الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث عشر
(الاحتساب)
معنى الاحتساب، ومراتبه
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسول هـ، أما بعد:
الاحتساب معناه: عرّفنا الحسبة بأنها أمر بمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله؛ فنحن إذًا نريد بالاحتساب القيام فعلًا بالحسبة؛ كأن يقومَ المُحْتَسِبُ بفِعْلٍ مُعَيّن بكيفية معينة، أو يزيل منكرًا بيده؛ كأن يكسره أو يمزقه أو يتلفه، أو يدفع صاحب المنكر بيده، وبالقوة عما هو فيه.
والاحتساب الكامل يتمُّ بإزالة المنكر تمامًا، ومحوه فعلًا، ولو بالقوة عند الاقتضاء من قَبَل المحتسب أو أعوانه، أو من قبل صاحب المنكر نفسه؛ بأن يأمره المحتسب بتكسير آلة المنكر فيطيع أمره، فإن عجز المحتسب عن التغيير باليد انتقل إلى الاحتساب بالقول، عن طريق الوعظ والإرشاد، والتخويف من الله تعالى.
وقد يزول المنكر بهذا الطريق وقد لا يزول، ويبقى صاحب المنكر مصرًّا على منكره؛ فإذا عَجَزَ المُحْتَسِبُ عن الإنكار بالقول تَحَوّل إلى الإنكار بالقلب، بأن يكرهه بقلبه ويود لو استطاع تغييره.
ودليل ما قلناه الحديثُ الشَّريف الذي هُو العمدة في هذا الموضوع، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
وبناء على ما تقدم تكون مراتب الاحتساب أو درجاته ثلاثة:
المرتبة الأولى: تغييرُ المُنْكَرِ باليَدّ، أي: تَغْييره فعلًا، ولو باستعمال القوة واستعمال السلاح، والاستعانة بالأعوان؛ كما في دفع الصائل لتخليصه النفس البريئة من الموت، وتخليص العِرْضِ المَصُون من الهتك، ويدخل في نطاق التغيير باليد: ضرْبُ المحتَسب عليه، أو حبسه، أو دفعه لمنعه من مباشرة المنكر.
أما المرتبة الثانية؛ فهي: الاحتساب بالقول؛ والاحتسابُ بالقول على درجات: أولها التعرف، ثم التعريف، ثم النهي، ثم الوعظ والنصح، ثم السب والتعنيف، ثم التغيير باليد، ثم التهديد بالضرب، ثم إيقاع الضرب وتحقيقه، ثم شهر السلاح، ثم الاستظهار فيه بالأعوان وجمع الجنود.
أما الدَّرَجَةُ الأولى؛ وهي: التَّعَرُّف: ونَعني طلبَ المَعْرِفَة بجريان المنكر، وذلك منهي عنه، وهو التجسس الذي ذكرناه سابقًا؛ فلا ينبغي أن يسترق السمع على دار غيره ليسمع صوت الأوتار، ولا أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر، ولا أن يمس ما في ثوبه ليعرف شكل المزمار، ولا أن يستخبر من جيرانه ليخبروه بما يجري في داره.
نعم لو أخبره عدلان ابتداءً من غير استخبار، بأنّ فلانًا يَشْرَبُ الخَمْرَ في داره، أو بأنّ في داره خمرًا أعده للشرب، فله إذ ذاك أن يدخل داره، ولا يلزم الاستئذان، ويكون تخطي ملكه بالدخول للتوصل إلى دفع المنكر، ككسر رأسه بالضرب للمنع مهما احتاج إليه، وإن أخبرَه عدلان أو عدل واحد.
وبالجملة كل من تُقبل روايته لا شهادته ففي جواز الهجوم على داره بقولهم فيه نظر واحتمال، والأولى أن يمتنع لأنّ له حقًّا في ألا يتخطى داره بغير إذنه، ولا يسقط حق المسلم عما ثبت عليه حقه إلا بشاهدين. فهذا أولى مما يجعل مردًا فيه.
وقد قيل: أنه كان نقش خاتم لقمان: "الستر لما عاينت أحسن من إذاعة ما ظننت".
الدرجة الثانية: التعريف: فإنّ المُنكر قد يقدم عليه المقدم بجهله، وإذا عرف أنه مُنكر تركه؛ كالذي يُصَلِّي ولا يُحسنُ الركوع والسجود؛ فيُعَلّم أنّ ذلكَ لجَهْلِه بأنّ هذه ليستْ بصَلاة، ولو رَضِي بألّا يَكونَ مُصليًّا لترك أصل الصلاة؛ فيجبُ
تعريفه باللطف من غير عنف، وذلك لأنّ ضمن التعريف نسبة إلى الجهل والحُمق، والتجهيل إيذاء، وقَلّما يرضى الإنسان بأن ينسب إلى الجهل بالأمور لا سيما بالشرع.
