الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهيَ خرافة مشوبة بما يعتقدونه من أن روح القدس في إنجيل لوقا - الإصحاح الثالث: 22، نزل على يسوع بهيئة جسمية مثل حمامة، وكان صوت من السماء قائلا: أنت ابني الحبيب ".
- وإذا كان محمد بدعة مسيحية، ارتد عن المسيحية، فلا عجب أن يكون في خرافة (دانتي) في الدرك الأسفل من الجحيم، وأن يكون (ابن رشد) و (ابن سينا) في درجة أعلى من محمد!!
- ومن هذه البواعث والمنطلقات:
اعتبار تفوق الجنس الآري (الأوربي) بميزة الدم والجنس - على الجنس الشرقي.
- واعتبار هذه الفوارق موانع مطلقة لإمكان التقاء الغرب والشرق، وإمكان الحوار بين المسيحية والإسلام.
- ونشر ادعاء أن القرآن من صنع محمد، وأنه عقبة في سبيل تقدم المسلمين، لأنه يمنع التفكير، ويفرض عقيدة الجبر.
- والتخويف من الإسلام باعتباره ديناً: يحرم العقل، ويدعو إلى العنف، وأن مقصده الأصلي هو. هدم المسيحية.
- لذلك كان واجب الساسة والمفكرين الغربيين العمل على ردّ المسلمين (الكفار) إلى المسيحية.
وتجلّى ذلك - على الأخص - في كتابات (بطرس المبجل) والتي قدّم
لها (لوثر) .
* * *
7 - ماذا كان مصير هذه الفرى
؟
إن سُنة اللَّه ماضية على سننها لإبطال الباطل، وإن علا، وإظهار الحق وإن طال عليه ليل الباطل.
لذلك نشأ من الأوربيين أنفسهم، من احترم نفسه، واستيقظ ضميره.
وآثر الحق على الباطل، والإنصاف على الجور، والصدق على الكذب.
وتلاشى القول بأن الإسلام وكتابه كانا، بطيعتهما - سجنا لحرية العقل، وعقبة في سبيل نهوض الفلسفة.
من هؤلاء المنصفين الأستاذ (بيكافيه) في كتابه: (تخطيط لتاريخ عام مقارن لفلسفة القرون الوسطى) المطوع 955 1م.
ومن هؤلاء المنصفين:
الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي (غوستاف لوبن) الذي أنصف تاريخ الإسلام والعرب، وله عبارة مشهورة يقول فيها: لم يعرف التاريخ فاتحا أعدل من العرب.
أما (سارتون) حجة العلوم الطبيعية، ومؤرخها الفرنسي المعروف، والذي أنصف تاريخ العرب، واعترف بفضلهم على الغرب فكان، بذلك، أحد المنصفين في القرن العشرين، وهو - كما يقول د. توفيق الطويل: سيد مؤرخي العلم، وكان سنة 956 1 م يسفه الرأي الذي يجعل أي نوع من العلم من ابتكار الغربيين، أو أي جنس بعينه.
وإذا كان مؤرخو العلم، من الغربيين، يجعلون العلوم الطبيعية والرياضية
اختراعا يونانيا لم يسهم فيه أحد قبلهم، فإن (جورج سارتون) يقول في تفنيد هذا الرأي: إن من الضلال أن يقال: إن إقليدس هو أبو علم الهندسة، أو إن أبقراط هو أبو علم الطب. . . "
ويقول سارتون: إن ما حققه العرب، في عصر الإسلام الذهبي.
في المجال العلمي يكاد يتجاوز حد التصديق.
وفي ظل هذا الإنصاف الذي وضحت معالمه في القرن العشرين، وأيدته هيئة
اليونسكو بجهودها ومؤتمراتها، يقول أ. د. الطويل: اختتم البروفسور (كويلر يونج) رئيس قسم اللغات الشرقية وآدابها، بجامعة برنستون بالولايات المتحدة - اختتم بحثا له عن أثر الثقافة الإسلامية في الغرب المسيحي، بتذكير مسيحي أوربا المعاصرة بالدَّين الثقافي العظيم الذي يدينون به للإسلام، وبحثه بعنوان:. . .
