الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صانعه له السند ما كان في سنده أحكم من صناعة متنه فركب له سنداً من أوهي الأسناد وهو يظن أنه أحكم الصنعة وسد المنافذ!!؟ بهذا الحديث وأمثاله يوفق هو وغيره إلى تحويل عقائد المسلمين وإلى ضلالات ولكن خيب الله فألهم وأطاش سهامهم فأوجد في المسلمين رجالاً ينخلون الأحاديث نخلاً وهذا من فضله على هذه الأمة المحمدية بحفظه دينه الذي ارتضى لعباده.
أما هذا الحديث فقد كشف متنه كما تقدم
…
أما سنده فإليك ما قال علماء علم الحديث فيه:
الكلام على سند هذا الحديث
ذكر هذا الحديث الشيخ دحلان في كتابه: ((الدرر السنية في الرد على الوهابية)) مستشهداً به على صحة التوسل بذوات المخلوقين وخاصة بذات النبي الكريم صلوات وسلامه عليه. ويعزي الدحلان في كتابه ما ذكره في كتابه المشار إليه إلى ما نقله عن السمهودي فقال:
((ذكر العلامة السمهودي في خلاصة الوفا: ((إن من الأدلة على صحة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ما رواه الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء ثم ذكر الحديث)).
وقد رد عليه الشيخ بشير السهسواني الهندي رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته في كتابه المسمى صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان)) بما يلي:
1 -
إطلاق الصحيح على مسند الدرامي ليس صحيحاً قال المغلطاني: (أن جماعة أطلقوا على مسند الدارمي بكونه صحيحاً فتعقبهم ابن حجر بقوله:
((إني لم أر ذلك في كلام أحد ممن يعتمد عليه كيف ولو أطلق ذلك من لا يعتد به لكان الواقع بخلافه))
2 -
قال العراقي: المرسل والمعضل والمنقطع والمقطوع فيه كثير.
3 -
أن في سنده محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان البصري قال الحافظ في التقريب: لقبه ((عارم)) ثقة ثبت تغير في آخر عمره وقال في الخلاصة: اختلط ((عارم)) وقال أبو حاتم: من سمع منه قبل سنة /220/ فسماعه جيد. وقال البخاري: تغير عارم آخر عمره. وقال أبو داود: أن ((عارماً)) أنكر سنة /213/ ثم استحكم به الاختلاط سنة /216/ ولم يسمع منه أبو داود لتغيره.
4 -
إن في سنده: سعيد بن زيد. قال الذهبي: ليس بالقوي وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام. وقال في الخلاصة، قال ابن معين وقال أحمد: ليس به بأس وقال النسائي ليس بالقوي. قال الذهبي في الميزان: ضعيف. وقال السعدي: ليس بحجة يضعفون حديثه. قال أحمد ليس به بأس. وكان يحيى بن سعيد لا يستريبه.
5 -
أن في سنده: عمر بن مالك المنكري قال الحافظ في التقريب صدوق له أوهام.
6 -
أن في سنده أبا الجوزاء أوس بن عبد الله. قال في التقريب أوس ابن عبد الله الربعي البصري وثقوه وقال يحيى بن سعيد: قتل في الجماجم في إسناده نظر ويختلفون فيه وقال أيضاً في الكنى: أبو الجوزاء الربعي أوس تابعي مشهور قال البخاري: في إسناده نظر فقد ثبت أن الحديث ضعيف منقطع.
7 -
أن الحديث موقوف فلا يصح حجة عند المحققين.
8 -
يعارضه حديث عمر رضي الله عنه. (ذكر محمد بن إسحاق في مغازيه عن خالد بن دنيا عن أبي العالية قال:
لما فتحنا ((تستر)) وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له فحملنا المصحف إلى عمر رضي الله عنه فدعا كعباً فنسخه بالعربية فأنا أول رجل قرأته مثل ما أقرأ القرآن فقلت لأبي العالية ما كان فيه؟ قال: سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد
…
قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه عن الناس فلا ينبشونه قلت وما يرجون منه!
قال: كانت السماء إذا حسبت عنهم أبرزوا السرير فيمطرون فقلت من كنتم تظنون الرجل
…
؟ قال: دانيال قلت منذكم وجدتموه مات؟
قال منذ /300/سنة (1) قلت: ما كان قد تغير منه شيء
…
؟ قال: إلا شعيرات من قفاه إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ولا تأكلها السباع).
فانظر ما في هذه القصة من صنع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتعمية قبر هذا الرجل لئلا يفتتن به الناس كذا في (تبعيد الشيطان بتقريب إغاثة اللهفان) انتهى رد الشيخ بشير السهسواني.
