الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المناسبة بين رسم كلمتَي الصدق والكذب وبين معانيهما]
الحمد لله.
الصدق والكذب
إن الصدق والكذب ليترائَيان للأبصار ضئيلين جدًّا بالنسبة إلى مقدارهما الحقيقي، فإذا أُنعِم النظر فيهما أَخذَا في الاتِّساع إلى أن يَلْتَهِما جميع الأخلاق.
وقد دعاني هذا من حالهما إلى أن أكتب شيئًا في شأنهما، ما بين رسمهما وتسميتهما من المناسبة الغريبة.
[الصدق:]
الصاد: حرفٌ مهموس رخو مُستَعْلٍ.
فكأنه أشيرَ به إلى أن الصدق أول ما يُفاه به، يهمس به صاحبُه خوفًا، ويكون معناه كالكلام المهموس، أي خفيًّا غير ظاهر، ويكون ضعيفًا لكراهية الناس له وميلهم إلى الكذب. وهو مع ذلك مستعلٍ في جوهره، ولكن أُشيرَ بجعل حركته كسرةً إلى أنه سافل في صورة حاله.
والدال والقاف مجهوران شديدان مُقَلْقلان.
وكل ذلك إشارة إلى أن الصدق في أوسط أحواله وآخرها يشتهر ويقوى ويظهر.
وزادَ القافُ بكونه مستعليًا، وهو بحسب الصورة قابل للفتح والرفع
والخفض. ففيه إشارة إلى أن الصدق في آخره هو مستعلٍ في حقيقته، وقد يكون مستعليًا في الصورة، وربما خُفِض.
الكذب:
الكاف: مهموس شديد منخفض، كأن ذلك إشارة إلى
(1)
أن الكذب في أوله يهمس به صاحبُه خوفًا من التكذيب، أو لأن ضميره يلومه إن كان بقي فيه شيء من الحياة.
وقد قيل: إن الكاف مجهور. ويظهر من ذلك نكتة أخرى، وهي أن الكاذب يموِّه كذبه بحيث يشبه المجهور.
والشّدّة فيه إشارةٌ إلى أن الكذب في أوله شديد التأثير.
والانخفاض إشارةٌ إلى انخفاضه في ذاته، ولكنه حُرِّك بالفتح إشارةً إلى أن صاحبه يصوّره بصورة الظاهر المستعلي، وإن كان في نفسه بخلاف ذلك.
الذال: مجهورٌ رخوٌ منخفض.
فكأن ذلك إشارة إلى أن الكذب في أوسط أحواله يشتهر، ويضعف ويكون سافلاً حقيقة وكذا صورةً؛ لتحريكه بالكسرة.
وقد قيل: إن الذال مهموس. وتظهر من ذلك نكتة أخرى، وهي أن صاحبه يجهد حينئذ في أن يغفل عنه الناس وينسوه.
الباء: مجهور شديد مُقَلْقَل منخفض.
(1)
تكررت «إلى» في الأصل.