الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذًا فلا معنى للسجود لعمد تلك الأشياء؛ إذ قد تبيَّن أن عمدها مُبطل، فأما الشكُّ فإنه لا يتصوَّر عمده.
ثمَّ الحق في سجود السهو أنَّه فرض لأنه تداركٌ لفعل مبطل، إلا أن البطلان سقط لأجل السهو.
والظاهر ــ والله أعلم ــ أن تارك الشيء منها جهلًا لا يُؤمر بسجود السهو لحديث الرجل الذي علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة عليه؛ فإننا نختار أن الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم في التشهد الثاني فرض لا ركن، وهذا هو مذهب إسحاق.
وأيضًا في حديث معاوية بن الحكم أنه تكلَّم في الصلاة، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسجود للسهو مع أنَّ عمد الكلام مبطلٌ. قالوا: إنما لم يأمره لأنه كان مأمومًا، والمأموم يتحمَّل عنه إمامه. قلنا: وما دليلُ أنَّ المأموم يتحمَّل عنه إمامه؟ لم نجد لهم دليلًا في ذلك
(1)
.
* * * *
[فائدة حول التشهد وعطف اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على لفظ الجلالة]
جاء في بعض روايات التشهد: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» .
وفي بعضها: «وأن محمدًا عبده ورسوله» .
وفي أخرى: «وأشهد أن محمدًا رسول الله» .
(1)
مجموع [4716].
فقال بعضهم: يُفهم منه جواز: «وأن محمدًا رسول الله» بناءً على أن كلمة «أشهد» أُسقطت في روايةٍ، وكلمة «عبده» أُسقطت في أخرى، فيجوز حذفهما معًا.
وهو عندي خطأ، فإسقاط كلّ منهما وحدها لا يدلّ على جواز إسقاطهما معًا.
ثم من الحكمة في ذلك ــ والله أعلم ــ أنه إذا أسقط كلمة «أشهد» صار قوله: «وأن محمدًا» إلخ داخلًا تحت «أشهد» الأولى، فوجب حينئذ أن يُؤتى بكلمة:«عبده» حفظًا لمقام الربوبية ودفعًا لما يُوهمه إدخال الجملتين تحت «أشهد» واحدة من التسوية.
وأما إذا جاء بـ «أشهد» أخرى فهذا الإيهام مندفع، فجاز حينئذ إسقاط كلمة «عبده». ومما يرشد إلى هذا إنكاره صلى الله عليه وآله وسلم على من قال:«ومن يعصهما فقد غوى»
(1)
وعلى قائل: «ما شاء الله وشئت»
(2)
(3)
.
* * * *
(1)
أخرجه مسلم (870) من حديث عديّ بن حاتم.
(2)
أخرجه أحمد (1839)، والنسائي في «الكبرى» (10759)، وابن ماجه (2117)، والبخاري في «الأدب المفرد» (783)، والبيهقي:(3/ 217) وغيرهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وفي سنده الأجلح الكندي مختلف فيه، وله شواهد يتقوَّى بها.
(3)
مجموع [4711].