الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال الثالث:
لماذا العقاب في الإسلام غير منطقي
؟
العقاب في القرآن لا يتناسب مع الجريمة؟
القرآن، وأقوال رسولكم يناقض بعضها بعضا:
تقولون: إن إلهكم رحمن رحيم. ورسولكم يقول: إن الله أرحم من الأم
على ولدها. فهل يعقل أن الأم تخلد ولدها في النار، مهما كان ذنبه؟
فكيف تريدون من إنسان أن يؤمن بإله يخلد عبيده في النار؟ وأي جريمة
يستحق فاعلها الحلود في النار؟
أين الرحمة؟ وأين العدل؟
* * *
جواب السؤال الثالث:
نرجو، قبل الجواب، أن ترجعوا إلى ما تقدم عن طبيعة العقوبة.
1 -
تبدءون سؤالكم عن عدم تناسب العقوبة والذنب، بالسؤال عن عدم المنطقية.
والمراد (بالمنطقية) : العقل، وسلامة منهج التفكير، وانتهاء المقدمات إلى نتائج تتناسب ومقدماتها.
ونحن معكم في ضرورة هذه المنطقية، وضرورة وجودها فيما شرع الدين من
أحكام.
ونحن نعلم من ديننا الإسلام، أنه يقيم عقائده على بَدَهِياتِ العقل، وأوائل الحس.
وما من دعوة، في الإسلام، إلى عقيدة من أصول الاعتقاد، في الإلهيات، والنبوات، واليوم الآخر - إلا أقام لها الدليل العقلي.
والقرآن عُنيَ بالدعوة إلى التعقل، والتفكُّر، كما أن القرآن غني بالدعوة إلى العلم، ودراسة الكون، والتفكر في خلق السماوات والأرض، وآيات اللَّه فيها، فكان بهذه الدعوات كتاب دين، يقوم على العقل والعلم، العلم بمعناه التجريبي، الذي يقوم
على ملاحظة المحسوس، ومراقبة الظواهر الطبيعية، وافتراض الفروض، لتفسير حصولها، ثم استخلاص القانون المفسّر للظاهرة.
ثم الرجوع بذلك كله إلى (علة الخلق الأولى) وبارئها الواحد الأحد!
نعم ذاك (منطق) القرآن والإسلام!
2 -
فماذا عن (المنطقية في كتابكم) ؟
- هل تجدون (منطقية) في جعل الذوات الثلاث ذاتا واحدة؟
- هل تجدون (منطقية) في جعل قولكم: مولود غير مخلوق.
والعقل والعلم حاكمان بأن المولود لا بد أن يكون مخلوقا!
- وهل وجدتم منطقية في أن (الإله) يأكل ويشرب، ثم يغوط وييول مضطرا إلى الذهاب إلى رست روم.
- هل تجدون منطقية في اعتقادكم في إله يُضْرب على رأسه بالشوك، ويبصق على وجهه؟
فإن كان من فعل به ذلك هو الإله الحق فأي إله هذا؟
وإن كان إن كان إلها مع اللَّه، كما تقولون، فما جاز على أحد المثلين جاز على المثل الآخر، فيجوز - على زعمكم - أن إله الكون: اللَّه الخالق أن يضرب، ويبصق عليه، ويصلب، ويدفن. . - تَعَالَى - اللَّه عن ذلك علوا كبيرا!
إن منكم من رفض ذلك وعلى سبيل المثال (أبيلارد) سنة 1142 الذي سخر من آلام المسيح والتثليت وكانت دعوته إفاقة
أوروبا من قيود دينكم وطالب فيها بتحرير العقل من كل قيد.
وكانت دعوته أول دعوة في سبيل النهضة.
وكان أغسطين يقول أنا مؤمن لأن ما أومن به لا يتفق والعقل.
وديكارت - مع مذهبه العقلي كان يجهر بأن عقيدتكم فوق العقل بمعنى تناقضها مع العقل.
- بل حدثونا عن أي درجة من المنطقية في أنه "غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه"(رؤيا يوحنا ص: 1) .
