الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة على الميت
الكلام فيها ينحصر في عشرين فصلا (1) فضلها - قد ورد في الحث على الصلاة على الميت وتشييعه حتى يدفن أحاديث (منها) حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تبع جنازة وصلى عليها فله قيراط ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان أصغرهما مثل أحد أو أحدهما مثل أحد أخرجه السبعة (وقال) الترمذى: حسن صحيح وروى من غير وجه (1). {483}
وفى رواية للبخاري: من شيع جنازة، وفى أخرى له: من شهد والفاء في قوله: فصلى ليست للترتيب فإن الإجر المذكور يحصل لمن صلى على الجنازة وتبعها تقدمت الصلاة أم تأخرت (وحديث) خباب صاحب المقصورة قال: يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى يدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له
(1)(انظر ص 197 ج 2 - الفتح الربانى 0 فضل الصلاة على الميت) وص 128 ج 3 فتح البارى (من انتظر حتى تدفن 9 وص 13 ج 7 نووى (فضل الصلاة على الجنازة)(ولفظ الشيخين 0 من شهد الجنازة حتى يصلى فله قيراط. ومن شهد حتى يدفن كان له قيراطان. قيل وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين) وص 331 ج 8 - المنهل العذب وص 282 ج 1 مجتبى 0 ثواب من صلى على جنازة) وص 150 ج 2 تحفة الأحوذى (فضل الصلاة على الجنازة) وص 241 ج 1 - ابن ماجه (والقيراط) سدس درهم والدرهم ست عشرة خرنوبة. ولما كان القيراط المتعارف حقيرا مثله النبى صلى الله عليه وسلم بأعظم الجبال خلقا وأحبها لنفس المؤمن (ففى الحديث) إن أحدا جبل يحينا ونحبه. أخرجه مالك والشيخان والترمذى عن أنس ولكونه قريبا من المخاطبين خاطبهم بما يعرفون تقريبا لعقولهم وإلا فالثواب معنى لا يدرك بالحس.
مثل أحد. فارسل ابن عمر خبايا إلى عائشة يسألها عن قول أبى هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت فقال: قالت عائشة صدق أبو هريرة، فقال ابن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى ومسلم وهذا لفظه (1). {484}
(وهذا) ظاهر في أن الأجر المذكور يحصل لمن خرج مع الجنازة من بيتها ولأحمد من حديث أبي سعيد الخدرى: من جاء جنازة في أهلها فتبعها حتى يصلى عليها فله قيراط (2)، ومقتضاه: أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة، وبذلك صرح المحب الطبري وغيره.
(والظاهر) أن القيراط يحصل لمن صلى فقط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى، لحديث أبي هريرة مرفوعا: من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط. أخرجه أحمد ومسلم (3). {485}
(فدل) على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع ابتاع (وقال) ابن المنير: إن القيراط لا يحصل إلا لمن ابتع وصلى، أو اتبع وشيع وحضر الدفن لا لمن اتبع وشيع ثم انصرف بلا صلاة، وذلك لأن الاتباع إنما هو وسيلة لأحد مقصودين: الصلاة أو الدفن، فإذا تجردت الوسيلة عن المقصد لم يحصل المترتب عليه وإن كان يرجى أن يحصل بذلك فضل ما يحتسب (وقد) روى سعيد بن منصور عن مجاهد أنه قال: اتباع الجنازة افضل النوافل (وحديث) ابن سيرين عن
(1) انظر ص 194 ج 7 - الفتح الربانى (فضل الصلاة على الميت) وص 16 ج 7 نووى، وص 333 ج 8 - المنهل العذب. وص 412 بيهقى. (والمقصورة) الدار الواسعة المحصنى. وقيل إنها أصغر من الدار تقصر لا يدخلها إلا صاحبها.
(2)
انظر ص 197 ج 7 - الفتح الربانى (فضل الصلاة على الميت وتشييع الجنازة)
(3)
انظر ص 15 ج 7 نووى
أبى هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين. كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط. أخرجه البخاري والنسائي (1). {486}
وهو صريح في أن الحاصل من الصلاة والدفن قيراطان فقط (وظاهر) قوله في الحديث الأول: ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان (2) أن هذين القيراطين غير قيراط الصلاة وبه جزم بعض المتقدمين. ويمكن الجمع بينهما بأن المراد بقوله في الحديث الأول " فله قيراطان " أى بقيراط الصلاة.
(دلت) هذه الأحاديث على أن من صلى على الميت وسيعه فله قيراطان من الأجر: قيراط للصلاة وقيراط للتشييع مع حضور الدفن والفراغ منه. وف بعضها عدم التقييد بحضور الدفن ولكن يحمل المطلق منها على المقيد، وهذا هو الصحيح. وقيل: يحصل القيراط الثاني إذا ستر الميت في القبر باللبن ونحوه وإن لم يلق عليه التراب (والحاصل) إن الانصراف من الجنازة مراتب (أ) أن ينصرف عقب الصلاة (ب) أن ينصرف عقب وضع الميت في القبر وستره قبل إهالة التراب. (جـ) أن ينصرف بعد إهالة التراب وفراغ الدفن. (د) أن يمكث عقب الفراغ ويستغفر للميت ويدعو له ويسأل له التثبيت. فالرابعة أكمل المراتب والثالثة تحصل القيراطين ولا تحصلهما الثانية على أترجح. ويحصل بالإولى قيراط بلا خلاف.
(وحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة
(1) انظر ص 80 ج 1 فتح البارى (اتباع الجنائز من الإيمان) وص 282 ج 1 مجتبى (ثواب من صلى على جنازة).
(2)
انظر رقم 483.
يحمل من علوها وحثا في قبرها وقعد حتى يؤذن له، آب بقيراطين من الأجر كل قيراط مثل أحد. أخرجه أحمد وفيه ابن لهيعة متكلم فيه، وعبد الله بن هرمز ضعيف (1). {487}
وهو يدل على استحباب استئذان المشيع أولياء الميت في الأنصراف بعد الدفن. ولم يقل بذلك أحد إلا ما رواه ابن عبد الحكم عن مالك، وروى عن بعض الصحابة (وقال) الجمهور: لا يطلب استئذان المنصرف بعد الدفن (لقول) زيد بن ثابت رضى الله عنه: إذا صليت فقد قضيت الذي عليك. ذكره البخاري معلقا. ووصله سعيد بن منصور من طريق عروة عن زيد بن ثابت قال: إذا صليتم على الجنازة فقد قضيتم ما عليكم فخلوا بينها وبين أهلها (2) أى قضيتم حق الميت. فمن أراد الاتباع زيادة في الأجر فله ذلك 0 وقال: حميد بن هلال ما علمنا على الجنازة إذنا ولكن من صلى ثم رجع فله قيراط. ذكره البخاري معلقا (3).
(وبهذا) قال الجمهور لإطلاق أحاديث الباب (وقالت) المالكية: يكره الانصراف عن الجنازة قبل الصلاة عليها ولو بإذن أهلها لما فيه من الطعن
(1) انظر ص 196 ج 7 - الفتح الربانى (فضل الصلاة على الميت) و (من علوها) بضم العين واللام وكسر الواو مشددة. وفيه إشارة الى كيفية حمل الجنازة بارتفاع سريرها على عاتق الرجال. (وحثا) التراب يحثوه ويحثيه حثيا من باب رمى لغة أى هاله بيده.
(2)
انظر ص 125 ج 3 فتح البارى (فضل ابتاع الجنائز) واراد البخارى بذكر هذين الثرين الرد على قول ابى هريرة: أميران وليسا بأميرين الرجل يكون مع الجنازة يصلى عليها فليس له أن يرجع حتى يستأذن وليها (الثر) اخرجه عبد الرازق من طريق عمرو بن شعيب وهو منقطع موقوف (وقد) ورد مثله مرفوعا من حديث جابر. أخرجه البزار بسند فيه مقال. ومن حديث ابى هريرة مرفوعا بسند ضعيف. وهو الحديث رقم 487 (انظر ص 125 ج 3 فتح البارى)(الشرح)
(3)
انظر ص 125 ج 3 فتح البارى (فضل ابتاع الجنائز) واراد البخارى بذكر هذين الثرين الرد على قول ابى هريرة: أميران وليسا بأميرين الرجل يكون مع الجنازة يصلى عليها فليس له أن يرجع حتى يستأذن وليها (الثر) اخرجه عبد الرازق من طريق عمرو بن شعيب وهو منقطع موقوف (وقد) ورد مثله مرفوعا من حديث جابر. أخرجه البزار بسند فيه مقال. ومن حديث ابى هريرة مرفوعا بسند ضعيف. وهو الحديث رقم 487 (انظر ص 125 ج 3 فتح البارى)(الشرح)
في الميت وإن طولوا. ويكره الانصراف بعد الصلاة بلا إذن أهلها إن لم يطولوا ولا يكره بعدها إن أذنوا أو طولوا ولو لم يأذنوا (1).
2 -
حكم صلاة الجنازة: هي فرض كفاية بالكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى: " وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُم "(2) والحمل على المفهوم الشرعي أولى (وعن) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه فضلا؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى وإلا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم (الحديث) أخرجه الشيخان (3). {488}
وقد نقلوا الإجماع على أن الجنازة فرض كفاية إلا ما حكى عن بعض المالكية من أنها سنة، وهذا متروك لا يلتفت إليه (4). وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضى الله عنه والأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم يومنا هذا عليها.
(3)
سببها: سبب لزومها الميت المسلم، لأنها شرعت قضاء لحقه فيصلى على كل مسلم مات بعد الولادة صغيرا كان أم كبيرا ذكرا أم أنثى إلا البغاة وقطاع الطريق ونحوهم، ولا يصلى على من ولد ميتا. وإن مات في حال ولادته، فإن كان خرج أكثره صلى عليه وإن كان اقله لم يصل عليه اعتبارا للأغلب (5).
(4)
شروطها: هي عامة وخاصة (أ) فالعامة هي ما يشترط للمكتوبة
(1) انظر ص 172 ج 1 صغير الدرديرى
(2)
التوبة: 103
(3)
انظر ص 414 ج 9 فتح البارى (قول النبى صلى الله عليه وسلم: من ترك كلا أو ضياعا فإلى - النفقات) وص 59 ج 11 نووى مسلم (الفرائض)
(4)
انظر ص 311 ج 1 بدائع الصنائع
(5)
انظر ص 212 ج 5 مجموع النووى.
إلا الوقت فيشترط لها الطهارة الحقيقية والحكمية واستقبال القبلة وستر العورة والنية حتى إنهم لو صلوا على جنازة والإمام غير طاهر فعليهم إعادتها لأن صلاة الإمام غير جائزة، فكذا صلاتهم لأنها مبنية على صلاته. ولو كان الإمام متطهرا والقوم على غير طهارة جازت صلاة الإمام وليس عليها إعادتها لأن حق الميت تأدى بصلاة الإمام، ولو تحروا على جنازة فأخطئوه القبلة جازت صلاتهم لأن المكتوبة تجوز فهذه أولى وإن تعمدوا خلافها لم تجز لأن استقبال القبلة شرط لا يسقط حالي الاختيار كما في سائر الصلوات (1). (وشذ) قوم فقالوا: يجوز أن يصلى على الجنازة بغير طهارة، وبه قال الشعبي وابن جرير الطبري والشيعة. ظنوا أن اسم الصلاة لا يتناول صلاة الجنازة، وإنما يتناولها اسم الدعاء إذ ليس فيها ركوع ولا سجود وهو قول خرق الإجماع فلا يلتفت إليه (2).
(فائدة) من وجد الماء لكنه خاف باستعماله فوات صلاة الجنازة أيباح له التيمم؟ قال النعمان وسفيان الثوري والأوزاعى وجماعة: يتيمم ويصلى على الميت وهو رواية عن أحمد لما روى عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه أتى بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها. أخرجه البيهقى في المعرفة وقال: وهذا لا أعلمه إلا من هذا الوجه، فإن كان محفوظا فإنه يحتمل أن يكون ورد في سفر وإن كان الظاهر خلافه (3). {489}
وتقدم نحوه عن ابن عباس في بحث ما يباح بالتيمم (4). والموقوف في هذا
(1)(انظر ص 315 ج 1 بدائع الصنائع 0 بيان ما تصح به وما تفسد)
(2)
انظر ص 223 ج 5 مجموع النووى
(3)
انظر ص 230 ج 1 - الجوهر النقى على البيهقى.
(4)
انظر رقم 460 بص 432 ج 1 - الدين الخالص طبعة ثانية. (التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة)
كالمرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي (وقال) مالك الشافعي: لا يتيمم للجنازة مع وجود الماء ولو خاف فوتها قياسا على سائر الصلوات وهى رواية عن أحمد. ولو كان المصلى ولى الميت لا يباح له التيمم مع وجود الماء اتفاقا لأن له حق الإعادة فر خلاف الفوت ومبني الخلاف تم صلاة الجنازة لا تقضي عند الحنيفين وعند غيرهم تقضي بخلاف الجمعة لانه فرض الوقت قائم وهو الظهر وبخلاف سائر الصلوات لأنها تفوت إلي خلف وهو القضاء الفائت إلي خلف قائم معني وسجده التلاوة ولا يخاف فوتها رأسا لانه ليس لآبائها وقت معين (1).
(واستدل) من برى اشتراط الطهارة بعموم قول الله تعالى " وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداًد"(2) فسماها صلاة وقوله تعالى " إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ "(3) وقوله صلى الله عليه وسلم ك لا يقبل الله صلاة بغير طهور (4) ولأنها لما افتقرت إلي شروط الصلاة دل على أنها صلاة وكون معظم مقصودها الدعاء لا يخرجها عن كونها صلاة.
(وأجاب) الأولون بأن صلاة الجنازة خصت بجواز التيمم لمن خاف فوتها باستعمال الماء بما تقدم عن ابن عمر وابن عباس.
ب- وشروطها الخاصة: أربعة (الأول) إسلام الميت فلا يصلى على كافر لقوله " وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ "(الثاني) طهارة الميت فلا تصح على غير شهيد لم يغسل إلا إذا دفن بغير غسل ولم يمكن إخراجه
(1) انظر ص 51 ج 1 بدائع الصنائع.
(2)
التوبة: 84.
(3)
المائدة: 6
(4)
هذا بعض حديث أخرجه السبعة إلا البخارى عن ابن عمر وتقدم تاما رقم 330 بص 268 ج 1 - الدين الخالص طبعة ثانية. (أقسام الوضوء)
إلا بالنبش فإنه يصلى على قبره بغير غسل للضرورة عند الحنفيين والحنبلييم فاشبه على الغريق قبل الغسل كالغائب البعيد، لأن الغسل تعذر لمانع فأشبه الحي إذا عجز عن الغسل والتيمم صلى على حسب حاله (1) (وقالت) المالكية: الغسل والصلاة متلازمان في الطلب فكل من وجب غسله وجبت الصلاة عليه وبالعكس. وليسا متلازمين في الفعل وجودا وعدما لأنه قد يتعذر الغسل وتجب عليه الصلاة. ومن دفن بلا غسل نبش قبره وأخرج المغسل ما لم يتغير وإلا صلى على قبره بلا غسل (وقالت) الشافعية: لا يصلى على غير الشهيد بلا غسل مطلقا. فلو مات في بئر أو انهدم عليه جدار ونحوه وتعذر إخراجه وغسله لم يصل عليه. وتصح الصلاة بعد غسله قبل تكفينه مع الكراهة. (2)
(الثالث) وضع الميت أمام المصلى عليه فلا تصح على محمول على الأعناق أو الدابة ولا على موضوع خلف المصلى عند الحنفيين وهو المعتمد عند مالك مطلقا والصحيح عند الشافعية والحنبلية إذا كان الجنازة حاضرة، فإن صلى عليها وهى على أعناق الرجال لم تجز عند الثلاثة وعلى المعتمد عند مالك (وقال) الأمير: الأظهر أنه لا يشترط وضعها عن أعناق الرجال. ولو تقدم المصلى على الجنازة عليها وهى حاضرة أو صلى على القبر وتقدم عليه ففيه وجهان عند الشافعية (أصحهما) بطلان صلاته وقيل يجوز إن قلنا بجواز إن قلنا بجواز التقدم على الإمام وإلا فلا وهو الصحيح. ولو صلى المأموم قدام الإمام وقدام الجنازة فإن أبطلنا صلاة المنفرد إذا تقدم على الجنازة فهذا أولى. وإلا ففيه القولان في تقدم المأموم على الإمام والصحيح بطلانها عند غير مالك. فحصل من هذا أنه متى تقدم على الجنازة
(1) انظر ص 355 ج 3 ج 2 شرح المقنع.
(2)
انظر ص 222 ج 5 مجموع النووى.
أو القبر أو الأمام فالصحيح بطلان صلاته (1) وإن كان الميت في أحد جانبي البلد لم يصل عليه من في الجانب الآخر لأنه يمكنه الحضور للصلاة عليه أو على قبره كما لو كانا في جانب واحد. وعن أحمد يجوز كما لو كان الميت في بلد أخرى (2).
الصلاة على الغائب: (الرابع) من شروط صحة الصلاة على الجنازة حضور الميت كله أو جله فلا تصح على غائب عند الحنفيين ومالك وروى عن أحمد لأنه كالإمام " وقال " الشافعي وجمهور السلف: تجوز الصلاة على الغائب وهو المشهور عن أحمد (لحديث) أبي هريرة صلى الله عليه وسلم نعى الناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف أصحابه وكبر أربع تكبيرات (3). أخرجه السبعة. {490}
(وعن) عطاء عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مات اليوم عبد الله صالح أصحمة فقوموا عليه. فقام فأمنا فصلى عليه. أخرجه أحمد والشيخان (4). {491}
(1) انظر ص 227 ج 5 مجموع النووى
(2)
انظر ص 355 ج 2 شرح المقنع.
(3)
تقدم رقم 397 ص 283 (نعى الميت) و (نعى النجاشى) أى أخبرهم بموته (فى اليوم الذى مات فيه) كان ذلك فى رجب سنة تسع وقيل كان قبل الفتح. والمراد بالمصلى مصلى العيدين ببطحان (لحديث) ابى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن النجاشى قد مات فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه إلى البقيع فصفنا خلفه وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فكبر اربع تكبيرات. اخرجه ابن ماجه ما نظر ص 240 ج 1 (ما جاء فى الصلاة على النجاشى 9 والمراد بالبقيع بطحان. ويحتمل أن المراد بالمصلى مصلى الجنائز وبقيع الغرقد.
(4)
انظر ص 219 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على الغائب) وص 132 ج 7 فتح البارى (موت النجاشى) وص 22 ج 7 نووى (التكبير على الجنازة). (وأصحمة) بفتح فسكون الصاد وفتح الحاء المهملتين ومعناه بالعربية عطية. وغلط من قال إنه اضخمة بالخاء المعجمة.
والأحاديث في هذا كثيرة وهى صريحة في جواز الصلاة على الميت الغائب سواء أصلى عليه في البلد التي مات فيها أم لا. وساء أكانت البلد التي مات فيها جهة القبلة أم لا وهذا هو الراجح " وقال" ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه صلى عليه كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لأنه مات بين الكفار ولم يصل عليه. وإن صلى عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب وفى مذهب أحمد ثلاثة أقوال: أصحها هذا التفصيل والمشهور عند أصحابه الصلاة عليه مطلقا (1). (وقالوا): تتوقت الصلاة عليه بشهر كالصلاة على القبر لأنه لا يعلم بقاؤه من غير تلاش أكثر من ذلك (2).
