الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُزُولُ الْقُرْآنِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف
(حب)، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ يَنْزِلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ ، عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ "(1)
(1)(حب) 745 ، (حم) 4252 ، (ك) 3144، صَحِيح الْجَامِع: 1322 ، الصَّحِيحَة: 587، وذكر الألباني في صحيح موارد الظمآن ح1491 أن من قوله (زَاجِرٍ، وَآمِرٍ، وَحَلَال ..) ضعيف ليس بصحيح ، و" صحيح موارد الظمآن " مؤلفٌ بعد الصحيحة ، بدليل أنه عزا الحديث الذي في الموارد إلى الصحيحة ، ولذلك حَذفتُ هذه الزيادة الضعيفة من هذا الكتاب. ع
(م س حم)، وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ:(كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، " فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَآى، فَحَسَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَأنَهُمَا ")(1)(قَالَ أُبَيٌّ: فَمَا تَخَلَّجَ فِي نَفْسِي مِنْ الْإِسْلَامِ مَا تَخَلَّجَ يَوْمَئِذٍ)(2)(" فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي ، فَفِضْتُ عَرَقًا ، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عز وجل فَرَقًا، فَقَالَ لِي: يَا أُبَيُّ ، أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنْ اقْرَأ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ: اقْرَأهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)(3)(كُلُّهُنَّ شَافٍ كَافٍ)(4)(إن قُلْتَ: {غَفُورًا رَحِيمًا} ، أَوْ قُلْتَ: {سَمِيعًا عَلِيمًا}، أَوْ {عَلِيمًا سَمِيعًا}، فَاللهُ كَذَلِكَ، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ ، أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ)(5)(وَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، حَتَّى إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ")(6)
(1)(م) 273 - (820)
(2)
(حم) 21130 ، (م) 273 - (820)
(3)
(م) 273 - (820)
(4)
(س) 940، انظر الصَّحِيحَة: 843
(5)
(حم) 21176 ، (د) 1477 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 7843 ، الصَّحِيحَة تحت حديث: 843 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(6)
(م) 273 - (820) ، (حم) 21176
(طب)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، فَاقْرَءُوا وَلَا حَرَجَ، وَلَكِنْ لَا تَخْتِمُوا ذِكْرَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ، وَلَا ذِكْرَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ "(1)
(1) رواه الطبراني في " التفسير "(ج1ص45ح45) ، وأبو الفضل الرازي في " معاني أنزل القرآن على سبعة أحرف "(ق 68/ 2)، انظر الصَّحِيحَة: 1287
(حم)، وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَغَيَّرَ عَلَيْهِ فَقَالَ: قَرَأتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيَّ ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ الرَّجُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ:" قَدْ أَحْسَنْتَ " ، فَكَأَنَّ عُمَرَ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا عُمَرُ ، إِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ صَوَابٌ ، مَا لَمْ يُجْعَلْ عَذَابٌ مَغْفِرَةً ، أَوْ مَغْفِرَةٌ عَذَابًا "(1)
(1)(حم) 16413، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(م)، وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَضَاةِ (1) بَنِي غِفَارٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَأمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ فَقَدْ أَصَابُوا "(2)
(1) الأضاة: الماء المستنقع كالغدير.
(2)
(م) 274 - (821) ، (س) 939 ، (د) 1478، (حم) 21210
(ت حم)، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ:(" لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةِ أُمِّيِّينَ، مِنْهُمْ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْغُلَامُ، وَالْجَارِيَةُ، وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأ كِتَابًا قَطُّ)(1)(قَالَ: فَمُرْهُمْ فَلْيَقْرَءُوا الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ")(2)
(1)(ت) 2944 ، (حم) 21242، انظر هداية الرواة: 2156
(2)
(حم) 21242، (حب) 739 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(خ م)، وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ [أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ](1) فِي الصَّلَاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟، قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَرْسِلْهُ، اقْرَأ يَا هِشَامُ "، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأ يَا عُمَرُ "، فَقَرَأتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ "(2)
الشرح (3)
(1)(خ) 2287 ، (م) 270 - (818)
(2)
(خ) 4706 ، (م) 270 - (818)، (ت) 2943، (س) 936
(3)
قال صاحب عون المعبود (4/ 243): (سَبْعَة أَحْرُف) أَيْ: سَبْعِ لُغَات ، أَوْ قِرَاءَات ، أَوْ أَنْوَاع.
قِيلَ: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أحْدى وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا ، مِنْهَا: أَنَّهُ مِمَّا لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ ، لِأَنَّ الْحَرْف يَصْدُقُ لُغَةً عَلَى حَرْفِ الْهِجَاء ، وَعَلَى الْكَلِمَةِ ، وَعَلَى الْمَعْنَى ، وَعَلَى الْجِهَة.
