المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌كلمة فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري

- ‌كلمة إدارة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

- ‌كلمة الدكتور إبراهيم جعفر سقا

- ‌مقدمة

- ‌معنى‌‌ التوسل لغةوشرعاً

- ‌ التوسل لغة

- ‌التوسل شرعاً:

- ‌أقسام التوسل

- ‌ التوسل المشروع

- ‌1 - التوسل إلى الله تعالى بذاته العلية .. وأسمائه الحسنى .. وصفاته العلى

- ‌((الأمثلة الدالة على التوسل إليه تعالى بذاته وأسمائه وصفاتهمن القرآن الكريم))

- ‌الدليل الثالثدعاء استفتاح رسول الله صلاته من الليل

- ‌2 - توسل المؤمن إلى الله بأعماله الصالحة

- ‌الدليل الأولالفاتحة

- ‌توسل المؤمن إلى الله تعالىبأعماله الصالحةوأدلته من السنة الصحيحة

- ‌الدليل السادسحديث الغار

- ‌3 - توسل المؤمن إلى الله تعالى بدعاء أخيه المؤمن له

- ‌توسل المؤمن إلى الله تعالىبدعاء أخيه المؤمن لهوأدلته من القرآن الكريم

- ‌توسل المؤمن إلى الله تعالى بدعاء أخيه المؤمن له وأدلته السنية

- ‌الدليل الرابعحديث توسل الأعمى بدعائه صلى الله عليه وسلم

- ‌الدليل السادسحديث الاستسقاء بدعاء العباس

- ‌التوسل الممنوع:

- ‌تعريف التوسل الممنوع

- ‌حكم التوسل الممنوع

- ‌أوجه التوسل الممنوع

- ‌قول ابن تيمية: رحمه الله

- ‌قول أبي حنيفة رحمه الله:

- ‌قال شارح العقيدة الطحاوية: رحمه الله

- ‌الوجه الثالث - الإقسام على الله جل وعلا بالمتوسل به

- ‌قال شارح العقيدة الطحاوية:

- ‌التوسل الممنوعأدلة أنصاره وحججهم

- ‌ثم قالوا:

- ‌أدلتهم القرآنية

- ‌استشهادهم في الآيات كان في غير محله

- ‌أدلتهم الحديثية

- ‌الحديث الأولاللهم بحق السائلين عليك

- ‌الحديث الثانيتوسل آدم بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌الكلام على هذا الحديث

- ‌انفراد الحاكم بالتصحيح لا عبرة له

- ‌فائدة

- ‌ قصة مالك مع أبي جعفر المنصور

- ‌الكلام على متن هذه القصة

- ‌ حديث فاطمة بنت أسد

- ‌الكلام على متن هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌ حديث الأعمى

- ‌ حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان

- ‌((الكلام على متن هذا الحديث))

- ‌الكلام على هذا الحديثمن ناحية سنده

- ‌ خبر إذا أعيتكم الأمور

- ‌ حديث استسقاء بلال بن الحرث بعد وفاة الرسول

- ‌ أما ما يتعلق بسند الحديث

- ‌ حديث الاستسقاء بالعباس رضي الله عنه

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الخبر

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌ حديث الأعرابي

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الخبر

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على متن هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الحديث

- ‌الكلام على سند هذا الخبر

- ‌ الرد على الشبهة الأخيرة

- ‌فتوى رسميةمن مفتي الديار المصرية

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ حديث الأعمى

5 -

‌ حديث الأعمى

عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه[أن رجلاً ضريراً أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير)) قال: فادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء:

((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي اللهم شفعه في)) وفي رواية قال ابن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم يكن به ضر].

