الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((الكلام على متن هذا الحديث))
1 -
إن هذا الحديث تتجلى فيه الصنعة في تركيب وترتيب الأفكار الواردة فيه
…
فمثلاً قوله: ((كان رجل يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في زمن خلافته فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته)) فجعل قوله: ((فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه ((تكأة ليقفز منها إلى ما سيبني على ذلك التوسل الذي كان يخفى على عثمان بن عفان هنا بمظهر غير المبالي بحاجات المؤمنين حتى يكون عليه مؤثر فوق إرادته يجبره على قضاء حاجة الرجل
…
!؟
بينما نرى من سيرة عثمان بن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنه قبل المسؤولية وبعدها ذلك الرجل البار بالناس العاطف عليهم المهتم بأمورهم وكان مشهوراً برقة القلب ولين الجانب وما كان من خلقه قط أن يتساهل في مسؤليته إلى حد الإفراط كما يصفه هذا الحديث بشكل أنه لا يلتفت للرجل ولا يأبه له حتى ولا ينظر إليه
…
!!!؟
ليس هذا من خلق عثمان ذي النورين ولا يعقل وقوعه منه فكيف يدخل هذا الرجل مراراً وتكراراً ويراه في مجلسه بل وأذن له مرات للدخول عليه وقد دخل مرات كذلك
…
! ويراه أمامه دون أن يسأله عن سبب دخوله عليه وعن حاجته
…
وهو الذي يجلس جلساته هذه
…
من أجل قضاء وحوائج الناس؟
على أن صانع هذا الحديث .. تراه يجهل خلق عثمان وما فطره الله عليه من الرقة واللين والعطف والسهر على مصالح المسلمين ولكننا نحمد الله تعالى على أمثال هؤلاء الصناع يظنون أنهم قد أحكموا وأغلقوا جميع منافذ أي انتقاد قد يرد على أحاديثهم المصنوعة
…
وفي الحقيقة أنهم تركوا منافذ لا منفذاً واحداً إن الله ليمكر بهم حتى يسهل على المسلمين أن يعرفوا الحق من الباطل ويطلعوا على آثار الصنعة فيعلموا منها منافذ الضعف ويحكموا على
الحديث بالوضع أو الضعف ويجنبوا المسلمين شرور أولئك الصناع فيعرفون ضعفه من متنه فضلاً عن معرفتهم ذلك الضعف أيضاً من سنده الذي يوافق ضعف متنه أو يزيد.
2 -
قلنا قبل قليل أن معنى التوسل عند الصحابة هو دعاء الشخص المتوسل به إلى الله تعالى بقضاء حاجة المتوسل من أجله لا كما يعرفه (القوم
…
) في زماننا هذا من التوسل بذات المتوسل به.
فالصحابي الجليل عثمان بن حنيف كان يجهل هذا يا ترى .. ؟ الجواب: لا وألف لا
…
ما كان يجهل أبداً بل إنه يعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بلا شك ولا ريب بل كان يعلم أيضاً أن التوسل بذوات الأشخاص أحياءً أم أمواتاً كان من شعارات الجاهلية التي ما أتى الإسلام إلا من أجل إبطالها فصحابي جليل كعثمان بن حنيف هل يعقل أنه علم الرجل هذا الدعاء وهو يعلم جيداً أن هذا الدعاء خاص في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء خاص في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء الذي حظي به الأعمى إنما كان حال حياته ولم يعد لأحد بعده صلى الله عليه وسلم أن يحظى به بسبب وفاته - فداه أبي وأمي - فكيف يقول للرجل ادع بهذا الدعاء وهو يعلم أن العنصر الهام في الحصول على الاستجابة مفقود وهو دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن أين يأتي بدعاء رسول الله ورسول الله قد انتقل إلى الرفيق الأعلى
…
؟ هذا ما يدلنا على براءة عثمان بن حنيف رضي الله عنه من توصية الرجل ودلالته على دعاء الأعمى بل براءته من القصة بأجمعها.