- بل نبئونا على أي درجة من المنطقية في قوله الإله.
في رؤيا يوحنا (ص: 1) : كنتُ
ميتًا وهأنا حيٌّ!!
- بل خَبرونا، وايم الحق، كيف تجلّى (الإله) خروفا كأنه مذبوح، ليوحنا في رؤياه؟
- وأي منطق في اعتقاد إله يندم على بعض ما فعله، ولا يستطع أن يكفر خطايا البشر إلا أن يظهر للوجود من خلال رحم امرأة، ثم يضرب..
أي إله هذا؟
- وهل من المنطق أن يجرّم ويرث إثما لم يفعله، إنسان يولد بعد آدم وهل يورث الإثم من فاعله إلى من لم يفعله؟
وأن تكفيره لا يتم إلا بالعماد.
وعلى ذكر العماد، من الذي ابتدعه؟
هل قال به المسيح؟
منذ ما لا يزيد على مائة عام كان طفل أوربا، الذي مات قبل (عماده) يلقى في صناديق القمامة ثم هو - بزعمهم - يخلد في النار!!
أي عقل، وأي منطق، بل أية رحمة يا من تسألون عن الرحمة.
في ندوة لي في مدينة (برشا) بإيطاليا سمع ذلك
مني بعض الإيطاليين فقالوا: وما زال إلى اليوم يعدّ منبوذا!!
حدثونا - بربكم - ما جريمة هذا الطفل؟
وهل كانت عقوبته متكافئة مع ذنبه (يا من تسألون عن تكافؤ العقوبة مع الذنب في الإسلام) ألا ترون أن هؤلاء الأطفال عوقبوا بما لم يأثموه؟
هناك مجلد كبير باسم (معجم الكتاب المقدس) سلوه - إن كان ينطق - هل فيه لفظة واحدة عن مادة العقل، أو الفكر أو مشتقاتهما؟
ثم تأتوننا تسألون عن المنطق؟
3 -
وتسألون عن إلهنا الرحيم كيف يكون جبارًا، وكيف يخلِّد المذنب في النار؟
وما ذاك الذنب الذي يستوجب الخلود في النار؟
* * *
اذكروا ما تقدم، من نصوص كتابكم المقدس عن عقوبات (إلهكم الرحيم) بقتل أهل القرى التي يحتلها يشوع، وكل ما فيها حتى الأنعام، ثم حرقها!! رحمة مثالية حتى بالبهائم!!
وحكم السارق الذي يحرق هو وبنوه وبناته الذين لم يشتركوا معه في ذنبه!!
رحمة مثالية يحق لكم معها أن تسألوا عن رحمة إلهنا!! (يشوع ص 7) .
يقول الفيلسوف اليهودي (سبينوزا) : وأية فكرة تأخذها من الأقاصيص التي تجدها في العهد القديم؟
أية فكرة نأخذ عن قصة شمشمون الذي - كان وحيدا وبدون جيش - يقتل ألوفا من الرجال.
وعن قصة إليّا الذي رُفع إلى السماء على عربة من نار؟
وماذا عن يشوع الذي حبس الشمس نحو يوم كامل؟
وماذا عن الرب الإله الذي لا يعلم ولا يعرف بيوت الإسرائيليين حتى يجعلوا له عليها علامة من الدم، حتى لا يضربهم، وهو يضرب كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم (خروج ص 12) (تثنية ص 28) :
إن لم يسمع لصوت الرب فعليه جميع اللعنات حتى سلّته ومَعْجَنه، وثمرة بطنه وثمرة أرضه، ونتاج بقره وغنمه، ويبيدك من الأرض، ويضربك الرب بالسل والحمى والتَرَداء والالتهاب والجفاف. ..
أقول: يا له من رب عدل رحيم: يلعن - بذنب العقلاء - حتى الجمادات! وحتى النسل الذي لم يكن مسته الحياة بعدُ، ثم الإصابة بالسل والحمى. ..
ويا له من إله عليم. لا يعلم بيوت شعبه حتى يجعلوا له علامة حسية حتى لا
تختلط عليه ببيوت المصريين الذين يضربهم وكل بكر من الناس والبهائم.