قلت: لقد رأيت يا أخي هذا الحديث وما فيه من علل سنداً ومتناً فهل ترى أن يصلح أن تنهض به الحجة لأولئك الذين يزعمون جواز التوسل بذوات المخلوقين؟
لا
…
إن مثل هذا الحديث لا يستطيع أن ينهض بنفسه فضلاً عن أن تنهض به الحجة وهكذا فقد ظلت دعوى القوم ساقطة إلى الآن ولم يستطيعوا لها إثباتاً
…
!!! رغم ما أتوا به من حجج على ما يزعمون لأن حججهم التي يتذرعون بها كلها واهية ضعيفة أو موضوعة والصحيح منها: هو حجة عليهم لا لهم فكيف يمكن أن تنتصر دعواهم ويبلغوا فيها مقاصدهم
…
؟!!! هيهات .. هيهات
…
(1) دانيال النبي عليه السلام كان في سبي (نبوخذ نصر) لبني إسرائيل قبل ميلاد عيسى بـ/600/سنة وكتابه من أسفار اليهود المعرفة
…
(رشيد رضا)
12 -
حديث توسل الأعمى
روى أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن الكرخي عن علي بن محمد بن علي ثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي ثنا أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى نفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه وقال: يا رسول الله: قلت فسمعنا قولك ووعيت من الله عز وجل ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) وقد ظلمت نفسي وجيتك لتستغفر لي فنودي من القبر: إنه غفر لك.
الكلام على متن هذا الحديث
إن هذا الحديث ألغامه موجودة في متنه فضلاً عن سنده وفيه الطامات ما لا يشك فيه مسلم أنه موضوع مكذوب وذلك من وجوه:
1 -
نحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي دفن في بيت عائشة أم المؤمنين فإذا كان أعرابي فعل ما فعل على الشكل الذي يرويه الحديث فلا بد أنه دخل بيت عائشة وكيف يدخل عليها دونما استئذان؟ لأن الحديث خلو من ذكر الاستئذان وهب أنه استأذن فكيف تمكنه عائشة رضي الله عنها من أن يفعل ما فعل من الإتماء على القبر وحثو التراب منه على رأسه.
2 -
ثم إن الحديث مروي عن علي رضي الله عنه وهو الذي يروي يعن الأعرابي ما فعل على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يكون قد رآه فلو أنه سمع دون أن يراه فمعنى ذلك أنه سمع من شخص آخر رواية عنه ولكن لم يذكر هذا الشخص الذي سمع منه ما فعل الأعرابي فعدم ذكر الشخص الذي سمع منه يدل على أن علياً رأى بنفسه ما فعل لا سماعاً من غيره إذاً ثبت أن علياً رآى ما فعله الأعرابي وما يفعل على القبر فكيف لم ينهه عن ذلك؟ لأن الرواية لا تشير إلى أن علياً نهاه فعدم النهي عن فعل يفيد الإقرار فكيف يسكت علي رضي الله عنه عن فعل الأعرابي ولا ينهاه وهو يعلم عمِل عمَل الجاهلية فهذا لا يعقل صدوره عن علي رضي الله عنه ألبته لا سيما وإن أبا صادق الذي يروي الحديث عن علي لم يثبت سماعه من علي رضي الله عنه.
3 -
ثم إن الحديث يروي عن الأعرابي أنه قال: يا رسول الله: قلت فسمعنا قولك ووعيت من الله ما وعينا عنك فيعلم من هذا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يسمع من شخص لا بد أنه رآه واجمتع به ثم إن السماع مع الوعي عنه صلى الله عليه وسلم يفيد أنه سمع فوعى وهذه صفات فاهم بصير مما يدل على أن الأعرابي صحابي فذه صفته وهذا شأنه أيعقل أنه يرتمي على قبر الرسول ويحثو من التراب على رأسه وهو يعلم أن هذا من عمل الجاهلية الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 -
يقول الأعرابي: ووعيت من الله ما وعينا عنك ولكن العكس هو الصحيح فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يع من الله ما وعاه منه صحابته بل وعى منه صحابته ما وعي منه هو عن الله. ولا شك أن الفاروق ظاهر بين العبارتين
…
لأن عبارة الأعرابي أن الصحابة وعوا من رسول الله ما وعوه منه قبل أن يعي رسول الله ما وعاه عن ربه وشتان بين قول الأعرابي الخاطئ وما بين القول الذي كان يجب أن يقوله عربي فصيح فضلاً عن أعرابي من أهل البادية بصرف النظر عن كونه يعرف جيداً أنه ما وعاه رسول الله عن ربه كان قبل أن يتلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقول الأعرابي
يدل على أن القرآن تلقاه الصحابة عن رسول الله قبل أن يتلقاه رسول الله عن ربه. وهذا لا يقوله مسلم فاضلاً عن صحابي عربي فصيح فاهم بصير ولعله من الدسائس التي يراد منها: أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله.