وكيف يوصي بذلك أو يدل عليه وقد طهر الله قلبه وقلوب المسلمين من شعارات الجاهلية وأنقذهم الله منها إن هذا لا يتصور من مسلم عادي يعلم أمر دينه فضلاً عن صحابي جليل كعثمان بن حنيف رضي الله عنه وهذا ما يجعلنا أن نجزم بعدم وقوعه منه أو صدوره عنه.
3 -
لو أن دعاء الأعمى الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء ينفع لكل زمان ومكان لما رأينا أعمى على وجه البسيطة إذاً لهرع كل أعمى إلى الدعاء به لكي يرتد بصيراً حتى ولو لم يكن مسلماً لدعا به أيضاً ليرتد بصيراً ويصبح
هذا الدعاء الدواء الشافي من العمى بل ولقضاء كل حاجة لأن الرجل الذي أوصاه عثمان بن حنيف - على زعم الرواية - بأن يدعو به لم يكن أعمى بل كان ذا حاجة غير العمى فتوسل به فقضيت حاجته وعلى هذا فإن هذا الدعاء - إذا أردنا أن نأخذ بصحة الحديث - هو قضاء لكل حاجة
…
ولكن هل هو كذلك
…
؟ الجواب: لا
…
فإنه لا يزال العمي كثيراً ولا يزال ذوو الحاجات محتاجين إلى قضاء حوائجهم
…
دعونا يا ناس ننظر الأمور على أوجهها الصحيحة دعونا من التغالي الفارغ الذي لا يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته
…
قبل أي شخص آخر لأنه عمل ليس عليه أمر الرسول الذي جاء به عند ربه وهو صلى الله عليه وسلم يقول:
[من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد] ويقول: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد] وإن المراد الذي يسعى (القوم
…
) لتحقيقه من وراء إيراد هذا الحديث غير الصحيح مراد ليس عليه أمر الإسلام وهو محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أجل إن ما تقدم من الملاحظات على هذا الحديث
…
يشير بوضوح إلى أن متن الحديث ترك صانعه منافذ عديدة فيه
…
إلى كشف ما فيه من مآخذ تدل على أنه من المستحيل أن يكون صحيحاً أو ينهض دليلاً أو حجة على ما أراد (القوم
…
) إثباته منه بل على العكس تماماً فهو حجة لنا عليهم وليس هو حجة لهم علينا هذا من ناحية متن الحديث فضلاً عن سنده الضعيف الواهي فهو إذاً واهن واه من متنه وسنده.
لقد أثبتنا لك يا أخي وهنه من حيث متنه وهاك وهنه من حيث سنده.
لا يمكن أن ترى وهناً في متن حديث ما
…
إلا ويدلك هذا الوهن في المتن على أنه لا بد أن يكون سنده أيضاً وهناً فوهن المتن دلالة في الغالب على وهن السند وهذا الحديث هو كما قلنا: واهي المتن والسند معاً وإليك البيان: قال أئمة الجرح والتعديل:
إن في سند هذا الحديث رجلاً اسمه شبيب بن سعيد الحبطي البصري (1) قال عنه الذهبي في / ميزان الاعتدال /: ((صدوق يغرب ونقل عن ابن عدي أنه قال: شبيب: لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه وأرجو أن لا يتعمد)) وذكر شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله في كتابه / قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة /: ((أن ابن عدي استنكر حديثين له عن ابن وهب عن شبيب هذا عن روح بن الفرج)) ومما ذكره ابن تيمية رحمه الله حول هذه الرواية قوله: ((فيها عدة علل:
1 -
انفراد هذا .. - أي شبيب - عمن هو أكبر منه وأحفظ
2 -
إعراض أهل السنن عنها.
3 -
اضطراب لفظها
4 -
وإن راويها - أي شبيب - عرف له عن روح بن الفرج أحاديث منكرة ومثل هذا يقضي حصول الريب والشك في كونها ثابتة ولا حجة فيها)).
