المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(3) مكان الدفن: - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٧

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌الجنائز

- ‌(أ) المرض:

- ‌(ب) التداوي

- ‌(ج) الطب النبوي:

- ‌العلاج بالأدوية الطبيعية

- ‌(د) بعض الأدوية والأغذية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(هـ) العلاج بالأدوية الروحية الإلهية

- ‌(و) الآثار الموضوعة في المرض والطب

- ‌(جـ) الطاعون

- ‌(د) ما يطلب للمريض والمحتضر

- ‌(هـ) الموت

- ‌(11) ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(12) عرض عمل الحي على الميت

- ‌(13) مكان الموت

- ‌(14) الآثار الموضوعة فكأني الموت

- ‌(و) الروح

- ‌(ز) ما يتعلق بالميت

- ‌(7) قضاء دين الميت

- ‌(8) المبادرة بتجهيز الميت

- ‌(9) البكاء على الميت

- ‌(10) ندب الميت

- ‌(11) النياحة والندب

- ‌(12) هل يعذب الميت بالنياحة عليه

- ‌(13) نعى الميت

- ‌(14) الإحداد على الميت

- ‌(15) تجهيز الميت

- ‌(أ) غسل الميت

- ‌(ب) تكفين الميت

- ‌الصلاة على الميت

- ‌(د) حمل الجنازة

- ‌(هـ) الدفن

- ‌(1) حكم الدفن:

- ‌(2) وقت الدفن:

- ‌(3) مكان الدفن:

- ‌(4) دفن النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌(5) ما يطلب في القبر:

- ‌(أ) يستحب توسيعه وتحسينه اتفاقا وكذا إعماقه عند غير المالكية

- ‌(ب) ويسن رفع القبر عن الأرض نحو شبر اتفاقا

- ‌(جـ) ويسن بناء القبر باللبن والقصب

- ‌(د) ويسن - عند الحنفيين ومالك وأحمد وبعض الشافعية -: تسنيم القبر

- ‌(هـ) ويسن -عبد النعمان ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد - رش الماء على القبر ليسكن ترابه

- ‌(6) من يتولى الدفن:

- ‌(7) كيفية الدفن:

- ‌(8) ما يطلب للدفن:

- ‌(أ) يستحب: عند الحنفيين ومالك وأحمد ستر فم القبر بثوب عند دفن المرأة دون الرجل

- ‌(ب) ويستحب لواضع الميت في القبر الدعاء له وإن كان مأثورا فما أحسنه

- ‌(جـ) ويلزم توجيه الميت إلى القبلة عند الجمهور

- ‌(د) ويستحب اتفاقا أن يوضع على شقه الأيمن وأن يوضع خده على لبنه أو حجر أو تراب أو نحوه

- ‌(هـ) ويستحب وضع شيء خلفه من لبن أو غيره يمنعه من الوقوع على قفاه

- ‌(و) ويستحب حل عقد الكفن بعد الدفن

- ‌(9) ما يطلب بعد الدفن:

- ‌(أ) يستحب سد القبر سدا محكما بطوب نيء ووضع البوص ونحوه فوق اللبن ليمنع نزول التراب على الميت

- ‌(ب) وبعد إهالة التراب على القبر يستحب - اتفاقا - لمن شهد الدفن أن يحثو على القبر ثلاث حثيات بيديه جميعا من قبل رأس الميت

- ‌(جـ) ويستحب - عند الحنفيين ومالك والشافعي - أن يقول في الحثية

- ‌(د) ويسن للمشيعين الانتظار بعد الدفن قدر بحر جمل وتفريق لحمه ليأتنس بهم الميت

- ‌(هـ) ويستحب الاستغفار للميت والدعاء له عند القبر بعد دفنه بالثبات

- ‌(و) يستحب - عند أكثر الشافعية والحنبلية وبعض الحنفيين والمالكيين - تلقين الميت المكلف بعد الدفن

الفصل: ‌(3) مكان الدفن:

لا يتيسر له صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه. (ب) أو لقلة المصلين لا لعدم صحة الصلاة ليلا. فلا يكره الدفن ليلا ن لكن المستحب الدفن نهارا.

(هذا) ولا يكره الدفن وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها عند الحنفيين ومالك والشافعي لإطلاق الأحاديث إلا أن يتحرى الدفن وقتها فيكره.

(وعليه) يحمل حديث عقبة بن عامر قال: " ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازعة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب " أخرجه البيهقى والسبعة إلا البخاري (1). {643}

(وقالت) الحنبلية: يكره الدفن في هذه الأوقات. (وقال) ابن حزم: يحرم لظاهر النهى في حديث عقبة. (وأجاب) الجمهور عنه بأنه محمول على تحرى الدفن في هذه الأوقات. ومحل الخلاف ما لم يخشى تغير الميت وإلا فلا خلاف في جواز الدفن في هذه الأوقات بلا كراهة.

