالق فلا يجوز يعني: وفاقاً).وقال ابن بلدجي في شرح المختار: (ويكره أن يدعو الله إلا به. ولا يقول: أسألك بملائكتك أو أنبيائك أو نحو ذلك لأنه لا حق للمخلوق على خالقه).
وقال نعمان خير الدين الحنفي في ((جلا العينين)) وذكر العلائي في شرح التنوير عن التتار خانية: أن أبا حنيفة قال: ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به)) وجميع متون الحنفية أن قول الداعي المتوسل بحق الأنبياء والأولياء وبحق البيت الحرام مكروه كراهة تحريم، وهي كالحرام في العقوبة بالنار اهـ.
(2)
قيل أنه ضعيف وقد رويناه بصيغة التمريض للدلالة على ضعفه وذكرناه استئناساً للمناسبة مع بيان ضعفه.
وننتهي هنا من إيراد أدلتنا في إثبات عدم شرعية التوسل إلى بذوات المخلوقين الذي أطلقناه عليه: ((التوسل الممنوع)) فقد فندنا كل وجه من أوجهه
الثلاثة المتقدمة
…
وأثبتنا بطلانها جميعاً وفسادها جملة وتفصيلاً لعدم مطابقتها لأحكام الكتاب والسنة ومخالفتها لهما ومجانبتها الحق وانحرافها عن الصواب.
فلله وحده الحمد والشكر والثناء الحسن كما يحب ربنا ويرضى على ما ألهمنا فيه من الحجج والأدلة القرآنية والسنية الصحيحة.
وإننا إذ نضع ما كتبناه بين أيدي المخالفين الذين تحجبهم (بعض الشبه!!!) عن تقريرهم النهائي فيما يرون من الأدلة الشرعية التي سقناها
…
نهيب بهم أن يدلوا بأدلتهم المعاكسة التي تثبت عكس ما قلناه
…
فإن كانت حججهم وأدلتهم مطابقة للقرآن والسنة الصحيحة نصاً وفهماً وتخريجاً فإننا نعدهم وعداً قاطعاً أننا نعود للحق الذي بان لنا من أدلتهم
…
كما نرجو منهم إما وجدوا ذلك عندنا
…
واستبان لهم الحق مما وضح من أدلتنا أن يعدونا أيضاً وعداً قاطعاً. بأن يعودوا إلى ذلك الحق ويتوبوا إلى الله تعالى ويستغفروه فلا يكون إلا الحق منصوراً ولا بد أن يكون الباطل إلا مخذولاً ومقهوراً.
والحكمان العدلان الأزهران النيران
…
كتاب الله وسنة رسوله بانتظار الحكم بالحق لصاحب الحق من بيننا ويعترف كل منا بهذا الحق ونعود جميعاً جبهة واحدة وصفاً متراصاً ونكون - إن شاء الله - حملة التركة المحمدية
…
التي أورثناها رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي] فنعيد ذلك العهد الأزهر والزمن الأنور. خير القرون إلى قيام الساعة. ولئن فاتنا نحن أبناء هذا الجيل
…
صحبة نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحرم من صحبة أنفاسه الطاهرة التي ما تزال تفوح من بين أسطرها
…
عبقاً زكياً وعرفاً شذياً وتزهر منها أضواء الحق وأنوار الخير ودفقات سنا الهدى.
(أهل الحديث همو أهل النبي وإن
لم يصحبوا نفسه، أنفاسه صحبوا)
وهنا نتخلى عن مقام الكلام والكتابة تاركين المجال لإخواننا الذين نؤمل
بهم الرجوع إلى الحق فليدلوا بأدلتهم فقد ادعوا: أن لهم أدلة قرآنية وسنية يستندون إليها
…
باتخاذهم هذا النوع من التوسل الذي دعوناه (ممنوعاً
…
) واعتباره مشروعاً
…
بالنسبة لما يحفظون من الأدلة
…
فلا بأس
…
فلعلهم يكونون على حق فليدلوا بها (وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) /34/ سبأ.
الصحابة لم يقسموا على الله بالنبي
…
ولم يسألوه به .. !!
قال ابن تيمية رحمه الله:
((التوسل بمعنى الإقسام على الله بذاته صلى الله عليه وسلم أو السؤال به
…
فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته لا عند قبره ولا غير قبره ولا نعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عمن ليس قوله حجة)).