(وأجاب) الأولون عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وزيد ابن حارثة وجعفر بن أبي طالب - لما استشهدوا بمؤتة (3) - بأنه كشف للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رآهم وصلاة المأموم على ميت يراه الإمام دونه لا يمنع الاقتداء (روى) أبو المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاكم النجاشي توفى فقوموا فصلوا عليه. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وصفوا خلفه فكبر أربعا وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه. أخرجه ابن حبان في صحيحه (4). {492}
(وعن) عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر قالا: لما التقى الناس بمؤته جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام
(1) انظر ص 145 ج 1 زاد المعاد (لم يكن من هدية الصلاة على كل ميت غائب).
(2)
انظر ص 392 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(3)
(مؤتة) بضم فيكون موضع بالشام كان بها غزوة تقدم بيانها بهامش ص 91 ج 4 - الدين الخالص (السفر يوم الجمعة).
(4)
انظر ص 122 ج 3 فتح البارى (الشرح)
فهو ينظر إلى معتر كهم فقال صلى الله عليه وسلم: أخذ الراية زيد بن حارثة فمضى حتى استشهد، فصلى عليه ودعا له. وقال: استغفروا له دخل الجنة وهو يسعى. ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فمضى حتى استشهد فصلى عليه ودعا له وقال: استغفروا له دخل الجنة وهو يطير فيها بجناحين حيث شاء. أخرجه الواقدى في المغازى (1). {493}
(ومنهم) من أجاب بأن هذا خاص بالنجاشي لإشهار أنه مات مسلما. ويدل على ذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على غائب سوى النجاشي (وما روى) أنه صلى على معاوية بن معاوية الليثى وهو غائبا يصح (2)(وأيضا) لم يثبت عن أحد الصحابة أنه صلى على غائب. ولا صلى أحد منهم - ممن كان غائبا عن المدينة - على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب (ورد) بأن هذا لا يفيد القطع بالخصوصية وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم صلى على زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب (وقال) النووي: لو فتح باب هذا الخصوص لا نسد كثير من ظواهر الشرع لاحتمال انحراف العادة في تلك القضية، مع أنه لو كان شيء مما ذكروه لتوفرت الدواعي على نقله (قال) ابن العربي قالت المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم (قلنا) وما عمل به محمد
(1) انظر ص 384 ج 2 نصب الراية.
(2)
(وما روى
…
الخ) يشير الى ما رواه العلاء بن زيدل أو ابن زيد عن أنس أنهم كانوا فى تبوك فأخبر جبريل النبى صلى الله عليه وسلم بموت معاوية بن معاوية فى ذلك اليوم وأنه وقد نزل عليه سبعون الفا يصلون عليه فطويت الأرض للنبى النبى صلى الله عليه وسلم حتى ذهب فصلى عليه ثم رجع (قال النووى) حديث ضعيف ضعفه البخارى والبيهقى واتفق الحفاظ على ضعف العلاء وأنه منكر الحديث (انظر ص 253 ج 5 مجموع النووى) وقال على بن المدينى: العلاء بن زيد كان يضع الحديث وقال ابو حاتم: متروك الحديث حديثه ليس بالقائم.
تعمل به أمته. يعنى لأن لأصل عدم الخصوصية. (قالوا) طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه (قلنا) إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا صلى الله عليه وسلم لأهل لذلك.
ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف فإنها سبيل إتلاف (وقال) الكرمانى قولهم - رفع عنه الحجاب - ممنوع ولئن سلمنا فكان غائبا عن الذين صلو عليه مع النبي صلى الله عليه وسلم (1)(ويؤيده) حديث مجمع بن جارية الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه فصفنا خلفه صفين وما نرى شيئا. أخرجه ابن ماجه والطبرانى بسند صحيح رجاله ثقات (2). {494}
وأجاب بعض الحنفيين عن ذلك بما تقدم من أنه يصير كالميت الذي يصلى عليه الإمام وهو يراه المأمومون فغنه جائزا اتفاقا (3).
فائدة: لو صلى إنسان على أموات المسلمين في أقطار الأرض الذين ماتوا في يومه ممن تجوز الصلاة عليهم جاز وكان حسنا مستحبا لأن الصلاة على الغائب صحيحة على ما علمت. ومعرفة الموتى وأعدادهم ليست شرطا (4).
(5)
- وقت الصلاة الجنازة: ليس لها وقت محدود بل يصلى عليها متى حضر ولو في أوقات النهى عند الحنفيين والشافعي " لحديث " على رضى الله
(1) انظر ص 122 و 123 ج 3 فتح البارى (الصفوف على الجنازة)
(2)
انظر ص 240 ج 1 - ابن ماجه (الصلاة على النجاشى) وص 123 ج 3 فتح البارى (الشرح).
(3)
انظر ص 123 ج 3 فتح البارى.
(4)
انظر ص 268 ج 5 مجموع النووى.
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث لا يؤخرون: الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفئا. أخرجه أحمد والحاكم والترمذى وقال غريب ليس بمتصل (1){495}
فتجوز صلاة الجنازة في كل الأوقات ولا تكره في أوقات النهى ولكن يكره أن يتحرى صلاتها في هذه الأوقات بخلاف ما إذا حصل ذلك اتفاقا (2). (وعن) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان. فإذا طلع حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تبرز. وإذا غاب حاجب الشمس فلا تصلوا حتى تغيب. أخرجه مالك وأحمد والنسائي بسند حسن (3). {496}
(وقالت) المالكية: لا تكره صلاة الجنازة وقت الاستواء ولا بعد صلاة الصبح قبل الإسفار ولا بعد صلاة العصر قبل الاصفرار وتكره بعدهما. وتحرم وقت الطلوع والغروب إلا إن خيف تغيرها فتجوز (وقالت) الحنبلية: تجوز صلاة الجنازة بلا كراهة في كل وقت إلا وقت الطولع والاستواء والغروب فتكره " لحديث " عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيهن أو نفبرفيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. أخرجه البيهقى والجماعة إلا البخاري (4). {497}
(1) تقدم رقم: ص 264
(2)
انظر ص 213 ج 5 مجموع النووى.
(3)
انظر ص 297 ج 2 - الفتح الربانى (النهى عن الصلاة عند الطلوع والغروب) وص 65 ج 1 مجتبى (النهى عن الصلاة عند طلوع الشمس)
(4)
انظر ص 32 ج 4 بيهقى (من كره الصلاة والقبر فى الساعات الثلاث) وص 289 ج 2 الفتح الربانى (اوقات النهى) وص 114 ج 6 نووى مسلم. وص 25 ج 9 المنهل العذب (الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها) وص 283 ج 1 مجتبى (الساعات التى نهى عن اقبار الموتى فيهن)(وص 144 ج 2 تحفة الأحوذى 0 كراهية الصلاة على الجنازة عند الطلوع والغروب) وص 238 ج 1 - ابن ماجه (الأوقات التى لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن 9. (وتضيف 9 بضاد مفتوحة فياء مشددة أى تميل.
(وقال) الترمذى حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يكرهون الصلاة على الجنازة في هذه الساعات (وقال) ابن المبارك معنى هذا الحديث: أو أن نقبر موتانا - يعنى الصلاة على الجنازة وكره الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها وإذا انتصف النهار حتى تزول الشمس وهو قول أحمد واسحق (وقال) الشافعي: لا باس أن يصلى على الجنازة في الساعات التي يكره فيهن الصلاة (حمل) الترمذى قوله أن نقبر فيهن موتانا على صلاة الجنازة واستند إلى قول ابن المبارك وحمله أبو داود على الدفن الحقيقي حيث ذكره تحت باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها (قال) النووي: قال بعضهم إن المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر. فأما إذا وقع الدفن في هذه الأوقات بلا تعمد فلا يكره (1).
(ولكن) دعوى الأجماع على عدم كراهة صلا الجنازة في هذه الأوقات غير مسلم (فقد) قال بكراهتها فيها ابن المبارك وأحمد وأسحق (قال) الخطابي: ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهية الصلاة على الجنائز في الأوقات التي اكره فيها الصلوات. وكأن الشافعي يرى الصلاة على الجنائز أى ساعة شاء من ليل أو نهار
(1) انظر ص 114 ج 6 نووى مسلم (الجنائز).
وكذا الدفن وقول الجماعة أولى لموافقته الحديث (1) وقد استند من فسر القبر بالصلاة إلى ما في حديث خارجة بن مصعب عن ليث بن سعد عن موسى بن على ابن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلى على موتانا عند ثلاث عند طلوع الشمس ط لحديث " أخرجه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز (2).
ولو صحت هذه الرواية لكانت قاطعة للنزاع. ولوجب حمل قوله أن نقبر فيهن موتانا على الصلاة. لكن هذه الرواية ضعيفة لضعف خارجة بن مصعب (قال) في التقريب: متروك وكان يدلس عن الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه (3).
فيكره عند أحمد واسحق وابن المبارك صلاة الجنازة وقت الطلوع والاستواء والغروب إلا إن خيف عليها التغير فتجوز بلا كراهة للضرورة (وقال) الحنفيون: يكره تحريما تأديتها في هذه الأوقات الثلاثة إن حضرت قبلها. ولا باس بالدفن في هذه الأوقات فإن صلوا في أحد هذه الأوقات لم يكن عليهم إعادتها لأن صلاة الجنازة لا يتعين لأدائها وقت ن ففي أى وقت صليت وقعت أداء لا قضاء. ولا تكره الصلاة على الجنازة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر قبل تغير الشمس لأن الكراهة في هذه الأوقات ليست لمعنى في الوقت فلا يظهر في حق الفرائض. ولو أرادوا أن يصلوا على جنازة وقد غربت الشمس فالفضل أن يبدءوا بصلاة المغرب ثم يصلون على الجنازة لأن العرب آكد منها فكان تقديمه أولى ولأن في تقديم الجنازة تأخير المغرب وهو مكروه (4).
(1) انظر ص 313 ج 1 معالم السنن (الدفن عند الطلوع والغروب).
(2)
انظر ص 250 ج 1 نصب الراية.
(3)
(انظر ص 144 ج 2 تحفة الأحوذى 0 الشرح).
(4)
انظر ص 316 ج 1 بدائع الصنائع (ما يكره فى صلاة الجنازة)
(6)
مكانها: تجوز صلاة الجنازة في أي مكان طاهر ولو في المسجد بلا كراهة عند الشافعي وأحمد وإسحاق (لحديث) عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: لما توفى سعد بن أبي وقاص وأتى بجنازته أمرت به عائشة أن يمر به عليها فشق به في المسجد ودعت له فأنكره ذلك عليها فقالت ما أسرع الناس إلى القول ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء إلا في المسجد سهيل وأخيه. أخرجه البيهقى والسبعة إلا البخاري (1). {498}
(وقال) الترمذى حديث حسن والعمل عليه عند بعض أهل العلم (قال) مالك: لا يصلى على الميت في المسجد (وقال) الشافعي. يصلى عليه في المسجد واحتج بهذا الحديث.
وبهذا قال ابن حبيب المالكي وجمهور الفقهاء. وقد ورد فيه آثار (منها) ما روى هشام بن عرفة عن أبيه قال: ما صلى على أبي بكر إلا في المسجد. أخرجه ابن أبي شيبه وسعيد بن منصور بسند رجاله ثقات (2).
(وعن) ابن عمر رضى الله عنهما أن عمر رضى الله عنه صلى عليه في المسجد وصلى عليه صهيب. أخرجه البيهقى وابن أبى شيبه (3).
(1) انظر ص 247 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على الجنازة فى المسجد) وص 28 ج 7 نووى. وص 21 ج 9 - المنهل العذب. وص 279 ج 1 مجتبى. وص 145 ج 2 تحفة الاحوذى. وص 238 ج 1 - ابن ماجه. وص 51 ج 4 بيهقى (فشق به) أى ادخل الميت فى وسط المسجد فكأنه شفة نصفين (فدعت له) أى صلت عليه صلاة الجنازة ففى رواية لمسلم قالت: ادخلوا به المسجد حتى اصلى عليه. وما أنكر عليها الا من لم يبلغهم أن النبى صلى الله عليه وسلم على ابنى بيضاء فى المسجد فلما اخبرتهم بذلك سلموا لها هذا ك وبنو بيضاء ثلاثة: سهل وسهيل وصفوان. وأمهم البيضاء اسمها دعد. وابوهم وهب بن ربيعة القرشى الفهرى (انظر ص 39 ج 7 نووى مسلم).
(2)
انظر ص 52 ج 4 - الجوهر النقى. وص 277 ج 2 نصب الراية.
(3)
انظر ص 52 ج 4 - الجوهر النقى. وص 277 ج 2 نصب الراية.
(وقال) الحنفيون ومالك في المشهور عنه: تكره الصلاة تنزيها على الميت في المسجد سواء أكان الميت والقوم فيه أو القوم فيه والميت خارجه، لأن المساجد إنما أعدت للمكتوبة وتوابعها كنافلة وتدريس علم. وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى وصلى على النجاشي (1).
(وعن) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقى (2). {499}
(وأجابوا) عن حديث عائشة بأن صلاته صلى الله عليه وسلم على أبني بيضاء في المسجد كانت واقعة حال لا عموم لها لجواز أنه صلى الله عليه وسلم كان وقتئذ معتكفا في المسجد أو أنه فعل ذلك لبيان الجواز فلا ينافى الكراهة ولو كان ذلك سنة عامة في كل ميت لكان معلوما للصحابة فلم ينكروا على عائشة أمرها بإدخال جنازة سعد بن أبي وقاص المسجد ولردت عليهم بقولها: كان النهى صلى الله عليه وسلم يصلى على الجنازة في المسجد وما خصت ابن بيضاء بالذكر (ورد) بأنها لما أنكرت ذلك سلموا لها فدل على أنها حفظت ما نسوه وأن الأمر استقر على جواز الصلاة في المسجد بلا كراهة (ويؤيده) صلاة الصحابة على أبي بكر وعمر في المسجد (وأجاب) الأولون: (أ) عن أن النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي خارج المسجد باحتمال أنه كان لضيق المسجد وكثرة المصلين أو لبيان الجواز فلا ينافى الكراهة.
(ب) وعن حديث من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له. بأنه ضعيف
(1) انظر رقم 490 ص 360.
(2)
انظر ص 248 ج 7 - لفتح الربانى (الصلاة على الجنازة فى المسجد) وص 24 ج 9 - المنهل العذب. وص 238 ج 1 - ابن ماجه. وص 52 ج 4 بيهقى. (فلا شئ له) أى من الثوب وفى النسخة الصحيحة فى شئ عليه أى من الأثم.
لا يصح الاحتجاج به (1)(ورد) بأنهم إنما ضعفوه بصالح مولى التوءمة لاختلاطه في آخر عمره ودعوى أنه لم يتميز ما روى عنه قبل الاختلاط وبعده غير صحيح (فقد) قال ابن معين: صالح مولى التوءمة ثبت حجة سمع منه ابن أبي ذئب قبل أن يخرف. والحديث من رواية ابن أبي ذئب فهو صحيح وحينئذ يجاب عنه بما قال النووي: الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبي داود: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه. أى فلا وزر عليه وتكون اللام بمعنى على جمعا بين الروايات (2) وعليه فالحديث من أدلة القائلين بجواز الصلاة على الجنازة خارج المسجد بلا كراهة وهو الظاهر من الأدلة إلا أنها في غير المسجد أفضل لما تقدم من إنكار الصحابة على عائشة أمرها بالصلاة على سعد في المسجد، فلو كانت الصلاة على الميت فيه مشهورة فاضلة لما أنكروا عليها فإنكارهم يدل على إن المشهور بينهم الصلاة على الجنازة خارج المسجد ويشهد له خروجه صلى الله عليه وسلم إلي المصلى للصلاة على النجاشي (3). ولم يكن من هدى النبي صلى الله عليه وسلم الراتب الصلاة على الميت في المسجد وإنما كان كما صلى على أبني بيضاء وكي الأمرين جائز والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد (4)
(فائدة) تكره الصلاة على الجنازة في المقبرة بين القبور عند جمهور العلماء وقال أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز لا تكره. وعن مالك روايتان (5).
(1)(ضعيف) لأن فى سنده صالحا مولى التوءمة تكلم فيه غير واحد قال أحمد ابن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوءمة وهو ضعيف.
(2)
انظر ص 40 ج 7 نووى مسلم.
(3)
انظر ص 193 ج 1 بداية المجتهد (موضع صلاة الجنازة).
(4)
انظر ص 140 ج 1 زاد المعاد
(5)
انظر ص 268 ج 5 مجموع النووى.
(7)
أركانها: أركان صلاة الجنازة ثمانية (الأول) النية - وهى لغة العزم على الشيء، وشرعا العزم عليه مقترنا بفعله. وهى ركن عند المالكية والشافعية وشرط عند الحنفيين وأحمد لقوله تعالى:" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ "(1)، فإن الإخلاص هو النية لأنه عمل من أعمال القلب (ولحديث) إنما الأعمال بالنيات. أخرجه الشيخان عن عمر (2). {500}
وقد أجمع العلماء على أنها فرض في مقاصد العبادات ومحلها القلب فلا يتلفظ بها، بل ينوى مع التكبير الصلاة على هذا الميت أو هؤلاء الأموات إن كانوا متعددين وإن لم يعرف عددهم. ويجب على المأموم نية الاقتداء ولا يشترط نية الفرضية عند غير الشافعية، ولا يشترط تعيين الميت ولا أنه رجل أو أمرأة، بل يكفيه نية الصلاة على هذا الميت، وإن كان مأموما كفاه نية الصلاة على من يصلى عليه الإمام. ولو عين الميت وأخطأ بأن نوى محمدا فكان عليا، أو رجلا فكان امرأة أو عكسه، لا تصح صلاته لأنه نوى غير الميت، وإذا نوى الصلاة على هذا محمد فكان محمودا فوجهان لتعارض الإشارة والنية، أصحهما الصحة، ولا يضر اختلاف نية الأمام والمأموم عند الشافعية والحنبلية، فإذا نوى الإمام الصلاة على حاضر ونوى المأموم على غائب وعكسه، أو نوى غائبا ونوى المأموم آخر صحت صلاتهما كما صلى الظهر خلف مصلى العصر (وقال) الحنفيون ومالك: لا يصح صلاة المأموم لعدم اتحاد الصلاة (3).
(الثاني) التكبيرات الأربع: هي ركن لا تصح صلاة الجنازة إلا بها
(1) البينة: آية 5.
(2)
انظر ص 6 ج 1 فتح البارى (بدء الوحى).
(3)
انظر ص 229 ج 5 مجموع النووى.
