الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذنب الأكبر - ما كان أشد قربا منه، فالقتل، والزنا أكبر الذنوب بعد الشرك لاقترابهما منه: فقتل النفس هدم لبناء اللَّه.
والزنا بناء لما هدم اللَّه.
كذلك فضائل الأخلاق، تتفاضل بحسب قربها من اللَّه، فالمسلم قدوته الأخلاقية هي صفات اللَّه، ما عدا ما كان من خصائص الألوهية.
فالمثل الأعلى للمسلم في تخلقه إنما هو اللَّه.
وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو المثل الإنساني الذي تمثلت فيه الأخلاق الإلهية، فكان جامعة وأمة لكل حظوظ الإنسان من صفات اللَّه عز وجل
وجاء في حديثه عليه السلام: "إن لله مائة وسبعة عشر خلقا، من جاءه بواحد منها دخل الجنة"
وجاء عنه عليه السلام:
"كل خلق اللَّه حسن ".
* * *
16 -
ومواقع أخلاق المسلم: هو الإنسان من حشا هو إنسان، مسلما كان أم غير مسلم، لأنه يؤدي خلقه لله، فالله باعثه، والله مقصده.
تأملوا هذه الآية من سورة الإنسان، وانتبهوا - من فضلكم إلى اسم السورة: الإنسان: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) .
* * *
17 - ما مقياس الأخلاق
؟
قيل في مقياسها، كما تقدم: السعادة.
ولكن قد يسعد الحقير في جهالته، ويشقى العظيم في عقله وعلمه.
وقيل في مقياسها. الغني، ولكن قد يغنى الجاهل، ويفتقر العالم، وكم قد رأينا من ذوي الغنى من يضيقون بالحياة فينتحرون.
خلاصة هذه المقاييس وغيرها: اللذة والمنفعة.
أما خلاصة المقياس الإسلامي فهو:
تحقيق الجمال والكمال والسعي بها - في شوق - إلى اللَّه.
18 -
فماذا عن مجتمعاتكم ومجتمع المسلمين؟
أما عندكم، فقد تحول الإنسان إلى بهيمة سبُعيَّة، فكلما اشتهى حقق منطلقا من غير ضابط. وضابط الأخلاق هو الذي يجعل الإنسان إنسانا.
وكل ضابط معناه:
القدرة على الامتناع ورد النفس عن بعض ما تريد، وعدم المضي معها في كل ما تشتهي.
فهل تجدون هذا الضابط في سلوكياتكم؟
عندكم ضابط واحد هو: المنع مما يعود على المجموع بالضرر.
وهو ضابط يطلق للنفس كل ما تشتهي في حدود هذا المنع.
وكذلك تحول الإنسان الغربي غير المسلم إلى سبع ضار، يستخدم كل
قوته لنفع نفسه وتحقيق ما يريد وكسب كل ما قدرت عليه قدرته ولو على حساب الحق والعدل، فالعدل عندكم هو ما تحققه القوة، والحق عندكم هو ما تستطعون أخذه، فقوتكم (المادية) جعلت كل باطل ينفعكم حقا، وكل حق لغيركم باطلا، فمقياس أخلاقكم: القوة التي تحقق المنفعة.
19 -
وثمرة كل ذلك في مجتمعكم: تحلل المجتمع وفقدان التراحم وتحلل الأسرة، والأطفال غير الشرعيين، وشيوع الفواحش ما ظهر منها وما بطن في (البيت الأييض) والأسود.
ومعروفة هي قصص اغتصاب الآباء لبناتهم.
وأعرف سيدة أمريكية بيضاء، آذاها ما فعل زوج أمها بأخواتها وبناته. وعرفت أخلاق الإسلام فأسلمت، وأخذت تنشئ ولدها (عمر) تنشئة إسلامية وقصة الصغيرة (ناتالي) البلجيكية مع أبيها معروفة لأمتها.
وأما (الشذوذ) بين الكبراء والوزراء فأمر مشهور.
وكذلك بين الجنود.
ولا يعزب عن علمكم مسيرة الشواذ، التى رفعوا فيها شعار
(. . .) : وهي عبارة يقول فقهاء لغتها إنها تجمع كل الفحش والفجور.
أما الخمر والمخدرات والقتل للعدوان والسرقة فحدث ما شئت
وأما ديمقراطية الخداع، وتضليل الناخبين، واتخاذ وسائل الإعلام لهذا التضليل.
ثم يسمى ذلك: رأي الشعب. . .
وأما عن المرأة، وأنتم تزعمون أنها بلغت عندكم سقف التكريم، فكان من تكريمها عندكم امتهانها في الإعلانات، وعلى واجهات المحلات، والمرأة الغربية لا تعرف السعادة الأسرية، وتفقد السكن والمودة والرحمة التي تتمتع بها المسلمة في بيتها.
يرى (مونتسكيو) أن مركز المرأة في مجتمعها هو مقياس الحضارة.