قَالَ الْعُلَمَاء: إِنَّ الْقِرَاءَات وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعٍ ، فَإِنَّهَا رَاجِعَة إِلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ مِنْ الِاخْتِلَافَاتِ:
الْأَوَّلُ: اِخْتِلَافُ الْكَلِمَة فِي نَفْسِهَا بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:(نُنْشِزُهَا، نَنْشُرُهَا) ، الْأَوَّل بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالثَّانِي بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَة، وَقَوْله:(سَارِعُوا، وَسَارِعُوا) ، فَالْأَوَّلُ بِحَذْفِ الْوَاوِ الْعَاطِفَة قَبْلَ السِّين ، وَالثَّانِي بِإِثْبَاتِهَا.
الثَّانِي: التَّغْيِيرُ بِالْجَمْعِ وَالتَّوْحِيدِ كَـ (كُتُبِهِ ، وَكِتَابِهِ).
الثَّالِثُ: بِالِاخْتِلَافِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأنِيثِ كَمَا فِي (يَكُنْ ، وَتَكُنْ).
الرَّابِع: الِاخْتِلَافُ التَّصْرِيفِيّ ، كَالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ نَحْو (يَكْذِبُونَ ، وَيُكَذِّبُونَ) وَالْفَتْح وَالْكَسْر نَحْو: (يَقْنَط ، وَيَقْنِط).
الْخَامِس: الِاخْتِلَاف الْإِعْرَابِيّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذُو الْعَرْش الْمَجِيدُ} بِرَفْعِ الذَّال وَجَرِّهَا.
السَّادِس: اِخْتِلَافُ الْأَدَاةِ ، نَحْو:{لَكِنَّ الشَّيَاطِين} بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتَخْفِيفهَا.
السَّابِع: اِخْتِلَاف اللُّغَات ، كَالتَّفْخِيمِ وَالْإِمَالَة ، وَإِلَّا فَلَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآن كَلِمَة تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَوْجُهٍ ، إِلَّا الْقَلِيل ، مِثْل (عَبَدَ الطَّاغُوت)(وَلَا تَقُلْ أُفّ لَهُمَا). وَهَذَا كُلُّهُ تَيْسِير عَلَى الْأُمَّة الْمَرْحُومَة، وَلِذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:" فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ "، أَيْ: مِنْ أَنْوَاع الْقِرَاءَات ، بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمِقْدَار ، وَالْجِنْس ، وَالنَّوْع.
وَالْحَاصِل أَنَّهُ أَجَازَ بِأَنْ يَقْرَءُوا مَا ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوَاتُرِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:" أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ".
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَاد بِالسَّبْعَةِ: التَّكْثِير ، لَا التَّحْدِيد، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْل مِنْ الْأَقْوَال.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم: أَصَحّ الْأَقْوَال وَأَقْرَبهَا إِلَى مَعْنَى الْحَدِيث قَوْل مَنْ قَالَ: هِيَ كَيْفِيَّة النُّطْق بِكَلِمَاتِهَا ، مِنْ إِدْغَام ، وَإِظْهَار ، وَتَفْخِيم ، وَتَرْقِيق ، وَإِمَالَة وَمَدّ ، وَقَصْر ، وَتَلْيِين، لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ مُخْتَلِفَة اللُّغَات فِي هَذِهِ الْوُجُوه ، فَيَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ لِيَقْرَأَ كُلٌّ بِمَا يُوَافِقُ لُغَتَهُ ، وَيَسْهُلُ عَلَى لِسَانِهِ. اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ. قَالَ الْقَارِيّ: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَإِنَّ الْإِدْغَام مَثَلًا فِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِظْهَار فِيهَا ، وَفِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِدْغَام فِيهَا ، وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي ،
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ اِخْتِلَاف اللُّغَات لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي هَذِهِ الْوُجُوه ، لِوُجُوهِ إِشْبَاع مِيمِ الْجَمْعِ وَقَصْره ، وَإِشْبَاع هَاء الضَّمِير وَتَرْكه ، مِمَّا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى بَعْضه ، وَمُخْتَلِف فِي بَعْضه.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: إِنَّ الْمُرَاد سَبْعَة أَوْجُه مِنْ الْمَعَانِي الْمُتَّفِقَة ، بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَة نَحْو:(أَقْبِلْ ، وَتَعَالَ ، وَعَجِّلْ ، وَهَلُمَّ ، وَأَسْرِعْ) فَيَجُوزُ إِبْدَال اللَّفْظ بِمُرَادِفِهِ ، أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ ، لَا بِضِدِّهِ، وَحَدِيث أَحْمَد بِإِسْنَادٍ جَيِّد صَرِيح فِيهِ،
وَعِنْده بِإِسْنَادٍ جَيِّد أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة: " أُنْزِلَ الْقُرْآن عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ، عَلِيمًا حَكِيمًا ، غَفُورًا رَحِيمًا ".
وَفِي حَدِيث عِنْده بِسَنَدٍ جَيِّد أَيْضًا: " الْقُرْآن كُلّه صَوَاب ، مَا لَمْ يَجْعَلْ مَغْفِرَةً عَذَابًا ، أَوْ عَذَابًا مَغْفِرَةً ".
