الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهما خير نساء الأرض. وأمَّا التفضيل بينهما فمسكوت عنه».
أقول: بل الظاهر أنه فسَّر الضمير الأول بالسماء والثاني بالأرض. أي خير نساء السماء مريم وخير نساء الأرض خديجة. يعني أن مريم قد توفِّيت ورجعت روحها إلى الجنَّة، والجنَّة في السماء. وأما خديجة فكانت في قيد الحياة.
وهذا التفسير من وكيع إنْ كان روايةً فذاك، وإلا فصحَّته تتوقَّف على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا في حياة خديجة رضي الله عنها.
* * * *
في قصَّة جُريج عند مسلم
(1)
:
«ولو دَعَتْ عليه أن يُفتَن لَفُتِن»
.
* ففي هذا استجابة الدعاء بالفتنة وجوازه. والله أعلم.
ولا بدَّ من تقييده، فلينظرْ. ولعله خاص بالمظلوم على ظالمه المتمادي في ظلمه. ومما يُضعف الإشكال أنه ليس المقصود ظاهر الأمر من إرادة أن يعصي الله تعالى، وإنما المقصود غاية ذلك من العقوبة. فكما يجوز الدعاء على الظالم أن يعذِّبه الله تعالى فقط، يجوز الدعاء بأن يجري له ما هو سبب العذاب ليعذَّب أو يعاقَب. وقد دلَّ القرآن بأن العقوبة على الذنب قد يكون بإيقاع المُذنب في ذنب آخر. فكأنَّ الداعي على الظالم إنما دعا عليه بشيء يجوز أن يكون عقوبة ظلمه. والله أعلم.
ومنه دعوة سعد على أبي سعدة: «وعرِّضه للفتن»
(2)
، ودعوة موسى
(1)
برقم (2550/ 7).
(2)
أخرجه البخاري (755) من حديث جابر بن سمرة.
وهارون رضي الله عنه على فرعون وقومه: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88].
ويقاربه الدعاء للمؤمن بالشهادة فإنها تتضمَّن قتل الكافر له.
* وفي قصَّة جُريج إثبات الكرامات لغير الأنبياء؛ إذ الظاهر أنه لم يكن نبيًّا. وهي من باب استجابة الدعاء لأن فيها: «فقال: دعوني حتَّى أصلِّي، فصلَّى» .
* وفيها: «فأَقْبَلوا على جريجٍ يقبِّلونه ويتمسَّحون به» يُستدلُّ به على التبرُّك بغير الأنبياء.
* وفي القصَّة ذكر الصبيِّ الذي تكلَّم في المهد لمَّا مرَّ عليه الجبَّار والأَمَة. ففيها أن العادة فد تنخرق للصبيِّ. والله أعلم.
* * * *
باب تفسير البرِّ والإثم
عن نوَّاس بن سمعان
(1)
، قال: «أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة سنةً، ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء، قال: فسألته عن البر والإثم
…
».
قد يُظنُّ أن قوله: «ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة» مقلوب، والصواب: ما يمنعني من المسألة إلا الهجرة، والسياق يدلُّ عليه.
(1)
برقم (2553/ 15).