قال الشيخ بشير السهسواني الهندي مؤلف كتاب ((صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)) (في سند هذا الحديث ((أبو جعفر)) فإن كان هو عيسى ابن عيسى ماهان أبو جعفر الرازي التميمي كما ظنه الحافظ ابن حجر في التقريب فالأكثرون على ضعفه قال عنه الذهبي: صالح. ووثقه ابن معين. وقال أحمد والنسائي: ليس بالقوي وقال ابن المديني: ثقة كان يخلط وقال مرة: كان يخطئ وقال الفلاس: سيئ الحفظ. وقال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير. وقال أبو زرعة: يهم كثيراً. وقال الحافظ في التقريب: صدوق سيئ الحفظ.

وإن كان أبو جعفر المديني فهو مجهول وإذا كان رجلاً آخر فلا بد من تعيينه) اهـ.

قلت ولكن شيخ الإسلام الإمام أحمد بن تيمية رحمه الله جزم بأنه هو: أبو جعفر الخطمي وهو ثقة.

ص: 236

فعلى هذا يكون الحديث ولا شك صحيحاً على أن صحته ليس فيها مستمسك لمن يحتج به على جواز التوسل إلى الله تعالى بذوات المخلوقين بل هو حجة عليهم وهو من الأحاديث التي تؤيد التوسل إلى الله بدعاء المؤمن لأخيه المؤمن

وهذا - كما علمنا من الأبحاث الفائتة (1) - أنه من أنواع التوسل المشروع.

على أننا إذا أمعنا النظر في هذا الحديث

تبين لنا أن الأعمى ما كان يقصد التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم بل بدعائه المستجاب ولولا أمل الأعمى بالشفاء بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت وذلك للأدلة المستخلصة من نص الحديث نفسه فمن يمعن النظر فيه يستخلص منه الأدلة الآتية:

1 -

قول الأعمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم[ادع الله أن يعافيني].

2 -

جواب الرسول صلى الله عليه وسلم له: ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير)).

3 -

إصرار الأعمى على طلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم بقوله: [فادعه].

4 -

قول الأعمى في آخر دعائه الذي علمه إياه رسول الله: ((اللهم شفعه في))

5 -

وروى الترمذي في سننه والحاكم في مستدركه زيادة في الدعاء وهي قوله: ((وشفعني فيه)).

6 -

وهناك دليل مستنبط من الحديث نفسه أو من واقع الأعمى ومجيئه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإننا نود أن نعالج كل دليل ونشرحه ليتضح الحق جلياً بالحجة والبرهان فنقول وبالله المستعان:

1 -

إن قول الأعمى [ادع الله أن يعافيني] فيه بيان واضح جلي لقصد الأعمى من المجيء وهو أنه ما جاء إلا من أجل أن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفاء من ضره.

(1) راجع الصفحة 166 - 169 من هذا الكتاب

ص: 237

2 -

وأن قوله صلى الله عليه وسلم مجيباً للأعمى: ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير)) لدليل آخر على أن الأعمى ما جاء من أجل الدعاء وفيه تخيير من رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالدعاء أو الصبر حتى إذا شاء الأعمى الدعاء دعا له

وفي تخييره هذا وعد بالدعاء إن شاءه.

3 -

وأن إصرار الأعمى على الدعاء بقوله: [فادعه] لدليل ثالث على أن مجيئه لم يكن إلا من أجل الدعاء ومن إصراره يفهم أن رسول الله دعا له لأنه وعده بذلك إذا شاء الدعاء وقد شاء بقوله [فادعه].

على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يكون للأعمى كذلك مشاركة في الدعاء

ولكنه لم يترك الأعمى أن يدعو ربه بما شاء

بل علمه دعاء خاصاً وأمره أن يدعو الله به بالإضافة إلى دعائه صلى الله عليه وسلم.

4 -

أن قول الأعمى في آخر الدعاء الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اللهم شفعه في)) لدليل رابع على الدعاء والشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسمى شفاعة ولا تكون إلا بدعاء الشافع للمشفوع له فدعاء الأعمى أن يقبل الله شفاعة رسوله فيه يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا له فعلاً والأعمى يطلب من الله قبول دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم.

5 -

وان رواية الترمذي في سننه ورواية الحاكم في مستدركه زيادة جملة ((وشفعني فيه)) لدليل خامس على وقوع الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعمى ليعافيه الله تعالى ويرد إليه بصره.

