الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاحتجاج على وجوب القضاء بوجوب الصيام من طلوع الفجر ــ كما صنع البيهقي
(1)
ــ لا وجه له؛ لأنه محمول على العلم، فلا يقاس عليه الجهل.
على أن صحة صوم من أكل ناسيًا دليلٌ قوي في المسألة، والله أعلم.
بل في آثار الصحابة أنهم كانوا يأمرون من يحول بينهم وبين مطلع الفجر
(2)
. ولا وجه لذلك إلا أن يكونوا يرون أن يطعم الإنسان مع الشك في طلوع الفجر، وإن كان سعى بنفسه للاختفاء منه
(3)
.
* * * *
[شرح حديث
حديث: «الصوم لي وأنا أجزي به»
(4)
يُسأل عن معناه وحكمته.
فأما حكمته: فقد ذُكرت في الحديث، وهو قوله:«يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» . وذلك أنه يجتمع في الصوم من ترك الشهوات ما لا يجتمع في غيره من العبادات.
وأما المعنى: فظاهر حديثِ
(5)
أبي هريرة المتفق عليه ــ كما في
(1)
في «السنن الكبير» (4/ 216).
(2)
روي ذلك عن أبي بكر رضي الله عنه. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (9022).
(3)
مجموع [4726].
(4)
أخرجه البخاري (7492) ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة.
(5)
الأصل: «حد» .
«المشكاة» ــ أن المعنى أن جزاءه لا يتقيّد بعشرة أمثاله إلى سبعمائة، بل هو موكول إلى فضل الله عز وجل.
قال في «المشكاة»
(1)
: وعنه (أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل عمل ابن آدم يُضاعَف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» .
وقد يُدفع بأحاديث أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر، وحديث صوم رمضان وستة أيام من شوال صوم الدهر؛ فإنه مبنيّ على أن الحسنة بعشر أمثالها.
لكن يجاب بأن بناءه على الأقل لا يستلزم نفيَ الأكثر، يعني أن الباري سبحانه عز وجل قدّر جزاء الصدقة ــ مثلًا ــ بعشر أمثالها إلى سبعمائة، ووَكلَ الصيام إلى فضله، فكان معلومًا أنه لا يجوز أن يكون أقل من عشر، بل لا شك أنه أكثر. فبُني حديث صيام ثلاثة أيام على العشر لأنها محققة قطعًا، وأما ما زاد عنها، وإن كان محقّقًا أيضًا، لكنه دون تحقّق العشر. والله أعلم.
وقال ابن عيينة
(2)
: إن معنى الحديث أن الأعمال كلها يؤخذ منها جزاء المظالم يوم القيامة إلا الصوم فإنه لا يؤخذ منه، بل إذا فَنِيت أعمال الظالم في جزاء المظالم وبقيت عليه مظالم، فإن الله تبارك وتعالى يقضي الباقي من فضله ويترك له الصوم.
(1)
«مشكاة المصابيح» : (1/ 442).
(2)
أخرجه عنه البيهقي في «الكبرى» (4/ 274، 305)، وفي «شعب الإيمان» (3309).