الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال السابع:
القرآن غير مستقر في وصف أهل الكتاب:
ففي آية (آل عمران: 110) سماهم، أو بعضهم: مؤمنين.
وفي آية (آل عمران: 85)(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)
وفي الوقت نفسه آية سورة البقرة 62 لم يشترط الإسلام!
وعلماؤكم متناقضون في الجواب: نسأل إماما: هل أهل الكتاب كفار؟
منهم من يقول: نعم، ومنهم من يقول: لا.
وآخر يقول: الذين سيدخلون الجنة هم المسلمون فقط إ!
والقرآن نفسه فيه تناقض في وصف أهل الكتاب: كما في آيات: سورة
البقرة: 62، والمائدة: 17، 72، 73، والبقرة: 105
وكذلك الآيات: في المائدة: 78، 57، والبقرة: 83، 101
وكذلك آل عمران 98، 101، 106، وسورة البينة: 6) .
* * *
1 -
مرجع الخطأ في هذا السؤال، وعدم فهم حكم القرآن على أهل الكتاب، هو أن السائل لم يفهم سر استعمال القرآن في حديثه عن أهل الكتاب، كما لم يفهم مدلول لفظ (إسلام) في الاستعمال القرآني.
وثانية أنهم يأخذون من القرآن ما يوافق هواهم، ويتركون ما عداه!
أما الثالثة فإنها آفة العلم، التي تفسد على صاحبها علمه وقصده.
ولا حيلة لي ولا لأحد في علاج هذا الداء وهي عدم التجرد لطلب الحق.
2 -
إن القرآن عندما يذكر عن بعض أهل الكتاب انحرافهم عما أنزل الله يذكرهم بعنوان (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ) ثم يذكر بعض مثالبهم، وخروجهم
عن بعض ما أوحى اللَّه إليهم.
وعندما يغريهم بالإيمان الكامل، ويدعوهم إلى الإيمان بما أنزل على محمد وهو مصدق لما أنزل عليهم - عند هذا يذكرهم بعنوان
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) وعلى جهتي الذم أو المدح كان خطاب القرآن
وحديثه عن أهل الكتاب على أربعة أقسام أن يقول: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) وهذا لا يكون إلا في معرض المدح، ووصفهم بالإيمان.
وإذا قال: (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ) كان في موضع ذمهم والإخبار عنهم بالعناد وإيثار الضلالة ولا يكون هذا التعبير أبدا إلا في معرض ذمهم لعنادهم الحق وإيثارهم الضلال.
وإذا قال (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)(بالبناء للمفعول) كان أعم من الوجهين قد يتناولهما، ولكن لا ينفرد به الممدوحون قط.
وإذا قال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ) كان عاما للجنس كله يتناول الممدوح منه والمذموم.
3 -
من هذا يتبين أن القرآن مع دقته في التعبير عن أهل الكتاب هو كذلك عدل، لا يغمط الصالحين منهم، ولا يجامل المعاندين، لذلك قال عنهم:(لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) .
فأي اضطراب وتناقض في هذا؟
4 -
هؤلاء (الصالحون) الموصوفون بهذه الصفات هم (المسلمون) فإن (الإسلام) بحكم اشتقاقه اللغوي، واستعماله القرآني، هو الدين الحق
الذي بعث اللَّه به كل الأنبياء.
فالمسلم الحقيقي - في حكم القرآن - هو من كان خالصا من شوائب الشرك
بالله، مخلصا في أعماله مع الإيمان، من أي ملة كان.
وهذا هو المراد بقوله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) .
ذلك لأن اللَّه شرع الدين لأمرين أصليين:
تصفية الأرواح، وتخليص العقول.
وثانيهما: إصلاح القلوب بحسن القصد في جميل الأعمال وإخلاص النية لله.