ولذلك ترى الذي يغلب عليه الغضب، كيف يغضب إذا نبه على الخطأ والجهل؟ وكيفَ يجتهد في مجاحدة الحق بعد معرفته؛ خيفة من أن تنكشف عورة جهله؟!.
والطباع أحرص على ستر العورة الجهل منها على ستر العورة الحقيقية، لأنّ الجَهْلَ قُبح في صورة النفس، وسواد في وجهه، وصاحبه ملومٌ عليه، وقبحٌ السوءتين يرجعُ إلى صورة البدن، والنفس أشرف من البدن، وقُبْحُها أشَدُّ من قبح البدن، ثُمّ هو غَيرُ مَلومٍ عليه؛ لأنه خِلقة لم يدخل تحت اختياره حصونه، ولا في اختياره إزالته، وتَحسينه، والجهل قبح يمكن إزالته وتبديله بحسن العلم؛ فلذلك يَعْظُم تألم الإنسان بأمور جهله، ويعظم ابتهاجه في نفسه بعلمه، ثُمّ لذته عند ظهور جمال علمه لغيره.
وإذا كانَ التَّعْرِيفُ كشفًا للعورة؛ مؤذيًا للقلب، فلا بد أن يعالج دفع آذاه بلطف الرِّفق؛ فنقول له: إنّ الإنسانَ لا يُولد عالمًا، ولقد كُنّا أيضًا جاهلين بأمور الصلاة، فعلمنا العُلماء، ولعل قريتك خالية عن أهل العلم أو عالمها مُقَصِّرٌ في شرح الصلاة وإيضاحِها؛ إنّما شرط الصلاة الطمأنينة في الركوع والسجود، وهكذا يتلطف به ليحصل التعريف من غير إيذاء؛ فإن إيذاء المسلم حرام محظور، كما أنّ تقريره على المُنكر محظور.
وليس من العُقلاء من يغسل الدم بالدم أو بالبول، ومن اجْتَنَب محظور السكوت عن المنكر، واستبدل عنه محظور الإيذاء للمسلم مع الاستغناء عنه؛ فقد غسل الدّم بالبول، وأما إذا وقفت على خطأ في غير أمن الدين؛ فلا يَنْبَغي أن تَرُدّه
عليه؛ فإنه يَسْتفيد منك علمًا، ويَصِيرُ لك عدوًّا، إلّا إذا علمت أنه يغتنم العلم، وذلك عزيز جدًّا.
الدرجة الثالثة: النَّهي بالوعظ والنصح والتخويف بالله تعالى: وذلك فيمن يُقدم على الأمر وهو عالم بكونه منكرًا، أو فيمن أصر عليه بعد أن عرف كونه منكرًا؛ كالذي يواظب على الشرب، أو على الظلم أو على اغتياب المُسلمين أو ما يجري مجراه؛ فينبغي أن يُوعظ، ويُخوف بالله تعالى، وتورد عليه الأخبار الواردة بالوعيد في ذلك، وتُحكى له سيرة السلف، وعبادة المُتَّقِين، وكل ذلك بشفقة ولطف من غير عنف وغضب. بل ينظر إليه نظر المترحم عليه، ويرى إقدامه على المعصية مصيبة على نفسه، إذ المسلمون كنفس واحدة.
وها هنا آفة عظيمة ينبغي أن يتوقاها؛ فإنّها مُهْلِكة، وهي أنّ العالِمَ يَرَى عند التعريف عز نفسه بالعلم، وذُلّ غيره بالجهل، فرُبّما يَقْصِدُ بالتعريف الإذلال، وإظهار التمييز بشرف العلم، وإذلال صاحبه بالنسبة إلى خسة الجهل؛ فإنْ كان الباعثُ هذا؛ فهذا المنكر أقبح في نفسه من المنكر الذي يعترض عليه.
ومثال هذا المُحتسب مثال من يخلص غيره من النار بإحراق نفسه، وهو غاية في الجهل، وهذه مَذَلَّةٌ عَظيمة وغائلة هائلة، وغرور بالشيطان يتدلى بحبله كل إنسان؛ إلّا من عرّفه الله عيوب نفسه، وفتح بصيرته بنور هدايته؛ فإن في الاحتكام على الغير لذة للنفس عظيمة من وجهين؛ أحدهما: من جهة إزالة العلم، والآخر: من جهة إزالة الاحتكام والسلطنة، وذلك يرجِعُ إلى الرِّياء وطلب الجاه، وهو الشهوة الخفية الداعية إلى الشرك الخفي، وله مَحكٌّ ومِعيار، ينبغي
أن يمتحن المحتسب نفسه، وهُو أنْ يَكُون امتناع ذلك الإنسان عن المُنكر بنفسه، أو باحتساب غيره أحب إليه من امتناعه باحتسابه.