وهكذا فقد رأيت يا أخي المسلم انهيار هذا الحديث متناً وسنداً ولا أدري إذا كان (القوم
…
) قد اقتنعوا بذلك
…
وإن كانت قناعتهم أو عدمها لا ترفع أو تخفض من قيمة الحديث إذ ليس الأمر موكولاً إلى قناعتهم فهناك أئمة الجرح والتعديل هم الذين يحكمون على صحة الحديث أو ضعفه أو وضعه ولا مهمة للقوم
…
في هذا الأمر سوى التسليم بالحكم شاءوا أم أبوا
…
والخلاصة: هذا هو الدليل السادس من أدلتهم ينهار كما انهار قبله من أدلة لهم وكما ستنهار الأدلة الباقية التي قدموها والله وحده ولي التوفيق.
(1) راجع الصفحة /360و361 من ردنا على نقد الشيخ ناصر الألباني.
7 -
حديث توسلوا بجاهي
…
[إذا سألتم الله فسلوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم]
ما أعلم أحداً من الناس أحفظ لهذا الحديث من أولئك (القوم
…
) الذين يجيزون التوسل إلى الله بذوات المخلوقين ويتخذونه حجة في دعواهم
…
!! في كل مناسبة أو غير مناسبة .. !!!؟ ويظنون أن ترداده على ألسنتهم شعار من شعارات العلم والفهم والدارية
…
!!!؟ ويظنون أنه
حديث صحيح لا شك عندهم في ذلك ولا ريب
…
وهو الواقع حديث باطل لا أصل له!! وانظر - عندما تخبرهم أنه حديث باطل - كيف يهيجون ويموجون وتكثر جلبتهم ويعلو ضجيجهم صاخبين لماذا؟ لأنك قلت الحق لأنك تريد نصحهم لأنك أردت الخير بهم أضف إلى ضجيجهم وضوضائهم وهرجهم ومرجهم أنهم يرمونك بأنك تكره الرسول صلى الله عليه وسلم أو أنك تنكر جاهه عليه أفضل الصلاة والسلام ولو بنسبة واحد من آلاف المليارات
…
فإنك تكفر حتى ولا تنفعك لا إله إلا الله لأن كراهيتك ولو بهذه
النسبة الضئيلة تحبط عملك لأن محبة الرسول الكاملة من محبة الله وكراهيتك له هي كراهية لله والعياذ بالله من الكفر والخذلان وسوء المنقلب ولذلك كانت كراهيته ولو بشيء قليل جداً تخرج من الملة.
هذه عقيدتنا في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة أكثر من المال والأهل والولد حتى أكثر من الروح والنفس فإذا لم تحب رسول الله أكثر من محبتك لروحك ونفسك فإنك بعد لم تؤمن الإيمان الكامل فكيف إذا كرهته!!!؟
هكذا نحن بالنسبة لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن دليل المحبة هو الطاعة لأوامره وتنفيذها بدقة كما أمر وكذلك الطاعة له فيما نهى صلى الله عليه وسلم فإذا أطعته باتباع أوامره واجتناب نواهيه تكون قد أحببته فعلاً عندها يحبك الله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) إذاً فمحبة الله لك يا أخي لن تكون لك إلا باتباعك نبيه صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه تعالى.
فإذا فهم هذا نسأل: هل الاعتقاد بالأحاديث الباطلة والمكذوبة والموضوعة والعمل بها وإذاعتها بين الناس من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في شيء .. ؟!! أم أن الذب عن سنته الزهراء والدفاع عنها وتنقيتها من الكذب والوضع والضعف من محبته صلى الله عليه وسلم .. ؟!!.
لا شك في أن الدفاع عن السنة الصحيحة وتنقيتها من الدخيل عليها هو العمل الطيب الذي تتجلى فيه صدق المحبة والاتباع
…
يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التحيات: [((بدأ الدين غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)) قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: هم يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي))] أجل طوبى لمن يصلح ما أفسد الناس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تعالوا أيا القوم .. ولنكن يداً واحدة نصلح ما أفسد الناس من السنة ونرجع إلى النهج السوي ونتحرى السنة الصحيحة ونعزف عن الأحاديث المكذوبة لأن رواية الأحاديث الباطلة والمكذوبة والموضوعة إنما هو
الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يقول: [من كذب علي يلج النار].