نعم والبهائم، لأنه مقتضى العدل، ومقتضى الرحمة التي تسألون عنها.
4 -
إن المسلمين - بفرض الإسلام عليهم - يقرءون في صلاتهم كل يوم سبع عشرة مرة، على الأقل، سورة الفاتحة، وكلها رجاء ووصف الله) بالرحمة في ذاته، والرحمة في أفعاله، وتخصيصه بالعبادة والاستعانة، وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم.
والصراط المستقيم لفظ جامع لكل خير، وهو الصراط الذي سلكه خيار العباد من النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.
5 -
هذه صلاة المسلمين، فما صلاتكم؟ هي كما في (متى ص 6) :
"أبانا الذي في السماء، ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئك كما في السماء وكذلك على الأرض.
خبزَنا كفافنا أعطا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا
للمذنبين إلينا، ولا تدخلنا في تجربة، ولكن نجنا من الشرير"
وهناك زيادة في النسخة الأمريكية، هي:
"لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد".
- فمن الذي زادها؟
وهي تعترف له بالقوة، وكل ذلك من أجل خبز اليوم.
- وكون مشيئة الله في الأرض كما هي في السماء لا يتوقف على طلب.
أما طلب المغفرة كمغفرتهم، فيا عجبا، أين مغفرتهم على مدى تاريخهم.
وهل ترتبط مغفرة الله بمغفرتهم؟
ألا يمكن أن تكون بالتوبة، ألا يمكن أن تكون بالعمل الصالح، ألا يمكن أن تكون من الله منَّة ورحمة؟
وأين ذلك من الوصف الذاتي والفعلي بالرحمة في سورة الفاتحة، فأيهما أمكن في وصف (الإله) بالرحمة؟
الموصوف بالرححهّ البالغة في ذاته (الرحمن) وفي كل أفعاله (الرحيم) .
ثم لماذا تطلبون المغفرة؟
أليس (هو) - بزعمكم - قد نزل، ولقي ما لقي ليغفر خطايا
البشر؟ فأين المنطق؟ أو ليس مجرد الإيمان (بالمسيح) يكفر الخطايا، كما تقولون؟
فأين المنطق؟ ثم كيف تطلبون منه المغفرة وأنتم لا ترون حصولها إلا (بالاعتراف للكاهن وهو الذي يغفر لكم) فأين المنطق؟
وأيهما أرحم بعباده، الذي يغفر بالتوب بدون وساطة، أم الذي يوسط؟ ومن يوسط؟ عبدا، إنسانا كالمذنب سواء بسواء.
بل لعله أطهر منه؟!!
6 -
وتسألون منكرين عن الجريمة التي يستحق جارمها الخلود في النار.
7 -
وأقول:
- هذا الوجود كله، أوله وآخره، ودنياه وأخراه، قائم على حقيقة واحدة، هي:
الإيمان بالله الخالق، ووجوب الاستقامة على أمره. واليقين في لقائه. وجزائه
للصالحين والطالحين.
- وثبوت اليوم الآخر، والفرق بين جزاء الصالحين والمفسدين - ضرورة عقلية، أقرها العقل، وقررها القرآن.
إننا نشاهد في الحياة الدنيا، وفي تاريخها: المستقيم والمعوج، والظالم والمظلوم، والمفسد والمصلح. . . إلى آخر هذه الأضداد، ثم نشاهد الظالم والمظلوم يطويهما الموت من غير نصفة ولا جزاء وقد استمتع الظالم بثمار ظلمه ومضى المظلوم بغصته وآلامه، وإضاعة إنسانيته وحقوقه..
فهل يعقل أن تنتهي حياتهما عند هذا الحد، وأمرهما كذلك؟
إن كان كذلك فما أسعد الطغاة والجبارين والظالمين
والمفسدين، وما أشقى المستضعفين!
لقد مضى الطغاة بطغيانهم وما استمتعوا به.
بينما مضى المستضعفون بضعفهم وما شقوا به، مضى الجميع بلا جزاء، بل جنى الظالم ثمار ظلمه مستمتعا، ومضى المظلوم بغصته وآلامه، فما أشقى الحياة!!
