الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال الرابع
لو كان الإسلام دينًا حقا - كما تزعمون - لما كان أتباعه من المسلمين
أسوأ الناس، وأحطهم سلوكا وأخلاقا، ومظهرا، ولما كانت بلادهم
في منتهى التأخر والفوضى والظلم، والهمجية، والقذارة
.
* * *
مأثورات
في إعلانه عن صدور كتابه: "الديوان الشرقي" قال أديب ألمانيا الأكبر جوته: إنه هو نفسه لا يكره أن يقال عنه إنه مسلم ".
وحينما بلغ جوته السبعين من عمره أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خضوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
"ما رأينا المستشرقين ولا أساتذتهم المبشرين وقفوا أمام نحلة من النحل، أو مذهب من المذاهب، أو دين من الأديان مثلما وقفوا أمام الإسلام..
لأن الإسلام لو كان ضعيفا لما حرّك لهذا الجيش العرمرم من المبشرين والمستشرقين والملحدين ساكنا، فالخصم الضعيف لا يسر صديقا، ولا يقلق عدوا".
أ. د. عبد العظيم المطعني.
في كتابه (افتراءات المستشرقين على الإسلام) .
* * *
"والأم الإسلامية أشد الأم تعرضا لعداوة الاستعمار الذى يعادي الإسلام بصفة خاصة؛ لأنه نظام اجتماعي، وآداب معيشة، وله مبادئ فكْرية تقوم عليها الآداب والعلاقات، كما تقوم عليها عقائد الدين ووجهات النظر إلى أصول الحياة".
(عباس العقاد في: الإسلام والحضارة الإنسانية)
* * *
الجواب
- إن الحكم على الإسلام من خلال سلوك بعض أبنائه تحيّز إلى غير الحق، وخضوع
للهوى الشخصي.
ووجه التحيز في هذا الحكم أنه بحث عن المعايب، ونظرة
جانبية في موضوع البحث، تركزّ على عنصر خارج عن حقيقة الإسلام المجردة.
والحق أن الدراسة العلمية لا بد أن تتجرد للبحث عن حقائق الموضوع الذاتية، في تعمق، وفي شمول، مع ضرورة التمييز يين ما هو ذاتي وما هو خارجي، وبين ما هو من إيحاء الإسلام وبين ما هو من سلوك الناس وانحرافهم عنه. وبهذه الدراسة المتكاملة، والذاتية يسلم (منهج البحث) ، ويبرأ من عيب النظرة الجزئية، ثم الحكم الكلي.
هل من الحق والمنهجية أن نحكم على مبادئ الثورة الفرنسية بما فعل
القائمون بها، وبما فعل نابليون، وبما فعلت فرنسا في الشعوب التي استعمرتها، ومنها ذاك المثل الذي ذكره (ول ديورانت) في موسوعته
(قصة الحضارة) عندما نزلت فرنسا في أمريكا، عقب اكتشافها، وأفلحت في استمالة بعض القبائل.
وتأكد لفرنسا رغبة قبائل (البوتيغوارا) في أكل لحوم البشر، فقامت فرنسا بترتيب خدمة منتظمة بنقل زنوج من (غينيا) يقدمونهم لهذه القبائل لأكلهم!!
وفي العصور التي سميت في تاريخ الغرب بالعصور التنويرية، وخطت بها خطوات فساحا نحو التقدم - كانت أوربا تقوم بعملين متزامنين:
أحدهما داخلي، وآخر خارجي.
أم الداخلي فكان استثمار جهود العاملين من النساء والأطفال والرجال
الفقراء استثمارًا ليس فيه من (الإنسانية) شيء مع قلة الأجر إلى حد لا يقيم الأود، وتكديس الجميع في أماكن ضيقة أشاعت الفواحش والأمراض.
أما الخارجي فكان الاندفاع إلى استعمار الشعوب، وابتزاز ثرواتها وفرض الفقر والجهل عليها، ومحاولات فتنتها عن دينها.
فهل تسوغ لنا تلك المآثم غمط الخلق، وبطر الحق؟
- لقد عرض (مونتسكيو) مشاهد مما رآه في بلاد الغرب تنطق بمدى التأخر
الحضاري، والانحطاط الأخلاقي، كان مما شاهد: في (فينا) - وكانت النمسا أول رحلاته: إن الغبار يسيطر على المدينة بسبب الطرق المتربة التي تحيط بها.
ووجد أن
النساء اللواتي في سن الستين يجدن عشاقا.