فإن كانت الحسبة شاقة عليه، ثقيلة على نفسه، وهو يود أن يكفى بغيره؛ فليحتسب فإن باعثه هو الدين، وإنْ كَانَ اتِّعَاظُ ذَلِك العاصي بوعظه، وانزجاره بزجره أحبّ إليه من اتعاظه بوعظ غيره؛ فما هو إلا متبع هوى نفسه، ومُتَوسِّلٌ إلى إظهار جاه نفسه، بواسطة حسبته، فليتقِ الله تعالى فيه، وليحتسب أولًا على نفسه.
وإن هذا يقال له ما قيل لعيسى عليه السلام: "يا ابن مريم، عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس، وإلّا فاستحِ مني".
وقيل لداود الطائي رحمه الله: "أرأيت رجلًا دخل على هؤلاء الأمراء، فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، فقال: أخاف عليه السوط، قال: إنه يقوى عليه، قال: أخاف عليه السيف، قال: إنه يقوى عليه، قال: أخاف عليه الداء الدفين وهو العجب".
الدرجة الرابعة: السب والتعنيف بالقول الغليظ الخشن: وذَلِكَ يَعْدِلُ إليه عند العاجز عن المنع باللطف، وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنُّصح، وذلك مثل قول إبراهيم عليه السلام:{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (الأنبياء: 67).
ولسنا نعني بالسّب والفُحش بما فيه نسبة إلى الزنا ومقدماته، ولا الكذب، بل أن يُخاطبه بما فيه مما لا يُعَدّ من جملة الفحش؛ كقوله: يا فاسق، يا أحمق، يا جاهل. ألا تَخاف الله. وقوله: يا غبي. وما يجري هذا المجرى؛ فإن كل فاسق فهو أحمق وجاهل، ولولا حمقه لما عصى الله تعالى، بل كل من ليس بكيس
فهو أحمق، والكيّسُ من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الحديث: أنّه صلى الله عليه وسلم سُئِل عَن أكْيَسِ النّاسِ، قَالَ:((أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولئك الأكياس)).
ولِهَذه الرُّتبة أدَبَان:
أحدهما: ألا يُقْدِم عليه إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف.
والثاني: ألّا يَنْطِق إلا بالصّدق، ولا يسترسل فيه، فيطلق لسانه الطويل بما لا يحتاج إليه، بل يقتصر على قدر الحاجة.
فإنْ علم أن خطابه بهذه الكلمات الزاجرة ليست تزجره، فلا ينبغي أن يُطلقها بل يقتصر على إظهار الغضب والاستحقار له، والازدراء بما حله لأجل معصيته، وإنْ عَلِمَ أنه لو تكلم ضُرِب، ولو اكفهر وأظهر كراهة لوجهه أن يضرب لزمه، ولم يكف الإنكار بالقلب بل يلزمه أن يُقَطِّبَ وجهه ويظهر الإنكار له.
الدرجة الخامسة: التّغيير باليد: وذلك ككسر الملاهي، وإراقة الخمر، وخلع الحرير من رأسه وعن بدنه، ومنعه من الجلوس عليه، ودفعه عن الجلوس على ماء الغير، وإخراجه من الدار مغصوبًا بالجر برجله، وإخراجه من المَسْجِدِ إذا كان جالسًا وهو جنب وما يجري مجراه، ويُتصور ذلك في بعض المعاصي دون بعض.
فأما معاصي اللسان والقلب، فلا يقدم على مباشرة تغييرها، وكذلك كل معصية تَقْتَصِرُ على نفس العاصي وجوارحه الباطنة، وفي هذه الدرجة أدبان:
أحدهما: ألّا يُبَاشر بيده التغيير، ما لم يعجز عن تكلفِ المُحتسب عليه ذلك؛ فإذا أمكنه أن يُكلفه المشي في الخروج عن الأرض المغصوبة والمسجد؛ فلا ينبغي أن يدفعه أو يجره، وإذا قدر على أن يكلفه إراقة الخمر وكسر الملاهي، وحَلّ دُروس
ثوب الحرير، فلا ينبغي أن يباشر ذلك بنفسه، فإنّ في الوقوف على حد الكسر نوع كسر؛ فإذا لم يتعاط بنفسه ذلك كفى الاجتهاد فيه، وتولاه من لا حجر عليه في فعله.