وما يستقيم هذا في منطق ولا عقل.
فالحياة الأخرى ضرورة عقلية وخلقية من هذا الوجه.
يقول اللَّه في القرآن: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) .
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) .
إذا كان المؤمن المصلح خالدا في النعيم، فمن المنطق أن يكون الكافر المفسد في دارٍ مقابلة تقابل الجزاءين، فإذا كان الأول خالدًا في النعيم، فمن صحة المقابلة أن يكون الآخر مخلدا في الجحيم، هذا هو المنطق.
إن المؤمن آمن بالله الأول والآخر،
الباقي أبدًا، فكوفئ - جزاء هذا الإيمان - بالخلود في رحمة من آمن به.
وإن الكافر أنكر الخلود، ورأى الحياة مادة، فعوقب بما أنكر.
يقول اللَّه: (هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) .
أهذا، عندكم، غير منطقي؟
- لقد رأيت في متحف الفاتيكان، لوحات كثيرة تصور العصاة وهم في سواء
الجحيم، وهن يصطرخون فيها، وتصور أبديتهم في هذا الجحيم.
فمن أين هذا؟
عساكم تقولون: خيال فنان!
وأقول؟ كلا!! إن ذاك الفنان اعتمد على كتابكم المقدس واعتمد على فكرة الأديان كلها:
- فهناك بلايين الناس علّمتهم أديانهم أن في الحياة الآخرة مكانا للعذاب يسمى: الجحيم، أو الهاوية.
- وجاء في دائرة المعارف البريطانية: أن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تعلّم أن (الهاوية) ستدوم إلى الأبد، وآلامها لن تكون لها نهاية.
تقول دائرة المعارف.
وهذا التعليم الكاثوليكي لا تزال تتمسك به فرَق بروتستانية
محافظة عديدة".
- وكتابكم المقدس يتكلم عن نار جهنم وبحيرة النار، والترجمة البروتستانية العربية تتحدث عن (نار جهنم) وعن (الطرح في جهنم، في النار التي لا تطفأ) ر. متى ص 5) : إن كانت عينك اليمنى تُعْثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم.
وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها. . . ولا يلقى جسدك كله في جهنم ".
وفي مرقس 9 / 45) "وإن أعثرتك رجلك فاقطعها خير لك أن تدخل الحياة أعرج
من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ، حيث ذواتهم لا تموت والنار لا تطفأ وإن أعثرتك عينك فاقلعها. . . وتطرح في جهنم في النار حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ.
وفي رؤيا يوحنا ص: 1: ولى مفاتيح الهاوية والموت.
- وهناك ما مجموعه اثنا عشر من الأسفار اليونانية المسيحية تستعمل الترجمة
البروتستانية، وكذلك الكاثوليكية العريية، كلمة (جهنم) لتنقل الكلمة اليونانية
(جهنا) مكانا للعذاب الناري.
- وفي متى 23: قال يسوع للقادة الدينيين: أيها الحيات أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنم.
- ويقول سفر رؤيا يوحنا ص: 25: "وسلّم الموت والهاوية الأموات. . . ودينوا كل واحد بحسب عمله، وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار - هذا هو الموت الثاني، وكل من لم يوجد مكتوبا في سفر الحية طرح بحيرة النار.
وفي الرؤيا ص: 20) : (وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحوش والنبي الكذاب وسيعذبون نهارا وليلا إلى أبد الآبدين".
وفي رسالة يهوذا: "والملائكة الذين لم يحفظوا رسالتهم. . حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام، كما أن سدوم وعمورة. . مكابدة عقاب نار أبدية".
حتى الملائكة الذين أذنبوا طرحم في جهنم (بطرس الثانية ص 2) ور. تكوين 6 ويهوذا 6 ورء الرؤيا ص: 12) .
هذه نصوصكم في الجحيم، وخلوده الأبدي، يخلد فيها العصاة، حتى من
الملائكة.
فماذا تنكرون من القرآن؟
ولماذا لم تنكروه من كتابكم؟