(3) مكان الدفن:

يدفن الميت في القبر، واقله حفرة توارى الميت وتمنع بعد ردمها ظهور رائحة منه تؤذى الحي ولا يتمكن من نبشها سبع. وأكمله اللحد، وهو حفرة في جانب القبر جهة القبلة يوضع فيها الميت وتجعل كالبيت المسقف ينصب اللبن عليه (2). والدفن فيه مستحب بالإجماع (لقول) عائشة رضى الله عنها " لما مات النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق حتى تكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم، فقال عمر: لا تصخبوا عند النبي صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد جميعا، فجاء اللاحد

(1) تقدم رقم 497 ص 364 (وقت صلاة الجنازة)(وأن نقبر) من بابى نصر وضرب أى ندفن. و (قائم الظهيرة) يعنى قيام الشمس ووقوفها عن الحركة فى رأى العين وقت الاستواء.

(2)

اللبن بفتح فكسر الطوب النئ

ص: 456

فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن ". أخرجه ابن ماجة بسند صحيح رجاله ثقات (1). {644}

(وعن) سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه: " ألحدوا لي لحدا وانصبوا على اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ". أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة (2). {645}

(وقال) مبارك بن فضالة: حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: " لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد وآخر يصرخ. قالوا: نستخبر ربنا فنبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فارسل إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم ". أخرجه ابن ماجة، ومبارك وثقه الجمهور وقد صرح بالتحديث فزالت تهمة تدليسه وباقي رجاله ثقات فالسند صحيح (3). {646}

(دلت) هذه الأحاديث على أن اللحد أفضل من الشق إلا أن تكون الأرض رخوة يخاف منها انهيار اللحد فيصار إلى الشق. وهو حفرة مستطيلة في وسط القبر تبنى جوانبها باللبن أو غيره يوضع فيها الميت ويسقف عليه باللبن أو الخشب أو غيرهما، ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت. أما إذا

(1) انظر ص 243 ج 1 - ابن ماجه (ما جاء فى الشق). و (لا تصخبوا) بصاد مهملة ساكنة وخاء معجمة أى لا ترفعوا أصواتكم بالخصام. وفى نسخة (لا تضجوا) بكسر الضاد المعجمة وشد الجيم أى لا تصيحوا (فلحد) من باب نفع ويقال الحد كأكرم.

(2)

انظر ص 55 ج 8 - الفتح الربانى (اختيار اللحد على الشق) وص 33 ج 7 نووى. وص 283 ج 1 مجتبى (اللحد والشق) وص 243 ج 1 - ابن ماجه (استحباب اللحد).

(3)

انظر ص 243 ج 1 - ابن ماجه (ما جاء فى الشق). و (يلحد) كيمنع من لحد أو بضم فسكون من الحد. (ويصرخ) كيمنع يقال ضرح للميت حفر له والضريح اللحد أو الشق والثانى هو المراد للمقابلة. واللاحد كان ابو طلحة والشاق أبو عبيدة

ص: 457

كانت الأرض صلبة فالدفن فى الشق مكروه. (وعليه) يحمل حديث جرير ابن عبد الله البجلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء حتى جلس على شفير القبر، فقال:" الحدوا ولا تشققوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا ". أخرجه أحمد بسند جيد (1). {647}

أي اللحد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والشق لغيرها من الأمم. وقيل: معناه اللحد لأموتنا معشر المسلمين والشق لغيرنا من أهل الكتاب (روى) جرير ابن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللحد لنا والشق لهل الكتاب " أخرجه أحمد وفيه عثمان بن عمير أبو اليقظا متفق على ضعفه (2). {648}

فهذا يدل على كراهة الدفن في الشق. وفيما قبله إشعار بأفضلية الدفن في اللحد.

(فوائد)(الأولى) يكره عند الحنفيين دفن الميت ولو صغيرا بالمنزل لأن هذا خاص بالأنبياء (وقالت) الشافعية والحنبلية: يجوز الدفن في البيت لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى بالبقيع وليكثر الدعاء للميت ممن يزور المقابر (فإن قيل) كيف يكون الدفن في المقبرة أفضل والنبي صلى الله عليه وسلم دفن في البيت (فالجواب) أنه صلى الله عليه وسلم في الحجرة لقول أبي بكر من حديث ابن عباس الآتي: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض (3)(وحكمه) اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك قصد كثرة زائرية والتخفيف عليهم بقرب زيارته (4) ولئلا يتخذ قبره مسجدا (روت)

(1) انظر ص 52 و 53 ج 8 - الفتح الربانى (اختيار اللحد على الشق) و (شفير) كل شئ جانبه.