ومعنى ((وشفعني فيه))

أي أقبل دعائي في قبول دعائه من أجل أن ترد إلي بصري إذاً ثبت أيضاً أن لرسول الله دعاء من أجل أن يرد بصر الأعمى.

6 -

وأن هناك دليلاً سادساً مستنبطاً من واقع هذا الأعمى إذ لو كان قصده التوسل بشخص الرسول أو بحقه أو بجاهه. وما إلى ذلك .. لكان يكفيه أن يبقى في بيته ويدعو الله قائلاً مثلاً اللهم رد بصري بجاه نبيك فكان يكفيه هذا دون أن يحضر ويتجشم عناء المشي وليس له من قائد يقوده

ص: 238

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما كان هذا ليس من مراده إنما يريد الدعاء منه صلى الله عليه وسلم فإن هذا

يستلزم حضوره وإخبار الرسول بما حصل معه من العمى ثم سؤاله أن يدعو له ليعافيه الله لاعتقاده أن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم مستجاب فيحصل من الدعاء على مراده من الشفاء.

وهكذا فقد حضر الأعمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء فدعا له فاستجاب الله الدعاء من رسوله فعاد بصيراً كأنه لم يكن فيه من ضر.

فإذا استجمعنا هذه الأدلة الستة .. على ثبوت دعاء رسول الله للأعمى

توحي لنا أمراً هاماً يدور عليه مآل الحديث ونستكشف معناه بشكل واضح وهو: أن معنى: ((اللهم إني أسألك بنبيك)) أي بدعاء نبيك ولا يفهم منه التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم ولا كان هذا مراد الأعمى من مجيئه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وإن معنى التوسل المتبادر إلى أذهان الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت كان محصوراً فقط في طلب الدعاء من المتوسل به وليس له المعنى المتعارف عليه عند البعض في زمننا الحاضر أي التوسل بذات المتوسل به فقط كان مثل هذا التوسل ينفر منه الصحابة رضوان الله عليهم لأنه من مفاهيم الجاهلية التي من أجل وجودها بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة.

لا سيما وإن لفظ الحديث ومآله ومفاهيم اللغة العربية وقواعدها كل ذلك يشهد للحديث أن معناه هو التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا يتبين سقوط استدلال المجوزين للتوسل بذوات المخلوقين بهذا الحديث ويثبت عدم شرعية هذا الاستدلال لأن هذا الحديث لا يعطي المعنى الذي يريدونه ألبتة

لما بيناه من مراد الأعمى من الحضور إليه صلى الله عليه وسلم.

إن الشبه والظنون التي يتمسك بها القوم

في سبيل دعم دعواهم لا تغني عن الحق شيئاً

وإن مجرد إيراد الحديث دون التأكد من صلاحه للاحتجاج هو الذي يعطي من يحتج به هذه النتيجة المعكوسة وليس المهم أن تقدم حديثاً صحيحاً فقط

إنما يجب أن يكون هذا الحديث الصحيح له متعلق بالبحث الذي تريد أن تثبته ولكن مجرد إيرادك إياه فقط ظناً منك أن

ص: 239

له علاقة بما نحن مختلفون فيه

فالظن لا يغني عن اليقين بديلاً.

هذه بدهيات كنا نتمنى أن لا نلفت أنظار (القوم

) إليها لأنها بدهيات لا تحتاج إلى الفات نظر

ولكننا اضطررنا لأنهم هم الذين ألجأونا إليه لما أوردوا حديثاً ليس له علاقة فيما نختلف فيه.

ولو علموا أن هذا الحديث هو حجة لنا عليهم لا حجة لهم علينا لما استدلوا به على صحة دعواهم ولفتشوا عن حديث غيره

!! ولا أدري إذا كانوا يوفقون إلى ذلك أو لا يوفقون وفقنا الله وإياهم للصواب إنه على كل شيء قدير لا إله غيره ولا رب سواه.

ص: 240