الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهدد إن لم يحصل عليها بغضب رسول الله والعياذ بالله فأين الدليل في هذا الخبر إن كان ملفقاً أو واقعياً على صحة ما أدعاه (القوم
…
) من جواز التوسل بذوات المخلوقين
…
؟ إنهم تبنوا هذا الخبر وحملوا وزره أملاً أن يكون لهم حجة على صحة دعواهم فلم يفلحوا بالحصول على الحجة وباءوا بحملة وتبنيه وعادوا بخفي حنين متحملين أعباء الخبر الذي لم يكن إلا عبارة عن طامات وجهالات وظلمات فوق بعض فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الكلام على سند هذا الخبر
لا كلام على سند هذا الخبر لنه لا سند له ولا زمام ولا خطام وليس له ذكر في أي من كتب الحديث فما دام هذا الخبر في هذا الدرك الأسفل من عدم وجود سند له يدل على صحته فضلاً عن متنه المكذوب والملفق وما حوى من المشاكل والأباطيل فهو حديث باطل لا وجود له إلا في أدمغة من اخترعوه ووضعوه وصنعوه
…
و (صدقوه!!!؟) فكيف يصلح للاحتجاج به على ما يزعم (القوم
…
) ولكن ما العمل وهذا شأنهم وهذا سبيلهم وهذا منهجهم يتكرر دائماً وأبداً في كل حديث أو خبر يحتجون به ألا إن هذا الخبر أقل ما يقال في واضعيه أنهم زنادقة كفرة وأقل ما يقال في مصدقيه والمحتجين به أنهم سخفاء أغبياء أغرار جاهلون بله مغفلون
…
وأخيراً
…
أرأيت يا أخي كيف ينسخ الوضاعون بضاعتهم الكاذبة المفتراة؟ أرأيت كيف يحاولون حبكها!!! أملاً أن يغتر بها البسطاء والمغفلون ولكن الله جل جلاله وله الحمد أظهر ما كانوا يبطنون وكشف ما كانوا يضمرون من المقاصد الهدامة فسفه أحلامهم وفضح أسرارهم وأفصح عن نواياهم الخبيثة الماكرة حتى أصبحت عريانة أمام الجميع لا تخفى منها خافية عن كل ذي بصر وبصيرة.
والحمد له تعالى على ما وفقنا إليه من العمل بما أوهن كيدهم ودحض أباطيلهم فأحق الحق وأزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً والحمد لله رب العالمين.
14 -
أبيات الأعرابي
…
روى البيهقي عن أنس رضي الله عنه[أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي به ،انشد أبياتاً أولها:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها
…
وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
إلى أن قال:
وليس لنا إلا إليك فرارنا
…
وأنى فرار الخلق إلا إلى الرسل
فلم ينكر صلى الله عليه وسلم هذا البيت بل قال أنس: لما انشد الأعرابي قام صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى رقى المنبر فخطب ودعا لهم فلم يزل يدعو حتى أمطرت السماء].
الكلام على متن هذا الحديث
إن القوم هداهم الله من كثرة تعلقهم بهذه القصة أي بالتوسل بذات المخلوقين فإن هوساً أصابهم في التفتيش عن حجة يتعلقون بها ويتمسكون بأهدابها لعلهم يجدون فيها دليلاً ينصرهم في دعواهم لدرجة أصبحوا يؤولون مفاهيم اللغة ولا يرون بأساً في تحميلها من المعاني ملا تحتمله حتى وقعوا بمشاكل كانوا متعاقين منها فجروا على أنفسهم متاعبها ويا ليتهم في الأخير نجحوا فيما يؤملون بل على العكس زادوا خصومهم قوة على قوة لأنهم هداهم الله لا يرعوون من خيبتهم في المرة الأولى من تشبثاتهم تلك بل أعادوا الكرة ثانية وثالثة ورابعة وكان نصيبهم من الخيبة والخذلان يتكرر في كل مرة
إن المفاهيم التي أضفوها على بعض الألفاظ اتفقوا فيما بينهم أنها تعطي المعاني المعينة التي اتفقوا عليها ولكن هذه المفاهيم بقيت على معانيها اللغوية الأصيلة عند الناس التي تخالف المعاني للمفاهيم الجديدة التي اصطلحوا عليها
…
ولذلك ترى الناس لا يقرونهم على مفاهيم وتبقى القضية مستعصية الحل وخذ مثلاً على ذلك ما جاء في الحديث ..