فتعالوا أيها القوم: هل هذا الحديث الذي أوردتموه من الأحاديث الصحيحة أم من الأحاديث الباطلة عليه صلى الله عليه وسلم؟ لا شك أنه من الأحاديث الباطلة المكذوبة! وهل الباطل والكذب من الإصلاح أم من الإفساد؟ تعالوا نحن جميعاً من المصلحين لا من المفسدين لتكون لنا ((طوبى)) وهي شجرة في الجنة يسير الراكب السريع في ظلها مائة سنة. ألا ترون معنا أن لنا في الأحاديث الصحيحة غنى عن الأحاديث الباطلة والمكذوبة؟ أجل عن الله سبحانه من على هذه الأمة المحمدية بأن هيأ لها رجالاً منها ينخلون رسول الله نخلاً بما من الله عليهم من العلم والفهم فعزلوا الصحيح الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير الصحيح الذي افتراه عليه البعض الذين لا خلاق لهم
…
فعزف الصحيح من الضعيف والمكذوب وهذا ما خص الله به الأمة دون غيرهما من الأمم.
وإذا نحن قلنا عن هذا الحديث أنه مكذوب .. لا يعني أننا لا نؤمن بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا نؤمن ونعتقد ونجزم عن يقين بأن له صلى الله عليه وسلم جاهاً يفوق كل ذي جاه من المخلوقات في السماء أو في الأرض فإذا لم يكن لرسول الله جاه عند ربه إذاً فأي مخلوق له جاه من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وليس على وجه البسيطة مسلم ينكر جاه رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ولكن هل أمرنا رسول الله أن نتوسل إلى الله بجاهه .. ؟
نعم إن جاهه عظيم لكن لم يأمرنا أن نتوسل به إلى الله تعالى لأن جاهه الذي هو له صلى الله عليه وسلم هو نتيجة لعمله العظيم من دعوة إلى الله تعالى وصبر عليها وجهاد في سبيلها وأعمال صالحة وعبادات تفوق العدو الحصر من صلاة وصوم وحج وزكاة وفعل للخيرات إلى ما هنالك من الأعمال العظيمة التي
يعجز عنا أي إنسان كل ذلك كون له جاهاً عظيماً عند الله أي جعل منزلة تفوق منزلة أي مخلوق فإذا فهم أن الجاه نتيجة العمل والسعي علم أن سعيك هو لك أنت وسعي أخيك هو له وليس لك أوله أي نصيب من سعي الغير ومصداق هذا قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) وبمجرد أن أخاك له سعي حسن هل يحق لك أن تدل على الله بسعي أخيك من غير متابعة لعمله الصالح؟ لا .. لا يجوز أن يكون وسيلة وذلك كمن يقول يدعو: اللهم أدخلني الجنة لأن أخي أو فلاناً من الصالحين فما علاقة دخولك الجنة بصلاح أخيك؟ اعمل كما عمل أخوك ثم توسل بما عملت من الصالحات أن يدخلك الله بها الجنة فهذا معقول وإلا فما ملازمة طلبك بعمل أخيك وأنت لا عمل لك
…
؟
إذاً فإن جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسطر له في صفحاته عند الله وليس لك نصيب منه وليس لك أن تدعو به متوسلاً إلى الله القضاء حوائجك بل تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمرك وأطعه في ذلك يكن لك جاه تستطيع أن تتوسل به إلى الله تعالى بما شئت من الدعاء المشروع.
وإذا كنت تعني بجاهه شفاعته يوم القيامة فهذا حق ولكن متى؟ إن ذلك يوم القيامة وحتى يأذن الله له بالشفاعة أماً الآن فلا إلا أن تدعو الله وتقول: اللهم شفع بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بأس إنما يا أخي أنا لا أفهم من قولك مثلاً: اللهم بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اقض حاجتي
…
إنك تطلب شفاعة رسول الله يوم القيامة إنما يفهم منك أنك تحب استعجال نوالك حاجتك في الدنيا فتتوسل بجاهه لتنال حاجتك إذاً فلا مطابقة بين الدعوتين.
وعلى كل من يجب أن تعلم أن جاه رسول الله الذي بلغه بواسطة عمله وليس لك أن تدل على الله به لأنه ليس من سعيك ولا عملك.
فإذا علمت كل ما تقدم من الشرح. فعليك أن تجزم أن رسول الله - صلى الله عليه