الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ آدَابِ التِّلَاوَةِ: التَّدَبُّرُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَعَانِي الْقُرْآن
قَالَ تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)
وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (2)
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (3)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ، كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ، لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ، فَيَأتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ، فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ} [الشعراء: 198 - 203]
(1)[ص/29]
(2)
[محمد/24]
(3)
[الأنفال: 2]
(حب)، وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَزُورَنَا؟ ، فَقَالَ: أَقُولُ يَا أُمَّاهُ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ: زُرْ غِبًّا (1) تَزْدَدْ حُبًّا، فَقَالَتْ: دَعُونَا مِنْ رَطَانَتِكُمْ هَذِهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَيْرٍ: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ: " يَا عَائِشَةُ ، ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي "، فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ قَالَتْ:" فَقَامَ فَتَطَهَّرَ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ ثُمَّ بَكَى ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ " ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ (2) بِالصَلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ ، قَالَ:" أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ، وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (3) "(4)
(1) الغِبُّ مِن أوْرَاد الإبِل: أنْ تَرِدَ الماء يَوماً وتَدَعَه يوما ، ثم تَعُودَ ، فَنقَله إلى الزِّيارة وإنْ جاء بعد أيام ، يقال: غَبَّ الرجُل ، إذا جاء زائرا بعد أيام ، وقال الحسَن: في كلّ أسْبُوع. النهاية في غريب الأثر (ج 3 / ص 629)
(2)
آذن: أعلَمَ وأخبر.
(3)
[البقرة/164]
(4)
(حب) 620 ، انظر الصَّحِيحَة: 68 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1468
وقال الألباني في الصَّحِيحَة: في الحديث فضل النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة خشيته، وخوفه من ربه، وإكثاره من عبادته، مع أنه تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو المنتهى في الكمال البشري ، ولا جرم في ذلك ، فهو سيد البشر صلى الله عليه وسلم لكن ليس فيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قام الليل كله، لأنه لم يقع فيه بيانٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ القيام من بعد العشاء ، أو قريبا من ذلك.
بل إن قوله: " قام ليلة من الليالي فقال
…
" الظاهر أن معناه " قام من نومه .... " أي نام أوله ، ثم قام، فهو على هذا بمعنى حديثها الآخر " كان ينام أول الليل، ويحي آخره
…
" أخرجه مسلم (2/ 167)
وإذا تبين هذا فلا يصح حينئذ الاستدلال بالحديث على مشروعية إحياء الليل كله، كما فعل الشيخ عبد الحي اللكنوي في " إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس بدعة "، قال (ص 13): فدل ذلك على أن نفي عائشة قيام الليل كله محمول على غالب أوقاته صلى الله عليه وسلم ".
قلت: يشير بـ " نفي عائشة " إلى حديثها الآخر: " ولم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يتمها إلى الصباح، ولم يقرأ القرآن في ليلة قط ". أخرجه مسلم (2/ 169 - 170) وأبو داود (1342) واللفظ له.
قلت: فهذا نص في النفي المذكور لَا يقبل التأويل، وحَمْلُه على غالب الأوقات إنما يستقيم لو كان حديث الباب صريحَ الدلالة على أنه صلى الله عليه وسلم قام تلك الليلة بتمامها، أما وهو ليس كذلك كما بينا، فالحمل المذكور مردود، ويبقى النفي المذكور سالما من التقييد ، وبالتالي تبقى دلالته على عدم مشروعية قيام الليل كله قائمة، خلافا لما ذهب إليه الشيخ عبد الحي في كتابه المذكور ، وفيه كثير من المؤاخذات التي لَا مجال لذكرها الآن ، وإنما أقول: إن طابعه تساهل في سرد الروايات المؤيدة لوجهة نظره، من أحاديث مرفوعة، وآثار موقوفة، وحسبك مثالا على هذا أنه ذهب إلى تحسين حديث:" أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " تقليدا منه لبعض المتأخرين ، دون أن ينظر في دعواهم هل هي تطابق الحقيقة ، وتوافق القواعد العلمية؟ ، مع ما في التحسين المذكور من المخالفة لنصوص الأئمة المتقدمين كما بينته في " الأحاديث الضعيفة "(52) فراجعه لتزداد بصيرة بما ذكرنا. أ. هـ
(خ م ت د حم)، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:(غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَوْمًا بَعْدَ مَا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ ، فَسَلَّمْنَا بِالْبَابِ ، فَأَذِنَ لَنَا ، قَالَ: فَمَكَثْنَا بِالْبَابِ هُنَيَّةً ، قَالَ: فَخَرَجَتْ الْجَارِيَةُ فَقَالَتْ: أَلَا تَدْخُلُونَ؟ ، فَدَخَلْنَا ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ يُسَبِّحُ ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا وَقَدْ أُذِنَ لَكُمْ؟ ، فَقُلْنَا: لَا ، إِلَّا أَنَّا ظَنَنَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَيْتِ نَائِمٌ ، قَالَ: ظَنَنْتُمْ بِآلِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ غَفْلَةً؟ ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ ، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ ، قَالَ: فَنَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَطْلُعْ ، فَأَقْبَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ قَالَ: يَا جَارِيَةُ انْظُرِي هَلْ طَلَعَتْ؟ ، فَنَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ قَدْ طَلَعَتْ ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَقَالَنَا يَوْمَنَا هَذَا ، وَلَمْ يُهْلِكْنَا بِذُنُوبِنَا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ:)(1)(يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ؟ ، أَلِفًا تَجِدُهُ أَمْ يَاءً؟ {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (2) أَوْ {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ} ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: وَكُلَّ الْقُرْآنِ قَدْ) (3)(قَرَأتَ غَيْرَ هَذَا الْحَرْفِ؟ ، قَالَ: نَعَمْ)(4)(إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ)(5)(فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: هَذًّا (6) كَهَذِّ الشِّعْرِ ، إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ) (7)(يَنْثُرُونَهُ نَثْرَ الدَّقَلِ ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ)(8)(وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ ، نَفَعَ)(9).
(1)(م) 278 - (822)
(2)
[محمد: 15]
(3)
(م) 275 - (822) ، (حم) 3607 ، (ت) 602
(4)
(ت) 602 ، (م) 275 - (822)
(5)
(م) 275 - (822) ، (خ) 4756 ، (د) 1396
(6)
الهَذُّ: سرعة القراءة.
(7)
(م) 275 - (822) ، (خ) 4756 ، (د) 1396 ، (س) 1006
(8)
(ت) 602 ، (م) 275 - (822)
(9)
(م) 275 - (822) ، (حم) 3607
(د)، وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} قَالَ: سُبْحَانَكَ فَبَلَى، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. (1)
(1)(د) 884 ، (هق) 3507، تمام المنة (1/ 186)، أصل صفة صلاة النبي (1/ 407)
(د)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَرَأَ: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى "(1)
(1)(د) الصلاة (883) ، (حم) 2066، صححه الألباني في صفة الصلاة ص105، وهداية الرواة: 820
(ت)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا " ، فَسَكَتُوا ، فَقَالَ:" لَقَدْ قَرَأتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ ، فَلَكَ الْحَمْدُ "(1)
(1)(ت) 3291 ، (ك) 3766، صَحِيح الْجَامِع: 5138، الصَّحِيحَة: 2150