5 -
ثم قال الأعرابي - فيما يرويه الحديث
…
وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك (ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً) وقد ظلمت نفسي وجئتك لتستغفر لي إن هذه الآية الكريمة تتعلق فيمن يأتيه عليه الصلاة والسلام حال حياته لا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم نعم حال حياته ليحصل للمستغفر استغفار رسول الله له ولا شك أن استغفاره صلى الله عليه وسلم مستجاب فتحصل للمستغفر المغفرة من الله تعالى استغفار رسول الله له أما المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم والسؤال منه أن يستغفر للسائل فهذا محال لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد انقطع عمله بوفاته فلم يعد يتحرك أبداً فضلاً عن أن يحرك لسانه بالاستغفار أو غيره فهو على ضجعته من يوم أن دفن إلى يومنا هذا وإلي يوم القيامة.
أما أن يسمع أو يتكلم أو يصدر عنه أي عمل فلا وقد انقطع عمله نهائياً كما قال هو عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات: [إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به وولد صالح يدعو له] ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشمله هذا الحديث لأنه من بني آدم وقد قضى الله عليه بالموت والتحق بالرفيق الأعلى.
أما الحياة البرزخية فهي حياة لا يعلمها إلا الله تعالى وليس لها أية علاقة في الحياة الدنيا وليس لها بها أية صلة فهي مستقلة نؤمن بها ولا نعلم ماهيتها وإن ما بين الأحياء والأموات حاجز يمنع الاتصال فيما بينهم قطعياً وعلى هذا فيستحيل الاتصال بينهم لا ذاتاً ولا صفات والله سبحانه يقول: (ومن ورائهم برزج إلى يوم يبعثون)(1) والبرزخ معناه: الحاجز الذي يحول دون اتصال هؤلاء بهؤلاء لا سيما وأن الله تعالى يقول: (إنك لا تسمع الموتى)(2) ويقول
(1) /100/المؤمنون
(2)
/80/ النمل
عز وجل: (وما أنت بمسمع من في القبور (1)) والرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن توفاه الله هو من الموتى ومن أهل القبور فثبت أنه لا يسمع دعاء أحد من أهل الدنيا وإن كان هو والأنبياء لا يبلون لن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما جاء في الصحيح ولكنهم أجساد بلا أرواح وهم أموات ولا شك فإن الموت شيء وعدم البلى شيء آخر فمن كان ميتاً لا يمكن أن يسمع أحداً من أهل الدنيا فإذا ثبت عدم السماع يثبت عدم الإجابة لأن السمع هو همزة الوصل لحصول الجواب وإذا لم يسمع طلب الاستغفار؟ ثم إذا فهم هذا فأي معنى يبقى من طلب الاستغفار؟ الجواب: لا معنى لطلب الاستغفار أبداً.
وما يضير هذا المستغفر إذا توجه إلى الله وتاب من ذنوبه وطلب من الله المغفرة؟ أو اختار أحد الصالحين وكلفه أن يدعو له فلا مانع من ذلك كما طلب عمر من العباس رضي الله عنهما أن يستسقي للمسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطلب عمر رضي الله عنه من رسول الله بعد وفاته أن يستسقي للمسلمين. ولو كان هذا جائز لفعله عمر رضي الله عنه ولكن لم يفعل ذلك لأنه يعلم أن رسول الله التحق بالرفيق الأعلى ولم يعد يستطيع الدعاء وما أشبه ذلك.
ثم ما قولك يا أخي المسلم الكريم أن هذه الآية لم تنزل لهذا الغرض مطلقاً ولا علاقة به ألبتة إنما الآية نزلت في المنافقين الذين كانوا يصدون الناس من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتحاكمون إلى الطاغوت وإذا احتاجوا إليه في أمر من الأمور أتوا إليه معتذرين ويحلفون: ما أردنا بذهابنا إلى غيرك إلا مداراة ومصانعة لا اعتقاداً منا بصحة احتكامنا إلى الطاغوت فهؤلاء إذا جاءوا النبي واستغفروا الله من نفاقهم في مجلسه وسألوه أن يعقب على استغفارهم لأنفسهم بأن يستغفر الرسول لهم عندما يجدون الله تواباً رحيماً ولكن لم يجيئوا ولم يستغفروا ولم يستغفر لهم الرسول فيما علاقة هذا
…
بواقع الأعرابي الذي جاء رسول الله بعد وفاته وطلب منه وهو ميت أن يستغفر له
…
؟!