وذلك في ندوة عالمية، عن الثقافة الإسلامية، عقدت في (برنستون)
و (واشنطن) عام 1953م.
أيها المثيرون سموم الشبهات، أما جاءكم نبأ هذه البحوث المنصفة، والتي علت بأصحابها عن السير في ركاب التقليد المسفِّ، الذي درج عليه المبشرون والمستشرقون منذ القرون الوسطى.
ثم نبئوني بعلم إن كنتم صادقين: أما جاءكم نبأ ما كتبه (ول ديورانت) المؤرخ الغربي الكبير، في موسوعته (قصة الحضارة)، والذي اعترف له النقاد بأنه كتب موسوعته: بموضوعية، ومنهج علمي سليم، ومع الالتؤام الأخلاقي وكان من إنصافه اللافت للنظر: نقطة بدء التاريخ، إذ بدأ كتابته من آسيا، مخالفا عادة الغربيين الذين كانوا يظنون أن تاريخ الإنسان بدأ من اليونان والرومان.
وعلى عكس ذلك، يقرر (ول) أن لحم الإنسان في (أيرلندا) كان يباع على أنه ألذ أنواع الطعام، وأن ذلك دام في (الدنمارك) على أنه من لوازم العيش دام ذلك إلى القرن الحادي عشر.
وأما في الجزر البريطانية فقد كان اللحم البشري يباع في دكاكين القصابين، كما يباع لحم الحيوان اليوم.
ويقول (ول) في موسوعته، دي المجلد الثالث عشر ما نصه: لقد ظل الإسلام خمسة قرون من عام 700 إلى عام 1200 يتزعم العالم كله في القوة، والنظام، وبسطة الملك، وجميل الطباع والأخلاق، وفي ارتفاع مستوى الحياة، وفي التشريع الإنساني الرحيم، والتسامح الديني، والآداب، والبحث العلمي، والعلوم، والطب، والفلسفة، وكان الفن والثقافة في بلاد الإسلام أعم وأوسع انتشارا بين الناس مما كانا في البلاد المسيحية في العصور الوسطى، فقد كان الملوك أنفسهم خطاطين، وتجارًا، وكانوا كالأطباء، وكان في مقدورهم أن يكونوا فلاسفة.
ثم يقول: كان المسلمون رجالا أكمل من المسيحيين، فقد كانوا أحفظ منهم للعهد، وأكثر منهم
رحمة بالمغلوبين، وقلما ارتكبو، في تاريخهم من الوحشية ما ارتكبه المسيحيون
عندما استولوا على بيت المقدس في عام 1099)
قلت: دخل الصليبيون القدس في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر الجمعة الموافق 5 اتموز 099 1م.
وما كادوا يدخلونها حتى حكموا على كل مسلم بقي فيها بالموت، وشرعوا من فورهم في تنفيذ الحكم، فقتلوا سبعين ألفا، بل يؤكد بعض الباحثين أن القتلى كانوا تسعين ألفا.
ولم يختلف اثنان من المؤرخين من الفرنجة أو غيرهم على الفظائع التي ارتكبها
الصليبيون، تلك الفظائع التي يندي لها جبين الدهر، والتي تناقض تعاليم السيد المسيح الذي زعموا أنهم إنما جاءوا من أجل نصرته!!.
يقول (ول) : لقد ظل القانون المسيحي يستخدم طريقة التحكيم الإلهي. . في
الوقت الذي كانت الشريعة الإسلامية تضع طائفة من المبادئ القانونية الراقية
ينفذها قضاة مستنيرون، واحتفظ الدين الإسلامي - وهو أقل غموضا في عقائده من الدين المسيحي - بشعائره، أبسط، وأنقى، وأقل اعتمادا على المظاهر المسرحية من الدين المسيحي. ..
لقد تلقت أوربا من بلاد الإسلام الطعام، والشراب، والعقاقير.
والأسلحة، وشارات الدروع ونقوشها، والدوافع الفنية، والتحف، والمصنوعات، والسلع التجارية، وكثيرا من الصناعات، والتشريعات، والأساليب البحرية، وكثيرا ما أخذت عن المسلمين أسماء هذه كلها.