وهو يقول في (الرسائل الفارسية) التي ألفها في نقد المجتمعات الغربية، تلك المجتمعات الماجنة، والانحلال الخلقي للنساء الأوربيات، وانتشار الفسق والفجور. ..
2 -
فماذا عن مجتمع المسلمين؟
لا أتحدث عنه أيام مجده، وظله الممدود على أهل الأرض، فذلك يوم مشهود.
لا أتحدث عن ذلك اليوم المشهود، الذي حقق فيه المسلمون، في واقع الحياة لكل الإنسانية مثل الحق، والخير والجمال، يوم كان واقعكم في ظلمات بعضها فوق بعض - إنما أتحدث عن واقع المسلمين اليوم، وهو ما أشرتم إليه، واتخذتموه سخريا.
فإذا حكّمنا مقياس الإنسانية، ومقياس التبعة والمسئولية، رجح مجتمع المسلمين الحالي - على كل ما فيه - على كل مجتمع سواه، فهو مجتمع: يؤمن بالله الواحد، ولا يعبد المادة ولا الشهوات، ولا الأرقام ولا سيما رقمك البنكي.
وهو مجتمع تقوم فيه الأسرة خلية متعاونة صالحة لحمتها السكن والمودة والرحمة، وترعى فيها الذرية، وتربى على قيم الفضائل. ..
مجتمع يترابط فيه الأقارب بالمحبة والتواد، والتكافل المالي والاجتماعي والأدبي.
مجتمع يفرض فيه على الغني أن يرعى الفقراء بنسبة (اثنين ونصف في المائة) من ماله، فريضة بلغ من منزلتها أن كانت أحد أركان الإسلام الخمسة. مجتمع يتآزر على نوازل الأحداث، فوق فريضة الزكاة.
مجتمع يتآزر على إشاعة المعروف، ومنع المنكر، مجتمع تكرم فيه المرأة، لاتباع فيه أنوثتها باسم الحرية.
مجتمع يفرض فيه على الأسرة والأقارب أن يقوموا على الشيوخ والمرضى.
ولا يقذف بهم في دار المسنين.
مجتمع يعيش في سكينة الإيمان، فلا يجزع لحادثة، ولا يذل لفقر.
مجتمع تربطه رابطة الإيمان فيتكافل به المسلمون على تنائي الديار.
فهذه أعطيات أثريائهم تجوب آفاق بلاد المسلمين، وهؤلاء طلاب العلم من كل
قطر يتلقون العلم في الأزهر، وقد أعدت لهم عمائر السكن بكل مرافقها. ..
مجتمع يحس فيه كل فرد أنه صاحب رسالة تجاه غيره من بني الإنسان، فينشر
الخير، ويقري الضيف ويكرم الغريب وينصر المظلوم ويعين الضعيف، ويكرم المرأة ويرحم الشيخ ويوقر الكبير، ويكفل اليتيم، ويفي بالوعد، ويبر الولدين، ألم يأتكم نبأ (موائد الرحمن) فيِ شهر رمضان، هل انتبهتم إلى التسمية إنها (موائد الرحمن) ينسبها باذلوها إلى اللَه.
إلى صفة الرحمة والرحمانية، كما هو الأصل في خلق
المسلم لقد طاف بهذه الموائد سائحون منكم، وطعموا منها، وهم غير مسلمين، وغير صائمين، إنه خلق المسلمين.
* * *
21 -
ومجتمع المسلمين اليوم.
لا تنتشر فيه فواحش القتل، ولا السرقة، ولا الزنا، ولا الأولاد غير الشرعيين.
تستطع المرأة، في هذا المجتمع، أن تسير ليلًا، وهي، بصفة عامة، آمنة على نفسها، حيث لا يمكن ذلك في أية ولاية في أمريكا، بل الرجل نفسه لا يأمن على نفسه، كيف وهو في متجره، مثلا، في وضح النهار غير آمن من عصابات السرقة بالإكراه، في مجتمع المسلمين يستطيع أي إنسان أن يذهب بمفتاحه إلى صانع المفاتيح ليصنع له مثله، والكل آمن.
أما في أمريكا فلا يستطع من ضاع مفتاحه أن
يصنع غيره حتى يقدم مستندات تثبت حق السكنى، وتحديد المسكن، وضمانات أن المفتاح المطلوب صنعه هو المطابق لما تثبت المستندات - كل ذلك لأن الأصل أن الكل لص أو قاتل. ..
مجتمع المسلمين لا يعرف العنف الذي تعيشه مجتمعات أمريكاه وحوادث إطلاق النار، عشوائيا، على طالبات المدارس، وطلابها مشهورة.
مجتمع المسلمين لا يعرف فواحش الشذوذ بين الرجال والنساء ولا تضيع فيه الأطفال في دور الحضانة حيث هناك أولاد بلا آباء، وفي دور المسنين آباء بلا أولاد. مجتمع لا توجد فيه صبيات المدارس حوامل من غير نكير!!
مجتمع لا تبتذل فيه المرأة فيجعل جسدها سلعة معروضة لا ترد عين طامع ولا يد لامس بل تكون ديه المرأة جوهرة مصونة،