الثاني: أنْ يَقْتَصِرَ في طريق التغيير على القدر المُحْتَاج إليه، وهو ألا يأخذ بلحيته في الإخراج، ولا برجله إذا قدر على جره بيده؛ فإنّ زِيَادة الأذى فيه، مُسْتَغنى عنه، وألّا يُمَزِّقَ ثوب الحرير بل يحل دروزه فقط، ولا يحرق الملاهي والصليب الذي أظهره النّصارى، بل يُبْطِلُ صلاحيتها للفساد بالكسر، وحَدُّ الكسر أن يصير إلى حالة تحتاج في استئناف إصلاحه إلى تعب يساوي تعب الاستئناف من الخشب ابتداءً.
وفي إراقة الخمور يتوقى كسر الأواني إن وجد إليه سبيلًا، فإن لم يقدر عليها إلا بأن يرمي ظروفه بحجر؛ فله ذلك وسقطت قيمة الظرف، وبسبب الخمر إذا صار حائلًا بينه وبين الوصول إلى إراقة الخمر، ولو ستر الخمر بيده لكُنّا نقصد بدنه بالجرح والضرب؛ لنتوصل إلى إراقة الخمر، فإذًا لا تزيل حُرمة ملكه في الخروج على حرمة نفسه، ولو كان الخمر في قوارير ضيقة الرءوس، ولو اشتغل بإراقتها طال الزمان، وأدركه الفساق ومنعوه، فله كسرها، فهذا عذره، وإن كان لا يحظى فظفر الفساق به فمنعهم، ولكن كان يضيع في زمانه ويتعطل عن أشغاله؛ فله أن يكسرها فليس عليه أن يضيع منفعة بدنه وغرضه من أشغاله؛ لأجل ظرف الخمر، وحيثُ كانَتْ الإرَاقَةُ مُتأثرة بلا كسر؛ فكسره لزمه الضمان.
الدرجة السادسة: التهديد والتخويف: كقوله: "دع عنك هذا"، أو "لأكسرن رأسك"، أو "لأضربن رقبتك"، أو "لآمرن بك" وما أشبهه. وهذا ينبغي أن يُقَدّم على تحقيق الظرف، إذا أمكن تقديمه. والأدبُ في هذه الرُّتبة ألّا يُهَدّده بوعيد لا
يجوز تحقيقه، كقوله:"لأنهبنّ دارك"، أو "لأضربن ولدك"، أو "لأسبين زوجتك"، وما يجري مجراه.
بل ذلك إن قاله عن عزم فهو حرام؛ وإن قاله من غير عزم فهو كذب؛ نعم إذا تعرض لوعيده بالضرب والاستخفاف فله العزم عليه، إلى حد معلوم يقتضيه الحال، وله أن يزيد في الوعيد على ما هو في عزمه الباطل، إذا علم أن ذلك يقمعه ويردعه، وليس ذلك من الكذب المَحْظُور بل المبالغة بذلك معتادًا، وهو معنى مبالغة الرجل في الإصلاح بين شخصين، وتأليفه بين الدرتين، وذلك مما قد رخص فيه للحائض، وهذا في معناه، فإن القصد به إصلاح ذلك الشخص.
الدرجة السابعة: مُباشرة الضّرب باليد والرِّجْل، وغير ذلك مما ليس فيه شهر سلاح: وذلك جائز للآحاد بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة بالدفع؛ فإذا اندفع المُنْكَر فيَنْبَغي أن يَكُفّ، والقاضي قد يطلق من ثبت عليه الحق إلى الأداء بالحسب، فإن أصر المحبوس وعلم القاضي قدرته على أداء الحق، وكونه معاندًا فله أن يلزمه الأداء بالضرب على التدريب كما يحتاج إليه، وكذلك المُحْتَسِبْ يُراعي التدريج، فإن احتاج إلى شهر سلاح، وكان يقدر على دفع المنكر بشهر السلاح وبالجرح؛ فله أن يتعاطى ذلك ما لم تكن فتنة.
كما لو قبض فاسق مثلًا على امرأة، أو كان يَضْرِبُ بمزمار معه، وبينه وبين المحتسب نهر حائل أو جدار مانع؛ فيأخذ قوسه ويقول له: خل عنها أو لأرمينك إن لم تخل عنها؛ فله أن يرمي، وينبغي ألا يقصد المقتل بل الساق والفخذ وما أشبهه، ويُراعي فيه التدريج، وكذلك يَسُلُّ سيفه ويقول: اترك هذا المنكر أو لأضربنك؛ فكل ذلك دفع للمنكر ودفعه واجب بكل ممكن، ولا فرقَ في ذلك بين ما يتعلق بخاص حق الله تعالى، وبين ما يتعلق بالآدميين.