الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَضْلُ بَعْضِ الْأَنْهَار
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ (1) وَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ ، كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ "(2)
الشرح (3)
(1) اِعْلَمْ أَنَّ سَيْحَان وَجَيْحَان ، غَيْر سَيْحُون وَجَيْحُون، فَأَمَّا سَيْحَان وَجَيْحَان الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيث اللَّذَانِ هُمَا مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة فِي بِلَاد الْأَرْمَن، فَجَيْحَان نَهَر الْمُصَيِّصَة، وَسَيْحَان نَهَر إِذْنَة، وَهُمَا نَهْرَان عَظِيمَانِ جِدًّا ، أَكْبَرهمَا جَيْحَان، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَوْضِعهمَا، وَأَمَّا قَوْل الْجَوْهَرِيّ فِي صِحَاحه: جَيْحَان نَهْر الشَّام، قَالَ الْحَازِمِيّ: سَيْحَان نَهْر عِنْد الْمُصَيِّصَة، قَالَ: وَهُوَ غَيْر سَيْحُون. وَقَالَ صَاحِب نِهَايَة الْغَرِيب: سَيْحَان وَجَيْحَان: نَهْرَان بِالْعَوَاصِمِ عِنْد الْمُصَيِّصَة وَطُرْسُوس، وَاتَّفَقُوا كُلّهمْ عَلَى أَنَّ جَيْحُون - بِالْوَاوِ - نَهْر وَرَاء خُرَاسَان ، عِنْد بَلْخ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَيْحَان، وَكَذَلِكَ سَيْحُون غَيْر سَيْحَان.
(2)
(م) 2839 ، (حم) 7873
(3)
جعل الأنهار الأربعة لعذوبة مائها ، وكثرة منافعها ، كأنها من أنهار الجنة ، ويُحتمل أن يكون المراد بها الأنهار الأربعة التي هي أصول أنهار الجنة ، وسماها بأسامي الأنهار الأربعة التي هي أعظم أنهار الدنيا وأشهرها وأعذبها ، وأفيدها عند العرب على سبيل التشبيه والتمثيل ، ليُعلم أنها في الجنة بمثابتها ، وأن ما في الدنيا من أنواع المنافع والنعائم ، أنموذجات لما يكون في الآخرة ، وكذا ما فيها من المضارِّ المُرْدِيَة ، والمُستكرَهات المُؤذِية.
قال ابن حزم: ظن بعض الأغبياء أن تلك الروضة الشريفة ، قطعة مقتطعة من الجنة ، وأن الأنهار سيحان وجيحان والفرات والنيل مُهبطة من الجنة ، وهذا باطل ، لأن الله تعالى يقول في الجنة {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} طه ، وليست هذه صفة الأنهار المذكورة ، ولا الروضة ، ومن ثم ، لو حلف داخلها أنه دخل الجنة ، حنث ، فصحَّ أن قوله (من الجنة) إنما هو لفضلها ، وأن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة ، وأن تلك الأنهار لطيبها وبركتها أضيفت إلى الجنة ، كما قيل في الضأن:" إنها من دواب الجنة " وقد جاء في أن حلق الذكر من رياض الجنة. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 16 / ص 237)