ويقول عن لندن: ليس ثمة شيء أقبح من شوارع لندن فهي جد قذرة. . . ولا بد للمرء أن يكتب وصيته قبل أن يركب عربات الانتقال في المدينة".
أقول: وإنك واجد ما يصدق ذلك ويزيد عليه إلى درجة أن قارئه لا يكاد يصدقه - في رواية (. . .) ولا شك عندي أن من يقرؤها يستحي أن - يرمي غيره بالتأخر أو التخلف.
يقول مونتسكيو: إن لندن مدينة قبيحة قد تجد فيها بعض الأشياء الجميلة.
ويتحدث عما فيها من انتشار السرقة والرشوة.
ثم يذكر عن إيطاليا أنها تتألف من مدن كل مدينة دولة، وكان بجمهورية البندقية (أي مدينة البندقية مما شاهده منتسكيو العاهرات الساقطات، وكان
عددهن يقرب من العشرة آلاف!!
وأن وجودهن كان السبب الرئيس في تنشيط
التجارة والسياحة.
وفي روسيا رأى أنه يحرم على الوالد أن يعلم ابنه.
أما في دولة روما، فقد كان الحاكم هو البابا بنوا الثالث عشر وكان حاكما
دكتاتوريا أصبح معه الدين في الدرجة الثانية.
أما في فرنسا، موطن مونتسكيو، فقد ذكر من مناقص القضاء الفرنسي أن مناصب القضاء كانت تباع وتشترى، مما كان يؤدي إلى تولي القضاء أشخاص سيئو السمعة، ليس لهم أية دراية قانونية.
وذكر مونتسكيو أنه هو نفسه اضطر إلى بيع منصبه القضائي!
أما عن القوانين التي كان يحكم بها القضاة، فكانت خليطا من عادات الأقاليم وتقاليدها، والتي كانت تختلف من إقليم إلى آخر.
وتعتمد على أصول متباينة منها قانون الكنيسة ومنها
القوانين التي كانت تسود المجتمعات البربرية، كالغالة، سكان فرنسا الأصليين!!
هل ينبغي أن نتخذ هذا الهبوط السياسي، والأخلاقي، والقانوني، والقضائي -
وسيلة للحكم على (مبادئ النور) ؟!
* * *
3 -
فإن كان ولابد من اتخاذ واقع المسلمين دليلا على دينهم فلماذا لا تتخذون واقعهم الحضاري الذي هرعت إلى بلاطه، وبلاده، وفود ملوك الغرب ووفود علمائه وطلابه؟
فقد كان عبد الرحمن الناصر تمد أمم النصرانية له يد الإذعان، وأوفدوا عليه
رسلهم، وهداياهم من رومة والقسططنية في سبيل المهادنة والسلم والعمل فيما يمكن لمرضاته، وجاءته وفود علية الملوك المتاخمين لبلاد المسلمين يقبلون يده ويلتمسون رضاه، حتى إن صاحب (نفح الطب) يقول: ولم تبق أمة سمعت به من ملوك الروم والفرنجة والمجوس وسائر الأمم إلا وفدت عليه خاضعة راغبة، وانصرفت عنه راضية.
كما يقرر (ول ديورانت) أن منافذ حضارة المسلمين إلى أوربا، والتي أخرجتها من ظلمات العصور الوسطى، كانت ستة منافذ: عن طريق التجارة، والحروب الصليبية، وعن آلاف الكتب التي ترجمت من اللغة العريية إلى اللاتينية، وعن الزيارات التي قام بها العلماء أمثال (جربرت)
وغيره إلى الأندلس الإسلامية، ومن الشباب المسيحيين الذين أرسلهم آباؤهم الأسبان إلى بلاط الأمراء المسلمين ليتربوا فيها، ومن الاتصال الدائم بين المسيحين والمسلمين في بلاد الشام ومصر وصقلية وأسبانيا
يقول (ول ديورانت) : لقد كان للعالم الإسلامي أثر بالغ
مختلف الأنواع، لقد تلقت أوربا من بلاد الإسلام الطعام والشراب، والعقاقير، والأسلحة، وشارات الدروع، والتحف والمصنوعات. . . والتشريعات. . . وأخذت عن المسلمين أسماء هذا كله، حتى الموسيقى والشعر والآداب. . ولا تزال المصطلحات العلمية العربية تملأ اللغات الأوربية. . وظل أطباء العرب يحملون لواء الطب في العالم خمسمائة عام كاملة.
(قصة الحضارة مجلد 13) .
* * *