الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: استغلال تواجد المسلمين في المساجد، وتزويدهم ببعض النشرات، والرسائل العلمية القصيرة والمفيدة، والتي يعدها العلماء والمختصون في موضوعات إسلامية محددة، يتم بواسطتها توعيتهم وتعليمهم، وهذا نوع من الاحتساب في تعليم الناس الخير.
خامسًا: الاستعانة بالطيبين من جامعة المسجد في بذل النصح للمقصرين، والمتهاونين في واجباتهم الدينية، لا سيما فيما يتعلق بالصلاة، وتخلف البعض عن أدائها في المساجد، فإن ذلك من أكبر المنكرات.
سادسًا: الاستفادة من تواجد الناس في المساجد؛ للتنويه عن بعض المُخالفات التي يقع فيها بعض الشواذ من الناس، بشرط ألا يجرح أحد، ولا يعلن اسم، بل بما جرت عليه السنة، كما كان عليه الصلاة والسلام يقول:((ما بال أقوام فعلوا كذا وكذا، أو قالوا كذا وكذا))، فبهذه الخطوات وغيرها مما لم نذكر، يمكن أن يؤدي المسجد الدور الرائد في مساندة عمل المحتسب في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
الحركات الإسلامية المعاصرة ودورها في الاحتساب
إن أمة الإسلام مكلفة بتبليغ الحق الذي جاء من عند الله، وإرشاد البشرية بذلك إلى ما يسعدهم، ويجلب لهم الفلاح في الدنيا والآخرة، وذلك من خلال جعلهم من أنفسهم، وهم يقومون بهذا التكليف نموذجًا تُحتذى أفعاله، وتسمع أقواله.
ومن أجل ذلك، فلم تنقطع مسيرة الدعوة إلى الله، ومحاولة إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ومن عبودية العباد إلى عبادة رب العباد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية بترسيخ مفاهيم الإسلام بين أتباعه الذين يدينون به.
ورغم استمرار الدعوة الإسلامية على مر العصور الإسلامية الماضية إلا أنها، وباعتبارها جهودًا بشرية محدودة تتعرض من حين لآخر للقوة والضعف؛ ولهذا فإن عناية الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة تتجلى في فترة الضعف بالذات؛ حيث يقيض الله للمسلمين من يقوم منهم ليعيد للدين نضارته، وينتشل المسلمين من كبوتهم، ويزيل الغبش الذي قد يكون علق بأذهانهم، وفكرهم، فلبس عليهم دينهم.
وتأتي عناية الله -كما نوهنا من قبل- فتقيض للأمة من داخل نفسها، ومن أبنائها البررة من يحاول إعادة الأمة إلى جادة الصواب. والأمة اليوم تعج الساحة الإسلامية بحركات إسلامية، لا شك في أنها مثلت مظهرًا من مظاهر الرجعة إلى الدين، والتي أعادت -وبحق- جريان الإسلام في عروق وقلوب الأمة بعد أن تكالبت كل الشرور من الأعداء؛ لوقف الدين، ودفن ينابيعه.
لكننا نريد أن نؤكد على أن الإسلام هو دين الوحدة شعاره: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، وشعاره: التواثق، والترابط، والبروز صفًّا واحدًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)).
وقد كثرت النصوص في الأمر بالاجتماع، والنهي عن التفرق، من ذلك قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، إلى أن قال:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران: 105)، وقال تعالى في ذم الخلاف والفرقة:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام: 159).
وقد كثرت كتابات العلماء المخلصين في الحث على الاجتماع، والنهي عن التفرقة، ودعوة كل الأحزاب الإسلامية، والجماعات الإسلامية إلى الاجتماع على كتاب الله، وسنة رسول الله بفهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أبرز هذه الكتابات: ما قاله الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في كتاب (حلية طالب العلم)، فإنه يقول محذرًا من التحزب:"إن الحزبية ذات المسارات والقوالب المستحدثة التي يعدها السلف من أعظم العوائق عن طلب العلم، والتفريق عن الجماعة، فكم وهنت حبل الاتحاد الإسلامي، وغشيت المسلمين بسبب الغواشي، فاحذر -رحمك الله- أحزابًا وطوائف طاف طائفها، ونجم بالشر ناجمها، فما هي إلا كالميازيب، تجمع ماء كدرًا، وتفرقه هدر ً ا، إلا ما رحم ربك".
ويقول الشيخ سعد الحصين: "وكيف تتجمع الصفوف، ويتحد المسلمون بواسطة جماعات، وطوائف، وأحزاب متفرقة، يحاول كل طرف فيها أن يثبت أنه على الحق، وغيره على الباطل، يؤيد حزبه، ويعارض الأحزاب الأخرى، ثم يضيف متسائلًا مرة أخرى: أم كيف تتجمع الصفوف، ويتحد المسلمون على عقائد مختلفة، وعلى مناهج مبتدعة، وعلى عبادات لم يكن عليها أمر محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه -رضوان الله عليهم أجمعين-؟!
ولقد أفتت اللجنة الدائمة بالرياض: بأنه لا يجوز التفرق، وأن على المسلمين أن يجتمعوا على كتاب الله، وسنة رسول الله. ففي الفتوى رقم 1674 بتاريخ 7/ 10/ 1397، قالت اللجنة: لا يجوز أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعًا وأحزابًا، يلعن بعضهم بعضًا، ويضرب بعضهم رقاب بعض، فإن هذا التفرق
مما نهي عنه ونعي على من أحدثه أو تابع أهله، وتوعد فاعلوه بالعذاب العظيم.
وقد برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (الأنعام: 159)، وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض))، والآيات والأحاديث في ذم التفرق كثيرة.
وعليه، فإنها دعوة مخلصة نوجهها إلى جميع العاملين في الحركات الإسلامية، والجماعات الإسلامية {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: 24)، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، اجتمعوا على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله بفهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم الذين تلقوا القرآن والسنة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غضين طريين، وقد قال عليه الصلاة والسلام:((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا بعدي كتاب الله، وسنتي)).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.