الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن اللَّه بالطبيعة، بل الذي فيها هو أنه ابنه بمعنى أنه من المؤمنين به، كما تقدم من عبارة سفر التثنية 14/ 1، على لسان اللَّه - يخاطب اليهود: أنتم أولاد الرب إلهكم.
وقال يوحنا 1 / 12 - 13، في تفسير أولاد اللَّه: وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد اللَّه، أي المؤمنين باسمه الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيمة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من اللَّه ".
* * *
مسألة صلب المسيح:
1 -
من الثابت المؤكد من وقائع التاريخ أن اليهود رفضوا الاعتراف بالمسيح عليه السلام وأنهم كادوا له، ورموه وأمه الطاهرة بالعظائم، وأن كيدهم له عند الملك الروماني قد انتهى إلى صلبه (هذه بزعمهم) .
ولولا أن النصارى جعلوا مسألة صلب المسيح أساس اعتقادهم، وأصل دينهم - ما كان يهتم كتاب اللَّه: القرآن، بإثباتها أو نفيها.
فسواء صح ثبوتها أو نفيها، فإنها لا تزيد التاريخ معرفة بأخلاق اليهود، فإنهم فعلوا أشد من ذلك: قتلوا زكريا ويحيى..
وهم كانوا - يريدون قتل المسيح؛ لما دعا إليه من الإصلاح الذي يزجرهم عن تقاليدهم المادية.
فلا صحة مسألة الصلب تفيدنا عبرة بحال اليهود لم تكن معروفة، ولا عدم
صحتها ينقص من معرفتنا بأخلاقهم.
2 -
ودعاة النصارى يجعلون قاعدة دعوتهم، وأساسها: عقيدة صلب المسيح، فداءً عن البشر.
فهذه العقيدة، عندهم، أصل الدين وأساسُه، وعقيدة التثليث تليها.
* * *
3 - تقرير عقيدة الصلب:
في ندوة عن (الإله في المسيحية) مضت إشارة إليها - سمعت الراهب الكاثوليكي يقرر عقيدة الصلب بأن آدم عليه السلام لما عصى اللَّه - تَعَالَى -، بالأكل من
الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، صار هو وجميع أفراد ذريته خطاة مذنبين
مستحقين للعقاب في الآخرة!!
ثم إن جميع ذرية آدم ولدوا خطاة مذنبين، فكانوا مستحقين للعقاب بذنوبهم، كما أنهم مستحقون للعقاب بذنب أبيهم، الذي هو الأصل لذنوبهم، فتقرر عقابهم بأصلين - على قولهم: ذنب أبيهم الأول، الذي به ولدوا مذنبين، ثم ولادتهم مذنبين، قبل أن يقوموا بعمل شيء بحكم ذلك الأصل!!
4 -
وبعصيان آدم طرأ على اللَّه مشكل (تعالى اللَّه)، من جهة اتصافه بصفتي الرحمة والعدل:
إن عاقب آدم، إعمالا لصفة العدل، ناقض صفة الرحمة!
وإن لم يعاقبه إعمالا لصفة الرحمة ناقض صفة العدل.
ثم بدا لله (تعالى الله) بعد آلاف السنين حل هذا المشكل، وهو: تناقض صفتي رحمته وعدله، في مسألة عصيان آدم فإن الحل - بعد تفكره آلاف السنين - أن يحلّ اللَّه في رحم امرأة، يكون ابنا لها من حيث هو إنسان ولد منها، ويكون هو ربها وإلهها من حيث هو الله!!
ثم هو يعيش بين الناس يأكل كما يأكلون، ويضرب مما يضربون ويتألم كما يتألمون، ثم يقتل أفظع قتلة: قتلة: الصلب، ويلعن، ويضرب على رأسه بالشوك. ..
كل ذلك فداء للبشر، وخلاصهم من خطاياهم (كما قال يوحنا في رسالته الأولى، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم) .
ويترتب على هذا الاعتقاد:
1 -
الاعتقاد بأن اللَّه ناقص العلم، وأنه لم يكن يعلم ما يكون بعدُ!!
2 -
والقول بهذه العقيدة يستلزم بجواز البداء على اللَّه، والبداء: أن يبدو لله ما لم يكن يعلم، ثم يتخذ لهذا الذي بدا حكمًا لم يكن قدره من قبل.
3 -
ولا يمكن أن يؤمن بهذه العقيدة إلا من يأخذ (الدين على أنه مناقض للعقل) وأن الدين لا يكون دينا إلا بهذه المناقضة!
4 -
كما لا يؤمن بها إلا من يرى أن (الربّ) تجري عليه الأحوال البشرية، كأن ينام (متى ص 8) أو يجربه الشيطان (متى ص 4) أو أن يحزن على بعض ما فعل، ويندم عليه، ويأسف قلبه (كما في سفر التكوين) .
ومثل أن يقع في (تناقض) يفكر في حله آلاف السنين، ثم ينتهي إلى حل لا يقبله عقل، ويناقض ما لله من جلال وإجلال، حتى إنه يحل في رحم امرأة، ثم يجرى عليه أسوأ ما يجري على بشر!!
5 -
ثم إذا كان اللَّه فعل ذلك فداء للبشر، وخلاص العالم - فلا داعي للإيمان بهذه العقيدة؛ لأن الدعوى في هذا الاعتقاد أنه فعل ذلك تفدية وتخليصا للبشر أجمعين ولكل خطاياهم، فليكن عدم الإيمان بهذه العقيدة من خطاياهم التي تغفر، والتي هي مما ترتب على خلقهم.
6 -
وإذا قيل: إن غير المؤمن بها لا ينجو، اقتضى ذلك أن (الله) - بعد تفكير طويل، فعل شيئا، لغاية مقصودة، ثم لم تحقق غايته ومقصوده، وتلك منقصة أخرى في حق الألوهية!!
7 -
وعندما نحقق مدلول (الإيمان) بأنه التصديق العقلي الجازم بالشيء والعقل لا يقبل هذه العقيدة - بناء على هذا التحقيق أمكن أن يقال: إن أحدا من النصارى لم يؤمن بهذه العقيدة عن تصديق، وإنما أخذوا بها عن تقليد واتباع لا إيمان فيه!
فإذا ثبت أن هناك من لم يؤمن بها، فماذا سيفعل بهم اللَّه؛ إذ لم يعذبهم عملا
بصفة الرحمة، فقد ترك مقتضى صفة العدل، لان عذبهم عملا بصفة العدل، فقد ترك مقتضى صفة الرحمة وآل الأمر إلى (المشكل) الذي حاول التخلص منه، وفكر فيه آلاف السنين!!
8 -
والقول بقبوله الصلب واللعن والضرب، وهو لم يذنب قط - هذا القول مناف للعدل والرحمة معا.