الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 -
حديث الأعرابي
وفي صحيح البخاري: [أنه لما جاء الأعرابي وشكا للنبي صلى الله عليه وسلم القحط فدعا الله فانجابت السماء بالمطر قال صلى الله عليه وسلم: ((لو كان أبو طالب حياً لقرت عيناه من ينشد قوله؟)) فقال علي رضي الله عنه يا رسول الله: كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى، عصمة للأرامل]
فتهلل وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكر إنشاد البيت ولا قوله يستسقى الغمام بوجهه ولو كان ذلك حراماً لأنكر ولم يطلب إنشاد البيت ولا قوله يستسقى الغمام بوجهه ولو كان ذلك حراماً لأنكر ولم يطلب إنشاده.
عجيب والله أمر هؤلاء (القوم!!!) إنهم يتعمدون تحريف الأحاديث لمصلحتهم التي يزعمونها مع أن هذا العمل ليس من مصلحتهم في شيء فإن التحريف والتبديل لا ينفعان أحداً ولو نفعا في شيء لنفعا اليهود والنصارى عندما بدلوه من آيات في التوراة والإنجيل تبعاً لأهوائهم ولا أدري لماذا يلجأ القوم لمثل هذه الأعمال التي ليست من هدي هذه الأمة المحمدية.
إن التحريف لا شك ولا ريب يدل على أنهم علموا الحق وبدلوه بعدما علموه وهذا من خلق اليهود الذي أجله غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاباً أليماً.
إن حديث الأعرابي الذي يعزوه الشيخ الدحلان إلى البخاري بلفظه أعلاه ليس في البخاري قطعاً بهذه الرواية!!! وهنا نترك الكلام والرد للشيخ بشير السهسواني رحمه الله وغفر له قال في كتابه: (صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان) ما يلي: ويروي الدحلان في كتابه (الدرر السنية في الرد على الوهابية):
(وفي صحيح البخاري (وذكر الحديث إلى قوله: عصمة للأرامل) وقال: فتهلل وجه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولم ينكر إنشاد البيت ولا قوله: يستسقى الغمام ولو كان بوجهه ولو كان ذلك حراماً أو شركاً لأنكره ولم بطلب إنشاده ليس في صحيح البخاري هذه الرواية إنما ورد من حديث أنس قال: [جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت المواشي وتقطعت السبل فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة ثم جاء: فقال تهدمت السبل وهلكت المواشي فادع الله يمسكها فقال: ((اللهم على الآكام والظراب والأودية ومنابت الشجر)) فانجابت عن المدينة انجياب الثوب].
وقد روى البخاري حديث أنس هذا
…
من طرق وليس في واحدة منها ((قال صلى الله عليه وسلم: لو كان أبو طالب حياً لقرت عيناه
…
الخ))
والصواب: أن راوي الحديث هو البيهقي لا البخاري وفي سنده مسلم الملائي وهو متروك الموضوع فانظر إلى تحريف الدحلان عدا عن أغلاط لغوية يجل عنها رسول الله وهو أفصح العرب وذلك من وجوه:
1 -
إن كلمة (لما) لا يدخل في جوابها في مثل هذه المواضع لفظة: (الفاء) في قوله الله (فدعا الله
…
)
2 -
إن لفظ (شكا) متعد بـ (إلى) لا بـ (اللام) قال الله تعالى (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) وفي رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك بن البخاري: [أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المال وجعد العيال]
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اشتكت النار إلى ربها] متفق عليه.
وعن خباب قال: [أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه حر الرمضاء فسلم يشكنا] رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها عن البخاري في كتاب التيمم: [فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] وقد جاء تعدية (شكا) بـ (إلى) في غير واحد من الأحاديث الصحيحة وقال في القاموس: شكا أمره إلى الله.
3 -
إن قوله: فانجابت السماء بالمطر لا معنى له فإنه (انجابت) بمعنى انكشفت وانكشاف السماء بالمطر لا محصل له.
4 -
أن الانجياب يدل على انقطاع المطر في الحديث [فانجابت عن المدينة انجياب الثوب] وانقطاع السحاب بعد دعاء السقي يدل على عدم إجابة الدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهذا باطل بالبداهة بدليل أن الروايات كلها دالة على أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة قد أجيب بلا مرية.
5 -
إن انقطاع السحاب قبل ظهوره محال.
6 -
إن صلة الانجياب بـ/عن / كما في حديث انس لا بـ /الباء /.