وقد انتقل شعر شعراء الفروسية الغزليين وموسيقاهم، من بلاد الأندلس إلى (برو فانس في فرنسا) ومن صقلية المسلمة إلى إيطاليا.
ولعل الأوصاف العربية للرحلات إلى الجنة والجحيم كان لها نصيب في
المسلاة الإلهية: لدانتي. . . ولا تزال المصطلحات العلمية العريية
تملأ اللغات الأوربية، ونذكر منها على سبيل المثال:. . . للجبر، و. . .
للصفر. ..
قال (ول ديورانت) : وسنشرح فيما بعد بالتفصيل السبل التي جاء منها هذا التأثير الإسلامي إلى بلاد الغرب، غير أننا نقول هناك (المجلد 13 / 385) بإيجاز إنه جاء
عن طريق: التجارة، والحروب الصليبية، وعن آلاف الكتب التي ترجمت من اللغة العربية إلى اللاتينية، وعن الزيارات التي قام بها العلماء أمثال جربرت وميخائيل اسكت وأدلارد من أهل (باث) إلى الأندلس الإسلامية، ومن الشباب المسيحيين الذين أرسلهم آباؤهم الأسبان إلى بلاط الأمراء المسلمين ليتربوا فيها. ..
ومن الاتصال الدائم بين المسيحيين والمسلمين في بلاد الشام ومصر وصقلية، وأسبانيا، وكان كل تقدم للمسيحيين في أسبانيا تتبعه موجة من آداب المسلمين، وعلومهم، وفلسفتهم، وفنونهم، تنقل إلى البلاد المسيحية، وحسبنا أن نذكر - على سبيل المثال
- أن استيلاء المسيحيين على طليطلة عام 1085 قد زاد معلومات المسيحيين
الفلكية، وأبقى على الاعتقاد بكرية الأرض ثم قال (ول) : لكن نار الحقد لم تطفئ لظاها هذه الاستدانة العلمية. . . ".
8 -
وفي بحث علمي مقارن، يذكر (حسين رؤف) الإنجليزي أسباب
إسلامه، مبينا أن دوافع هذا التحول الخطر، عادة، ترجع إلى دوافع: عاطفية أو فلسفية، أو اجتماعية، وأن فطرته دفعته إلى البحث عن دين يروي غلته فلسفيا واجتماعيا، فلم يجد - بعد دراسة جادة لكل الأديان الظاهرة - سوى الإسلام، ولم يحجبه عن ذلك مولده من أبوين أحدهما يهودي، والآخر كاثوليكي.
وكان من دراسته "دراسة الحضارة الإسلامية في الجامعة، بانجلترا، وأدركتُ لأول مرة أنها - وبكل تأكيد - هي التي أخرجت أوربا من العصور المظلمة. واستقرأتُ التاريخ رأيت أن كثيرا من أعظم الإمبراطوريات كانت إسلامية، وأن كثيرا من العلوم الحديثة يعود الفضل فيها إلى الإسلام، فلما جاءني الناس ليقولوا لي: إني باعتناقي للإسلام سلكتُ طريق التخلف، تبسمتُ؛ لجهلهم، وخلطهم بين المقدمات والنتائج، فهل يجوز للعالم أن يحكم على الإسلام بمقتضى ما أصابه من انحلال لظروف خارجة عنه؟ ".
9 -
هذه شهادات مختصين غير مسلمين للإسلام، وحضارته، وآثاره، وآثارها في
الغرب، وكيف كانت السبب المباشر لإخراجه وأهله من ظلمات عصورهم
الوسطى.
وبقيت شهادة مهمة عن الآثار السلبية لعدم دخول المسلمين بأنفسهم
كقوة مسيطرة في أوربا الغربية، وذلك إثر هزيمتهم أمام (شارل مارتل) في وقعة: بلاط الشهداء، والتي يسميها مؤرخو الغرب: معركة بواتيه، وهي مدينة بفرنسا.
وكان ذلك في أواخر شعبان سنة 114 هـ = 12 أو 13 من أكتوبر 732 م.
