الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ثم أعقبوها بهذه التوسلات التي يفرج بها القائلون بجواز التوسل بذوات المخلوقين فألهوهم بها عن الانتباه إلى (المثلية) التي هي مقصودهم من وضع الدعاء.
3 -
(الدسة) والله أعلم
…
(نصرانية) حتى يدخلوا مثلية عيسى لله تعالى وذلك ظاهر من قولهم: وعيسى روحك وكلمتك ووجيهك فلم يقولوا من روحك بل قالوا روحك حتى تتم المثلية التي دسوها.
4 -
أعطوا لعيسى أوصافاً ثلاثة: روحك وكلمتك ووجيهك ليرفعوا عيسى عن مستوى المذكورين قبله الذين ذكروا بوصف واحد فتثبت الأفضلية لعيسى على من ذكروا قبله وذلك باعتراف الرسول صلى الله عليه وسلم الذي وضعوا الحديث باسمه وكذباً عليه حتى يكون إقراراً منه بأفضلية عيسى عليه وعلى سائر من ذكروا قبله.
5 -
غير خاف على القارئ المسلم تلك الركاكة الإنشائية التي كتبت بها صيغة لفظ الحديث مما يحل عن مثله كاتب عربي يتذوق الأسلوب العربي الصحيح فضلاً عن أفصح من نطق بالضاد صلى الله عليه وسلم هذا عدا عن نواقض التوحيد الواردة في لفظ الحديث ما يدع القارئ أن يجزم جزماً قاطعاً بوضع هذا الحديث من قبل زنادقة فجرة لا يرعون لله وقاراً.
هذا ما ظهر لنا من متن هذا الحديث من الطامات فكيف إذا كان سنده أيضاً لا يقل عن متنه وضعاً وكذباً وإليك البيان والبرهان.
الكلام على سند هذا الحديث
قال ابن تيمية رحمه الله:
وموسى بن عبد الرحمن هذا من الكذابين. قال أبو أحمد بن عدي فيه: منكر الحديث وقال أبو حاتم بن حبان: دجال يضع الحديث. وضع على ابن جريح عن عطاء ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي
ومقاتل (1).
وهكذا فقد تبين لك يا أخي المسلم أن هذا الحديث مكذوب المتن والسند كباقي ما سبقه من الأحاديث التي احتج بها القوم على صحة دعواهم من جواز التوسل بذوات المخلوقين كنا نتمنى أنهم أتوا ولو بحديث صحيح واحد يؤيدهم وتمنينا هذا نقوله خجلاً مما منوابه من الفشل المتصل المتواصل عن إثبات دعواهم كأنهم لا يحفظون إلا كل حديث مكذوب موضوع ولا يحتجون إلا بكل قول يكشف سوآت مقاصدهم
…
ليفتضح أمرهم حتى على أنفسهم ولعلهم يخجلون فيرجعون إلى الحق فتتصافح الأيدي وتتعاهد على المضي في طريق الحق إلى أن نلقي الله وإياهم على ما يجب ويرضى.
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم /53/ الزمر).
(1) ولهذا فإن كتاب التفسير المتداول المنسوب إلى ابن عباس ليس موثوقاً ولا يعتمد عليه لأنه مكذوب على ابن عباس.
21 -
حديث استفتاح اليهود على المشركين بمحمد صلى الله عليه وسلم
يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال [كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعاذت بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا دعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله تعالى: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا
…
/89/) البقرة.
الكلام على متن هذا الحديث
هذا الحديث حديث متصدع المتن منهار من وجوه:
1 -
أن هذه الآية: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا
…
) لم تنزل في يهود خيبر قط إنما نزلت في اليهود الذين هم مجاورون للمدينة من بني قينقاع وبني النضير وهذا باتفاق أهل التفسير والسير فقد روى محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن رجال من قومه قالوا: مما دعانا إلى الإسلام - مع رحمة الله وهداه - ما كنا نسمع من رجال يهود وكنا أهل شرك وأصحاب أوثان وكان أهل الكتاب عندهم علم ليس عندنا وكانت لا تزال بيننا شرور فإذا نلنا منهم ما يكرهون قالوا لنا: (قد تقارب زمان نبي يبعث الآن فنقتلكم معه قتل عاد وإرم) كثيراً ما كنا نسمع ذلك منهم فلما بعث محمد رسولاً من عند الله أجبنا حين دعانا إلى الله، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزلت الآيات في البقرة:(ولما جاءهم من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين /89/) البقرة.
2 -
أن اليهود لم يحاربوا ((غطفان)) قط فكيف يقال نزلت في يهود خيبر وغطفان بل نزلت كما قلنا في يهود المدينة؟ فإن هذا القول من كذاب جاهل لم يحسن كيف يكذب ومما يبين ذلك أنه ذكر فيه انتصار اليهود على غطفان لما دعوا بهذا الدعاء وهذا مما لم ينقله أحد غير هذا الكذاب ولو كان هذا لكان مما تتوفر دواعي الصادقين على نقله.
3 -
التوراة ولا شك أقدم من حروب اليهود والعرب فإذا كان هذا الدعاء معروفاً عندهم وله هذا الأثر في الانتصار فلماذا لم يدعوا به من أول مرة فيوفرون أرواح رجالهم وبنيهم فعدم الدعاء به وترك العرب يقتلونهم دليل على كذب الحديث.
4 -
إن اليهود كانوا يعلمون من توراتهم أنه سيأتي نبي آخر الزمان وكانوا يظنون أنه سيبعث منهم واليهود من أولهم إلى آخرهم لم يسموا أحداً منهم محمداً قط فكيف يقول راوي الحديث نقلاً عن اليهود في دعائهم الذي يقولون فيه: [اللهم إننا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم
…
.] ودليلنا انهم كانوا يظنون أنه سيبعث منهم قول أبو العالية وغيره: (كان اليهود إذا استنصروا بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركين العرب يقولون: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوباً عندنا حتى نغلب المشركين ونقتلهم فلما بعث الله محمداً ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسداً للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآيات: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين).
5 -
أن كلا الروايتين: رواية محمد بن إسحاق ورواية أبي العالية وغيره
…
ليس فيها ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم إنما ذكر نبي آخر الزمان مما يدل على أنهم لا يعرفون اسمه فكيف يذكرون اسمه صريحاً في الدعاء
…
؟ مما يدل على أن الحديث المذكور الذي فيه اسم النبي بصراحة هو موضوع لأن اليهود ما كانوا يعرفون اسمه ولا من أي القبائل هو فكيف يذكرون اسمه صريحاً في الدعاء؟ ولو علموا أن اسمه محمد لعلموا أنه من العرب ولما ظنوا أنه سيبعث منهم إذ لما بعث من العرب كفروا به حسداً منهم للعرب.