وبالجملة: فصدر ما عزاه إلى البخاري أعني قوله: [لما جاء الأعرابي وشكا للنبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله بالمطر
…
] ليس في البخاري ولا البيهقي ولا في غيره من الكتب الحديثية فيما أعلم إذن إنما هو اختلاق الدحلان نفسه اهـ)
أرأيت كيف يحرفون الكلم عن مواضعه أرأيت أنهم ينسبون الحديث للبخاري وهو ليس فيه؟!! فإذا كان ذلك عن جهل فلم يقولون ملا يعلمون؟ وإذ كان عن علم فلم يحرفون الكلم عن مواضعه وهم يعلمون؟ وكل ذلك يفعلونه من أجل أن يؤيدوا قولاً باطلاً تبنوه!!! ألا يعلمون أنهم إلى الله يحشرون وسيسألهم عمال كانوا يعلمون وهل أعدوا أنفسهم إلى ذلك اليوم المعلوم؟ (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون).
16 -
حديث سواد بن قارب
روى الطبراني في الكبير: أن سواد بن قارب رضي الله عنه أنشد الرسول صلى الله عليه وسلم قصيدته التي توسل فيها التوسل ويقول الدحلان: ولم ينكر الرسول عليه ومنها قوله:
وأشهد أن الله لا رب غيره
…
وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة
…
إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل
…
وإن كان فيما فيه شيب الذوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعةٍ
…
بمغن فتيلاً عن سواد بن قارب
الكلام على متن هذا الحديث
إن هذه الأبيات الأربعة التي استشهد بها الشيخ دحلان على جواز التوسل بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها معاني التوسل الذي يعنيه وبخاصة في البيت الثاني وهو قوله:
وإنك أدنى المرسلين وسيلة
…
إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
تقدم معنا في أول الكتاب في تعريف الوسيلة لغة وشرعاً أن الوسيلة هي القربة إلى الملك ووسل إلى الله وسيلة وتوسل إليه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل. ولا شك ولا ريب أن العمل الذي عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الأنبياء فصار بذلك أوفى المرسلين إلى الله وسيلة أي قربة ومنزلة فأي معنى من معاني التوسل بذوات المخلوقين موجود في هذا البيت
…
؟ الجواب: ليس فيه أي معنى من معاني التوسل بذوات المخلوقين إنما معناه هو ما قلناه آنفاً: إن أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أعظم أعمال الأنبياء والمرسلين فصار بذلك أدناهم
وأقربهم إلى الله تعالى.
كما أن الوسيلة معناها كما فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:
[إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فمن صلى علي مرة صلى الله عليه وسلم الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة رفيعة في الجنة
…
لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو]
وهذا المعنى أيضاً لا يخرج عن المعنى الأول وهي الوسيلة والقربة من الله تعالى فهل في ذلك ما يفيد جواز التوسل بذات المخلوق
…
؟
وهذا ما يقصده سواد بن قارب رضي الله عنه في أبياته التي يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل الدحلان يقصد أيضاً ما جاء في البيت الأخير:
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة
…
بمغن قتيلاً عن سواد ن قارب
وكذلك ليس في البيت الأخير ما يعين الدحلان على مراده ألبته لأن سواد بن قارب يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرجوه أن يدعو الله تعالى أن يكون له شفيعاً يوم القيامة والخطاب هذا ولا شك كان في حياته صلى الله عليه وسلم وطلب الشفاعة منه حال حياته لا بأس به لأنه طلب لدعائه صلى الله عليه وسلم لأن يكون سواد في جملة من يشفعه الله بهم يوم القيامة أي يأذن له بالشفاعة فيهم فما الذي في هذا البيت من معاني التوسل بذوات المخلوقين
…
؟! اللهم إلا إذا كان الدحلان يريد أن يحمل الألفاظ ليستقيم مراده
…
!! فهذا شيء آخر إنما لا يقر على ذلك فإن اللغة العربية التي خلق الله مفاهيمها ومدلولات ألفاظها لا تخضع إلى مراد الدحلان فقواعد اللغة ثابتة ومعانيها فرغ منها فلا يطمع أحد في تغييرها على ما يحب ويهوى.
والخلاصة: ليس في متن هذا الحديث أي معنى من معاني التوسل المعروف عند الدحلان ومن البدهي بعد ذلك أن لا يصلح هذا الحديث حجة ولا دليلاً على مراد التوسل بذوات المخلوقين فسقطت حجة الاستدلال به على ذلك متناً أما سنداً فإليك تفصيل ذلك: