الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب سقوط الدولة الرومانية لأن هذا الدين ناصب الثقافة القديمة العداء فحارب العلم، والفلسفة، والأدب، والفن. . .) (ج 11 من قصة الحضارة)
هذا نص صريح في أثر اعتناق الدولة الرومانية، المسيحية وأنه كان أهم أسباب سقوطها.
هل علمتم واحدا فقط من المؤرخين قال إن الإسلام هو الذي أخر العرب
وقضى على حضارتهم؟
* * *
أما مسألة أوائل الشهور القمرية:
فهي مسألة فلكية، من حوادث الكون، ولا مدخل للناس فيها، بل هي من تقدير العزيز العليم، وليست من مسائل التقدم والتأخر.
فهل في استطاعة أحدكم أن يوحد طلوع القمر على أهل الأرض أجمعين، أو أن يوحد شروق الشمس وغروبها عليهم؟!
تلك مسألة فلكية ليس في استطاعة أحد تغييرها.
وقد ربط الشرع
الصلوات بالشمس فبينما قوم يصلون الفجر إذا بآخرين يصلون الظهر، أو المغرب أو يغطون في النوم.
أترون في هذا تقدما أو تأخرا؟
ومن مسائل الفقه هذه المسألة: هل إذا ظهر الهلال في بلد وجب على أهل البلاد الأخرى الأخذ برؤيتهم، فيكون عند الجميع أول رمضان، أو أول شوال؟.
اجتهاد فقهي، قواه، قديما ترامي أطراف أرض المسلمين، وعدم إمكان إبلاغ البلاد جميعها برؤية بلد منها.
ويبقى هذا الحلاف الآن عدم وجود حاكم عام للمسلمين يكون
حكمه بالرؤية، أو عدمها ملزمًا للعامة.
ويوم يكون ذاك الحاكم لا تجدون خلافا بين المسلمين في تحديد أوائل شهور العبادات: رمضان، وشوال، وذي الحجة.
فالظاهرة التي تعيبونها وتأخذونها دليلا على الإسلام، وهي، في الحق، دليل له فتقصير المسلمين في وحدتهم من أسباب تخلفهم.
إذا كان للمسلمين حاكم واحد أو هيئة أمم إسلامية، فلا ضير على أحدهما أن يأخذ بالحساب الفلكي، ومصر، مقر الأزهر، تأخذ بالحساب الفلكي، ويتصل مفتيها بهيئة الأرصاد الجوية، قبل أن يصدر فتواه ببدء الشهر (1) .
(1) إنما يسألهم عن رؤيتهم للهلال لا عن الحسابات الفلكية، وإلا لأصدر فتواه قبل بدء الشهر الكريم بشهر أو أسبوع على الأقل.
ومن علماء المسلمين، قديما، من أفتى بوجوب اتباع الحساب الفلكي، وترك الرؤية إن خالفته، وذلك - في قولهم - لاعتماد الحساب على مقدمات يقينية محسوسة.
فالاعتماد عليه مسألة شرعية، فعلم الفلك كان من علوم الأنبياء، كما أن القرآن منّ به وجعله من آيات اللَّه في الآفاق.
لقد كانت لكم حجة لو قيل إن الإسلام يرفض العلم، وأنى لكم ذلك؟!
7 -
ومنشأ الظاهرة التي ترونها، من اختلاف المسلمين في رؤية هلال رمضان وغيره، إنما يرجع إلى منهجين في فهم نصوص الشريعة، فقوم منهجهم الأخذ بظاهر النص، فهم يبحثون (عمّا قال) وآخرون منهجهم البحث (عما أراد) .
فالأول يقفون عند حد الرؤية البصرية لقول الرسول:
"إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. يعني تسعا وعشرين، وثلاثين"
وقوله صلى الله عليه وسلم:
". . لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه. . ".
أخبر عن العرب أنهم أمة أمية لأن غالبهم لم يكونوا يكتبون ولا يقرأون. وقيل لكل من لا يقرأ ولا يكتب أمي لأنه منسوب إلى أمة العرب وتلك كانت حالهم.
وكذلك لم يكن للعرب مراصد، وكانت معرفتهم عن الفلك تعتمد كلها على الرؤية وملاحظة النجوم.
والشرع لا يكلف بالمستحيل، ولا بما هو فوق الوسع.
فلم يكن مناص من علامة يستطيعونها في حدود قدرتهم وتجاريبهم، للتعرف على وقت ما فرض عليه، فكان ربطه الصوم والفطر بالرؤية الحسية.
وأصحاب منهج (ماذا قال) يرون أن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه - في رأيهم - بالكلية بقوله: (نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب) وبعد أن حضرّ الإسلام العرب، وفتح آفاقهم العقلية على الكون، وتفتحوا على ما عند غيرهم من علوم، استوعبوا كل ذلك، ونبغوا فيه، وكانت لهم نهضتهم في العلوم الكونية. كنهضتهم في علومهم الإسلامية الصرف، وكان من علومهم التطيقية علم الفلك، فقد ازدهر عند علماء المسلمين علما تجريبيا حسيا رياضيا، يعتمد على الملاحظة الحسية،
وتصنطع له آلات رصد.
وإذا كان علم الفلك قد اختلط بالتنجيم في أوربا إلى القرن التاسع عشر فإن الإسلام خلصه من هذه الشائبة.
وقد كان (بطليموس) عالم الفلك القديم، غير منازع.
وكانت له السيادة على التفكير الفلكي في أوربا حتى عصر (كوبرنيكوس) ، بطليموس رفض نظرية دوران الأرض، وكان ذلك من أسباب تأخر علم الفلك في أوربا لجمودهم عليه.
ولكن هذه النهضة - عند المسلمين، والتي استمرت قرونا، وأسهمت في نهضة أوربا - أصابتها نكسة منذ منتصف القرن التاسع الهجري.
وسبب هذا الهجر جهل بعض العلماء بعلم الفلك، ووسائله الحسية اليقينية، حتى اعتبره بعضهم بدعة مضادة
للشرع، ومخالفة لنصه!!
وهؤلاء (النصيون) لا يعيبون الإسلام ولا يعيبون المسلمين، ولا يعاب بهم علماء المسلمين فالميل إلى الاعتداد (بالنص) نزوع ديني عرف في كل أمة، وعلينا ألا نتوقع من البشر أن يكونوا جميعا على مذهب (ماذا أراد) ، فإن اعتبار الجانب (اللاعقلاني) أمر مشاهد عند بعض الناس، ولا سيما إذا مس ناحية من (الاعتقاد) !
وعندما تشتد هذه النزعة، نزعة اعتبار النص، تعتبر أن رفض منهج (ماذا أراد) هو من صحيح الإيمان.
وقد ظهرت في الغرب جماعة الأصوليين، وكان من دعوتهم:
الإيمان بالإنجيل جملة وتفصيلا، وقبول كل ما فيه، والإيمان به على ظاهره، حقيقة مؤكدة دون تأويل.
هذه الجماعة من المسلمين لهم مبالغات في الاستمساك بالنصوص، تعطي، أحيانا، للإسلام صفات ليست منه، وتوقع في العنت أحيانا.
هؤلاء اليوم هم العقبة في سبيل اعتبار الحساب الفلكي هو المعتبر.
وحديثه صلى الله عليه وسلم في اعتبار الرؤية البصرية معلل
بأنهم أمون.
فإذا عدمت الأمية، وأصبح في المسلمين علماء فلك، وللدول مراصد.
فمن الجمود والجحود، اليوم، رفض علم الفلك والاستفادة منه في توحيد صيام
المسلمين وفطرهم، والقضاء على هذه الظاهرة، التي نشارك القوم في إنكارها، ومخالفتها لدعوة التوحيد في القرآن.
وليس فيه نص برفض الحساب، بل فيه اعتداد به.
وليس فيه، ولا في السنة قبول شهادة شاهد أو شاهدين بالضرورة.
وإنني - في هذه المناسبة - لشديد الرجاء لعلمائنا، أصحاب منهج النص أن يتدبروا هذه الحال، ومالها من أثر غير حميد، وإظهار المسلمين على غير حقيقة الإسلام.
ولو علموا ما شاهدته بنفسي في بعض بلاد الغرب من سوء مظهر هذه الحال، حتى إن المسلمين في ذاك البلد، ذات سنة، عيدوا عيد الفطر في ثلاثة أيام! وليس عندي شك في أن مسلم، بله العلماء يأبون ذلك.
* * *