نعم لا علاقة بين الموضوعين بل ولا قياس بين الواقعين وتفارقها لاختلافهما وتفارقهما على أن واضعي هذا الحديث ما كان قصدهم إلا التغرير والإفساد والتضليل
(1) /22/ فاطر
فلا يهمهم التوافق بين الواقعين حتى يستقيم القياس بينهما إنما المهم عندهم تشكيك المسلمين بأي ثمن كان ولكن رد الله كيدهم في نحورهم وأخسرهم وقد بحثنا هذا الموضوع قبل صفحات فليرجع إليه من يشاء.
6 -
قوله في الحديث
…
[فنودي من القبر إنه غفر لك
…
؟؟!!]
إن من وطن نفسه على الكذب لا يهمه إن كذب على الله وعلى رسوله وعلى الناس فالكل عنده على حد سواء لاسيما إن كان مراده التضليل والتشكيك فيستحل كل حرام في سبيل الوصول إلى ما يبتغي ويريد وليس للقيم عنده أقل اعتبار ما دام أنه يسعى لتحقيق ما خططه أو ما خطط له!!؟ وعند هؤلاء قاعدة يعتمدون عليها في كل ما يفعلون ألا وهي: ((الغاية تبرر الوسيلة)) فكل وسيلة مهما كانت فهي في نظرهم مشروعة!!! إذا كانت تحقق لهم أغراضهم وتوصلهم إلى أهدافهم ومراميهم.
فالزنادقة الذين امتلأت قلوبهم بصديد الحقد على الإسلام والخنق على المسلمين ما كان باستطاعتهم صدهم عن دينهم بالقوة إذ لم يكن ذلك متيسراً لهم فلجأوا إلى الدس والتغالي وبث الأباطيل والترهات بوضع الأحاديث والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم إيهاماً وتضليلاً وتشكيكاً بدينهم الحق ولعل هذا الحديث من جملة تلك الأحاديث الموضوعة المصنوعة ففي متنه عن سنده من الطامات كشفنا ما قدرنا الله على كشفه آنفاً على أن هذه الفقرة الأخيرة منه من أخطر ما جاء فيه وهي:
فنودي من القبر: إنه غفر لك!! أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه من قبره إنه غفر لك وذلك تحريضاً لكل من يقرأ هذا الحديث الموضوع من أهل الغفلة أن يصدقه ويفعل ما فعله الأعرابي لينال البشرى بمغفرة الذنب كما نالها الأعرابي فتتفشى بين أغرار المسلمين هذه الأكاذيب وعلى توالي الأيام يحتج به كحقائق لا ينازع فيها وهذا ما حصل بالفعل فقد جاء بهذا الحديث وأمثاله لا أغرار المسلمين فحسب بل وعقلائهم وخاصة أهل العلم فيهم مع الأسف الشديد اللهم إلا من رحم ربك الذين يجددون للناس في أمر دينهم ويعصهم الله
من الزلل فينصر بهم دينه ويحفظ بهم ما أنزل الله من البينات فيردون الأباطيل ويكشفون الخفايا والأعصبة والأبصار والبصائر ولا يخلو أي عصر منهم والحمد لله.
إن هذه الخاتمة من هذا الحديث أراد بها واضعوه أن يدخلوا في روع المسلمين:
1 -
أن رسول الله حي في قبره ويسمع كلام من يكلمه ويجيبهم بكلام مسموع من القبر.
2 -
تكذيب ما جاء في القرآن الذي يثبت أن الأموات لا يسمعون ولا يجيبون.
3 -
التألي على الله بأنه غفر ذنبه مع أن هذا من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله.
على أن هذه الأمور غير خافية المقاصد بل هي ظاهرة بينة ولا تنطلي إلا على الذين سلموا قيادهم للباطل وإننا نرد عليهم بما يلي:
1 -
إن الله تعالى أخبرنا أن (كل نفس ذائقة الموت) وقد قال عز وجل: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) وقال عز من قائل: (إنك ميت وإنهم ميتون) كل هذا يدلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات كما مات من قبله ومن بعده والذي ينقطع عن الناس بسبب الموت ينقطع عمله لأنه بشر مثلهم لا يتكلم ولا يسمع وليس من بعد وفاته فداه أبي وأمي ونفسي أي اتصال بالدنيا ولو كان من الممكن الاتصال به لكان خليفته الصديق والأئمة من بعده أولى الناس بذلك فقد حدث من الأمور الجسام ما كان يقتضي الاتصال به واستشارته إذا كان ذلك ممكناً ولكن لم يتصلوا به لعلمهم الأكيد أنه لا يمكن الاتصال به إلى يوم القيامة فكيف ينادي الأعرابي من قبره وهو ميت منقطع العمل والحواس إلى يوم يبعثون؟
2 -
لقد قرر القرآن أن الأموات لا يسمعون ولا يتكلمون وإنهم في عالم آخر ليس له أي علاقة بعالمنا هذا: (ومن ورائهم برزج إلى يوم يبعثون).