الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على نحو ما بينا آنفا، وسنبينه لاحقا، حتى شاع فيها أن الدين، في حقيقته ما هو إلا مناقض للعقل، وأن محض الإيمان إنما هو التسليم للدين وإن ناقض العقل.
وعلى هذا الأساس (غير المعقول) كان موقف الكنيسة من العلم المادي، الكاشف عن قوانين الكون.
ذاك الموقف الرافض بل المكفر، مما أدى بكثير من علماء الكون
إلى الإعدام حرقا بالنار، على حين كان العلماء، في دولة الإسلام موضع التجلّة والإكرام، حتى وإن كانوا غير مسلمين، وكان العلماء من كل ملة في مجلس الخلفاء والسلاطين قعوذا تكريما وتجلّة، والوزراء والكبراء فى هذا المجلس من قيام!!
وبينما يقول بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس ص 1:
"لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء، وأرفض فهم الفُهماء..
اليهود يسألون آية، واليونان يطلبون حكمة، ولكنا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة، ولليونان جهالة".
بينما هو سيبيد حكمة الحكماء، ويرفض فهم الفهماء، يمتدح القرآن (الحكمة) ويجعلها منَّةً من منن الله (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) .
يقول (تشالز وطس) في كتابه: (أضرار تعليم التوراة والإنجيل)
جاء في التوراة:
الحكمة هي الأصل فخذوها".
ثم جاء فيها: "بالحكمة الكثيرة كرب عظيم، ومن يكثر الحكمة يكثر حزنه". ثم ورد فيها: "حكمة العالم جهل ".
وبعد، تسألوننا: وهل يُعقل، وهل يعقل؟
أما كان الأجدر بكم أن تعودوا إِلى ما قرره كتابكم من الوعد (الإلهي) بتدمير عقل العاقل وحكمة الحكيم، والاكتفاء (بالإيمان بالمسيح المصلوب) ؟!!
اذكروا مثلنا العرفي: رمتني بدائها وانسلّت!!
* * *
16 - موقف المسيحية من السعي للمعاش
؟
سعي الإنسان لكسب رزقه أمر غريزي، بل هو غريزة كل الكائنات الحية، دون
استثناء، حتى إن من النبات ما تتجه جذوره نحو المكان الذي به الماء، ولو تغير مكان الماء أخذت الجذور في تغيير اتجاهها نحو مكانه الجديد.
هذه حقيقة طبعية ثابتة في كل الكائنات الحية، لا تحتاج إلى بيان، ولا إلى تعليل، لأن ما جاء على أصله لا يسأل عن علته.
وكل تشريع، أو موعظة تناقض الفطرة والغريزة، إنما تكون إصرا، وتكليفا بغير المستطاع، على أنه يكون نقضا للحياة ذاتها.
وإذا كانت (القوانين) - كما يعرفها (مونتسكيو) : عبارة عن علاقات ضرورية مشتقة من طبائع الأشياء - إذا كانت كذلك فمن المستحيل أن يتخذ قانونا ما يخالف طبائع الأشياء.
فما موقف المسيحية من (طبيعة السعىِ للرزق) ؟
يجيبنا إنجيل متى: 6 / 28) يقول المسيح: لم أنت قلق على ثيابك؟
انظر إلى الزنبق في الحقل كيف ينمو، إنه لا يكدح، ولا يغزل، " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وما تشربون ".
وفي لوقا 3/ 10: وسأله الجموع: ماذا نفعل؟
فأجاب وقال لهم: من له ثوبان فليعط من ليس له، ومن له طعام فليفعل كذلك.
وفي متى: 6 / 24) : "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. . لا تقدرون أن تخدموا اللَّه والمال.
وفي كتابه (النبي) الذي كتبه بالإنجليزية في نيويورك جبران خليل جبران يقول: قد طالما أخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة"
ثم يُقفّى عليه بما ينقضه.
فهل يمكن لهذه المثالية أن تكون قانونا؟
* * *