الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رؤى رآها الشيخ]
* الحمد لله.
يوم
…
(1)
صباحًا بعد أن صلَّيت الصبح في جماعة ــ والحمد لله ــ وقرأ الإمام سورة غافر، وبعد تمام الصلاة رجعتُ إلى محلّي فنمتُ فرأيت كأنني ذاهبٌ أتمشَّى على جبلٍ فأشرفت على رأسه، فإذا بديكٍ وقع هناك ولونه جميل إلى الغاية، لعلّه أجمل من الطاووس، فأعجبني لونه جدًّا، وصاح، فقلت: هذا المكان يصلح للتفرُّج، ثمَّ إذا بديكة أخرى مثل الأول تقع وتطير ثم رأيت الجوَّ كلَّه ممتلئًا طيرًا في مثل ذلك الجمال. ثم انتبهت لنفسي وإذا أنا على شرف الجبل، فانبطحت لأَثبُتَ كيلا أسقط، وإذا أنا أحسّ نفسي أنجرُّ بغير اختياري، فتمسَّكت بيدي فإذا بالصخرة التي أنا عليها انقلعتْ، ففرحتُ لأنه وقع في نفسي أنها إذا سقطت وأنا عليها لا يلحقني ضررٌ، فسقطت ولم أجد مشقَّة لسَقْطتها، بل أحسست كأنها إنما سقطت مقدار ذراعين أو ثلاثة.
ثم إذا أنا بالأرض وإذا فيها بساتين وقصور عالية، فمشيتُ فوصلت إلى وادٍ ضيِّق يجري فيه ماء قليل، فأردتُ أن أمشي فيه، فرأيتُ رجلاً يغتسل في الجهة التي أريد أن أذهب منها والماء متغيِّر فيها فعدلت عن ذلك أتطلب طريقًا أخرى، وإذا أنا برجلٍ كان يَقْصُر ثيابه
(2)
فجرتْ بيني
(1)
لم يستحضر الشيخ التاريخ فترك له بياضًا بمقدار أربع كلمات.
(2)
أي يحوِّرها ويبيِّضها بالغسل. ومنه يقال لمن يمتهن هذا العمل: "قصَّار" ولصناعته "القِصَارة".
وبينه محاورة سأقصّها بالمعنى.
فقلت له: أيّ وادٍ هذا؟ قال لي: وادي الشيخ، وأحسبني قلت له: في أي بلد؟ قال: في عُتْمة (وطني). قلت: في أي مخلافٍ؟ قال: في السُّمَل
(1)
، أظنه ثم قال لي: ما اسمك؟ قلت: عبد الرحمن بن يحيى. قال: من أين أنت؟ قلت: من رازح (مخلافنا) من بني المعلّمي (قبيلتنا). قال لي: وأين جنَّتك؟ فوقع في نفسي أنِّي في الآخرة، فقلت له: لم أَمُتْ بعد، ولم أزل من أهل الدنيا وإنما جئتكم زائرًا. فلما قلت هذا كأنه غضب مني وتغيَّرتْ صورته وعظُمَ وصار ينظر إليَّ بحَنَقٍ، فأحسستُ في جسمي بقشعريرة ومبادئ غشيٍ.
ثم إذا أنا بمثل الإنسان طائرًا، وقع في نفسي أنها امرأة، فقالت لي كلامًا لا أحفظه إلا أنه وقع في نفسي أنها تَعرِض عليَّ أن أمسك بيدها لتخلِّصني فمددتُ يدي لأقبض على يدها، فأولاً لم أقدر على القبض لأني كنت كلَّما قبضت لم يقع في يدي شيء ثم انقبضت لي اليد، وأخذ ذلك الشخص يَسبَح في الهواء وأنا أمشي قابضًا بيدها ثم ترددتُ في نفسي: لا أدري، أهذه تريد بي خيرًا أم شرًا؟ فرأيت أن أتعوّذ بشيء من ذكر الله تعالى حتى إذا كانت تريد شرًّا يخلِّصني الله تعالى منها، فتعوَّذت بشيء غالبُ ظني أنه آية الكرسي ولم أكن أقدر على النطق إنما أديرها
(1)
بمهملة مضمومة وفتح الميم وآخره لام. مخلاف من ناحية "عُتمة". انظر: "مجموع بلدان اليمن وقبائلها": (2/ 432، 576).
على قلبي وأحرك لساني بدون أن تنفتح شفتاي فأنطق، فلم أر تلك الطائرة تغيرت لذلك بل استمرت على حالها ثم استيقظت.
أسأل الله التوفيق، لا حول ولا قوة إلا به، وصلى الله وسلم على خاتم أنبيائه محمد وآله.
* * * *
* الحمد لله.
