الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعليق على آيات الصدقة (263 - 268)]
[قوله تعالى]: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} .
فيه الإرشاد إلى العفو عن المستعطي إذا ألحَّ في المسألة وآذى المسؤول.
(1)
.
المقصود من المَثَل ــ والله أعلم ــ: أنَّ مال المانِّ والمؤذي ومال المُرابي يَتْلَف بالإنفاق بدون عِوَض.
(2)
.
المقصود من المَثَل ــ والله أعلم ــ: أنَّ مال المتصدِّق لوجه الله تعالى ولا يُتبِع صدقتَه بمنٍّ ولا أذى = لا يَنفَدُ، بل يُعوِّضه الله عز وجل مضاعفًا، وهذه الآية مصداق الحديث:«ما نقصت صدقةٌ من مال»
(3)
. وعلى هذا
(1)
كتب المؤلف إلى قوله تعالى: {وَالْأَذَى} وأكملنا الآية ليعرف مقصود المؤلف.
(2)
كتب المؤلف إلى قوله تعالى: {أَمْوَالَهُمُ} وأكملنا الآية ليعرف المثل المضروب.
(3)
أخرجه مسلم (2588) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
سمّيت الزكاةُ زكاةً.
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ
…
}.
المقصود بالمَثَل ــ والله أعلم ــ بيان حال الذي يتصدّق لوجه الله تعالى فيستحق الثواب، ثم يفسده بالمنِّ والأذى، فالثواب هو الجنَّة، والمنُّ والأذى هو الإعصار.
وقد يُستدل بقوله: {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ} إلى أنَّ عمل الوالد الصالح ينفع ذُرّيته ــ والله أعلم ــ تدبَّرْ.
فيه إشارة إلى أنَّ المتصدِّق غير متبرّع، بل هو طالب عِوَض وأجر، وأنَّ المتصدَّق عليه آخذ بحقٍّ، أي إذا كان مستحقًّا للصدقة. والله أعلم.
{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا
…
}.
كأن في الآية احتباكٌ
(1)
؛ كأنه قال: الشيطان يوسوس لكم بعدم المغفرة من الله تعالى بأن يقنِّطكم، ويعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء؛ والله يعدكم
(1)
كذا في الأصل، والوجه النصب. والاحتباك هو: أن يُحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ويحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول.
مغفرة منه وفضلًا، ويأمركم بالعدل والإحسان
(1)
.
* * * *
قوله عز وجل: {
…
يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [273].
دلّ سياق الآية على أنّهم لا يسألون البتة، ومفهوم قوله:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أنّهم يسألون، ولكنّهم لا يُلْحِفون.
أجاب الزمخشري بأنّ النّفي هنا متوجّه إلى المقيَّد، كما في قول الشاعر
(2)
:
* على لاحبٍ لا يُهتدى بمناره *
أي: ليس له منار فيهتدى به.
وعندي في هذا الجواب والاستشهاد نظر، وهو قول الشاعر:«لا يهتدى بمناره» ، وما شابهه في كلام الفصحاء إنّما يجيء إذا كان هناك ملازمة. من اللازم
…
وهذا
…
(3)
.
(1)
مجموع [4724].
(2)
سيأتي البيت كاملًا.
(3)
لم يكمل الشيخُ الكلام وترك نصف الصفحة بياضًا، ثم وجدنا في آخر ورقة في المجموع بقية الكلام المتعلق بالمسألة، من قوله: «ذو الرمة
…
» ثم الاعتراض والجواب. وهما منقولان من تفسير الآلوسي «روح المعاني» : (3/ 47).
ذو الرمّة:
لا تُشتكى رقصة
(1)
منها وقد رقصت
…
بها المفاوزُ حتى ظهرُها حَدِبُ
قول امرئ القيس
(2)
:
على لاحبٍ لا يُهتدَى بمناره
…
إذا سافَهُ العَودُ الدِّيافيُّ جَرْجَرا
الآخر في وصف مفازة
(3)
:
لا تُفزِعُ الأرنبَ أهوالُها
…
ولا ترى الضبَّ بها يَنْجَحِرْ
الأعشى
(4)
:
لم تَعطَّف على حُوارٍ ولم يَقْـ
…
ـطع عُبَيدٌ عروقَها مِن خُمال
الأعشى
(5)
:
لا يغمزُ الساقَ من أَيْنٍ ومن وصبٍ
…
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفه الصَّفَر
واعترض بأنّ هذا إنّما يحسن إذا كان القيد لازمًا للمقيَّد أو كاللازم حتى يلزم من نفيه نفيُه بطريق برهاني، وههنا ليس كذلك؛ إذ الإلحاف ليس لازمًا للسؤال، ولا كلازمه.
(1)
كذا في الأصل، ورواية الديوان (1/ 44) ومصادر أخرى كثيرة:«سقطة» .
(2)
«ديوانه» (66 - ت أبو الفضل).
(3)
البيت لعمرو بن أحمر الباهلي. انظر: «ديوانه» (ص 67).
(4)
«ديوانه» (55 - شرح محمد محمد حسين).
(5)
هو أعشى باهلة. انظر: «الأصمعيات» (90).