وَلِهَذَا كَانَ أُبَيٌّ يَقْرَأُ: (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ سَعَوْا فِيهِ) بَدَل (مَشَوْا فِيهِ)، وَابْن مَسْعُود:(أَمْهِلُونَا ، وأَخِّرُونَا) بَدَل (انْظِرُونَا).
قَالَ الْقَارِيّ: إِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا مِنْ الصَّحَابَة ، خُصُوصًا مِنْ أُبَيٍّ وَابْن مَسْعُود ، أَنَّهُمَا يُبَدِّلَانِ لَفْظًا مِنْ عِنْدهمَا بَدَلًا مِمَّا سَمِعَاهُ مِنْ لَفْظ النُّبُوَّةِ ، وَأَقَامَاهُ مَقَامَهُ مِنْ التِّلَاوَة، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْهُمَا ، أَوْ سَمِعَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم الْوُجُوهَ ، فَقَرَأَ مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا ، كَمَا هُوَ الْآن فِي الْقُرْآن ، مِنْ الِاخْتِلَافَات الْمُتَنَوِّعَة الْمَعْرُوفَة عِنْد أَرْبَاب الشَّأن، وَكَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِمَا كَانَ يَتَعَسَّرُ عَلَى كَثِير مِنْهُمْ التِّلَاوَة بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِالْكِتَابَةِ وَالضَّبْط ، وَإِتْقَان الْحِفْظ ، ثُمَّ نُسِخَ بِزَوَالِ الْعُذْر ، وَتَيْسِير الْكِتَابَة وَالْحِفْظ ، قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة.
وَقَالَ الْحَافِظ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى الْحُرُوف: اللُّغَات ، يُرِيدُ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْع لُغَات مِنْ لُغَات الْعَرَب ، هِيَ أَفْصَح اللُّغَات وَأَعْلَاهَا فِي كَلَامِهِمْ ، قَالُوا: وَهَذِهِ اللُّغَاتُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآن ، غَيْر مُجْتَمِعَة فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة.
وَإِلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا أَشَارَ أَبُو عُبَيْد.
وَقَالَ الْقُتَيْبِيّ: لَا نَعْرِفُ فِي الْقُرْآنِ حَرْفًا يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف.
قَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ: هَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآن حُرُوف يَصِحُّ أَنْ تُقْرَأ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُف ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{وَعَبَدَ الطَّاغُوت} وَقَوْله تَعَالَى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعُ وَيَلْعَبُ} وَذَكَرَ وُجُوهًا ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِي تَأوِيلِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآن أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ، لَا كُلّه.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُوهًا أُخَر ، وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآن أُنْزِلَ مُرَخِّصًا لِلْقَارِئِ وَمُوَسِّعًا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ، أَيْ: يَقْرَأُ عَلَى أَيّ حَرْف شَاءَ مِنْهَا عَلَى الْبَدَل مِنْ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَى مَا قَالَهُ اِبْن الْأَنْبَارِيّ لَقِيلَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِسَبْعَةِ أَحْرُف ، وَإِنَّمَا قِيلَ:(عَلَى سَبْعَة أَحْرُف) لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى ، أَيْ: كَأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى هَذَا مِنْ الشَّرْط ، أَوْ عَلَى هَذَا مِنْ الرُّخْصَة وَالتَّوْسِعَة، وَذَلِكَ لِتَسْهِيلِ قِرَاءَتِهِ عَلَى النَّاسِ ، وَلَوْ أَخَذُوا بِأَنْ يَقْرَءُوهُ عَلَى حَرْف وَاحِد لَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، وَلَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الزَّهَادَة فِيهِ ، وَسَبَبًا لِلْفُتُورِ عَنْهُ.
وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَاد بِهِ التَّوْسِعَةُ ، لَيْسَ حَصْر الْعَدَدِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ السِّنْدِيُّ: " عَلَى سَبْعَة أَحْرُف " أَيْ: عَلَى سَبْع لُغَات مَشْهُورَةٍ بِالْفَصَاحَةِ ، وَكَانَ ذَاكَ رُخْصَة وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ جَمَعَهُ عُثْمَان ? رضي الله عنه حِين خَافَ الِاخْتِلَاف عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآن ، وَتَكْذِيب بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى لُغَة قُرَيْش، الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا أَوَّلًا.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُتَشَابِه الَّذِي لَا يُدْرَى تَأوِيلُهُ، وَفِيهِ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا ، أَوْرَدْتهَا فِي الْإِتْقَان.
قُلْت: سَبْعُ اللُّغَاتِ الْمَشْهُورَةِ هِيَ: لُغَة الْحِجَاز ، وَالْهُذَيْل ، وَالْهَوَازِن ، وَالْيَمَن وَالطَّيّء ، وَالثَّقِيف ، وَبَنِي تَمِيمٍ. أ. هـ