بالإجماع (لحديث) جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكبر أربعا. أخرجه الشيخان (1). {501}
(وعن) جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كبروا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات. أخرجه أحمد والبيهقى وفيه ابن لهيعة فيه كلام (2). {502}
(وعن) أبي سلمان المؤذن قال: توفى أبو سريحة فصلى عليه زيد بن أرقم فكبر عليه أربعا وقال: كذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد بسند جيد (3). {503}
(وبهذا) قال الئمة الأربعة والجمهور. وقد ورد فيه آثار أخر (روى) عبد الرحمن بن أبى ليلى أن زيد بن أرقم كان يكبر على جنائزنا أربعا وإنه كبر على جنازة خمسا، فسألوه فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها. أخرجه البيهقى والسبعة إلا البخاري وقال الترمذى: حسن صحيح (4). {504}
(وعن) عبد الله بن معقل أن عليا صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه
(1) انظر ص 132 ج 3 فتح البارى (التكبير على الجنازة اربعا) وص 22 ج 7 نووى مسلم.
(2)
انظر ص 229 ج 7 - الفتح الربانى (عدد تكبير صلاة الجنازة) وص 36 ج 4 بيهقى.
(3)
انظر ص 230 ج 7 - الفتح الربانى. و (ابو سريحة) بفتح السين اسمه حذيفة ابن اسيد بفتح فكسر.
(4)
انظر ص 36 ج 4 بيهقى (من روى: الله اكبر على الجنازة خمسا) وص 230 ج 7 - الفتح الربانى (عدد تكبير صلاة الجنائز) وص 36 ج 9 - المنهل العذب (التكبير على الجنازة) وص 281 ج 1 مجتبى. وص 140 ج 2 تحفة الأحوذى. وص 236 ج 1 ابن ماجه (فيمن كبر خمسا)(فسالوه) فى رواية أبى داود وابن ماجه فسالته وهى تبين أن السائل ابن أبى ليلى
ستا ثم التفت إلينا فقال: إنه من أهل بدر. أخرجه الحاكم والبيهقى والطبرانى في الكبير بسند رجاله الصحيح (1). {505}
(وعن) ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ثلى على قتل أحد فكبر تسعا تسعا ثم سبعا سبعا ثم أربعا أربعا حتى لحق بالله أخرجه الطبرانى في الكبير والأوسط بسند حسن (2). {506}
(وهذا) وقد استقر الأمر وأجمع العلماء على إن التكبير أربع (قال) أبو وائل: كانوا يكبرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سبعا وخمسا وستا، أو قال أربعا فجمع عمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر كل رجل بما رأى فجمعهم عمر على أربع تكبيرات. أخرجه البيهقى بسند حسن (3). {507}
وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع، وما سوى ذلك شاذ لا يلتفت إليه. (وقال) الترمذى: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون التكبير على الجنازة أربع تكبيرات، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن انس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق (4)، فالتكبيرات الأربع أركان لا تصح صلاة الجنازة إلا بها إجماعا.
فائدتان: (الأولى) لو نقص مصلى الجنازة عن أربع تكبيرات بأن سلم بعد الثالثة، فإن كان عمدا بطلت صلاته عند الجمهور، وإن سلم ناسيا كبر الرابعة
(1)(انظر ص 409 ج 3 مستدرك وص 36 ج 4 بيهقى 0 زيادة التكبير على الأربعة) وص 34 ج 3 مجمع الزوائد (التكبير على الجنازة)
(2)
انظر ص 35 ج 3 مجمع الزوائد (التكبير على الجنازة)
(3)
انظر ص 37 ج 4 بيهقى (أكثر الصحابة اجتمعوا على اربع)
(4)
انظر ص 140 ج 2 تحفة الأحوذى. (ما جاء فى التكبير على الجنازة)
وسلم (لقول) حميد الطويل: صلى بنا أنس فكبر ثلاثا ثم سلم، فقيل له فاستقبل القبلة ثم كبر الرابعة ثم سلم ز أخرجه البخاري معلقا (1)، ولا يشرع فيها سجود السهو (الثانية) لو زاد الإمام على الربع التكبيرات لا يتبعه المقتدى بل ينتظر تسليمه ليسلم معه على المختار عند الحنفيين والشافعي (وقيل) يسلم بمجرد تكبير الإمام الخامسة ولا يتابعه لأن الزائدة على الأربع منسوخ (وقال) زفر: يتابعه لأن مجتهد فيه فيتابع فيه المقتدى إمامه كما في تكبيرات العيدين (ورد) بأن مازاد على الأربع منسوخ فلا يتابعه فيه بخلاف تكبيرات العيدين.
(هذا) ومن كبر خمسا فإن كان ناسيا لم تبطل صلاته ولا يسجد للسهو، كما لو كبر أو سبح في غير موضعه، وإن كان عمدا فوجهان:(أحدهما) تبطل صلاته لأنه زاد ركنا فاشبه من زاد ركوعا (والثاني) لا تبطل وهو الصحيح فقد صحت الأحاديث بأربع تكبيرات وخمس وهو من الاختلاف المباح والجميع جائز ولانه ليس إخلالا بصورة الصلاة فلم تلطل به كما لو زاد الأمام على أربع عمدا لم ينتظره المأموم سواء رآه مذهبا أم لا، ويكره انتظاره بل يسلمون وصلاتهم جميعا صحيحة، لأن التكبير في صلاة الجنازة ليس بمنزلة الركعات من كل وجه، فإن انتظروه فينبغي عدم البطلان، وإن زاد سهوا أو جهلا يجب انتظاره على المعتمد، فإن لم ينتظروه فينبغي الصحة، وإن شكوا أزاد عمدا أم سهوا؟ انتظروه على الظاهر، فإن لم ينتظروه فالصلاة صحيحة (2). (وقالت) الحنبلية: يتابعه في الخامسة فقط في ظاهر المذهب (وقيل) يتابعه إلى سبع، وقيل: لا يتابعه في الزائد على أربع
(1) انظر ص 230 ج 5 مجموع النووى.
(2)
انظر ص 36 ج 9 - المنهل العذب المورود (التكبير على الجنازة).
ولكن لا يسلم إلا مع الإمام لأنها زيادة غير مسنونة للأمام فلا بتابعه المأموم فيها كالقنوت في الركعة الأولى. والرواية الأولى هي الصحيحة لما تقدم عن زيد بن أرقم أنه كبر على جنازة خمسا وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها (1).
(الثالث) القيام للقادر عليه - فلا تصح قاعدا أو راكبا بلا عذر عند الحنفيين وأحمد وهو الصحيح عند المالكية والمشهور عند الشافعية (وقيل) يجوز عندهم القعود فيها مع القدرة على القيام كالنوافل لأنها ليست من فرائض الأعيان. وقيل: إن تعينت عليه لم تصح إلا قائما وإلا صحت قاعدا (2)، أما لو تعذر النزول لطين أو مطر فإنها تصح من الراكب اتفاقا. ولو كان الإمام مريضا فصلى قاعدا والناس قياما صحت صلاتهم عند النعمان وأبي يوسف والشافعية وهو رواية عن أحمد (لحديث) عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر. أخرجه الشيخان (3). {508}
(وقال) مالك في المشهور عنه ومحمد بن الحسن: تصح صلاة الإمام فقط، وهى رواية عن أحمد لأنه لا يصح افتداء القائم بالقاعد لعذر عندهم، لما روى الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحد بعدى جالسا. أخرجه البيهقى والدارقطني وقال: لم يروه غير جابر الجعفى عن الشعبي وهو متروك. والحديث مرسل ى تقوم به حجة (4). {509}
(1) انظر ص 350 ج 2 - شرح المقنع.
(2)
انظر ص 222 ج 5 مجموع النووى
(3)
انظر ص 113 ج 2 فتح البارى (من قام إلى جنب الإمام لعلة) وص 140 ج 4 نووى (استخلاف الإمام إذا عرض له عذر) والحديث تقدم تاما بص 121 و 122 ج 3 - الدين الخالص.
(4)
انظر ص 122 ج 3 - الدين الخالص. (اقتداء الجالس بالقائم وعكسه)
ولأن القيام ركن فلا يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه كسائر الأركان (ورد) بأن الحديث لا يحتج به. وقد صلى إماما من جلوس أربعة من الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهم: اسيد بن حضير، وجابر بن عبد الله، وقيس ابن فهد، وأبو هريرة، كما تقدم (1).
(الرابع) قراءة الفاتحة - هي ركن بعد التكبيرة الأولى عند الحنبلية، وهو المشهور عند الشافعية (لحديث) جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على جنائزنا أربعا، ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى. أخرجه البيهقى والحاكم وهذا لفظه ن وفيه إبراهيم بن محمد وهو متروك عن عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه كلام وقد تغير أخيرا (2). {510}
(وعن) أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم على الجنازة فاقرءوا بفاتحة الكتاب. أخرجه الطبرانى في الكبير وفيه معلى بن حمران قال الهيثمى: لم أجد من ذكره وبقية رجاله موثقون وفى بعضهم كلام (3). {511}
(قال) طلحة بن عبد الله بن عوف: صليت مع ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فقال: إنها من السنة. أخرجه البخاري والثلاثة وابن حبان والحاكم والبيهقى وصححه الترمذى. {512}
وقال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم: يختارون
(1) انظر ص 385 ج 1 مستدرك. وص 39 ج 4 بيهقى (القراءة فى صلاة الجنازة)
(2)
انظر ص 32 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على الجنازة).
(3)
انظر ص 132 ج 3 فتح البارى (قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة) وص 37 ج 9 - المنهل العذب. وص 71 ج 1 مجتبى (الدعاء) وص 142 ج 2 تحفة الأحوذى. وص 38 ج 4 بيهقى.
أن يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعضهم: لا يقرأ في الصلاة على الجنازة، إنما هو الثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت. وهو قول الثوري وغيره من أهل الكوفة.
(وقول) الصحابي: من السنة كذا في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتقرأ الفاتحة سرا (لقول) أبي أمامة بن سهل: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافته ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة. أخرجه النسائي والطحاوى والبيهقى بسند صحيح (1). {513}
وظاهر كلام المهذب وغيره من الشافعية اشتراط كون الفاتحة في الأولى لكن ذكر القاضي عياض وغيره أن أصل الفاتحة واجب وكونها في الأولى افضل ن ويجوز في الثانية مع إخلاء الأولى منها (2).
(وقال) الحنفيون ومالك: لا قراءة في صلاة الجنازة (لقول) ابن مسعود: لم يوقت لنا في الصلاة على الميت قراءة ولا قول، كبر ما كبر الإمام، وأكثر من طيب الكلام. أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح (3){514}
(وروى) نافع أن ابن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة. أخرجه مالك في الموطأ (4). {515}
(وعن) عبد الرحمن بن عوف وابن عمر أنهما قالا: ليس فيها قراءة شيء
(1) انظر ص 281 ج 1 مجتبى. وص 288 ج 1 طحاوى. وص 39 ج 4 بيهقى (القراءة فى صلاة الجنازة).
(2)
انظر ص 223 ج 5 مجموع النووى.
(3)
انظر ص 32 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على الجنازة).
(4)
انظر ص 13 ج 2 - الزرقانى على الموطإ (ما يقول المصلى على الجنازة).
من القرآن، ولأنها شرعت للدعاء ومقدمه الدعاء الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا القراءة.
(وقول) النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، ولا صلاة إلا بقراءة (لا يتناول) صلاة الجنازة لأنها ليست بصلاة حقيقية إنما هي دعاء واستغفار للميت ولأنها ليست بصلاة مطلقة فلا يتناولها مطلق الاسم. وتأويل حديث جابر أنه قرأ على سبيل الثناء لا على سبيل قراءة القرآن. وهذا ليس بمكروه عند الحنفيين (1).
(وقال) ابن القيم: ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر إن يقرا على الجنازة بفاتحة الكتاب ولا يصح إسناده ز قال شيخنا: لا يجب قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة بل هي سنة (2)، والدليل ظاهر فيما ذهب إليه الأولون.
(واجابوا) عن قول ابن مسعود: لم يوقت لنا ن بان معناه لم يقدر. وهذا لا يدل على نفى اصل القراءة (وقد) روى ابن المنذر عنه أنه قرأ على جنازة بفاتحة الكتاب وأيضا هو ناف وغيره مثبت والمثبت مقدم على النافي.
(الخامس) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ركن عند الشافعية والحنبلية بعد التكبيرة الثانية (لقول) الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرا في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه. أخرجه الشافعي في مسنده، والنسائي والبيهقى وعبد الرازق بسند صححه الحافظ ابن حجر (3). {516}
(1) انظر ص 313 ج 1 بدائع الصنائع.
(2)
انظر ص 141 ج 1 زاد المعاد.
(3)
انظر ص 132 ج 3 فتح البارى (قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة) وص 281 ج 1 مجتبى (الدعاء) وص 39 ج 4 بيهقى (القراءة فى صلاة الجنازة).
واقل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على محمد، وأكملها اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. ولا تجب على الآل على المذهب. وقيل تجب وعن الشافعي أنه يكبر الثانية ثم يحمد الله ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات (1). (وقال) الحنفيون: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد التكبيرة الثانية، لما تقدم، فإنه يدل على اصل المشروعية لا على الوجوب.
(وقال) المالكية: تندب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرات الأربع (لقول) ابن شهاب: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه اخبره رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث ثم يسلم تسليما خفيفا حين ينصرف. والسنة أن يفعل من وراءه مثل ما فعل إمامه. قال الزهري: حدثني بذلك أبو أمامه وابن المسيب يسمع، فلم ينكر ذلك عليه. أخرجه البيهقى (2). {517}
(السادس) الدعاء للميت - هو ركن بالإجماع (لحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء. أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقى وابن حبان وفى سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن. ولكن رواه ابن حبان من طريق آخر عنه مصرحا بالسماع ولذا صحح الحديث (3). {518}
(1) انظر ص 235 ج 5 مجموع النووى.
(2)
انظر ص 40 ج 4 بيهقى (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة الجنازة).
(3)
انظر ص 40 ج 9 - المنهل العذب (الدعاء الميت) وص 35 ج 1 - ابن ماجه وص 40 ج 4 بيهقى (الدعاء فى صلاة الجنازة).
ومعنى أخلصوا له الدعاء أى اجعلوه الدعاء له خالصا مقصودا به وجه الله تعالى سواء أكان الميت محسنا أم مسيئا، فإن العاصي أحوج الناس إلى الدعاء إخوانه المسلمين وأفقرهم إلى شفاعتهم. ولذا قدم بين أيديهم للشفاعة له ولا يكون الإخلاص إلا بصفاء الخاطر من الشواغل الدنيوية وبالخضوع بالقلب والجوارح. ويحتمل أن المعنى خصوا الميت بالدعاء وبه قال جمهور الشافعية، فيقول: اللهم اغفر له وارحمه، ونحوه، وأكثر الفقهاء على جواز تعميم الدعاء لما يأتي في الأحاديث.
(وحديث) أبي هريرة ليس نصا فيما قاله الشافعية، فلا يصح حجة لهم. ويكفى أقل الدعاء نحو: اللهم اغفر له (ويسن) كونه بعد الثالثة عند الحنفيين (لحديث) فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد. أخرجه أحمد والثلاثة والبيهقى والحاكم وصححه الترمذى (1). {519}
وهو واجب بعد التكبيرة الثالثة عند الشافعية والحنبلية، ولا دليل على تخصيصه بها واقله ما يقع به اسم الدعاء.
الدعاء المأثور: ولا يتعين فيه لفظ سوى أن يكون بأمور الآخرة وإن دعا بالمأثور فما أحسنه (وقد) ورد فيه أحاديث (منها) حديث عوف بن مالك رضى الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظنا من دعائه:
(1) انظر ص 8 ج 6 مسند احمد. وص 146 ج 8 - المنهل العذب المورود (الدعاء) وص 289 ج 1 مجتبى (التمجيد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى الصلاة) وص 253 ج 4 تحفة الأحوذى (جامع الدعوات 9 وص 47 ج 4 بيهقى وص 230 ج 1 مستدرك
" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعطف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وادخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار ". قال عوف: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. أخرجه احمد ومسلم والنسائي والترمذى وابن ماجة والبيهقى (1). {520}
(وقال) أبو هريرة رضى الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال: " اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فاحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفيه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا اجره ولا تضلنا بعده ". أخرجه احمد والأربعة والبيهقى (2){521}
وحديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في الصلاة على
(1) انظر ص 237 ج 7 - الفتح الرباني (ما يقال من الأدعية في الصلاة على الميت) وص 30 ج 7 نووي (الدعاء للميت في الصلاة) وص 281 ج 1 مجتبى (الدعاء) وص 141 ج 2 تحفة الاحوذى. وص 235 ج 1 - ابن ماجة (الدعاء في الصلاة على الجنازة) وص 40 ج 4 بيهقى. و (البرد) بفتحتين ما ينزل من السحاب كصغار الملح أي يطهره بأنواع الرحمة التي نزلت منزلة الثلج والبرد في إزالة الوسخ. وخصهما بالذكر ناكيدا للطهارة لانهما باقيان على خلقتهما لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي (وزوجا) معطوف على أهلا من عطف الخاص على العام. وهذا خاص بالرجل ولا يقال في الصلاة على المرأة: أبدلها زوجا خيرا من زوجها لجواز إن تكون لزوجها في الجنة. فان المرأة لا يمكن الشركة فيها بخلاف الرجل (انظر ص 281 ج 1 زهر الربى شرح المجتبى).
(2)
انظر ص 235 ج 7 - الفتح الرباني (ما يقال من الأدعية في الصلاة على الميت) ومن 41 ج 9 - المنهل العذب (الدعاء للميت) وص 281 ج 1 مجتبى. وص 141 ج 2 تحفة الاحوذى. وص 235 ج 1 - ابن ماجة.
الجنازة فقال: " اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت رزقتها وأنت هديتها للإسلام وأنت قبضت روحها وأنت اعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء له فاغفر له ذنبه ". أخرجه احمد وأبو داود والبيهقى والنسائي في عمل اليوم والليلة بسند جيد (1). {522}
(قال) واثلة بن الاسقع: صلى بنا صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول: " اللهم أن فلان في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم فاغفر له وارحمه فانك أنت الغفور الرحيم " أخرجه احمد وأبو داود وابن ماجة بسند جيد (2){523}
(هذا) وقد جمع الشافعي - من مجموع الأحاديث الواردة - دعاء رتبه واستحبه قال يقول اللهم هذا عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها - ومحبوبة وأحباؤه فيها - إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه. كان يشهد إن لا اله إلا أنت وان محمدا عبدك ورسولك وأنت اعلم به. اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به، واصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه. وقد جئناك راغبين
(1) انظر ص 234 ج 7 - الفتح الربائى (ما يقال من الادعيه في الصلاة على الميت) وص 40 ج 9 - المنهل العذب المورود (لدعاء للميت) وص 42 ج 4 بيهقى.
(2)
انظر ص 234 ج 7 - الفتح الربائى - وص 42 ج 9 - المنهل العذب المورود (الدعاء)(للميت) وص 235 ج 1 - ابن ماجة. والمراد بذمة الله حفظه ورعايته. والمرد بالحبل العهد أي اجعله في كنف حفظك وعهدك. والأظهر إن المراد بالحبل القرآن أي انه يتمسك به واقف عند حدود (لحديث) ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم قال: القرآن حبل الله المتين. أخرجه الحاكم وصحيحه. كان من عادة العرب إن يخيف بعضهم بعضا فكان الرجل إذا أراد سفرا اخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به مادام في حدودها حتى ينتهي إلى الآخر فيأخذ مثل ذلك. فهذا حبل الجوار أي العهد والآمان والنصرة. انظر ص 197 ج 1 نهاية ابن الأثير (مادة حبل).
