الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر اللَّه أصح جواب وأوفقه للإنسان.
فإذا كانت الروح كذلك فهل من العقل أو العلم أن يحكم على (كيفية) مصيرها بغير بينة من السماء؟
وتؤخذ في مصيرها فكرة لا تستند إلى فكر ولا إلى دين وإنما تستند إلى خرافات وأساطير؟
أهذا منطقكم؟
7 -
وإذا كانت الروح هي العنصر السماوي الإلهي في الإنسان فهل من التكريم لهذا العنصر - هربا من القول بمصير الجحيم - أن يقال إنها تناسخها في كلب أو حمار؟
وهل حلولها في هذا يساعدها على التطهير؛ إذا كانت لم تتطهر وهي في الإنسان، أكرم مخلوقات اللَّه أفيمكنها أن تتطهر وهي في حيوان غير مكلف وغير مسئول؟
أهذا تطهر أم مزيد من الإسفاف؟
إن القول بالتناسخ قول افتراضي هروبا من أمر قطعي.
إن القول بالجحيم أهون من القول بالتناسخ، ولا سيما مع ما قدمت من القول بعدم خلود النار أبدا، وإنما يأتي زمان تفنى فيه!!
* * *
أما لماذا خلقنا اللَّه
؟
السؤال لماذا خُلقنا؟ سؤال فطري.
والضلال عن جوابه شقاء للإنسان.
وقد علمت - من حال كثير من أهل الغرب - شقاء حياتهم لغياب جواب هذا السؤال، ومنهم من دفعه هذا الجهل إلى الانتحار برغم ثراء حياته بالمادة، ومنهم من آمن بالإسلام لما عرف من هدايته في جواب هذا السؤال.
والقرآن في مواضع متعددة - بين جوابه: ففي قصة خلق الإنسان بين للملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة.
وبين صلاحه لهذه الخلافة معرفته بالأسماء كلها.
ومعرفة الأسماء تقتضي معرفة المسميات.
والتعميم، والكلية فيها تقتضي معرفة أسماء.
كل شيء إلى يوم القيامة. فتلك عبادة.
والله يقول: (. . . يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) .
فعمارة الأرض من وظيفة الإنسان، وهي من عبادته لله.
وعمارتها لفظ جامع لكل ما يمكن أن يعمله الإنسان في الأرض. على ظهرها أو في بطها، في برها أو بحرها أو جوها. وهذه عبادة.
فقوله - تَعَالَى -: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) .
قول جامع مجمل فسره ما ذكرت.
وهو مع ذلك يقرر حقيقة إيمانية اعتقادية هي ضرورة إيمان
الإنسان أن كل ما في الوجود: عابد ومعبود وعلى هذه الحقيقة تستقيم حياة
الإنسان ويصلح الكون، ويسعد الإنسان، وما شقيت الإنسانية إلا من نسيان هذه الحقيقة حتى عبد الإنسان نفسه أو عبد الطبيعة.
وهذه العقيدة - بشقيها: عابد ومعبود هي مشكلة الإنسان الكبرى، ومشكلة حضاراته.
فما نسى الإنسان اللَّه المجود الوحيد إلا شقي وأشقى.
وما قامت حياته، وحركاته، ونهضاته على هذه الحقيقة إلا سعد وأسعد.
2 -
فمن أجابكم بأن غاية الخلق هي عبادة اللَّه كان صحيح الجواب، ولكن لا يتم جوابه حتى يشرح هذه العبادة بمثل ما تقدم. ويخطئ من يفسر العبادة بالشعائر الدينية كالصلاة ونحوها.
لذلك جاء في تفسيرها عن الأئمة بأنها: معرفة اللَّه:
وهذه المعرفة لا تتم على وجهها بمجرد أداء هذه الشعائر، لكن يتم بتحقيق مدلول الخلافة ومعرفة أن الملائكة، وهم مفطورون على شعائر العبادات لم يكونوا صالحين للخلافة في الأرض.
إن أول ما نزل من القرآن (اقْرَأ) والأمر بالقراءة مطلق لكل ما يقرأ.
وثاني ما نزل (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)
أقسم بما يكتب كل كاتب.
فالقيام بهذا وذلك عبادة.
3 -
إن آيات التشريع، بما فيها آيات الشعائر حوالي خمسمائة آية، بينما الآيات الكونية أكثر من خمسين وسبعمائة آية.
فهل يترك هذا لذاك.
وإن الوقت الذي تستغرقه الشعائر جزء يسير من يوم الإنسان فهل يكون فارغًا في أكثر وقته؟
فالله سبحانه فرض على الإنسان عبادتين: تلك الشعائر، وذاك التفكر
في الكون واستقراء آياته.
وفرض عليه قراءتين: قراءة كتاب الوحي وقراءة كتاب الكون.
وفرض عليه معرفتين: معرفة نفسه ومعرفة ربه.
وأحياه حياتين: الحياة الدنيا وهذا منهجها، والحياة الأخرى؛ ليجازي على مدى صلته بهذا المنهج.
4 -
هذا جواب الإسلام، فحدثونا - بربكم عن جواب كتابكم المقدس. الجواب فيما تقدم من بيان طبيعة القانون في اليهودية والمسيحية، وفي غيره من مواضع هذا الكتاب.
* * *