وفي يوم الثلاثاء 9 ذي الحجة سنة 1349 نهارًا رأيت رؤيا لا أذكر منها إلا أن شخصًا وقع في نفسي أنه نبي، ثم رأيت الأرض تَخْضَرُّ حيث مرَّ، فقلت: هو الخضر. فسألته فيما يتعلق بالمذاهب والآراء في الدين وأيَّها أتَّبع؟ فأمرني أن لا أتَّبعَ منها واحدًا بعينه بل أنظر لنفسي، وكلّمني بكلامٍ في هذا المعنى نسيته. والله أعلم.
* وفي ليلة الخميس 11 ذي الحجة رأيت رؤيا طويلة كأني كنت أصحب رجلاً من أمراء بعض الملوك، فجئت إليه بمكتوبٍ وهو مع الملك ووزيره، فأخذ الوزير منِّي المكتوب فخفت أن يكون فيه سِرٌّ، فلم يكن ثَمَّ ....
(1)
معهم، فلم نشعر إلا برمية بمسدّس أصابت ثياب صاحبي الأمير، ولم يُدرَ مَن الرامي، وأنا توهمت أنه الوزير وكأنني ساررتُ الأمير بذلك.
(1)
كلمتان لم تتبيّنا.
فاتفق أننا وصلنا إلى جُند في الطريق ففتّشوا الوزير فإذا معه مسدس وفيه فَشْكة
(1)
قريبة العهد بالضرب، فنسبوا إليه تلك الرمية، فأُمسك فاعترف، ثم جاء الملك فدنا من الوزير يوبخه، فأخذ بلحية الملك قائلًا له ما معناه: لابد من عزلك، فإنه لم يتملَّك علينا أحدٌ قبلك غير واحد.
فتبيَّن أن هناك مؤامرة على خلع الملك، ولكن كأنّ صاحبي الأمير لم يكن موافقًا على ذلك فأرادوا قتله أَوَّلًا، أو كان الوزير أراد بتلك الرمية إصابة الملك، الله أعلم.
ثم ساروا قليلاً وأنا معهم فعلموا أن هناك قومًا راصدين لهم كأنهم من الثائرين، فقدّمني أصحابي أمامهم، وإذا ناسٌ مجتمعون فأتيتهم وإذا هم يشكون من الملك، وإذا أمامهم شخص كأنه مجروح يقولون إنه امرأةٌ كأنه جرحها زوجها، فاستخبروها وأنا حاضر وأخذتْ تشكو زوجها وأنه ......
(2)
، وإذا ليس هناك جرح يُعتدَّ به ولكن كأنهم جعلوها حيلة ليستوقفوا الملك إذا جاء فيغدروا به، فرأى الملك وصاحبي الأمير من بعيد وفهموا فغيَّروا صورتهم، وجعل الملك بفِيهِ مزمارًا يزمر به، وأخذ صاحبي ما يناسب ذلك، ليوهما أنهما من الزمّارين الذين يتكسّبون فمرَّا ومررت معهما.
ولكن بعد المرور شعر ذلك القوم بالحيلة فأتبعونا ونحن نسرع، ثم لم أشعر إلا بأحد الرَّجُلَين ــ الغالب
(1)
فَشْكة: كلمة معرَّبة عن التركية بمعنى خرطوشة ولفيفة بارود. انظر: "تكملة المعاجم العربية" لدوزي: (2/ 76).
(2)
هكذا في الأصل.
على ظَني أنه صاحبي الأمير ــ قد وجد فرسًا فركبه وركضه فارًّا، والآخر لا أدري وجد مركوبًا أم كيف ذلك إلا أنه فرَّ، وبقيت أنا وآخر معي وقع في ذهني أنه الشيخ سعيد بن علي بن مصلح الرِّيمي، ففرَرْنا فأتينا على طرف جبل كأنه لا طريق فيه فرجعنا إلى جهة أخرى رأينا فيها طريقًا، فوقعنا في أيدي القوم فكأنهم قاتلونا فأخرجوا عَيْنَ رفيقي وفصلوها ثم رموا بها إليه، وأزال ما كان مع الشحمة من جلدة ونحوها ثم أعادها في محلّها، يقول لهم: إنها رجعت كما كانت! ثم فررنا منهم، فأخذت أدعو الله عز وجل أن يعيد لرفيقي عينه صحيحةً، ولما رأيناهم يتبعوننا اخترت أن نعدل عن الطريق حتى يمرّوا فيها فمرَّ أكثرهم ولكن رفيقي لم يستتر تمامًا بل نزل في بركة ماء، ففطن لنا رجل فمرَّ إلينا فأخذت عودًا وغرزْته في بطنه فسقط للموت، ثم فررت مع صاحبي فأتينا على نهرٍ وناس يُخرجون منه شجرًا، فسألْنا، فقيل لنا: كلُّ مَنْ وصل هنا يكون أسيرًا لا يستطيعون الخروج من هنا، ولكن الملك (يعنون ملك تلك الجهة) قال للأسراء يخرجون شجرًا من النهر: هناك شجرة مجهولة عند الأسراء، فمن اتَّفق أنه أخرجها أُمر بإطلاقه، فقلت أنا وصاحبي ونحن أسيران: فلنجرِّبْ حظّنا، فأوَّل ما نزلت أخرجت شيئًا من الشجر، فلما صعدتُ بها ألقيتها وإذا ببنت الملك مارَّة، فلما ألقيت الشجر التي صعدت بها من النهر رمت هي بشجرة كانت معها طرحتْها بسرعة فوق الشجرة التي صعدت بها قائلة: نعم، ها هي الشجرة المطلوبة قد أصعدها هذا الرجل، تعنيني، فعرفت أن تلك الشجرة هي التي كانت
معها، فطرحتْها على شجري وأنها أرادت خلاصي لإيهام أني أنا أصعدتها. ثم قالت لي: بيَّض الله وجهك، فقلت وأنا أجهش للبكاء: بيَّض الله وجه من فعل المعروف. وكأن الحاضرين فهموا الإشارة وفرحوا
(1)
بذلك. والحاصل قد خلصت، ولكن بقي صاحبي، فبينما أنا أتأمل كيف أستعين بالبنت على خلاصه، استيقظتُ.