إليك شفعاء له. اللهم إن كان محسنا فزد إحسانه، وإن كان سيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك، وقه فتنه القبر وعذابه، وأفسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابه، وأفسح له في قبره وجاف الأرض عن جبنيه ولقه برحمتك الآمن من عذابك حتى تبعثه آما إلى جنتك برحمتك يا ارحم الراحمين (1) وهذه الأدعية بالنسبة إلى الكبير (وأما) غير المكلف فلا يستغفر له بل يدعو بما في حديث أبى هريرة: اللهم اجعله لفقا سلفا وفرطا وأجرا. أخرجه البيهقى (2){524}
(وقال) الحسن: يقرا على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول: اللهم اجعله لنا فرطا وسلفا وأجرا " أخرجه البخاري (3).
(وقال) النووي: إن كان صبيا أو صبية اقتصر على ما في حديث: اللهم اغفر لحينا وميتنا إلى آخره، وضم إليه: اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفعيا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتهما بعده ولا تحرمهما أجره (4).
(السابع) السلام - هو ركن بعد التكبيرة الرابعة - يسلم مرة عند مالك والشافعي وأحمد. وواجب مرتين يمينا ويسارا ينوى بهما الميت والقوم عند الحنفيين. وأقله: السلام عليكم (لقول) ابن مسعود رضى الله عنه: ثلاث خلال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس إحداهن
(1) انظر ص 238 ج 5 مجموع النووي. و (روح الدنيا) بفتح الراء نسيم الريح. و (ما هو لاقيه) أي الملكان والأهوال وغيرها و (لقه) بشد القاف أي أنله وأعطه بسبب رحمتك رضاك.
(2)
انظر ص 45 ج 4 بيهقى. (والفرط) بفتحتين السابق المهئ للمصالح.
(3)
انظر ص 132 ج 3 فتح الباري (قراءة الفاتحة على الجنازة).
(4)
انظر ص 238 ج 5 مجموع النووي (والذخر ما أعد لوقت الحاجة).
التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة. أخرجه البيهقى ووالطبرانى في الكبير بسند جيد رجاله ثقات (1){525}
(وقال) أبو موسى الاشعرى: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فسلم عن يمينه وعن شماله. أخرجه والطبرانى في الكبير والأوسط وفيه خالد بن نافع الاشعرى ضعفه أبو زرعة (2). {526}
فالسلام ركن في صلاة الجنازة عند غير الحنفيين لا تصح إلا به لأنها صلاة يلزم لها الإحرام فلزم الخروج منها بالسلام كسائر الصلوات لما تقدم، ولحديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلى. أخرجه البخاري (3){527}
وأما صفة السلام فالواجب عند الحنفيين تسليمتان يمينا ويسارا لما تقدم. والمختار عند مالك سلام واحد. (والمشهور) عن الشافعي انه يستحب تسليمتان (وقال) في ألام: تسليمة واحدة يبدا بها ملتفتا إلي يمينه ويختمها ملتفتا إلى يساره فيدير بها وجهه وهو فيها. وقيل: يأتي بها تلقاء وجهه وهو اشهر (4)(وقال) احمد: يسلم تسليمة واحدة وقال: من مسلم عليها تسليمتين فهو جاهل جاهل ويستحب أن يسلمها عن يمينه كسائر الصلوات وإن سلم تلقاء وجهه فلا يأس يقول: السلام عليكم ورحمة الله. وإذا قال: السلام عليكم اجزا. ويسن الإسرار بالسلام عنده. واختار القاضي أن المستحب تسليمتان (5)
(1) انظر ص 43 ج 4 بيهقى (من قال يسلم عن يمينه وعن يساره) وص 34 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على الجنازة).
(2)
انظر ص 34 ج 3 مجمع الزوائد.
(3)
انظر ص 76 ج 2 فتح الباري (الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة).
(4)
انظر ص 240 ج 5 مجموع النووي.
(5)
انظر ص 349 ج 2 شرح المقنع.
(الثامن) الترتيب بين الأركان - هو فرض عند الشافعي واحمد بان يقرا الفاتحة بعد التكبيرة الأولى ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية ويدعو للميت بعد الثالثة ويسلم بعد الرابعة (وقال) الحنفيون: يسن الثناء بعد الأولي والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية والدعاء للميت ولنفسه وللمؤمنين بعد الثالثة. ويجب السلام مرتين بعد الرابعة. (وقالت) المالكية: يندب الثناء على الله تعالى ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل تكبيرة ثم يدعو وجوبا بعدهما في كل تكبيرة ثم يدعو وجوبا بعدهما في كل تكبيرة وفي الرابعة يسلم وجوبا.
{
تنبيه} علم مما تقدم إن فرائض صلاة الجنازة عند الحنفيين أربعة: النية وهى شرط والتكبيرات الأربع والقيام المقادر والدعاء. وأما السلام فواجب. وأركانها عند المالكية خمسه: النية والقيام المقادر على المشهور والتكبيرات الأربع والدعاء بينهن والسلام. وعند الشافعي واحمد ثمانية: النية والقيام والتكبيرات وقراءة الفاتحة بعد الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية والدعاء للميت بعد الثالثة وتسليمة واحدة بعد الرابعة والترتيب (1)
(8)
سنن صلاة الجنازة - هي قسمان: خارج عنها وداخل فيها:
(أ) فالسنن الخارجة أربع (1) قيام الأمام حذاء راس الرجل وحذاء وسط المرأة عند الشافعي واحمد وروى عن النعمان (لقول) نافع أبى غالب: مرت جنازة معها ناس كثير قالوا: جنازة عبد الله بن عمير فتبعتها، فلما وضعت الجنازة قام انس فصلى عليها وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شئ، فقام عند رأسه فكبر أربع تكبيرات لم يعطل ولم يسرع ثم ذهب يقعد فقالوا: يا أبا حمزة: المرأة الأنصارية فقربوها وعليها نعش اخضر فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو
(1) انظر ص 374 ج 2 مغنى ابن قدامة.
صلاته على الرجل ثم جلس، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى على الجنازة كصلاتك يكبر عليها أربعا ويقوم عند راس الرجل وعجيزة المرأة؟ قال: نعم
(الحديث) وفيه قال أبو غالب: فسالت عن صنيع انس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثوني انه إنما كان لانه لم تكن النعوش، فكان الإمام يقوم حيال عجيزتها يسترها من القوم. أخرجه أبو داود والبيهقى مطولا واحمد والطحاوى والترمذى وابن ماجه مختصرا وحسنه الترمذى (1){528}
(1) انظر ص 28 ج 9 - المنهل العذب (ابن يقوم الامام من الميت إذا صلى عليه؟ ) وص 23 ج 4 بيهقى. وص 204 ج 3 مسند احمد. وص 283 ج 1 طحاوى (الرجل يصلى على الميت اين يقوم منه؟ ) وص 146 ج 2 تحفة الاحوذي وص 224 ج 1 - ابن ماجه (تين يقوم الامام اذا صلي علي جنازه؟ )(والنعش) في الاصل وما يحمل فيه والمراد هنا ثوب يوضع علي اعواد من جريد او قصب او خشب كالقبه فوق سرير المرأه لسترها وأول من فعل له ذلك فاطمه بنت النبي صلي الله عليه وسلم (روت) ام جعفر بنت محمد ان فاطمه بنت النبي صلي الله عليه وسلم يا اسما ني قد استقبحت ما يصنع بالنساء انه يطرح علي المرأه الثوب فيصفها فقالت اسماء الا اريك شيئا رايته بارض الحبشه؟ فدعت بجرائد رطبه فحنتها. ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة رضى الله عنها: ما احسن هذا واجملة! يعرف به الرجل من لارماة فاذا انا مت فاغسلينى انت وعلى رضى الله عنه ولا تدخلى على احدا. فاما توفيت جاءت عائشة رضى الله عنها تدخل فقالت اسماء: لاتدخلى. فشكت لابى بكر فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بينى وبين ابنة رسول الله صلى الله عنه وسلم وقد جعلت لها مثل هودج العروس، فجاء ابو بكر رضى الله عنه فوقف على الباب وقال ياسماء ما حملك ان منعت أزواج النبى صلى الله عنه سولم وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: امرتنى الا تدخلي على أحدا واريتها هذا الذى صنعت وهى حية فأمرتني ان اصنع ذلك لها فقال ابو بكر رضى الله عنه فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف وغسلها على اسماء رضى الله عنهما. اخرجه البيهقى انظر ص 34 ج 4.
(قال) الطحاوي: وهذا احب إلينا فقد قوته الآثار التي روينها عن النبي صلي الله عليه وسلم
(ومشهور) مذهب الحنفين إن ألسنه وقوف المصلي إماما أو منفردا حذاء صدر الميت ذكرا كان أو أنثي (لقول) سمره بن حندب: صليت وراء النبي صلي الله عليه وسلم علي أمرأه ماتت في نفسها فقام عليها للصلاه وسطها. أخرجه السبعة والبهيقي (1){529}
(ووجهه) إن الصدر هو وسط البدن لان الرجلين والرأسين من الأطراف والبدن من العجيزه إلي الرقبه فكان وسطه الصدر ، والقيان بحذاء الوسط أولى ليستوي الجانيان في الحظ من الصلاة ولان اللقب معدن العلم والحكمه فالوقوف بحياله أولي (2). (وأجابوا) عن قيام انس حيال عجيزة المرأة بان جنازتها لم تكن مستورة بقبه ونحوها يقوم الإمام حيال العجيزه ليسترها عن أعين الناس. وأما ألان فقد اتخذت القباب علي جنازة المراه فلا داعي لقيام الإمام عند العجيزه ، بل يقف عند الصدر كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على النفساء.
(ويدل) لهذا التأويل ما تقدم في أخر الحديث من قول أبي غالب: سالت عن صنيع انس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثوني انه إنما كان لانه لم تكن النعوش فكان الإمام يقوم حيال عجيزتها يسترها عن القوم (ولكن) يرد هذا التأويل قوله في الحديث: وعليها نعش اخضر (وقالت) المالكية: السنة أن يقف المصلى عند وسط الذكر وحذو منكبي غيره لئلا يتذكر ما ينافى الصلاة إذا وقف
(1) انظر ص 244 ج 7 - الفتح الربائى (موقف المصلى من الرجل والمرأة) وص 131 ج 3 فتح الباري (أين يقوم من المرأة والرجل؟ ) ومن 31 ج 7 نووي. وص 33 ج 9 المنهل العذب. وص 280 ج 1 مجتبى (الصلاة على الجنازة قائما) وص 147 ج 2 تحفة الاحوذى. وص 234 ج 1 - ابن ماجه. وص 34 ج 4 بيهقى (ما ورد في النعش للنساء)
(2)
انظر ص 312 ج 1 بدائع الصنائع.
عند وسط المرأة (قالوا) ووقوفه صلى الله عليه وسلم عند وسط المرأة لعصمته من تذكر ما ينافى الصلاة ويجعل الإمام راس الميت عن يمينه إلا في الروضة الشريفة فيجعل رأسه عن يساره بحاه راس النبي صلى الله عليه وسلم.
(والظاهر) الذي تشهد له الأدلة ما ذهب إليه الأولون من إن الإمام يقف عند عجيزة المرأة لانه ابلغ في صيانتها عن الباقين ويقف عند صدر الرجل.
(2، 3) ويسن إن يصلى على الميت جماعه ثلاثة صفوف (لحديث) مرئد ابن عبد الله اليزنى عن مالك بن هبيرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف. أخرجه احمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقى والحاكم وصححه، والترمذى وحسنه (1){530}
وهذا متفق عليه، وكلما كثر الجمع كان افضل (لحديث) ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه. أخرجه احمد ومسلم وأبو داود والبيهقى (2){531}
(1) انظر ص 201 ج 7 - الفتح الربائى (ما يرجى للميت بكثرة المصلين عليه) وص 328 ج 8 - المنهل العذب (الصفوف على الجنازة) وص 234 ج 1 - ابن ماجه (من صلى عليه جماعة من المسلمين) وص 30 ج 4 بيهقى (ما يرجى للميت في ثكرة من يصلى عليه) وص 143 ج 2 تحفة الاحوذى. و (مرئد) بفتح فسكون ففتح. (وهبيرة) بالتصغير. و (أوجب) أي أوجب اصطفافهم المغفرة أو الجنة للميت. وفي رواية احمد: إلا غفر له.
(2)
انظر ص 202 ج 8 - الفتح الربائى. وص 18 ج 7 نووي (من صلى عليه أربعون شفعوا فيه) وص 235 ج 8 - المنهل العذب (فضل الصلاة على الجنازة) وص 30 ج 4
(وحديث) عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يموت أحد من المسلمين فيصلى عليه أمة من الناس يبلغون إن يكونوا مائة فيشفعوا له إلا شفعوا فيه. أخرجه احمد ومسلم والنسائي والترمذى وقال حديث حسن صحيح (1){532}
ففي هذه الأحاديث الترغيب في الصلاة على الميت جماعة وفي كثرة المصلين عليه وعلى إن من صلى عليه جماعة من المسلمين المخلصين له في الدعاء قبل الله دعاءهم. وقدرت الكثرة في بعض الروايات بثلاثة صفوف واقل الصف اثنان وفي بعضها بأربعين وفي بعضها بمائة. ولا منافاة بينها لان اسم العدد لا مفهموم له. فذكر الأربعين لا ينافى ما دونه ولا ما فوقه.
(وقال) القاضي عياض: هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا عن ذلك، فاجاب النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد منهم عن سؤاله بما يناسبة. ويحتمل إن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم بقبول شفاعة مائة فاخبر به، ثم بقبول شفاعة أربعين، ثم بثلاثة صفوف - وإن قل عددهم - فاخبر به (2).
(قال) احمد: احب إذا كان فيهم قلة إن يجعلهم ثلاثة صفوف. قالوا: فان كان وراءه أربعة كيف يجعلهم؟ قال: يجعلهم صفين في كل صف رجلين وكره أن يكونوا ثلاثة فيكون في كل صف رجل واحد (3).
فائدتان: (الأولى) إذا لم يصل على الجنازة إلا إمام ورجل وامرأة يستحب أن يكون الرجل وراء الإمام والمرأة وراء الرجل ليكونوا ثلاثة صفوف.
(1) انظر ص 202 ج 7 - التفح الربائى. وص 17 ج 7 نووي. وص 281 ج 1 مجتبى (فضل من صلى عليه مائة) وص 143 ج 2 تحفة الاحوذى (كيف الصلاة على الميت والشفاعة له. و (إلا شفعوا فيه) بشد الفاء مكسورة مبنى للمفعول أي قبل الله تعالى شفاعتهم فيه.
(2)
انظر ص 17 ج 7 نووي مسلم
(3)
انظر ص 374 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(ولحديث) عبد الله بن أبى طلحة " إن أبا طلحة دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبى طلحة حين توفى، فاتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه في منزلة، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو طلحة وراء وأم سليم وراء أبى طلحة، ولم يكن معهم غيرهم ". أخرجه الطبرانى في الكبير بسند رجاله رجال الصحيح (1){533}
(الثانية) يجوز للنساء حضور صلاة الجنازة إذا خرجن متسترات غير متبرجات ولا متعطرات وأمن الفتنة (لما) روى إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انتظر أم عبد الله حتى صلت على عقبة. أخرجه الطبرانى في الكبير بسند حسن (2){534}
فإن كن مع الرجال صلين مقتديات بإمامهم. وإن كن منفردات (قالت) الشافعية: يستحب إن يصلين منفردات، فان صلت بهن إحداهن جاز وكان خلاف الأفضل.
(قال) النووي ك وفيه نظر وينبغي إن تسن لهن الجماعة كما في غيرها وبه قال الحسن بن صالح وسفيان الثوري واحمد والحنفيون. وقال مالك: يصلين فرادى (3)
(4)
يسن تسوية الصفوف في صلاة الجنازة كغيرها من الصلوات، لما تقدم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الصلاة على النجاشي صف أصحابه وكبر عليه أربعا (4)
(1) انظر ص 34 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على الجنازة). وأبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود (وأم سليم) زوجة وهي والدة انس بن مالك.
(2)
انظر ص 34 ج 3 مجمع الزوائد (صلاة النساء على الجنائز)
(3)
انظر ص 215 ج 5 مجموع النووى
(4)
انظر رقم 297 ص 282 (نعى الميت)
(وروى) أبو المليح انه صلى على جنازة فالتفت فقال: استووا لتحسين شفاعتكم (1).
(ب) السنن الداخلة في صلاة الجنازة للأمام تسع:
(الأولى) رفع اليدين عند التكبيرة الأولى حذو المنكبين - كما في سائر الصلوات - وهو سنة بالإجماع. وكذا يستحب رفع اليدين عند باقي التكبيرات عند الشافعي واحمد. وروى عن مالك (لقول) نافع: كان ابن عمر يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة، وإذا قام بين الركعتين يعنى في المكتوبة. أخرجه البخاري في كتاب رفع اليدين المفرد، والبيهقى وقال: ويذكر عن انس ابن مالك انه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة. قال الشافعي: وبلغني عن سعيد بن المسبب وعروة بن الزبير مثل ذلك (2){535}
(وقال) الحنفيون والثوري والزهري: لا يرفع يديه في صلاة الجنازة إلا في التكبيرة الأولي، وهو مشهور مذهب مالك (لحديث) طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود. أخرجه الدار قطبي وفي سنده الحجاج بن نصير بن السكن. قال العقيلى: مجهول. قال الحافظ: لا يصح فيه شئ (3){536}
يعنى انه لم يثبت في رفع اليدين في غير التكبيرة الأولي شئ يصلح للاحتجاج به عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأفعال الصحابة وأقوالهم لا حجة
(1) انظر ص 275 ج 2 مغنى ابن قدامه.
(2)
انظر ص 123 ج 3 فتح الباري - وص 44 ج 4 بيهقى (يرفع يديه في كل تكبيرة).
(3)
انظر ص 192 - الدار قطنى.
فيها إن لم تكن مستندة إلى قوله أو فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فينبغي إن يقتصر على الرفع عند التكبيرة الأولي لانه لم يشرع في غير صلاة الجنازة إلا عند الانتقال من ركن إلى ركن ولا انتقال في صلاة الجنازة.
(الثانية) وضع اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة كسائر الصلوات.
(ولقول) أبي هريرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة رفع يديه في أول التكبير ثم يضع يده اليمنى على يده اليسرى. أخرجه البيهقى والترمذى وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي سنده يزيد من سنان الرهاوى ضعفه أهل الحديث (1){537}
(قال) الترمذى: اختلف آهل العلم في هذا. قال ابن المبارك في الصلاة على الجنازة: لا يقبض بيمينه على شماله. ورأى بعضهم أن يقبض بيمينه على شماله، كما يفعل في الصلاة وهو احب إلى.
