الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا جديد تحت الشمس
1 -
هذه الروح العدوانية، التي تبدّت في أسألتكم ليست جديدة على الإسلام والمسلمين، وما أنتم إلا تبع لأسلاف لكم، من غير جنسكم، أو من بني جنسكم، من المستشرقين، والمبشرين، والمستعمرين، الذين مهد لهم الاستشراق، أو دعم استعمارهم وقد أدركوا، في المسلمين، ثلاثة أمور:
- قوة العقيدة في قلوب المسلمين، واستمساكهم بها.
- وضعفهم الاجتماعي والسياسي مع قوة وحدتهم الدينية.
- وفرة ما يملكون في بلادهم من الموارد الاقتصادية.
فخططوا، في القضاء على مقوماتهم هذه الثلاثة:
- إضعاف الإسلام نفسه، فضلا عن صلته بالمسلمين.
- التحكم في مقدرات المسلمين الاقتصادية.
- تفتيت وحدة المسلمين، واصطناع حدود بين بلادهم، وغرس فكرة القومية، ثم الوطنية، لدعم هذا التفتيت، واتخاذ الكشوف الأثرية وسيلة علمية لدعم كل ذلك!
2 -
ومن المفارقات المزرية أن الغرب، مع هذا التخطط، قد تأثر حضاريا بالتقائه مع الشرق الإسلامي في الحروب الصليبية: تأثر بالإسلام، وما فيه من عقيدة التوحيد، وبشرية الرسول، تأثر (مارتن لوثر) ، وكذلك (كالفن) ، فيما قاما به من حركة الإصلاح الديني.
ظهر ذلك في البروتستانتية عقيدة التثليث وعصمة البابا، واعتباره السلطة الوحيدة في تحديد رأي المسيحية، التي لا يجوز التعقيب عليها.
وغير ذلك من العقائد والرسوم التي تعتبرها
الكنيسة الرومانية: (الكاثوليكية) جزءا من الإيمان المسيحي.
ثم أثر هذه القضايا، ولا سيما إهدار عصمة البابا في توجيه الإنسان الغربي نحو الاستقلال الفكري، واسترداد قيمته في الوجود، ووضع معايير جديدة للعلم، وللحياة الإنسانية، ولقيم المجتمع.
* * *
3 -
وكان حقا لحى الخق المنصف، والعقل الحر، أن يعرف الفضل لأهله، ولكن الذي كان غير ذلك من نكران الفضل، بل وبذل الجهد في إصغاره، وتشويه صورته عند الغربيين، وعند المسلمين. . ولم يتورع بعضكم، في سبيل هذا التنفير من الإسلام.
عن الزعم بأن محمدا، نبي الإسلام، لما مات أكلت جثته الكلاب!!!
ولما احتل الإنجليز مصر، رفعوا شعار: لو كنتم مثلنا لعملتم عملنا.
وفي سبيل تنفيذ خطط الاستعمار، وإضعاف الإسلام في نفوس المسلمين، فتحوا بنوك الربا، وحانات الخمر، والجهر بالعهر، ومواخير الفسق، وانحلال الأخلاق، وسائر الأعمال والأفكار التي تضعف توجيه الإسلام في حياة المسلمين.
* * *
4 -
ومن قبلهم قال لوثر: البابا والإسلام هما أعداء المسيح.
ومن بعده قال (تيتمان) الفيلسوف الألماني المتوفى 1819 م، في كتابه
(مختصر في تاريخ الفلسفة) : العرب شعب كان صابئا، ثم استمد دينه من محمد، المتوفى سنة 632، وهو دين شهواني، وعقلّي معا، ومن آثارخلفائه وتفاسيرهم لما يزعمونه وحيا أوحاه اللَّه إلى هذا النبي. . . " ويقول: هناك عدة عقبات عاقت تقدم المسلمين في الفلسفة، منها: كتابهم المقدّس الذي يعوق النظر العقلي الحر "ودينهم الذى يتطلب إيمانا أعمى. . . "
ويقول (فيكتور كوزان) الفيلسوف الفرنسي المتوعى سنة 1847 م: المسيحية هي آخر ما ظهر على الأرض من الأديان، وهي أكملها. . . أخرجت المسيحية الحرية الحديثة، والحكومات النيابية. . . ماذا أنتج الدين البرهمي، والدين الإسلامي، وسائر
الأديان، التي لا تزال قائمة على ظهر الأرض؟
أما التعصب الجنسي للجنس الآري ضد الساميين عامة، فقد ألبسه لباسا علميا (إرنست رينان) الفيلسوف الفرنسي المتوفى سنة 1892 وشاركه في هذا التعصب المستشرق الألماني (كرستيان لاسِّن) المتوفى 1876 م.
