الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة إبراهيم
قول الله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [31]. وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]. وقوله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ} [النور: 31].
جزم الفعل بشرطٍ مقدّر، والتقدير: إنْ تَقُل لهم ذلك يقيموا الصلاة. وكذا في الآخرَين. واستشكل بأنّه يقتضي الإخبار بترتّب إقامة الصلاة على مجرد القول، وهو خلاف المشاهَد. وكذا في الآخرَين.
وأجاب الخُضري في «حواشي ابن عقيل»
(1)
بأنّ القول ليس شرطًا تامًّا للامتثال، بل لا بدّ معه من التوفيق. فلم يصنع شيئًا! والإشكال بحاله؛ لأنّه إذا لم يكن القول شرطًا تامًّا، فلِمَ جُعل وحده شرطًا؟
وعندي أجوبة:
أحدها: أنّ المراد بالذين آمنوا والمؤمنين= مَن كَمُل إيمانه، أي: أنّ من كَمُل إيمانه لا يقع منه معصية للرسول، بل بمجرّد ما يقول له الرسول: افعل كذا، يبادر بفعله.
فهذا وإن كان أولى من قول الخضري، إلاّ أنّ فيه نظرًا لعموم الآيات جميعَ
(2)
المؤمنين، ولأنّ كمال الإيمان لا يلزم أن يبلغ إلى درجة العصمة
(1)
(3/ 63).
(2)
مفعول للمصدر «عموم» .
في غير الأنبياء، ولاسيما عن الصغائر التي منها عدم غضِّ البصر.
ثانيها: أنّ الجزاء في الآيات وإن كان ظاهره العموم، فيحتمل أنّ المراد الغالب. وفيه نظر ــ أيضًا ــ لأنّ فيه إخراجَ الكلام عن ظاهره، ولأنّه إن صحّ في الآية الأولى، لا أظنه يصح في الآيتين الأخريين.
بل لو قيل: إنّ غالب المؤمنين يتساهلون في عدم غض النظر = لمَا كان بعيدًا.
وجواب ثالث: وهو أنّ الكلام خرج مخرج تحريض المؤمنين وتحضيضهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
كما إذا كان عندك رجل له ولدٌ مقصِّر في طاعته، فاحتاج الأب إلى شيء، فتقول له ــ بمسمعٍ من ولده ــ:«مُر ولدك يُطعْك» ، تريد بذلك تحريض الولد على طاعة أبيه.
كأنّك تقول له: إنّ طاعتك لأبيك بمثابة الأمر المقطوع بوقوعه، حتى لا يتوهم خلافه. هذا مع أنّك تعتقد في نفسك أنّ الولد قد يطيع، وقد لا يطيع.
وهذا الجواب ــ فيما يظهر لي ــ بغاية الحُسن، ولله الحمد
(1)
.
(1)
مجموع [4719].