الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قانون لتعليم علم النحو]
علم النحو لا شكَّ مفتاح لكلِّ علْم، ومَن عرفه كان لها
(1)
سِلْم، وهو مصباح الفهْم، وحجاب عن الوهْم، وهيهات أن يهتدي إلى [إتقانه]
(2)
مَن لم يعرفه إلا بعسر وشدَّة.
ولما كان هذا العلم صعبَ التعلُّم في ابتدائه لأنه كما كان آلةً لغيره فهو كذلك آلةٌ لفهم عباراته وإدراك إشاراته، فربما حاول تعلُّمَه المتعلم مع عدم بصيرة المعلم فيستصعبه، وقد يتركه ولاسيما إن كان المعلّم مهذارًا يلقي إلى المتعلم فوق ما يحمله ذهنه= فأحببت أن أضع قانونًا لطيفًا ليُقتدى به في التعليم. وأرجو أن يتلقَّى بالقبول والتسليم.
فأقول: أولًا يلزم المعلِّم أن يعرِّف المتعلم مباديَه حتى يتصوَّرها فيفهم حينئذ ما سيُلقى إليه ويكون على بصيرة في التعلُّم، فيفهِّمَه حدَّه وفائدته ونحوها.
ثم يشرع فيه فيبدأ أولًا بأن يعرّفه ما الاسم، وما الفعل، وما الحرف، وأن الكلام ينحصر فيها، ويقرِّبَ له حقيقة كلٍّ منها وبعض علاماته التي يسهل عليه تناولها بعبارة سهلة بتلطُّف وتعطف. وليعرِّفْه بلسان عامته، وأن هذه العلامة هي التي تبدل بلسان العامة كذا، مثل "قد" أبدلت [
…
]
(3)
، والسين
(1)
كذا في الأصل، ولعل الضمير يرجع إلى العلوم.
(2)
تمزق في طرف الورقة أتى على الكلمة، ولعلها ما قدَّرناها.
(3)
طمس في الأصل.
[
…
].
ثم الفرق بين الأفعال الثلاثة، ثم يبيِّن له الفرق بين الفعل والفاعل والمفعول، وأن الفعل يحتاج إلى فاعل وبعضه يحتاج إلى مفعول.
ثم أن الإعراب يكون بالحركات الثلاث والسكون. وقد تُوقف الكلمة على السكون لا على أنه إعراب، وأنها قد تجيء أشياء [أُخَر] تنوب عن الحركات.
ثم يشرع في الفاعل، فإنه أقرب مأخذًا من غيره، فيمثِّل له بالأسماء المفردة المعربة، ثم المفعول كذلك، ثم نائب الفاعل فيعرفه أيضًا [بعبارة]
(1)
سهلة.
ثم يشرع في المقصور والمنقوص، ثم في الأفعال الخمسة والأسماء الستة، ثم في التثنية، ثم في الجَمْعين
(2)
، ثم في المبتدأ وخبره، ثم في حروف الجر، ثم حروف النصب، ثم حروف الجزم، ثم في النواسخ. ولا يبهته بجميع شروط الناسخ ونحوه، بل بالتدريج لئلَّا يسأم. ولا يغضبُ عليه بل يلين له ويخفف عليه. ولا يذكر له خلافًا ونحوه، فإنه لا يليق به.
ثم يبيّن له المعرفة من النكرة، ثم غير المنصرف، ثم المفاعيل والحال والتمييز وغيرها من الأبواب. ولا يُطِلْ عليه في التفصيل، فقد قيل: كثرة التفصيل تمنع التحصيل.
وهو مع ذلك يعاوده مذاكرة الأبواب الأُوَل، وإلَّا ضيَّعَها كمن يصبُّ
(1)
رسم في الأصل [برا] ولعل المثبت هو المقصود.
(2)
أي جمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم.
ماء في إناءٍ ضيِّق الفم، فإنه إن صبَّ وعاجل انسدَّ الفم بالماء وخرج الماء، وإن صبَّه في إناء مكسور فإنه كلَّما صبَّ خرج الماء، فلا يحصل على شيء. ومثل المحارب إذا أراد أن يُدوِّخ أرضًا فإنه يبتدئ من أولها فكلَّما دخل قرية شيَّدها وحصَّنها ويعاودها في الانتباه حتَّى يأتي على آخر البلد وقد صارت في قبضته، وإلا ذهب عمله سُدًى.
يُرجع
(1)
المسائل العويصة التي فيها الحذف والتقدير والمتشابه لوقتها. وكل مسألة تتوقف على درايةِ غيرها فليتركْها إلى انقضاء ذلك الغير.
وبالجملة فالكون مبني على التدريج. والله أعلم
(2)
.
(1)
كذا، ولعل الأنسب:"يُرْجِي".
(2)
مجموع [4708].