(الثالثة) الثناء بعد التكبيرة الأولي وهو الدعاء بنحو: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك ز وغيره مما تقدم في بحث دعاء الاستفتاح (2)(وهو) سنة عند الحنفيين بقصد الثناء. وعليه يحمل ما تقدم عن ابن عباس رضى الله عنهما انه صلى على جنازة فقرا بفاتحة الكتاب (3)
(وقالت) المالكية واكثر الشافعية والحنبلية: لا يستحب دعاء الاستفتاح
(1) انظر ص 38 ج 4 بيهقى (وضع اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة) وص ج 2 تحفة الاحوذى (رفع اليدين على الجنازة)
(2)
انظر ص 226 ج 2 - الذين الخالص (دعاء الاستفتاح).
(3)
تقدم رقم 512 ص 375 (قراءة الفاتحة).
في صلاة لأنها مبنية على التخفيف واختاره الطحاوى (قال) أبو داود: سمعت احمد يسال عن الرجل يستفتح الصلاة على الجنازة: بسبحانك اللهم وبحمدك. قال: ما سمعت. وروى عنه انه سنة لان الاستعادة فيها مشروعة فسن فيها الاستفتاح كسائر الصلوات (1)
(الرابعة) التعود قبل قراءة الفاتحة عند الحنبلية وبعض الشافعية لقوله تعالى:
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (2) وبالقياس على سائر الصلوات وهو مختصر لا تطويل فيه فاشبه التامين.
(الخامسة) التامين عقب الفاتحة عند القائلين بمشروعية قراءتها في صلاة الجنازة تبعا القراءة كسائر الصلوات.
(السادسة) قرائة سورة قصيرة بعد الفاتحة عند بعض الشافعية (لقول) طلحة ابن عبد الله بن عوف: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرا بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى اسمعنا، فأما فرغ أخذت بيده فسألته، فقال: سنة وحق. أخرجه النسائي وأبو يعلى الموصلي بسند صحيح (3){538}
ولان كل صلاة تقرا فيها الفاتحة تقرا فيها السورة (وقال) الجمهور: لا تقرا سورة في صلاة الجنازة لأنها مبنية على التخفيف ولو شرعت قراءة السورة: فيها لشاع نقله (قال) البيهقى: حديث القراءة في صلاة الجنازة رواه إبراهيم بن أبى حرة عن إبراهيم بن سعد وفيه: فقرا بفاتحة الكتاب وسورة. وذكر السورة فيه غير محفوظ (4). (والأصح) عند الشافعية انه لا يستحب قراءة سورة
(1) انظر ص 346 ج 2 شرح المقنع.
(2)
النحل: 98
(3)
انظر ص 281 ج 1 مجتبى (الدعاء) وص 234 ج 5 مجموع النووي.
(4)
انظر ص 38 ج 4 بيهقى. وقوله غير محفوظ (رد) بأنه محفوظ رواه النسائي كما ترى برقم 538 ولكنه لا يدل على فرضية القراءة ولا الجهر بها.
في صلاة الجنازة ونقل إمام الحرمين إجماع العلماء عليه (1)
(السابعة) جهر الإمام بالتكبيرات والسلام عند الجمهور للإمام ولما روى نافع عن عبد الله بن عمر انه كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه. أخرجه مالك في الموطا (2){539}
(وقال) الحسن بن زياد: لا يرفع الصوت بالتسليم في صلاة الجنازة، وروى عن مالك لما في حديث أبى إمامة بن سهل إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرا بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولي سرا في نفسه (الحديث) وفيه ثم يسلم سرا في نفسه. أخرجه الشافعي في مسنده والنسائي والبيهقى (3). {540}
ولكن العمل على الجهر بالسلام. وتقدم قول ابن مسعود رضى الله عنه: التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة (4)، وهو يدل على الجهر بالسلام، لان التسليم في الصلاة يكون جهرا للإعلام بالخروج منها.
(الثامنة) الإسرار بالقراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء عند الجمهور (لقول) أبى إمامة: السنة في الصلاة على الجنازة إن يقرا في التكبيرة الأولي بأم القران مخافتة ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة. أخرجه النسائي والطحاوى والبيهقى بسند صحيح (5){541}
(ويدل) عليه مفهوم قول ابن عجلان: سمعت سعيد بن أبى سعيد يقول: صلى ابن عباس على جنازة فجهر بالحمد لله ثم قال: إنما جهرت لتعلموا أنها سنة.
(1) انظر ص 234 ج 5 مجموع النووي.
(2)
انظر ص 234 ج 5 مجموع النووي.
(3)
انظر ص 15 ج 2 - الزرقانى على الموطأ (جامع الصلاة على الجنازة)
(4)
انظر رقم 516
(5)
تقدم رقم 513.
أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وقد أجمعوا على أن قول الصحابي سنة. حديث مسند (1). {542}
فإنه يفهم منه أن الأصل ففي القراءة الإسرار. وإنما جهر ابن عباس ليعلم القوم أن قراءة الفاتحة ففي صلاة الجنازة سنة. (وقال) أبو الزبير: سئل جابر عما يدعى للميت فقال: ما باح لنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر. أخرجه أحمد (2). {543}
(قال) الحافظ: الذي وقفت عليه: باح بمعنى جهر (وأما حديث) عوف ابن مالك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظنا من دعائه: " اللهم اغفر له وارحمه "(الحديث). أخرجه النسائى (3). {544}
(فاجاب) عنه الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء أحيانا لقصد التعليم.
(وقال) بعض الشافعية: إن صلى ليلا جهر وإلا أسر (هذا) وقد اتفق العلماء على أنه يسر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء وعلى أنه يجهر بالتكبيرات والسلام وعلى أنه يسر بالقراءة نهارا. وفى الليل وجهان: أصحهما أنه يسر أيضا. (قال) الشافعي ففي المحتضر. ويخفى القراءة والدعاء ويجهر بالتسليم ولم يفرق بين الليل والنهار (4).
(التاسعة) الدعاء بعد التكبير الرابعة (لما روى) إبراهيم الهجري من عبد الله بن أبي أوفى قال: ماتت ابنه له فخرج ففي جنازتها على بغلة خلف
(1) انظر ص 358 ج 1 مستدرك
(2)
انظر ص 357 ج 3 مسند احمد. و (باح) بالشئ يبوح به إذا أعلنه. نهاية.
(3)
انظر رقم 520 ص 379.
(4)
انظر ص 234 ج 5 مجموع النووى.
الجنازة، ثم صلى عليها فكبر أربعا، فقام بعد التكبيرة الرابعة بقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا. أخرجه البيهقى (1). {545}
وهو مستحب عند الشافعية وروى عن أحمد ومباح عند الحنفيين ومالك ولا يتعين له دعاء، ولكن يستحب اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله أو يقول:" ربنا أتنا ففي الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "(2)
(9)
الأحق بالإمامة ففي الجنازة: الأولى بها عند النعمان ومحمد بن الحسن والثاني ففي القديم - الولي إن حضر، ثم القاضي، ثم إمام الجهة، ثم ولى الميت الأقرب فالأقرب على ترتيب العصبة إلا الأب فإنه يقدم يقدم على الأبن إذا اجتمعا (لقول) ابى حازم: شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع فى قفا سعيد بن العاص وهو يقول: تقدم فلولا أنها السنة ما قدمتك. وسعيد أمير على المدينة يؤمئذ أخرجه الطبرانى فى الكبير والبزار بسند رجاله موثقون والبيهقى (3). {546}
فيقدم الوالي على القريب لعموم ولايته (وقال) أبو يوسف والشافعي في الجديد: القريب أولى من السلطان، لأن هذه الصلاة مبنية على الولاية، والقريب في مثل هذا مقدم على السلطان كما في النكاح وغيره من التصرفات، ولأن هذه الصلاة شرعت للدعاء والشفاعة للميت ودعاء القريب أرجي لأنه يبالغ في إخلاص الدعاء له وإحضار القلب لزيادة شفقته وكمال تضرعه فكان اقرب إلى الإجابة. فاولى الناس بالصلاة عليه الأب ثم الجد ثم ابن الابن ثم الأخ ثم
(1) انظر ص 42 ج 4 بيهقى (الاستغفار للميت والدعاء له ما بين التكبيرة الرابعة والسلام)
(2)
انظر ص 239 ج 5 مجموع النووى.
(3)
انظر ص 31 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على الجنازة) وص 29 ج 4 بيهقى (من قال: الوالى احق بالصلاة على الميت من الولى)
ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم على ترتيب العصبات، لأن القصد من الصلاة الدعاء للميت ودعاء هؤلاء أرجي للإجابة فإنهم أفجع بالميت من غيرهم فكانوا بالتقديم أحق فإن اجتمع أخ شقيق وأخ لأب فالأخ الشقيق أولى (1).
(وقالت) المالكية والحنبلية: الأولى بالصلاة على الميت: الوصي ثم الأمير ثم ألب وإن علا ثم الأبن وإن سفل ثم أقرب العصبة لإجماع الصحابة رضى الله عنهم على هذا، فقد أوصى أبو بكر أن يصلى عليه عمر، وأوصى عمر إن يصلى عليه صهيب، وأوصت عائشة أن يصلى عليها ابا هريرة (2).
(وعن) أبي إسحق أن عبد الله بن مسعود أوصى: إذا أنا مت يصلى على الزبير بن العوام. أخرجه البيهقى (3).
(فهذه) قضايا انتشرت ولم يظهر فيها مخالف فكان إجماعا سكوتيا (وأجاب) الأولون عن هذه الوقائع بحملها على إجازة أولياء الميت للوصية ولو لم يجيزوها ما صحت.
(هذا) وإن اجتمع زوج المرأة وعصبتها فالظاهر تقديم العصبة عند غير النعمان فإنه يقدم زوج المرأة على ابنها منه. وروى عن أحمد لأن أبا بكرة صلى على امرآته ولم يستأذن إخوتها، ولأنها أحق بغسلها فكان أحق بالصلاة (واستدل)
الجمهور بما روى عن عمر رضى الله عنه أنه قال لأهل امرأته: أنتم أحق بها ولأن الزوجية قد زالت بالموت فصار أجنبيا، والقرابة لم تزل. وعلى هذا إن لم يكن لها عصبة فالزوج أولي لأن له سببا وشفقة فهو أولى من
(1) انظر ص 216 ج 5 مجموع النووى.
(2)
انظر ص 366 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(3)
انظر ص 29 ج 4 بيهقى (من قال الوصى بالصلاة عليه أولى).
الأجنبي، فإذا استوى وليان في درجة فأولاهما أحقهما بالإمامة في المكتوبات، لعموم حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤكم لكتاب الله تعالى. أخرجه السبعة إلا البخاري (1). {547}
(وقيل) إذ استوى الوليان يقدم الأسن لأنه أقرب إلي إجابة الدعاء وأعظم عند الله أجرا وهذا ظاهر مذهب الشافعي والأول أولى لأن فضيلة السن معارضة بفضيلة العلم وقد رجحها الشارع في سائر الصلوات مع أنه يقصد في الجنازة إجابة الدعاء وهى من العالم اقرب (روى) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم. أخرجه الدارقطني قطني والبيهقى بسند ضعيف (2). {548}
(فإن) استووا في العلم والسن والورع وتشاحوا، اقرع بينهم. ومن قدمه الولي فهو بمنزلته (3).
(10)
المسبوق فى صلاة الجنازة: له أحوال خمس:
(أ) من سبق ببعض التكبير ينتظر الإمام حتى يكبر معه عند النعمان ومحمد ومالك وروى عن أحمد، لأن التكبير هنا بمنزلة ركعة ولو فاتته ركعة لم يشتغل بقضائها، فكذا إذا فاتته تكبيرة، ولو كبر حين حضر لا تفسد صلاته لكن لا تحسب له تكبيرة. (قال) الشافعي وأبو يوسف: يكبر حين يحضر ويعتبر ما أداه وهو الصحيح عن أحمد وروى عن مالك لأنه في سائر الصلوات متى أدرك
(1) انظر ص 224 ج 5 - الفتح الربانى (من أحق بالإمامة) وص 172 ج 5 مسلم وص 296 ج 4 - المنهل العذب المورود. وص 126 ج 1 مجتبى. وص 196 ج 1 تحفة الأحوذى وص 160 ج 1 - ابن ماجه.
(2)
انظر ص 90 ج 3 بيهقى (اجعلوا ائمتكم خياركم).
(3)
انظر ص 368 ج 2 مغنى ابن قدامة.
الإمام كبر معه بلا انتظار، وليس هذا اشتغالا بقضاء ما فاته فإنما يصلى مع الإمام ما أدركه كمن يكبر عقب تكبير الإمام قبل أن يتم المأموم القراءة فإنه يكبر ويتابع الإمام ويقطع القراءة (1) عند احمد وأبى يوسف وهو الأصح عند الشافعي. وتحسب له التكبيرة للعذر. (ب) وإن أدرك المأموم الإمام بعد التكبيرة الثانية حسبت له عند أبى يوسف والشافعي وبقضى واحدة. وتحسب له على الصحيح عند أحمد ولا يقضى شيئا. ولا تحسب له عند النعمان ومحمد ومالك ويقضى ثنتين. (جـ) ولو حضر المأموم بعد ما كبر الإمام الرابعة قبل السلام لم يدخل معه وقد فاتته الصلاة عند أبى حنيفة ومحمد ومالك لأنه لا ثمرة لتكبيرة وحده وقد أتم الإمام التكبيرات فلا تتأنى المتابعة (وقال) أبو يوسف والشافعي وأحمد: يكبر المأموم وتحسب له تطبيرة، وإذا سلم لإمام قضى ثلاث تكبيرات كما لو كان حاضرا خلف الإمام ولم يكبر حتى كبر الإمام الرابعة (2).
(د) وإذا سلم الإمام وقد بقى على بعض المأمومين بعض التكبيرات، يأتي بها المسبوق قبل رفع الجنازة عند الحنفيين، لأن شرط صحة صلاة الجنازة حضور الميت. (وقال) غيرهم: يستحب عدم رفعها حتى يقضى المسبوق ما عليه. وهل يأتي به تباعا بلا ذكره بعده؟ قال الحنفيون: يدعو إن لم يخف رفعها وإلا أتى بما سبق به تباعا (وقال مالك) يدعو إن لم ترفع الجنازة، وإن رفعت تابع التكبير وسلم. وعند الشافعي وجهان: أصحهما أنه يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، وقيل: يكتفي بالتكبيرات (3).
(1) انظر ص 376 ج 2 مغنى
(2)
انظر ص 314 ج 1 بدائع الصنائع.
(3)
وملخص مذهب مالك فى المسبوق: أن من سبق بالتكبير مع الإمام ينتظر وجوبا حتى يكبر معه لأنه كالقاضى خلف الإمام إذا كل تكبيرة بمنزلة ركعة. فإن كبر صحت ولا يعتد بها عند الأكثر. وقال اشهب: يدخل مع الإمام ولا ينتظر لأنه لا تفوق التكبيرة إلا بالتى بعدها ويدعو المسبوق بعد تكبيرة فى القضاء إن تركت الجنازة وإن تركت الجنازة وإن رفعت والى التكبير بلا دعاء وسلم (انظر ص 168 ج 1 صعير الدرديرى).
(هذا) ولا تصح صلاة المسبوق في الجنازة عند الحنفيين ومالك والشافعي إلا بتدارك ما فاته قياسا على سائر الصلوات (ولحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " أخرجه السبعة (1). {549}
(وقالت) الحنبلية: من فاته شئ من التكبير استحب له قضاؤه متتابعا فإن سلم مع الأمام ولم يقض فصلاته صحيحة (لما) روى أن عائشة قالت: يا رسول الله إني أصلى على الجنازة ويخفى على بعض التكبير، قال: سمعت فكبرى وما فاتك فلا قضاء عليك (2).
(وأجابوا) عن الحديث بإنه ورد في الصلوات الخمس بدليل قوله فيه: ولا تأنوها وأنتم تسعون (وروى) أنه صلى الله عليه وسلم سعى في جنازة سعد حتى سقط رداؤه عن منكبيه. فعلم أنه لم يرد بالحديث هذه الصلاة والقياس على سائر الصلوات لا يصح لأنه لا يقضى في شئ من الصلوات التكبير المنفرد. (هـ) وإذا أدرك الإمام في الدعاء على الميت تابعة فيه فإذا اسلم الإمام كبر وقرأ الفاتحة ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وكبر وسلم. (وقال) الشافعي: متى دخل المسبوق في الصلاة ابتداء بالفاتحة ثم أتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية (3).
(1) انظر ص 209 ج 5 - الفتح الربانى (فضل المشى الى الجماعة بسكينة) وص 266 ج 2 فتح البارى (المشى الى الجمعة) وص 98 ج 5 نووى (اسحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة) وص 271 ج 4 - المنهل العذب المورود (السعى الى الصلاة)(وص 148 ج 1 مجتبى السعى الى الصلاة).
(2)
ذكره ابن قدامة فى المغنى.
(3)
انظر ص 376 ج 2 منه.
(11)
الصلاة على متعدد: إذا حضرا أكثر من ميت فالأفضل إفراد كل ميت بصلاة. ويجوز أن يصلى عليهم واحدة لأن المقصود من صلاة الجنازة الدعاء والشفاعة وهذا يحصل بصلاة واحدة. فان صلى على كل واحد على حدة فالأولى تقديم الأفضل فالأفضل، وإذا صلى عليهم دفعة واحدة فان كانوا من نوع واحد بان يكونوا ذكورا وإناثا، فان شاءوا وضعوا واحدا بعد واحدا مما يلي القبلة ليقوم الأمام بحذاء الكل وهذا هو الأولى، وحينئذ يكون أفضلهم مما يلي الأمام (لحديث) ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم (الحديث). أخرجه احمد ومسلم وأبو داود والترمذى وقال: حسن غريب (1){550}
(وقال) الشعبي: صلى على يوم صفين على عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة فكان عمار أقربهما إلي على، وكان هاشم أقربهما إلي القبلة أخرجه الطبرانى وفيه سفان ابن هارون وفيه كلام وقد وثق (2){551}
(1) انظر ص 302 ج 5 - الفتح الربائى (مشروعية وقوف اولى الاحلام والنهى قريبا من الامام) وص 154 ج 4 نووى (تسوية الصفوف وفضل الاول فالاول منها) وص 63 ج 5 المنهل العذب المورود (من يستحب ان يلى الامام في الصف)(وليلينى) بياء مفتوحة بعد اللام وياء مفتوحة ونون مشددة بعدها وفي رواية مسلم: ليلنى - بتخفيف النون ولاياء قبلها
(2)
انظر ص 36 ج 3 مجمع الزوائد (الصلاة على اكثر من ميت)(وصفين) بكسرتين وشد الفاء موضع قرب الرقه على الشاطئ القرات الغربى كانت وقعتها بين كل ومعاوية في غرة صفر سنة 27 سبع وثلاثين هجرية قتل فيها سبعون الفا دام القتال فيها 110 عشرة ومائة يوم. ثم رفع اهل الشام المصاحف يدعون الى ما فيها من الصلح مكيدة من عمرو بن العاص فكسف الناس عن الحرب. وتدعوا الى الصلح على يد حكمين .. فحكم (بشد الكاف) على ابا موسى الاشعرى وحكم معاوية عمرو بن العاص وكتبوا كتابا على =
(وإن) كانوا رجالا ونساء جاز أن يصلى على كل نوع على حدة (لما) روى عن عبد الله بن مفغل انه صلى على الرجال على حدة وعلى المرأة على حدة ثم اقبل على القوم فقال: هذا الذي لا شك فيه. وإن صلى عليهم جميعا دفعة واحدة جاز. وحينئذ توضع الرجال مما يلي الأمام والنساء خلف الرجال مما يلي القبلة كما يصطفون خلف الأمام حال الحياة. (ولو) اجتمع رجل وصبى وخنثي وامرأة وصبية وضع الرجل مما يلي الأمام والصبى وراءه ثم الخنثى ثم المرأة ثم الصبية (لحديث) نافع
=أن يجتمعوا بإزرح (بضم الراء بلد بالشام) لينظروا في امر الامة فاقترف الناس ورجع معاوية الى الشام وعلى إلى الكوفة فخرج عليه الخوارج وقالوا لا حكم الا لله واجتمعوا يحروراء فبعث اليهم ابن عباس فجادلهم والزمهم الحجة فرجع منهم كثير وثبت قوم وساروا الى النهروان فسار إليهم على فقتلهم وقتل كبيرهم ذا الثدية (بضم الثاء وشد الياء) حرقوص ابن زهير سنة ثمان وثلاثين واجنمع الناس بازرح في شعبان من هذه السنة فقدم عمرو ابن العاص ابا موسى الاشعرى مكيدة منه فتكلم فخلع عليا وتكلم عمرو فاقر معاوية وبايع له فتفرق الناس على هذا وصار على في خلاف من اصحابة حتى اجتمع بمكة ثلاثة من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله التميمى وعمرو بن بكير التميمى وتعاهدوا على ان يقتل الاول عليا والثانى معاوية والثالث عمرو بن العاص على ان يكون ذلك في ليلة واحدة ليلة حادى عشر او ليلة سابع عشر من رمضان سنة اربعين فقدم ابن ملجم الكوفة ليلة سابع عشر من رمضان لقتل على، فاستيقظ على رضى الله عنه سحرا فقال لابنه الحسن رايت الليلة النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يارسول الله: لقيت من امتك من الاود (بفتحتين التعب والثقل) واللدد (شدة الخصومة) ما لقيت فقال لى ادع الله عليهم فقلت: اللهم ابدلنى بهم خيرا لى منهم وابدلهم بى شرا لهم منى. ودخل المؤذن - ابن الذباح - على على فقال. الصلاة فخرج على على الصلاة فاعترضة ابن ملجم فضربة بالسيف فشد عليه فامسك واوثقوه واقام على الجمعه والسبت. وتوفي ليلة الاحد التاسع عشر من رمضان وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الحسن ودفن بدار الاماة بالكوفة (انظر ص 67 تاريخ الخلفاء للسيوطى).