وبهزيمة المسلمين في هذه المعركة تأخر نور حضارة الإسلام عن الانتشار في أوربا الغربية، واعتبر بعض المؤرخين الغربيين، حتى من فرنسا نفسها، هزيمة المسلمين هذه نكبة على الغرب، أصابت أوربا كلها، وحرمتها من الحضارة والمدنية. ومن هؤلاء (جوستاف لوبون) إذ يقول، في كتابه:(حضارة العرب) : لو أن العرب استولوا على فرنسا لصارت باريس مثل قرطبة في أسبانيا مركزا للحضارة، والعلم، حيث كان
رجل الشارع فيها يكتب ويقرأ، بل ويقرض الشعر أحيانا في الوقت الذي كان فيه ملوك أوربا لا يعرفون كتابة أسمائهم، وييصمون بأختامهم، ومثل ذلك قال الفيلسوف الإيطالي (يوحى) و (هونكا) الألمانية!
لم يكتف (غوستاف) بذلك، بل عاب على (رينان) تحامله الأثيم على الإسلام
والمسلمين.
ثم إنه غير خاف على دارس تاريخ رجالات التاريخ ما كتبه (كاربل) المؤرخ
الإنجليزي عن محمد صلى الله عليه وسلم، في كتابه (الأبطال) إذ جعل محمدا نموذج البطولة النبوية، وبذلك سجل (كاربل) في سجل المنصفين.
- وأخيرًا، وليس آخرًا، أو ما علمتم ما كتبه جاركم الأمريكي:
(مايكل هارت) العالم الفلكي، بهيئة الفضاء الأمريكي في كتابه:
(المائة: تقويم لأعظم الناس أثرا في التاريخ) وكان من أسس اختياره أن يكون الشخص ذا أثر عالمي، لا إقليمي، ذا أثر عميق، في أمته، وفي تاريخ الإنسانية، وأن يكون أثره في العالم، وحكمه للعقول
قائما على المنطق والصدق، لا على استعباد العقول بالقوة المادية والعنف.
يقول (مايكل هارت) : لقد اخترت محمدًا في أول هذه القائمة: ولا بد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار. . ولكن محمدا هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على المستوى الديني والدنيوي..
هذا الامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعلني أؤمن بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعظم الشخصيات أثرًا في تاريخ الإنسانية
كلها.
وربما بدا غريبا حقًا أن يكون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في رأس هذه القائمة، برغم أن عدد المسيحين ضعف عدد المسلمين، وربما بدا غريبا أن يكون الرسول محمد هو رقم واحد في هذه القائمة، بينما عيسى عليه السلام هو رقم ثلاثة، وموسى عليه السلام الرقم السادس عشر.
ولكن لذلك أسباب من بينها أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد كان دوره أخطر وأعظم في نشر الإسلام، ودعمه، وإرساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسى عليه السلام في الديانة المسيحية وبرغم أن عيسى عليه السلام هو المسئول عن مبادئ الأخلاق في المسيحية، غير أن القديس بولس هو الذي أرسى أصول الشريعة المسيحية، وهو أيضا المسئول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب العهد الجديد.
أما الرسول محمد فهو المسئول الأول والأوحد عن إرساء قواعد الإسلام، وأصول الشريعة، والسلوك الاجتماعي والأخلاقي، وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية، كما أن القرآن الكريم قد نزل عليه وحده.
وفي القرآن وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وآخرتهم.
لقد استطاع محمد، لأول مرة في التاريخ أن يوحد بدو الجزيرة العربية، وأن يملأهم بالإيمان بالإله الواحد؛ لذلك استطاعت جيوشهم أن تقيم أعظم إمبراطورية أقيمت في التاريخ حتى اليوم، ومن المستحيل أن يقال ذلك عن هؤلاء البدو، وعن العرب عامة، وعن إمبراطوريتهم الواسعة دون أن يكون هناك محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف العالم كله رجلا بهذه العظمة قبله، وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه
الانتصارات الباهرة بغير زعامته، وهدايته، وإيمان الجميع به ".