5 -
ولم يكن هذا التهجم الظلوم مقصورا على رجال الفكر (الفلسفة) بل كان هناك فريق آخر، نسج على منوال أولئك المفكرين المعاندين للإسلام، وهم المستشرقون اللاهوتيون، الذين تمثل كتاباتهم صليبية فكرية من هؤلاء القس (لا ماس) .
ولا ننسى في هذه المسألة كتابات (القديس توما الإنجويني 1225م - 127م)
الفيلسوف واللاهوتي الإيطالي، ومن أشهر وأهم ممثلي الفكر الكاثوليكي، ومن أهم مؤلفاته:(الخلاصة ضد الأم) وهو دفاع عن العقيدة المسيحية استنادا إلى العهد القديم، ضد اليهود، وإلى العقل السليم ضد المسلمين) (هكذا) .
أما (دانتي) فإنه هو الآخر يمثل صورة الإسلام في - الوعي الأوربي، في القرون الوسطى، إذ جعل (في جحيمه) محمدا صلى الله عليه وسلم وابن عمه الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، في موضع مثيري الشغب والصدامات والانشقاقات الدينية والسياسية.
الذين يزرعون الفتن فيحصدون الأوزار.
ولم يشفع (للحقيقة) عند (دانتي) أنه استفاد هذه الكوميديا التي خلدت ذكره من الإسلام وآدابه، والتصويرات الإسلامية للآخرة، كما اعترف بذلك (أسين بلاثيوس) دي يناير 1919 في بحثه الاستهلالي بمناسبة تعيينه عضوا في الأكاديمية الملكية الأسبانية.
وكان على قاعدة سالفيه وخالفيه، في موقفهم من الإسلام، هذه
القاعدة هي: الاستفادة من الإسلام، ومهاجمته في الوقت نفسه.
* * *
وفي وصف المسلمين يقول هنري جيسب الأمريكي: المسلمون لا يفهمون الأديان، ولا يقدرونها قدرها. . . إنهم لصوص، وقتلة، ومتأخرون، وإن التبشير سيعمل على تمدينهم ".
تأملوا: المسلمون لصوص وقتلة ومتأخرون.
والقائمة تطول، ذكر كثيرا منها أستاذنا أ. د. محمد البهي في كتابه:(الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي) .
كما ذكر منها الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق في محاضراته عن الفلسفة الإسلامية، التي ألقاها في جامعة القاهرة!
* * *
6 -
وعلى بعد ما يين هؤلاء المستشرقين والمبشرين في الزمان والمكان، فهناك قاسم مشترك بينهم، وبواعث جامعة، ومقاصد يستهدفونها، وذلك منذ قرونهم الوسطى إلى ضحى القرن العشرين، منها:
* التعلم من الإسلام، مع العمل على هدمه!
* وفي سبيل هذا الهدف لا مانع من الكذب على الإسلام وكتابه، ونبيه.
* فمحمد بدعة مسيحية، وهو وسيط للشيطان، ومن طبيعة الشيطان نفسه.
* وكتاب الإسلام اخترعه الشيطان لهدم المسيحية.
* وزعم أن الكلاب أكلت جثته بعد موته.
* وأن محمدا كان (كاردينالا) للكنيسة الرومانية، فشل في الجلوس على كرسي البابوية، وفي سبيل الانتقام أسس ديانة جديدة.
ومن تلك الخرافات خرافة الحمامة، وخلاصتها: أن محمدا درّب حمامة لتنقر
حبوب القمح من أذنه؛ ليقنع العرب أن هذه الحمامة هي رسول الروح القدس.