1 -
يقول لفظ الحديث هذا: [أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي به .. ] ففهموا منا أي كلمة [يستسقي به] أي يستسقي بذاته أو بجاهه!!! وذلك حسب المفاهيم المصطلحة عندهم على أن هذه المفاهيم لم يعمموها بين الناس غنما بقي على المفاهيم الأولية ففهموا منها: أن الأعرابي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو الله لهم بأن يسقيهم الغيث وإلا لبقي الأعرابي في منزلة واكتفى أن يقول - وهو في بيته -: اللهم اسقنا الغيث بجاه نبيك أو بذات نبيك ولما تجشم عناء المجيء من أهله وبيته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ولكنه لم يفعل ذلك بل أتى إلى النبي ليدعو لهم بأن يسقيهم الله المطر والغيث وبدل على هذا القصد قول أنس رضي الله عنه في آخر الحديث: [فخطب ودعا لهم فلم يزل يدعو حتى أمطرت السماء] فلولا أنه طلب الدعاء منه لم يدع لهم.
2 -
وكذلك فإنهم تمسكوا ببيت الأعرابي الذي انشده أمام النبي صلى الله عليه وسلم:
[وليس لنا إلا إليك فرارنا
…
وأنى فرار الخلق إلا إلى الرسل]
وفهموا منه جواز الفرار إلى رسول الله في النائبات والاستغاثة به بالرسل عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام مع أن واقع الأعرابي يخالف مفاهيمهم ولو أن مفاهيمهم تلك تفضلوا وعمموها على الناس وتبنت مجامع اللغة العربية في كل بلاد العرب مفاهيمهم وأصدرت هذه المجامع اللغوية قرارات بذلك لقلنا والله لهم الحق في فهمهم الجديد ولغير الناس أيضاً مفاهيمهم طبق مفاهيم القوم الجديدة للكلمات والألفاظ وإلى الآن لم تتغير المفاهيم والناس هم على ما هم عليه من فهم صحيح للغتهم التي وسعت كلام الله تعالى والمجامع
العلمية للغة العربية لم تتخذ بعد تلك القرارات فمن أين لهم الحق بإلزامنا بمفاهيم مغلوطة خاطئة وعلى فرض أن الناس غيروا مفاهيمهم إلى من إلى مفاهيم القوم فإن الأعرابي كان وجوده قبل تغيير المفاهيم القديمة إلى مفاهيم جديدة وما كان ليدري أن لغة العرب سيطرأ على مفاهيمها هذا ((التحسن الجديد .. !!!)) وبناء على ذلك علينا أن نفهم كلامه مجرداً عن مفاهيم القوم الحديثة أي كما كان العرب يفهمون معاني الألفاظ والكلمات بحسب المدلولات العربية عهدهم.
وعلى هذا الأساس نفهم كلام الأعرابي أو معنى بيته الشعري: أن الناس كانوا يقاسون القحط والجفاف والجوع حتى ذهلت أم الطفل عن طفلها. وها نحن قد قررنا إليك يا رسول الله لتدعو لنا ربك أن يسقينا الغيث فإن دعاءك ليس كدعائنا فأنت رسول الله ومستجاب الدعوة فأعنا على القحط والجوع بدعائك فدعا لهم فأمطروا ويدل على هذا الفهم البيت الذي قبله وهو:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها
…
وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
أي افتتح الأعرابي شكواه بهذا البيت ثم اختتمه بالبيت الأخير:
وليس لنا إلا إليك فرارنا
…
وأنى فرار الخلق إلا إلى الرسل
أي لا سبيل إلى نزول المطر والغيث إلا بدعائك لنا الله أن يغيثنا ويمطرنا فصعد الرسول المنبر ودعا لهم فلم يزل يدعو حتى أمطرت السماء.
فأي حجة لكم بهذا الحديث على جواز التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم وقلنا آنفاً لو أن الأعرابي منصرف النية إلى التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم لتوسل بذلك وهو في داره وبين أهلاه ولما أتى رسول الله من أهله إلى المدينة إنما قصده لدعائه صلى الله عليه وسلم وقد فعل عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم وأزكى التحية.
وإن هذا أي فعل الأعرابي بتكليف الرسول أن يدعو لهم جائز ولا شك وهذا من نوع التوسل بدعاء المؤمن لأخيه المؤمن الذي نوهنا عنه سابقاً في تقسيم أنواع التوسل وأقررنا مشروعيته فليرجع إليه من شاء وعلى هذا فإن متن الحديث - إن صح سنداً - فليس فيه أية حجة لكم أو دليل على جواز ما