المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشفقة والنصح لا التوبيخ والفضح - الخطابة - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 مقدمة في الخطابة

- ‌مقدمة في تعريف الخطابة

- ‌تعريف الخطابة

- ‌تاريخ علم الخطابة ونشأتها

- ‌أهمية الخطابة ومكانتها

- ‌الدرس: 2 الغاية من الخطابة

- ‌أهمية الخطابة للدعوة الإسلامية

- ‌إعداد الخطبة

- ‌الدرس: 3 عناصر الخطبة

- ‌تركيب الخطبة

- ‌مصادر الخطبة

- ‌الأسلوب الخطابي

- ‌الدرس: 4 محتويات الخطبة

- ‌افتتاح الخطبة

- ‌الغرض من الخطبة

- ‌تقسيم الخطبة، وترتيب أفكارها

- ‌الدرس: 5 الخطيب وصفاته

- ‌أهمية الخطيب ومكانته في الإسلام

- ‌صفات الخطيب في الإسلام

- ‌الدرس: 6 تابع: الخطيب وصفاته

- ‌صفات الخطيب الفطرية

- ‌إعدادُ الخطيب الداعية عقليًّا

- ‌صفات الداعية النفسية

- ‌آداب تتعلق بالخطيب أثناء خطبته

- ‌إعداد الخطيب علميًّا وثقافيًّا

- ‌الدرس: 7 الخطابة في الجاهلية والإسلام

- ‌الخطابة في العصر الجاهلي

- ‌خصائص ومميزات الخطابة في الجاهلية

- ‌الخطابة في عصر الإسلام

- ‌مقارنة بين الخطابة في الجاهلية، والخطابة في الإسلام

- ‌دواعي الخطاب في عصر الإسلام

- ‌الدرس: 8 عوامل رقي الكتابة وازدهارها في صدر الإسلام

- ‌العوامل التي أدت إلى نمو الكتابة وازدهارها في صدر الإسلام

- ‌خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ونماذج أخرى

- ‌الدرس: 9 نماذج من خطب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين

- ‌نماذج من خطب الخلفاء الراشدين الأربعة

- ‌نماذج من خطب الصحابة والتابعين

- ‌الدرس: 10 الدرس الديني: شروطه، فوائده، الفرق بينه وبين الخطبة

- ‌الدعوة أو التبليغ بالقول، وضوابطه، وآدابه

- ‌الدرس وشروطه وفوائده

- ‌الفرق بين الخطبة والدرس

- ‌الدرس: 11 المحاضرة والمناظرة، وآدابهما في الإسلام

- ‌كيف يحضر المحاضر محاضرته

- ‌الحديث عن المناظرة والمجادلة والمناقشة، وآدابها في الإسلام

- ‌الدرس: 12 ضوابط الخطاب الدعوي، ورسالة الخطاب الدعوي المعاصر

- ‌(ضوابط الخطاب الدعوي

- ‌رسالة الخطاب الدعوي

- ‌الدرس: 13 مثالب الخطاب الدعوي وطرق علاجها

- ‌مثالب الخطاب الدعوي وطرق علاجها

- ‌أصول ومنهج وأساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه وحواره

- ‌ضرورة توافر النطق الجيد لدى الخطيب، وحسن الصوته وتمرينه

- ‌ضرورة الابتعاد عن الإسرائيليات والموضوعات والمنكرات، والضعيف

- ‌الدرس: 14 الندوة والمؤتمر، وخصائص كل منهما، وفوائده

- ‌(الندوة

- ‌المؤتمر

- ‌الدرس: 15 قواعد في الأسلوب الدعوي

- ‌قاعدة القول الحسن والكلمة الطيبة

- ‌الرِّفْقُ واللين والتّيسير

- ‌الشفقة والنصح لا التوبيخ والفضح

- ‌سهولة الأسلوب وبساطة الطرح، وواقعية التمثيل

- ‌التحدث بلُغة الجمع، وتعميم الخطاب عامةً دون قصد أفراد أو تعيين أشخاص

- ‌الحث والإكثار من استخدام عبارت الاستفهام

- ‌الدرس: 16 بعض الآفات التي قد يصاب بها الداعية

- ‌من الآفات التي قد تُصيب بعض الدعاة: "الرياء

- ‌من الآفات التي يتعرض لها بعض الدعاة: "العُجْب

- ‌من الآفات التي تصيب بعض الدعاة: "الغرور

- ‌من الآفات الخطيرة التي قد تصيب الدعاة: "الكِبْر

الفصل: ‌الشفقة والنصح لا التوبيخ والفضح