عن ابن عمر انه صلى على تسع جنائز جميعا فجعل الرجال يلون الأمام وجعل النساء يلين القبلة، فصفهن صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم - بنت على امرأة عمر بن الخطاب - وابن لها يقال له زيد وضعا جميعا، والأمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الأمام، فقال رجل فأنكرت ذلك. فنظرت إلي ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السنة. أخرجه النسائي والبيهقى والدار قطبي بسند صحيح (1){552}
(وعن) سليمان بن موسى أن واثلة بن الاسقع - في الطاعون كان بالشام مات فيه بشر كثير - فكان يصلى على جنائز الرجال والنساء جميعا - الرجال مما يليه والنساء مما يلي القبلة - ويجعل رءوسهن إلي ركبتي الرجال ز أخرجه الببيهقى (2){553} ((دلت) هذه الأحاديث والآثار على انه إذا وجدت جنازة ذكور وإناث، تجعل الذكور مما يلي الأمام والإناث مما يلي القبلة، وإذا اجتمع رجل وصبى وامرأة يوضع الرجل أما ثم الصبي ثم الأنثى. وهذا متفق عليه.
(فوائد)(الأولى) لو كبر الأمام على جنازة ثم أتي بجنازة أخري فوضعت معها استمر في صلاته على الأولى ويستأنف الصلاة على الأخرى عند الحنفيين
(1) انظر ص 280 ج 1 مجتبى (اجتماع جنائز الرجال والنساء) وص 33 ج 4 بيهقى وص 194 - الدار قطبى (والامام) يعنى الامير لا انه كان إماما في الصلاة بل الامام كان ابن عمر ويحتمل ان سعيدا كان إمام في الصلاة بدليل قوله في رواية البيهقى: فصلى عليهما امير المدينة ويكون المراد بقوله: صلى (يعنى ابن عمر) على تسع جنائز اى اشار يترتيب الجنائز " والرجل المكر بضم فسكون فكسر " وضع الغلام جهة الامام والمراة جهة القبلة " عمار بن ابى عمار " كما في رواية النسائى والبيهقى.
(2)
انظر ص 32 ج 4 بيهقى (جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت).
والشافعي لان التحريمة انعقدت للصلاة على الأولى فيتمها، فان كبر التكبيرة الثانية ينويهما فهي للأولى فقط لانه لم يقصد الخروج عن الأولى فبقى فيها. وإن كبر ينوب الثانية وحدها فهي لها لانه خرج عن الأولى بالتكبيرة ناويا الثانية، كما إذا كان في الظهر فكبر ينوب العصر فانه يصير منتقلا من الظهر، فكذا هذا بخلاف ما إذا نواهما جميعا لانه ما رفض الأولى فيبقى فيها فلا يصير شارعا في الثانية. ثم إذا صار شارعا في الثانية فإذا فرغ منها أعاد الصلاة على الأولى (1).
(وقالت) الحنبلية: إذا كبر على جنازة ثم جيء بأخرى، كبر الثانية عليهما وينويهما. فان جيء بثالثة كبر الثالثة عليهن ونوهن، فان جيء برابعه كبر الرابعة عليهن ثم يكمل التكبير إلي سبع وهو اكثر ما ينتهي إليه التكبير فان جيء بخامسة لم ينوها بالتكبير، وإن نواها لم يجز لأنه دائر بين أن يزيد على سبع أو بنقص في تكبيرها عن أربع وكلاهما ولا يجوز، وكذا لو جيء بثانية بعد التكبيرة الرابعة.
لم يحزان يكبر عليها الخامسة لما بينا. فان أراد أهل الجنازة الأولي رفعها قبل سلام الأمام لم يجز، لان السلام ركن لا تتم الصلاة إلا به. إذا تقرر هذا فانه يقرا في التكبيرة الخامسة الفاتحة، وفي السادسة يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو في السابعة ليكمل لجميع الجنائز القراءة والأذكار كما كمل لهن التكبيرات (2).
(الثانية) إذا صلى على موتى دفعة فان كان المصلى هو السلطان جاز، وإن كان بعض الأولياء، فان رضوا بصلاة واحدة قدم ولى السابقة، وإن
(1) انظر ص 316 ج 1 بدائع الصنائع. وص 227 ج 5 مجموع النووى.
(2)
انظر ص 394 ج 2 مغنى ابن قدامة.
حضرت الجنائز دفعة اقرع بينهم، وإن لم يرضوا بصلاة واحدة صلى كل واحد على ميته عند الحنفيين والشافعي (1)
(وقالت) الحنبلية: عن اجتمع جنائز فتشاح أولياؤهم فيمن يتقدم للصلاة عليهم قدم أولاهم بالإمامة في الفرائض. (وقيل) يقدم من سبق ميته. (ووجه) الاول انهم تساووا فأشبهوا الأولياء إذا تساووا في الدرجة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله (2)، وإن أراد ولى كل ميت إفراد ميته بصلاة جاز (3).
(الثالثة) إن وجد من الأموات من يصلى عليه ومن لا يصلى عليه واشتبه الأمر صلى على الكل بنية من يصلى عليه عند الأئمة الثلاثة (وقال) الحنفيون: إن كان المسلمون اكثر صلى عليهم وإلا فلا لان للأكثر حكم الكل.
(12)
كيفية صلاة الجنازة: اجمع كيفية لكل ما ورد إن ينوب الصلاة على من حضر ويكبر رافعا يديه ثم يضع اليمنى على اليسرى فوق السرة ثم يأتي بدعاء الاستفتاح ويتعوذ ويقرا الفاتحة ويؤمن ويقرا سورة قصيرة ويدعو للميت سرا، ثم يكبر الثانية ويصلى على الأولياء صلى الله عليه وسلم بالوارد عقب التشهيد، ثم يدعو للميت، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ولنفسه وللمؤمني بالرحمة والمغفرة، والدعاء بالمأثور افضل، ثم يكبر الرابعة ويدعو بنحو قوله {ربنا آتتا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ثم يسلم.
(روى) سعيد بن كيسان عن أبيه انه سأل أبا هريرة كيف تصلى على الجنازة؟ فقال: اتبعها من بيت أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله تعالى
(1) انظر ص 327 ج 5 مجموع النووى.
(2)
تقدم رقم 547 ص 396.
(3)
انظر ص 369 ج 2 مغنى ابن قدامة.
وصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أقول: " اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا اله إلا أنت وان محمدا عبدك ورسولك وأنت اعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه إن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده ". أخرجه مالك في الموطا (1){554}
(وعن) شر حبيل بن سعد قال: حضرت عبد الله بن عباس صلى بنا على جنازة بالابواء فكبر ثم قرا بأم القران رافعا صوته بها ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وثم قال: " اللهم عبدك وابن عبدك ورسولك اصبح فقيرا إلي رحمتك فقيرا إلي رحمتك وأصبحت غنيا عن عذابه تخلى من الدنياواهلها، وغن كان زاكيا فزكه، وإن كان مخطئا فاغفر له، اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفقنا بعده " ثم كبر ثلاث تكبيرات، ثم انصرف فقال: يأبها الناس أبي لم أقرا عليها إلا لتعلموا أنها سنة ". أخرجه البيهقى (2){555}
(13)
إعادة صلاة الجنازة: لها ثلاث حالات: (أ) إن صلى على الميت غير الاحق بالصلاة عليه بلا إذن منه ولم يصل الاحق معه فله إعادة الصلاة عليه اتفاقا، لان الحق له وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى قبر بعد ما صلى على الميت كما ياتى، لانه عليه الصلاة والسلام كان الاحق بالصلاة عليه، وهذا متفق عليه.
(ب) ولا يصح عند الحنفيين ومالك ان يصلى غير الاحق بعد
(1) انظر ص 12 ج 2 - الزرقانى على الموطإ (ما يقول المصلى على الجنازة).
(2)
انظر ص 42 ج 4 بيهقى (الدعاء في صلاة الجنازة) و (الابواء) بفتح فسكون قرية بين مكة والمدينة في الشمال الشرقي من رابغ كان بها اول غزوة للنبى النبى صلى الله عليه وسلم: خرج في سفر سنة اثنتين من الهجرة يريد قريشا وبنى ضمرة من كتابة فصالحة مخشى (بفتح فسكون فكسر) ابن عمرو الضمرى (انظر ص 172 ج 1 بهجة النحافل)
صلاته لأن الفرض تأدى بالأولى. والتنقل بصلاة الجنازة غير مشروع (وروى) أبوب عن نافع أن ابن عمر قدم بعد ما توفى عاصم أخوه فسال عنه فقال: أبن قبر أخى؟ فدلوه عليه فأتاه فدعا له. أخرجه عبد الرازق وقال وبه نأخذ (1). {556}
(وقالت) الشافعية والحنبلية: من فاتته الجنازة فله أن يصلى عليها ما لم تدفن فإن دفنت صلى على القبر (لما) روى الحكم عن حنش قال: مات سهل بن حنيف فأتى به الرحبة فصلى عليه على رضى الله عنه فلما أتينا الجبانة لحقنا قرظة بن كعب فى نا س من قومه فقالو: يأمير المؤمنين لم نشهد الصلاة عليه فقال: صلوا عليه فصلى بهم قرظة بن كعب. أخرجه البيهقى (2). {557}
وعن عمرو بن مرة عن خثيمة أن أبا موسى صلى على الحارث بن قيس الجعفى بعد ما صلى عليه أدركهم بالجبان. أخرجه البيهقى (3). {558}
(جـ) ومن صلى على جنازة لا يشرع له إعادتها عند الحنفيين ومالك. ولا يستحب عند أحمد وهو الصحيح عند الشافعية لأن الثانية تكون نافلة والتنفل بها غير مشروع وعليه فلو صلاها ثانيا لا تصح عند الحنفيين ومالك، وتصح عند الشافعى وأحمد وإن كانت غير مستحبة وتقع نفلا. وقال القاضى حسين: تقع فرض كفاية كما لو صلت جماعة فصلاة الجميع تقع فرضا (4).
هذا، وإذا صلى على الجنازة لا توضع لأحد يصلى عليها ثانيا، بل يبادر بدفنها إلا أن يرجى الولى فتؤخر إلا أن يخاف تغير الميت.
(1) انظر ص 48 ج 4 - الجوهر النقى (الصلاة على القبر).
(2)
انظر ص 45 ج 4 بيهقى (الرجل تفوته الصلاة مع الإمام فيصليها بعده)(والرحبة) بفتحات أو بفتح فسكون - المكان المتسع بين افنية القوم. (وقرظة) بالظاء المعجمة وفتحات (والجبان) الصحراء
(3)
نظر ص 45 ج 4 بيهقى (الرجل تفوته الصلاة مع الإمام فيصليها بعده)(والرحبة) بفتحات أو بفتح فسكون - المكان المتسع بين افنية القوم. (وقرظة) بالظاء المعجمة وفتحات (والجبان) الصحراء
(4)
انظر ص 246 ج 5 مجموع النووى
(وقال) ابن عقيل: لا ينتظر به أحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فى طلحة بن البراء:" وعجلوا فإنه لا ينبغى لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهرانى أهله "(1). وأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل فله أن يصلى عليها. فعله على وأنس وسلمان بن ربيعة وغيرهم رضى الله تعالى عنهم (2).
(14)
الصلاة على القبر: لها حالان: (أ) من دفن بعد غسله بلا صلاة صلى على قبرة عند الحنفيين ما لم يغلب على الظن تفسخه. (وقالت) الشافعية والحنبلية: يصلى على القبر ابدا لعموم حديث يزيد بن ثابت قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد فسأل عنه فقيل: فلانه فعرفها فقال: ألا آذنتمونى بها؟ قالوا: يا رسول الله كنت قائلا صائما فكرهنا أن نؤذيك، فقال: لا تفعلوا، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم آذنتمونى به فإن صلاتى عليه له رحمة، ثم أتى القبر فصفنا خلفه وكبر عليه اربعا. أخرجه أحمد والنسائى وابن ماجه والبيهقى بسند جيد والحاكم وابن حبان وصححاه (3). {559}
(1) هو بعض حديث تقدم رقم 363 ص 263 (المبادرة بتجهيز الميت)
(2)
انظر ص 354 ج 2 شرح المقنع.
(3)
انظر ص 225 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على القبر بعد الدفن) وص 284 ج 1 مجتبى (الصلاة على القبر) وص 48 ج 4 بيهقى. وص 240 ج 1 - ابن ماجه. (فعرفها) الظاهر أنها المرأة التى كانت تقم (تكبس)(المسجد 0 روى) بريدة أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على قبر جديد حديث عهد بدفن ومعه أبو بكر فقال: قبر من هذا؟ فقال ابو بكر ك يا رسول الله هذه أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد فقال: أفلا ىذنتمونى؟ فقالوا كنت نائما فكرهنا أن نهيجك قال فلا تفعلوا فإن صلاتى على موتاكم نور لهم فى قبورهم. فصف اصحابه فصلى عليها. أخرجه البيهقى (انظر ص 48 ج 4 منه)(وقائلا) من القيلولة أى نصف النهار.
(وقال) الترمذى: والعمل على هذا. وهو قول الشافعى وأحمد وإسحق (وقال) بعض أهل العلم: لا يصلى على القبر، وهو قول مالك بن أنس (وقال) ابن المبارك: إذا دفن الميت ولم يصل علي القبر. وقال أحمد وإسحق: يصلى على القر إلى شهر (1).
(وقالت) المالكية: من دفن بلا صلاة أخرج وصلى عليه إن لم يخف تغيره وإلا صلى على قبره وجوبا ما لم يظن فناؤه. (ب) أما من صلى عليه وليه أو غيره بإذنه فلا يصلى على قبره عند الحنفيين لأنه لم يثبت عن أحد من الصحابة ولا السلف الصالح أنه صلى على قبر النبي صلى الله عليه وسلم (وقال) مالك: من لمن لم يكن صلى على الميت وإن لم يكن ولى الميت فى أى وقت لإطلاق الأحاديث الواردة فى ذلك، كحديث ثابت البنانى عن أبى رافع عن ابى هريرة: أن امرأة سوداء رجلا كان يقم المسجد فقعده النبي صلى الله عليه وسلم فسال عنه فقيل: مات، فقال: ألا آذنمون به؟ دلونى على قبره فدلوه فصلى عليه. أخرجه أحمد والشيخان وابو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقى (2). {560}
(وحديث) أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذه القبور ممتلئة
(1) انظر ص 148 ج 2 تحفة الأحوذى (الصلاة على القبر)
(2)
انظر ص 223 ج 7 - الفتح الربانى. وص 133 ج 3 فتح البارى (الصلاة على القبر بعد ما يدفن) وص 25 ج 7 نووى مسلم. وص 45 ج 9 - المنهل العذب وص 240 ج 1 - ابن ماجه. وص 47 ج 4 بيهقى. (أو رجلا) الشك فيه من ثابت أو ابى رافع. وفى رواية للبخارى عن حماد عن ثابت أن امرأة أو رجلا كان يقم المسجد قال حماد: ولا اراه إلا امراة وتقدم عند البيهقى عن بريدة أنها أم محجن وهو كنيتها واسمها خرقاء.
على أهلها ظلمة وإن الله عز وجل ينورها بصلاتى عليها. وقال رجل من الأنصار يا رسول الله إن أخى مات ولم تصل عليه قال: فاين قبره؟ فأخبره فانظلق رسول اله صلى الله عليه وسلم مع الأنصارى فصلى. أخرجه أحمد والبيهقى وابو داود والطيالسى بسند رجاله رجال الصحيح (1). {561}
والأحاديث فى هذا كثيرة، وهى تدل على أنه يجوز لمن لم يصل على الميت قبل دفنه أن يصلى على قبره وليا أو غيره ابدا، وبه قال الشافعى وابن المبارك واختاره ابن عقيل الحنبلى، لقول عقبة بن عامر: صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمانى سنين كالمودع للأحياء والأموات (الحديث). أخرجه الشيخان وابو داود والبيهقى (2). {562}
(ومشهور) مذهب أحمد أنه يصلى على القبر إلى شهر فقط (لما روى) قتادة عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت النبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر. أخرجه الترمذى والبيهقى وقال: وهو مرسل صحيح (3). {563}
(وأجاب) الحنفيون ومالك عن هذه الأحاديث (أ) بأن الصلاة على القبر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم (لقوله) فى حديث أنس: إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة وإن الله ينورها بصلاتى عليها (4). (وقوله) فى حديث يزيد
(1) انظر ص 224 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على القبر) وص 36 ج 3 مجمع الزوائد.
(2)
(انظر ص 245 ج 7 فتح البارى 0 غزوة أحد) وص 78 ج 9 - النهل العذب المورود (الميت يصلى على قبره بعد حين) وص 14 ج 4 بيهقى (من روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم بعد 8 سنين).
(3)
انظر ص 149 ج 2 تحفة الأحوذى (الصلاة على القبر) وص 48 ج 4 بيهقى
(4)
انظر رقم 561.