(2)

انظر ص 53 ج 8 - الفتح الربانى (اختيار اللحد على الشق).

(3)

يأتى الحديث تاما رقم 652 ص 461 وقد وافق على الصديق رضى الله عنهما على ذلك وقال: أنا سمعته أيضا.

(4)

انظر ص 283 ج 5 مجموع النووى.

ص: 458

عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا " أخرجه البخاري (1). {649}

(الثانية) لو قل بعض الورثة: يدفن الميت في ملكه وقال بعضهم: بل في المقبرة دفن فيها ولو بادر أحدهم ودفنه في البيت كان للباقين نقله لكنه يكره. ولو قال بعضهم: يدفن في البيت كان للباقين قبوله لأن عليهم فيه منة. ولو بادر أحدهم فدفنه في ملك نفسه أو كفنه من مال نفسه فالظاهر أنه لا ينقل ولا ينزع كفنه بعد دفنه في ملك الميت ثم باعته الورثة لم يكن للمشترى نقله وله الخيار في فسخ البيع إن كان جاهلا بدفنه (2)(وقد) سئل أحمد عن الرجل يوصى أن يدقن في داره قال: يدفن في مقابر المسلمين (3).

(الثالثة) يستحب الدفن في أفضل مقبرة في البلد (روى) ميمون الأودى أن عمر قال: " يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يقرأ عمر عليك السلام ثم سلها أن أدفن مع صاحبي قالت: كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قال له ما لديك؟ قال: أذنت لك. قال ما كان شيء أهم إلى من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني ثم سلموا ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب.

(1) انظر ص 165 ج 3 فتح البارى (قبر النبى صلى الله عليه وسلم (لأبرز قبره) أى لكشف القبر ولم يتخذ عليه سور. والمراد الدفن خارج البيت وهذا قالتهه عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوى. ولذا لما وسع جعلت حجرتها مثلثه الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلى إلى جهة القبر مستقبل القبلة و (غير أنه خشى) بفتح الخاء أو بضمها وفى رواية البخارى غير أنى أخشى. وفى رواية مسلم غير أنه خشى بالضم لا غير. انظر ص 130 ج 3 فتح البارى (ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور)

(2)

انظر ص 283 ج 5 مجموع النووى.

(3)

انظر ص 390 ج 2 مغنى ابن قدامة.

ص: 459

فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين ". أخرجه البخاري (1){650}

(ويستحب) الدفن في المقبرة التي يكثر فيها الصالحون لتناله بركتهم وكذا في البقاع الشريفة (قال) أبو هريرة: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله إليه عينه وقال: راجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة قال ثم مه؟ قال قم الموت. قال فالآن فسال الله أن يدينه من الأرض المقدسة رمية بحجر ". (الحديث) أخرجه أحمد والشيخان (2){651}

(دل) الحديث على استحباب الدفن في المواضع الفاضلة والقرب من مدافن الصالحين لشرفها وفضيلة المدفونين فيها فيكون أقرب إلى الرحمة.

(الرابعة) يكره اتفاقا دفن الميت في تابوت لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه وفيه تشبه بأهل الدنيا. والأرض أنشف لفضلاته إلا إذا

(1) انظر ص 166 ج 3 فتح البارى (قبر النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر). والمراد بصاحبى: النبى صلى الله عليه وسلم وابو بكر رضى الله عنه.

(2)

انظر ص 134 ج 3 فتح البارى (من أحب أن يدفن فى الرض المقدسة) وص 127 ج 15 نووى (فضائل موسى صلى الله عليه وسلم. و (متن الثور) ظهره. و (رمية بحجر) أى ادننى إلى الأرض المقدسة حتى يكون بينى وبينها قدر رمية الحجر. وإنما سال الإدناه إليها ولم يسال نفس بيت المقدس لأنه خاف أن يكون قبره مشهورا عندهم فيقتين به الناس. وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، قالوا: كيف يجوز لموسى فقء عين ملك الموت؟ (والجواب) من وجهين:

(أ)

أنه لا يبعد أن يكون الله أذن لموسى فى هذه اللطمة امتحانا للملطوم.

(ب) أن موسى صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه ملك الموت وظن أنه رجل يريده فدفعه دفعا أدى إلى فقء عينه (ويؤيده) رواية صكة وليس فى الحديث أنه تعمد فقأها ولا يقال قد اعترق موسى - حين جاءه ثانيا - بأنه ملك الموت لأنا نقول إنه أتاه ثانيا بما علم به أنه ملك الموت فاستسلم (انظر ص 128 وما بعدها ج 15 نووى مسلم).

ص: 460