الرفق في شيء جَعَله جَميلًا ومحبوبًا، ويكون ذلك بالمُعاملة الحسنة والكلمة الطيبة، والصفح الجميل، وهذا هو الذي يُصْلِحُ الأسلوب، ويَجْعَله مقبولًا لدى المدعوين. ومعنى قوله:((شانه)) أي: جعله مقبوحًا ومكروهًا، ويكون بالألفاظ القاسية والأسلوب الجاف، والتجهم بالوجه، والتأفف من المدعو وأفعاله؛ مِمّا يُؤدي إلى إفساده وإفساد الدعوة ونفور المدعوين.

وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاتبه ربه إذ عبَس في وجه أحد المدعوين، وهو عبد الله بن أم مكتوم الأعمى، وقد كان جاء النبي صلى الله عليه وسلم يسأله أن يُعلمه مما علمه الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت مجتهدًا في مناقشة ومحاورة ودعوة أكابر قريش إلى الله عز وجل فانشغل بهم عن عبد الله بن أم مكتوم، وعبس في وجهه أن أراد أو حاولَ أنْ يَقْطَع حَديثه مع أكابر القوم ويصرفه عنهم، ونزلت سورة عبس كما هو مشهور.

فإذا عوتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فما حال بعض الدعاة الذين يتجهمون في وجوه الناس وكأن بينهم وبين المدعوين حربًا ضروسًا، وعداءً مستحكمًا.

فحري بالداعية أن يراجع أسلوبه فهو نصف النجاح إن لم يكن معظمه.

‌الشفقة والنصح لا التوبيخ والفضح

القاعدة الثالثة من قواعد الأسلوب الدعوي: الشفقة والنصح لا التوبيخ والفضح.

إن المدعوين مرضَى، والداعية هو الطبيب، والطبيب الناصح يكون شفيقًا بالمرضى؛ همه معالجتهم والأخذ بأيديهم إلى طريق الصحة، وإنقاذهم مما هم فيه، ولا يَجُوز له إلقاء اللوم ولا فضيحة المريض، ولا التشفي منه؛ فإنّ هذا يزيدهم مرضًا على مرض، وضياعًا على ضياع، وهمًّا على هم؛ لأجْلِ هذا وجب أن يكون أسلوب الداعية أسلوب الشفيق بمدعويه الرحيم بهم.

ص: 301

قال الله تعالى عن رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((الدينُ النصيحةُ)) فجعل محور الدين النصيحة لا الفضيحة؛ فإن للنصيحة أسلوبها؛ وللفضيحة طريقها، وشَتّان بين الطريقين أسلوبًا وأثرًا.

ومن الخطأ الواضح ما يفعله بعض الدعاة من تتبع عثرات المسلمين، وكشف عوراتهم، بدعوى ظاهرها زين وباطنها شين، فقد قال عليه الصلاة والسلام:((يا معشر مَن آمَنَ بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومَن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)).

بلى على العكس من ذلك أمر الإسلام بستر المسلمين، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم:((ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة))، ولذلك كان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحس من أحد خطأً، قام بواجب النصح في الأمر مع ستر عين الفاعل؛ فكان يقول على المنبر:((ما بال أقوام يقولون كذا)((ما بال أقوامًا يفعلون كذا)). فبهذا يؤدي واجب النصح ويؤدي في الوقت نفسه واجب الستر، وهي موازنة يجب أن يراعيها الدعاة إلى الله عز وجل.

فمِنَ الخَطأ تَسميةُ النّاسِ بأسمائهم في الأسلوب الدعوي على اختلاف أنواعه؛ فعل فعلان، وقال فلان، لا فَرْق في ذلك بين كبير القوم وصغيرهم، وأعلاهم وأدناهم، وكم لهذا الأسلوب من مساوئ، وكم حال هذا الأسلوب بين الداعية وبين جمهوره، وكم حال هذا الأسلوب السيئ القبيح المخالف للهدي النبوي الغير المنضبط بالقواعد الدعوية، كم جر هذا الأسلوب على الداعية نفسه من ويلات ونكبات.

ص: 302