ابن ثابت: فإن صلاتى عليه له رحمة (1). (ووجه) الدلالة أن صلاته صلى الله عليه وسلم لتنوير القبر والرحمة. وهذا لا يوجد فى صلاة غيره فلا تكون الصلاة على القبر مشروعة لغيره (ورد) ابن حبان ذلك بأن ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر يدل على جواز ذلك لغيره، وأنه ليس من خصائصه صلى الله عليه وسلم وأيضا فإن مجرد كون الله ينور القبور بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه الا ينفى مشروعية الصلاة على القبر لغيره اقتداء به صلى الله عليه وسلم وهو القائل: صلوا كما رايتمونى أصلى (2). فهو بعمومه يشمل صلاة الجنازة.
(ب)(وأجاب) الحنفيون ايضا بأن ذلك خاص بولى الميت الذى صلى عليه وهو غائب. النبي صلى الله عليه وسلم عليه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو وليهم (وقال) ابن القاسم: قلت لمالك: فالحديث الذى جاء أنه عليه الصلاة والسلام صلى على قبر؟ قال: قد جاء وليس عليه العمل (3).
(هذا) والظاهر الذى تشهد له الأدلة الثابتة ثبوتا لا يقابله العلماء إلا بالقبول أن الصلاة على القبر جائزة فى أى وقت، سواء فى ذلك من صلى على الميت ومن لم يصل وليس للمانعين منها دليل ناهض (ولا ينافى) ما ذكره حديث ابى مرثد الغنوى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تجلسوا على القبور ولا تضلوا إليها " أخرجه أحمد ومسلم والترمذى وابو داود والبيهقى (4). {564}
(1) تقدم رقم 559 ص 407
(2)
تقدم رقم 527 ص 383
(3)
انظر ص 49 ج 4 - الجوهر النقى (الصلاة على القبر).
(4)
انظر ص 89 ج 8 - الفتح الربانى (النهى عن البناء على القبر) وص 38 ج 7 نووى مسلم. وص 154 ج 2 تحفة الأحوذى (كراهية الوطء على القبور والجلوس عليها) وص 85 ج 9 - المنهل العذب المورود (كراهية القعود على القبر) وص 79 ج 4 بيهقى (النهى عن الجلوس على القبور).
فإن المراد منه الصلاة ذات الركوع والسجود بخلاف هذه فليست منهيا عنها لفعله صلى الله عليه وسلم إياها وإقراره الصحابة على فعلها.
(15)
صلاة الجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم: الصحيح الثابت أن المسلمين صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم افرادا لا يؤمهم أحد. وقد جاء فى هذا أحاديث (منها) ما قال ابن عباس: لما صلى على رسول الله صلى الله علهي وسلم أدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام ارسالا حتى فرغوا ثم أدخل النساء فصلين عليه ثم أدخل الصبيان فصلوا عليه ثم أدخل العميد فصلوا عليه ارسالا لم يؤمهم على النبي صلى الله عليه وسلم أحد. أخرجه البيهقى وفيه الحسين بن عبد الله تركه أحمد والنسائى وباقى رجاله ثقات (1). {565}
قال الشافعى رجمة الله: وذلك لعظم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأبى هو وأمى وتنافسهم فى أن لا يتولى الإمامة فى الصلاة عليه واحد وصلوا عليه مرة بعد مرة (2).
(وحديث) سالم بن عبيد الله قال: دخل ابو بكر رضى الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم حين مات ثم خرج فقيل له: توفى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، فعلموا أنه كما قال. قيل: ويصلى عليه وكيف يصلى عليه؟ قال: يجيئون عصبا عصبا فيصلون عليه، فقالوا: هل يدفن وابن؟ فقال: حيث قبض الله روحه، فإنه لم يقبض الله روحه إلا فى مكان طيب. أخرجه البيهقى (3). {566}
(وحديث) ابى عمران الجونى عن أبى عسيب أو أبى عسيم أنه شهد
(1) انظر ص 30 ج 4 بيهقى (الصلاة على الجنازة افذاذا)(وارسالا) بفتح فسكون جمع رسل بفتحتين أى افواجا وفرقا يتبع بعضهم بعضا.
(2)
انظر ص 30 ج 4 بيهقى (الصلاة على الجنازة افذاذا)(وارسالا) بفتح فسكون جمع رسل بفتحتين أى افواجا وفرقا يتبع بعضهم بعضا.
(3)
انظر ص 30 ج 4 بيهقى. و (عصبا) بضم ففتح جمع عصبة بضم فسكون وهى الجماعة من العشرة إلى الأربعين
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: كيف نصلى عليه؟ قال: " ادخلوا ارسالا ارسالا فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر "(الحديث) أخرجه أحمد بسند رجاله الصحيح (1). {567}
(والظاهر) أن أبا عسيب علم ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، فلما راى الصحابة يسال بعضهم بعضا عن كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بما علم. (ويؤيده) ما فى حديث ابن مسعود " قلنا: فمن يصلى عليك يا رسول الله؟ فبكى وبكينا وقال: مهلا، غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا غسلتمونى ووضعتمونى على سريرى فى بيتى هذا على شفير قبرى فاخرجوا عنى ساعة فإن أول من يصلى على خليلى وجليسى جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت مع جنوده ثم الملائكة عليهم السلام، وليبدأ بالصلاة على رجال أهل بيتى ثم نساؤهم، ثم ادخلوا على افواجا أفواجا وفرادى فرادى فصلوا على ولا تؤذونى بباكية ولا صارخة ولا رانة ولا بضجة، ومن كان غائبا من اصحابى فابلغوه عنى السلام " (الحديث) أخرجه البيهقى والبزار من عدة طرق بسند رجاله موثقون (2). {568}
وإنما لم يؤمهم أحد ليباشر كل واحد من الناس الصلاة على النبي صلى الله
(1) انظر ص 204 ج 7 - الفتح الربانى (مشروعية الصلاة على الأنبياء) وص 81 ج 5 مسند أحمد (أو ابى عسيم) مصغر شك من الراوى وهو صحابى لا تضر جهالته (والحديث) تمامه: فلما وضع فى لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة: قد بقى من رجليه شئ لم يصلحوه قالوا: فادخل فاصلحه فدخل وأدخل فمس قدميه فقال: اهيلوا على التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه ثم خرج فكان يقول: أنا احدثكم عهدا برسول الله صلى عليه وسلم.
(2)
انظر ص 25 ج 9 مجمع الزوائد (وداعه صلى الله عليه وسلم.
عليه وسلم بلا توسط أحد، ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد أخرى من كل فرد فرد من كل الصحابة رجالهم ونسائهم وصبيانهم.
(16)
الصلاة على الصغير: يصلى كالكبير لعموم الأدلة (ولحديث) المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الطفل يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة " أخرجه أحمد والبيهقى والربعة، وقال الترمذى: حسن صحيح (1). {569}
(وقالت) عائشة " أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصبى فصلى عليه، فقلت: طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءا ولم يدركه، قال: أو غير ذلك يا عائشة؟ خلق الله عز وجل الجنة وخلق لها أهلا وخلقهم فى اصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وخلقهم فى أصلاب آبائهم " أخرجه النسائى (2). {570}
(وشذ) سعيد بن جبير فى قوله: لا يصلى على الصغير ما لم يبلغ (وكذا) من قال: لا يصلى عليه ما لم يصل، محتجين بقول عائشة رضى الله عنها: لقد توفى
(1) انظر ص 207 - الفتح الربانى (الصلاة على الصغير) وص 11 ج 9 - المنهل العذب المورود (المشى أمام الجنازة) وص 276 ج 1 مجتبى (الصلاة على الأطفال) وص 236 ج 1 - ابن ماجه. وص 144 ج 2 تحفة الأحوذى.
(2)
انظر ص 286 ج 1 مجتبى (الصلاة على الصبيان) و (طوبى) من الطيب وهى الجنة أو شجرة فيها وقيل فرح وقرة عين (ولم يدركه) أى لم يدرك أوانه بالبلوغ (أو غير ذلك) اى بل غير ذلك أحق وأولى وهو التوقف. وقد أجمع العلماء على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة (وأجابوا) عن هذا الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم لعله نهاها عن المسارعة الى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل ان يعلم أن أطفال المسلمين فى الجنة وقد صرح كثير أن التوقف فى مثله أحوط إذ ليست المسالة مما يتعلق بها عمل ولا عليها اجماع. انظر ص 276 ج 1 سندى مجتبى.
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه. أخرجه أبو داود وأحمد وقال: حديث منكر (1). {571}
(ورد): (أ) بأن أكثر الرواة أثبتوا أنه صلى الله عليه وسلم صلى على إبراهيم وروايتهم أولى لأنها أصح من رواية النفى وهى مثبته، فوجب تقديمها على النافية. (ب) أنه يجمع بينهما بأن من قال: صلى، اراد أمر بالصلاة عليه واشتغل هو بصلاة الكسوف. ومن قال: لم يصل، أراد لم يصل بنفسه (2).
(قال) ابن عبد البر: حديث عائشة لا يصح، ويحتمل أن يكون معناه لم يصل عليه فى جماعة، أو أمر اصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم.
(هذا) وولد الزنا يغسل ويصلى عليه عند الجمهور. (وقال) قتادة: لا يصلى عليه (3)، ولا يصلى على أطفال المشركين لأن لهم حكم آبائهم إلا من حكمنا بإسلامه كأن يسلم أحد أبويه أو يموت أو يسبى منفردا عن ابويه أو عن أحدهما فإنه يصلى عليه (4).
(17)
الصلاة على السقط: السقط - مثلث السين والكسر أشهر - هو فى الأصل. الولد ينزل قبل تمام مدة الحمل بينا خلقه. والمراد به هنا ما نزل ميتا أو حيا ولم تستمر حياته. (وحكمه) أنه إن استهل - أى وجد منه ما يدل على حياته كبكاء أو صوت بعد الولادة - ثم مات فكالكبير، يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن ويرث ويورث اتفاقا (لحديث) جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا استهل الصبى صلى عليه وورث وورث ".
(1) انظر ص 19 ج 9 - المنهل العذب المورود (الصلاة على الطفل) وص 209 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على الصغير).
(2)
انظر ص 257 ج 5 مجموع النووى.
(3)
انظر ص 267 ج 5 منه.
(4)
انظر ص 219 ج 2 مغنى ابن قدامة.
أخرجه النسائى وابن ماجه والبيهقى (1). {572}
(وعنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل. أخرجه النسائى والترمذى وقال: روى مرفوعا وموقوفا وهذا أصح (2). {573}
(قال) الترمذى: ذهب بعض اهل العلم إلى هذا وقالوا: لا يصلى على الطفل حتى يستهل، وهو قول الثورى والشافعى (3)، وبه قال باقى الأئمة.
وإن لم يستهل سمى وغسل - وإن لم يتم خلقه - وأدرج فى خرقة إكراما لبنى آدم ودفن بلا صلاة عليه عند الحنفيين ولا يرث إن انفصل بلا جنابة (4).
…
(وقالت) المالكية: من لم يستهل صارخا يكره غسله والصلاة عليه ولو تحرك أو بال أو عطس إن لم تتحقق حياته، فإنه تحققت بأن رضع كثيرا أوقعت منه امور لا تكون إلا من حي وجب غسله والصلاة عليه (5). (وقالت) الشافعية: من لم يستهل أو يختلج وتحرك حركة تدل على الحياة فالصحيح أنه يغسل ويصلى عليه، وإن لم يتحرك ولم يختلج ولم يكن منه ما يدل على الحياة. فإن لم يبلغ اربعة اشهر فلا يصلى عليه اتفاقا ولا يغسل على المذهب. وإن بلغ اربعة أشهر فالصحيح
(1) انظر ص 236 ج 1 - ابن ماجه (الصلاة على الطفل) وص 8 ج 4 بيهقى (السقط يغسل ويكفن).
(2)
انظر ص 145 ج 2 تحفة الأحوذى (ترك الصلاة على الطفل حتى يستهل).
(3)
انظر ص 145 ج 2 تحفة الأحوذى (ترك الصلاة على الطفل حتى يستهل).
(4)
(بلا جناية) أما لو نزل بجناية بأن ضرب شخص بطن امرأة فالقت جنينا ميتا فإنه يرث بأن مات ابوه قبل انفصاله ويورث ما وجب فيه وهو الغرة لأنه فى حكم الحى. والغرة (بضم فشد الراء) نصف عشر الدية - خمس من الإبل أو خمسمائه درهم - وتمامه بصفحة 123 وما بعدها من إرشاد الرائض (الحمل).
(5)
انظر ص 173 ج 1 صغير الدردير.
أنه يجب غسله ولا تجوز الصلاة عليه (وقال) أحمد: من لم يستهل إذا كان له اربعة أشهر غسل وصلى عليه. وقد صلى على ابن بنته ولد ميتا. ويدل له عموم ما روى المغيرة بن شعبة أن صلى الله عليه وسلم قال: والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. أخرجه أحمد وابو داود والحاكم وصححه (1). {574}
(قال) الترمذى: والعمل عليه عند بعض أهل العلم قالوا: يصلى على الطفل وإن لم يستهل بعد أن يعلم أنه خلق، وهو قول أحمد وإسحاق (2).
(فاما) من لم يكن له اربعة اشهر، فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولف فى خرقة ويدفن. فإن لم يتبين أهو ذكر أم أنثى؟ سمى باسم يصلح للذكر والأنثى كسلمة وقتادة وهند وعتبة، وهذا مستحب (لحديث) ابى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سموا أسقاطكم فإنهم من افراطكم. أخرجه ابن عساكر وحسنه السيوطى (3). {575}
(18)
الصلاة على المقتول: القتيل فى حد أو قصاص يجب أن يغسل ويصلى عليه عند الحنفيين والشافعى وأحمد والجمهور (لحديث) عبد الله بن بريدة عن ابيه أن أمرأة من غامد أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أنى قد فجرت قال: ارجعى. فرجعت، فلما كان الغد اتت فقالت: لعلك أن تردنى كما رددت
(1) انظر ص 207 ج 7 - الفتح الربانى (الصلاة على الصغير والسقط) وص 11 ج 9 - المنهل العذب المورود (المشى أمام الجنازة).
(2)
انظر ص 145 ج 2 تحفة الأحوذى.
(3)
انظر رقم 4713 ص 113 ج 4 فيض القدير للمناوى (والأفراط) جمع فرط بفتحتين وهو من يتقدم القوم ليهيئ لهم منازل الآخرة ومقامات الأبرار. " وأما " خبر: أن عائشة اسقطت من النبى صلى الله عليه وسلم سقطا فسماه عبد الله وكناها به " فلا يصح ".
ما عز بن مالك فوالله إنى لحبلى (الحديث) وفيه: فأمر بها فحفر لها وأمر بها فرجمت. وكان خالد بن الوليد فيمن يرجمها وسبها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا خالد فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له " وأمر بها فصلى عليها ودفنت. أخرجه أحمد ومسلم وابو داود (1). {576}
والأحاديث فى هذا كثيرة. (قال) مالك: يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على من قتل فى حد زجرا للناس لئلا يجترثوا على مثل فعله. (ولقول) ابى بشر: حدثنى نفر من أهل البصر عن ابى برزة الأسلمى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ما عز بن مالك، ولم ينه عن الصلاة عليه. أخرجه وابو داود والبيهقى (2). {577}
(وحديث) جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رجلا من اسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا (الحديث) وفيه: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا ولم يصل عليه. أخرجه وابو داود والنسائى (3){578}
(وأجاب) الجمهور: (أ) عن حديث ابى بشر بأنه ضعيف لأن فى سنده مجاهيل. (ب) وعن حديث جابر بأن قوله فيه ولم يصل عليه. أى حين رجم فلا ينافى أنه صلى الله عليه وسلم بعد (فقد) روى ابو أمامه بن
(1) انظر ص 202 ج 11 نووى (حد الزنا) وص 152 ج 9 عون المعبود (المرأة التى أمر النبى صلى الله عليه وسلم برجمها).
(2)
انظر ص 18 ج 9 - المنهل العذب المورود (الصلاة على من قتلته الحدود) وص 19 ج 4 بيهقى.
(3)
انظر ص 216 ج 7 - الفتح الربانى (هل يصلى الإمام على من قتل فى حد؟ ) وص 256 ج 4 عون المعبود (رجم ماعز) وص 278 ج 1 مجتبى (ترك الصلاة على المرجوم).
سهل بن حنيف فى قصة ماعز قال: فقيل: يا رسول الله أتصلى عليه؟ قال: لا فلما كان من الغد قال: صلوا على صاحبكم، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلموالناس. أخرجه عبد الرازق (1). {579}
فهذا الخبر يجمع بين الروايات. فتحمل رواية نفى الصلاة على أنه لم يصل عليه حين رجم ورواية الإثبات على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه فى اليوم الثانى وايضا فإن رواية الإثبات أقوى لأنها من رواية الصحيح.
(19)
الصلاة على العضاة: العصاة جمع عاص وهو من ارتكب ما يغضب الله تعالى كالباغى وقاطع الطريق ومن يسمى فى الرض بالفساد وقاتل نفسه متعمدا والكلام عليهم من جهة الصلاة ينحصر فى اربعة أقسام:
(أ) من قتل من البغاة وقطاع الطريق ومن يعثو فى الأرض فسادا يغسل - فرقا بينه وبين الشهيد - يكفن ويدفن بلا صلاة عليه إهانة له عند الحنفيين (فقد) روى عن على رضى الله عنه أنه لم يصل على أهل نهروان. فقيل له: أكفار هم؟ فقال: لا، ولكن هم إخواننا بغوا علينا. اشار إلى أنه ترك الصلاة عليهم إهانة لهم ليكون زجرا لغيرهم. وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا (2). (وقال) الشافعى وأحمد: يصلى على العصاة لأنهم مسلمون قال تعالى: " وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا
(1) انظر ص 107 ج 12 فتح البارى (الرجم بالمصلى).
(2)
انظر ص 312 ج 1 بدائع الصنائع. و (نهروان) - بفتح فسكون - مدينة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقى. كان بها وقعة لعلى رضى الله عنه مع الخوارج. انظر ص 347 ج 8 معجم البلدان
الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه " (1). (وروى) مكحول عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر. أخرجه البيهقى وقال: مكحول لم يسمع من ابى هريرة ومن دونه ثقات. وقال الحاكم: هذا حديث منكر (2). {580}
(وقال) البيهقى: قد روى - فى الصلاة على كل بر وفاجر والصلاة على من قال: لا إله إلا الله - أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف، وأصح ما روى فى هذا الباب حديث مكحول عن ابى هريرة. (قال) مالك: لا يصلى الإمام وأهل الفضل على العصاة.
(وإذا) قتلت البغاة رجلا من أهل العدل كفن فى ثيابه الصاحلة للكفن وصلى عليه بلا غسل عند الحنفيين لأنه شهيد (وقال) مالك والشافعى: يجب غسله والصلاة عليه وهو رواية عن أحمد (وعنه) أنه لا يغسل ولا يصلى عليه (3).
(ب) ولا يصلى على من قتل نفسه متعمدا عند ابى يوسف والأوزاعى (لحديث) جابر بن سمرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه. أخرجه مسلم والنسائى والترمذى وحسنه والبيهقى (4). {581}
(وقال) البيهقى: قد روينا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلى أنه صلى الله
(1) الحجرات: 9
(2)
انظر ص 19 ج 4 بيهقى (الصلاة على من قتل نفسه).