أما غرض البنت من خلاصي فمعلوم، كأن أباها كان قد شرط مَن وفّق لإخراج تلك الشجرة أن يزوّجه إيّاها، وكانت هي تعرف الشجرة، فأخذتها معها، وكانت تتردد إلى النهر، حتى إذا رأت من أولئك الذين يخرجون الشجر مَن ترضاه طرحت الشجرة على شجره.
ولكن استيقظت قبل تمام الرواية، بل لم أزل على النهر والبنت أمامي والشجر قدامي وأنا أفكِّر في نجاة صاحبي.
أسأل الله تبارك وتعالى نجاتي ونجاته، ومكافأة تلك الفتاة بما تحب وترضى
(2)
.
* بسم الله.
ليلة الأحد، 4 صفر، سنة 1358.
رأيتُ وأنا نائم كأنني نائم فجاء بعض أهلي يجر الفراش من تحتي
(1)
غير واضحة في الأصل، فلعلها ما أثبت.
(2)
الرؤى الثلاثة من مجموع [4716].
يوقظني للصلاة، فكأنني استيقظت ونظرت فإذا قد بقي ساعة أو أقل من طلوع الشمس. وهو يقول لي: قم صلِّ! قم صلِّ، وإلا اخرُجْ من عندنا ــ أو قال: اذهب، أو انتقل، أو ارتحل، أو كلمة نحوها ــ وإلا فلماذا ترفع يديك في الصلاة؟ !
وكأنني شكرته على ذلك وقمتُ وذهبت لأصلي في المسجد وعمدت لأتوضأ، فكأن هناك بِرْكةً وموضئًا فيه درج إلى أسفل وفي بعض الدرج حنفيَّات يمنة ويسرة. فكأنني جلستُ أتوضَّأ من حنفية منها، ومقابلي بعض معارفي
(1)
يتوضَّأ. ثم كأنني ذهبت للصلاة في المسجد فوجدت نفسي في بيت كأنه بيت رجل من أصحاب "ج"، وكأن "ج" معي، وكأنني جالس وهو يعرض عليَّ قصيدة (لم أذكر بعد اليقظة شيئًا منها، ولا بحرها، ولا رويَّها). وكأنني أستعجله لإدراك صلاة الصبح، وهو يسرد القصيدة، وإذا هي
(2)
طويلة مكتوبة في وجه الورقة وظهرها، وكأنه فرغ منها، وقمنا للصلاة في ذاك البيت لضيق الوقت، وكأنني أبسط ثوبًا لنصلِّي عليه. والبيت ضيِّق، فيه دواليب، وليس فرش ولا هيئة حسنة.
ثم كأنني أحس في نفسي أنني لا أزال راقدًا، وأن ما جرى أوَّلًا كان حُلمًا. وكأنني أقاتل نفسي لأستيقظ، وأنا لا أستطيع. فكأن شخصًا (لم أره إلا أنني ظننت حينئذ أنه الذي حاول إيقاظي أوَّلًا) يجرُّ اللِّحاف من فوقي.
وفي هذا الوقت استيقظت حقيقةً، فقمت وأنا أتوهَّم أنه قد قرب طلوع
(1)
كتب فوقه: "خصم د * م * ل".
(2)
في الأصل: "هي في".
الشمس لأني أعتاد قبل ذلك أن أرى في نحو ذلك الوقت ما يوقظني، ولكني نظرت فإذا الليل باقٍ، ثم نظرتُ الساعة فإذا هي 40 دقيقة بعد 12 ساعة
(1)
.
(1)
مجموع [4730].