(3)
انظر ص 267 ج 5 مجموع النووى.
(4)
انظر ص 47 ج 7 نووى مسلم (ترك الصلاة على قاتل نفسه) وص 279 ج 1 مجتبى. وص 191 ج 2 تحفة الأحوذى (من يقتل نفسه لم يصل عليه) وص 19 ج 4 بيهقى (الصلاة على من قتل نفسه غير مستحل لقتلها)(والمساقص) جمع مشقص- كمنبر - نصل عريض أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش أو غيره.
عليه وسلم إنما قال ذلك ليحذر الناس بترك الصلاة عليه فلا يرتكبوا كما ارتكب. (وقال) الترمذى: قد اختلف اهل العلم فى هذا، فقال بعضهم يصلى على كل من صلى للقبلة وعلى قاتل النفس وهو سفيان الثورى وإسحاق. (وقال) أحمد: لا يصلى الإمام على قاتل النفس ويصلى عليه غير الإمام وكذا الخائن فى الغنيمة (لحديث) زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه أن رجلا من المسلمين توفى بخيبر وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم لذلك، فلما رأى الذى بهم قال: إن صاحبكم غل فى سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوى درهمين. أخرجه أحمد وابو داود والنسائى وابن ماجه بسند رجاله رجال الصحيح (1). {582}
(وقال) النعمان ومحمد بن الحسن ومالك والشافعى: يصلى على قاتل النفس والغال الإمام وغيره كسائر العصاة لعموم الأدلة على طلب صلاة الجنازة.
(وأجابوا) عن حديث جابر بن سمرة وزيد بن خالد بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك الصلاة على قاتل نفسه وعلى الغال عقوبة لهما وزجرا للناس عن الوقوع فى مثل ذنبهما كما ترك الصلاة على الدين زجرا للناس عن التساهل فى الدين وإهمال الوفاء به. ولما اتسعت الفتوحات وكثر المال صار يصلى على المدين ويسدد دينه كما تقدم.
(جـ) سائر العصاة غير من تقدم يصلى عليهم اتفاقا لعموم الأدلة.
(1) انظر ص 121 ج 7 - الفتح الربانى (ترك الإمام الصلاة على الغال ونحوه) وص 20 ج 3 عون المعبود (تعظيم الغلول) وص 278 ج 1 مجتبى (الصلاة على من غل) وص 102 ج 2 - ابن ماجه (الغلول (وغل) بفتح فشد أى خان فى الغنيمة قبل القسمة وهو محرم بالإجماع.
(قال) ابن سيرين: ما أعلم أن احد من أهل العلم ولا التابعين ترك الصلاة على أحد من أهل القبلة تاثما (1).
(وقال) ابو غالب: قلت لبى أمامه: الرجل يشرب الخمر فيموت يصلى عليه؟ قال: نعم، لعله اضطجع على فراشه مرة فقال لا إله إلا الله، فغقر له بها أخرجهما ابن ابى شيبه (2).
(فإذا قتل) أو مات تارك الصلاة غسل وكفن وصلى عليه ودفن فى مقابر المسلمين كما يفعل بسائر اصحاب الكبائر على الصحيح عند الأئمة (وقال) بعض الشافعية: لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ويطمس قبره تغليظا عليه وتحذيرا من حاله وهو قول ضعيف ليس عليه من دليل (3).
(قال) أحمد: من استقبل قبلتنا وصلى صلاتنا نصلى عليه وندفنه كما يصلى على ولد الزنا وعلى الزانية (وسئل) عمن لا يعطى زكاة ماله فقال: يصلى عليه، ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا على قاتل والغال. وبهذا قال الأئمة الأربعة وغيرهم (4).
(وأما) قول ابى قتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعى لجنازة سال عنها فإن اثنى عليها خير قام فصلى عليها وإن أثنى عليها غير ذلك قال لأهلها: شأنكم بها ولم يصل عليها. أخرجه أحمد بسند صحيح (5). {583}
(فمحمول) على المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن بالمدينة
(1)(تأثما) أى خوفا من الوقوع فى الإثم.
(2)
انظر ص 213 ج 7 - الفتح الربانى (الشرح)
(3)
انظر ص 268 ج 5 مجموع النووى
(4)
انظر ص 419 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(5)
انظر ص 213 ج 7 - الفتح الربانى (ترك الإمام الصلاة على الغال وقائل نفسه ونحوهما).
منافقين والله امره بعدم الصلاة عليهم بقوله: " وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً "(1)، لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعي لجنازة سال عنها، فإن ذكرت بخير صلى عليها، وإن ذكرت بشر قال لأهلها: شأنكم بها ولم يصل عليها. وإنما قلنا ذلك لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ترك الصلاة على مسلم غير الغال وقاتل نفسه وكذا المدين في أول الأمر.
(د) المبتدعة والخوارج: (قال) الحنفيون والشافعي: يصلى عليهم كغيرهم من المسلمين لعموم الأدلة (وقال) أحمد: لا اشهد الجهمية ولا الرافضة (2)(ويشهدهم من شاء 0 وقال) الفريابى: من شتم أبا بكر فهو كافر لا أصلي عليه.
(وقال) أحمد: أهل البدع لا يعادون إن مرضوا ولا تشهد جنائزهم إن ماتوا، وبهذا قال مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة لأقل من هذا وهو الدين والغلول فأولى أن تترك الصلاة به (3).
(وروى) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل أمة مجوسا وإن مجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم. أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه والترمذى وحسنه وكذا ابن ماجة عن جابر وزاد: وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم (4).
{584}
(وقال) ابن حزم ك يصلى على كل مسلم بر أو فاجر مقتول في حد
(1) التوبة: 84
(2)
(الجهمية) هم اصحاب جهم بن صفوان. يقولون ك لا قدرة للعبد اصلا ولو كسا بل العبد بمنزلة الجماد. وأن الجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما حتى لا يبقى إلا الله. (والرافضة) شرذمة شغلت نفوسها بالخروج عن حد الاستقامة ولعن ابى بكر وعمر رضى الله عنهما وتكفيرهما والتبرؤ منهما.
(3)
انظر ص 419 ج 2 مغنى ابن قدامة
(4)
انظر ص 140 ج 1 - الفتح الربانى (هجر المكذبين بالقدر) وص 222 ج 4 عون المعبود (القدر) وص 25 ج 1 - ابن ماجه
أو في حرب أو في بغى يصلى عليهم الإمام وغيره. وكذا على المبتدع مالم يبلغ الكفر وعلى من قتل نفسه أو غيره إذا مات مسلما لعموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: صلوا على صاحبكم. فمن منع من الصلاة على مسلم فقد قال قولا عظيما وإن الفاسق لأحوج إلى دعاء إخوانه المؤمنين من الفاضل المرحوم.
(20)
ما يفسد صلاة الجنازة: تفسد بما يفسد به سائر الصلوات من الكلام ونحوه والحدث والأكل والشرب والعمل الكثير والتحول عن القبلة وترك شرط من شروطها أو ركن من أركانها بلا عذر على ما تقدم بيانه في مبطلات الصلاة (1)، غبر أن الحنفيين قالوا:(أ) إن محاذاة المرأة للرجل لا تبطل صلاة الجنازة وإن أبطلت غيرها على ما تقدم في بحث (وقوف المرأة في صف الرجال)(2).
(ب) القهقهة في صلاة الجنازة لا تنقص الطهارة، لأن القهقهة عرفت حدثا بالنص الوارد في صلاة مطلقة فلا يجعل واردا في غيرها (3)، لكن لو سبقه الحدث في صلاة الجنازة يبنى وإن عرف البناء بنص وارد في صلاة مطلقة. والفرق:
(أ) أن القهقهة جعلت حدثا لقبحها في الصلاة وقبحها يزداد بزيادة حرمة الصلاة، ولا شك أن حرمة الصلاة المطلقة فوق حرمة صلاة الجنازة. فكان قبحها في الصلاة المطلقة فوق قبحها في صلاة الجنازة فجعلها حدثا هناك لا يدل على جعلها حدثا هنا. (ب) وكذا المحاذاة جعلت مفسدة في الصلاة تعظيما لها
(1) انظر ص 2 ج 4 - الدين الخالص
(2)
تقدم أن الراجح القول بعدم فساد صلاة الرجل بمحاذاة المرأو. انظر ص 145 وما بعدها ج 3 - الدين الخالص.
(3)
تقدم أن الراجح نقض الوضوء بالقهقهة فى الصلاة. انظر ص 259 وص 260 ج 1 - الدين الخالص طبعة ثانية.
وليست صلاة الجنازة مثل تلك في التعظيم بخلاف البناء لأن الجواز وتحمل المشي في أعلى العبادتين يوجب في أدناهما (1).
(فائدة) في الشهادة للميت وعليه: يجوز الثناء على الميت مطلقا (2)، ويجوز ذكر مساوئ المنافق والمجاهر بالفسق والبدعة للتحذير من طريقهم والتنفير من التخلق بأخلاقهم (لقول) أنس: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت. فقال عمر: فذاك أبي وأمي، مر بجنازة فأثنى عليها خيرا فقلت وجبت ثلاثا، ومر بجنازة فاثنى عليها شرا فقلت وجبت ثلاثا؟ فقال: من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن اثنتيم عليه شرا وجبت له النار. انتم شهداء الله في الأرض ثلاثا. أخرجه أحمد والشيخان والنسائي والبيهقى (3). {585}
المخاطب في هذا الحديث الصحابة ومن على شاكلتهم من المؤمنين الصالحين.
(وروى) ثابت البنانى عن أنس قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم
(1) انظر ص 316 ج 1 بدائع الصنائع (ما تفسد به صلاة الجنازة).
(2)
أما الحى فإنه منهى عن الثناء عليه اذا افضى إلى الإطراء خشية عليه من العجب والفخر.
(3)
انظر ص 40 ج 8 - الفتح الربانى (ثناء الناس على الميت) وص 148 ج 3 فتح البارى. وص 18 ج 7 نووى. وص 273 ج 1 مجتبى (الثناء) وص 75 ج 4 بيهقى (وجبت) فى رواية أحمد ومسلم: وجبت ثلاثا. وأنتم شهداء الله فى الأرض ثلاثا للتأكيد والاهتمام. والمراد بوجوب الجنة استحقاقها وثبوتها لذى الخير بمحض فضل الله تعالى، لأن الثواب من فضل الله تعالى والعقاب عدل منه. وذكر الثناء فى جانب الشر مشاكلة وإلا فالثناء لا يستعمل إلا فى الخير واستعماله فى الشر شاذ.
بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت. ثم مر بأخرى فاثنوا عليها شرا فقال وجبت. فقيل: يا رسول الله، قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت؟ قال: شهادة القوم، المؤمنون شهداء الله في الأرض. أخرجه البخاري (1). {586}
فالمعول عليه في ذلك شهادة أهل الفضل والصلاح والصدق والأمانة بخلاف الفسقة لأنهم قد يذكرون أهل الفسق بالخير وأهل الفضل والصلاح بالشر فليسوا داخلين في هذا الحديث. ومصداقه قول الله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا "(2) أي جعلناكم عدولا خيارا تشهدون على غيركم من الأمم ويكون الرسول مزكيا لكم مبينا عدالتكم. ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مساوئ الميت - مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات كما يأتي - لأن النهى عن سبهم إنما هم المؤمنون الصالحون. أما المنافقون والمجاهرون بالفسق فيجوز سبهم للتحذير من التخلق بأخلاقهم (والظاهر) أن الذي اثنوا عليه شرا كان من المنافقين كما تقدم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي أثنوا عليه شرا وصلى على الآخر (3).
(ويحتمل) أمران آخران: (أ) أن الذي كان يحدث عنه الشر كان مجاهرا به فيكون من باب: لا غيبة لفاسق. (ب) يحمل النهى على
(1) انظر ص 159 ج 5 فتح البارى (تعديل كم يجوز؟ ) و (شهادة القوم) مبتدأ خبره محذوف تقديره مقبولة أو هو خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه شهادة القوم. و (المؤمنون) مبتدأ خبره (شهداء الله)
(2)
البقرة: 143.
(3)
انظر ص 149 ج 3 فتح البارى (ثناء الناس على الميت) وحديث ابى قتادة تقدم رقم 583 ص 421.
ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه (1). (وقال) أبو السود الدولي: أتيت المدينة وقد وقع فيها مرض - فهم يموتون موتا ذريعا - فجلست إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فمرت به جنازة فاثنى على صاحبها خير، فقال عمر: وجبت. ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خير، فقال عمر: وجبت ثم مر بالثالثة فأثني عليها شر، فقال عمر: وجبت. فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. فقلنا: وثلاثة؟ فقال: وثلاثة. قلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله عن الواحد ". أخرجه أحمد والبخاري والنسائي والبيهقى والترمذى وقال: حسن صحيح (2). {587}
ففي هذه الأحاديث تزكية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وأن لشهادة المؤمنين مدخلا في نفع المشهود له وضرر المشهود عليه. وللعلماء في ذلك قولان:(أ) أن هذا الثناء بالخير من أهل الفضل خاص بمن كان ثناؤهم مطابقا لفعاله فيكون من أهل الجنة، فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث.
(1) انظر ص 166 ج 3 فتح البارى (ما ينهى من سب الأموات)
(2)
انظر ص 43 ج 8 - الفتح الربانى (ثناء الناس على الميت) وص 149 ج 3 فتح البارى. وص 273 ج 1 مجتبى (الثناء) وص 75 ج 4 بيهقى. وص 158 ج 2 تحفة الأحوذى (الثناء الحسن على الميت) و (ابو الأسود) اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان. و (خير) بالرفع نائب فاعل أثنى وهو المختار. وفى اصول البخارى. خيرا وشرا بالنصب. ووجهه بعضهم بأن الجار والمجرور اقيم مقام الفاعل وخيرا مقام المفعول وهو جائز وإن كان المشهور عكسه. وقال النووى: منصوب بنزع الخافض أى أثنى عليه بخير. وقول عمر لكل منهما وجبت قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى اله عليه وسلم: أدخله الله الجنة. أما اقتصار عمر على ذكر من شهد له بالخير فهو للاختصار. وعرف من القصة أن المثنى على كل من الجنائز المذكورة كان أكثر من واحد. أنظر ص 149 ج 3 فتح البارى.
(ب) الصحيح المختار أنه على عمومه وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة، وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة بل هو في خطر المشيئة، فإذا ألهم الله الناس الثناء عليه علمنا بذلك أن الله تعالى قد شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء (1).
وهذا في جانب الخير واضح (ويؤيده) حديث ثابت عن انس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ط ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأذنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرا إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون ". أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (2). {588}
(وأما) جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك. لكن ذلك في حق من غلب شره على خيره. (ويؤيده) ما في حديث أنس قال: " كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر بجنازة فقال: ما هذه؟ قالوا: جنازة فلان كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها، فقال: وجبت وجبت وجبت. ومر بجنازة أخري قالوا: جنازة فلان كان يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها، فقال: وجبت وجبت وجبت. قالوا: يا رسول الله، قولك في الجنازة وجبت وجبت وجبت؟ فقال: نعم يأبا بكر، إن لله ملائكة تنظق على لسان بنى آدم بما في المرء من الخير والشر ". أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (3). {589}
(1) انظر ص 19 ج 7 نووى مسلم
(2)
انظر ص 45 ج 8 - الفتح الربانى (ثناء الناس على الميت).
(3)
انظر ص 48 ج 3 - الفتح الربانى (ثناء الناس على الميت).
وفى هذه الأحاديث أيضا دليل: (أ) على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر للحاجة ولا بعد ذلك غيبه. (ب) وعلى نجاة من يشهد له الصالحون بالخير، ومحله إذا شهدوا بما يعلمون بحسب ظاهر حاله (وأما) ما اعتاده كثير من أهل الزمن من قول بعضهم بعد الصلاة على الميت: ما تشهدون فيه؟ فيقولون: هو من أهل الخير والصلاح - وإن لم يكن كذلك - فهو بدعة ذميمة أوقعت كثيرا من الناس في شهادة الزور مخالفة لهدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح. فقد علمت أنهم كانوا يشهدون بلا سؤال بما يعلمون في الميت: من خير أو شر. أما أهل زماننا فقد ابتدعوا السؤال وقد يشهدون زورا لأنهم لا يفرقون بين الصالح والطالح. فهم آثمون في ذلك، فعلى العاقل اجتناب ذلك والتأسى بفعل النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وسلف الأمة الصالحين وليهتد بهديهم. فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع، قال تعالى:" وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً "(1)" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"(2)
(خاتمة) في سب الأموات - علمت أنه يجوز سب الميت الكافر والمنافق والمجاهر بالفسق والبدعة. أما المؤمن الصالح والفاسق غير المجاهر فيحرم سبه حيا وميتا. وعليه يحمل النهى الوارد في الأحاديث (كحديث) عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. أخرجه أحمد والبخاري والنسائي والبيهقى (3). {590}
(1) النساء: 115.
(2)
الأنعام: 153.
(3)
انظر ص 48 ج 8 - الفتح الربانى (النهى عن سب الأموات) وص 274 ج 1 مجتبى. وص 75 ج 4 بيهقى. و (افضلوا) أى وصلوا إلى جزاء ما قدموا من خير أو شر فلا يفيد سبهم.
(وحديث) ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا موتانا فتؤذوا أحياءنا. أخرجه أحمد بسند جيد (1). {591}
(وحديث) عمران بن أنس المكي عن عطاء عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم. أخرجه أبو داود وابن حبان والبيهقى والترمذى وقال: حديث غريب سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: عمران بن أنس منكر الحديث. وقال العقيلى: لا يتابع على حديثه (2). {592}
فهذه الأحاديث تدل بظاهرها على منع سب الأموات مطلقا. لكن هذا العموم مخصوص بغير الكافر والمنافق. فإن المؤمن الفاسق وإن جاز ذكر مساوية حال حياته ليجتنبها ويحذره الناس لا يجوز ذكرها بعد وفاته، إذ لا فائدة فيه حينئذ، خصوصا مع احتمال أنه مات تائبا. (ولذا) قال الجمهور: لا يجوز لعن يزيد بن معاوية والحجاج الثقفي وغيرهما ممن كثر شره والميت الذي ذكر بالشر عند النبي صلى الله عليه وسلم كان من المنافقين لما تقدم في رواية الحاكم أنه كان يبغض الله ورسوله. (3)
(1) انظر ص 49 ج 8 - الفتح الربانى (النهى عن سب الأموات)(فتؤذوا) أى فيتسبب عن الأموات أذية الأحياء من قرابتهم وليس هذا قيدا فى النهى فلا يجوز سب الأموات وإن لم يكن لهم قريب أو كان ولا يتأذى بسبهم أو لم يبلغه، لأن علة النهى المرحمة قطعا.
(2)
انظر ص 275 ج 4 عون المعبود (النهى عن سب الموتى) وص 75 ج 4 بيهقى (والمساوى) جمع مسوى - بفتح الميم والواو - مصدر ميمى وصف به ثم جمع. أو اسم مكان.
(3)
انظر رقم 589 ص 427