الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السؤال السادس:
قرآنكم عندما قرأناه وجدنا فيه متناقفات كثيرة، ولم نجد ديه وحدة
الموضوع، نجده يقفز من موضوع إلى آخر، وفيه تكرار كثير جدا.
وتقولون إنه معجزة. فكيف هذا
؟
* * *
جواب السؤال السادس
قلت قبل الإجابة المباشرة:
1 -
لهذا السؤال (خلفية) هي ما زعمه المستشرقون، قبلكم من بشرية القرآن، والزعم بأنه من صنع محمد، ومن تعلمه من غيره.
وهي فرية قديمة، منذ نزول الوحي بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم وسجلها القرآن نفسه، في مواضع منها في سورة النحل في
الآيات (101، 105) وفي سورة الفرقان في الآيات 4 - 6) .
فالذين يقولون ببشرية القرآن يتبعون سلفا لهم خاسرين.
وهؤلاء المحدثون يزعمون أن القرآن (انطباع) في نفس محمد نشأ عن تأثره ببيئته التي عاش فيها.
ومنهم من يقول: إن القرآن (تعبير) عن الحياة التي عاشها محمد.
والمستشرق الإنجليزي (جب) أستاذ الدراسات العربية بجامعة هارفارد بأمريكا ممن يقول بفكرة (الانطاع) في كتابه المذهب المحمدي.
فأنتم في هذه الشبهة أتباع مقلدون، وببغاوات حاكية.
وقد تحدى القرآن العالمين، وما زال تحديه قائما، وما زالت وجوه إعجازه تلفت نظر الدارسين، وما زالت الكشوف العلمية تزيد اليقين به، وأنه وحي يوحى.
وهذا هو الطبيب الفرنسي (موريس بوكاي) قد درس الكتب الثلاثة دراسة علمية، خرج منها بكتابه:(القرآن والتوراة والإنجيل والعلم - دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة)
وكان من ثمرات دراسته الحرة أن أسلم عن يقين بإلهية القرآن الكريم.
فهل تقرءون؟!!.
ولا أريد هنا أن أنقل لكم بعض ما انتهى إليه من تناقض كتابكم المقدس وحقائق العلم.
مع براءة القرآن من ذلك، فما بنا حاجة. نحن المسلمين، إلى تشويه عقائد غيرنا، ولولا تهجمكم على ما لا تعرفون لما ذكرنا مثل هذا ولا أشرنا إلى ما سلف من تناقضه!!
وما نذكر من ذلك إلّا على سبيل إقناعكم بأنه كان أولى بكم أن تستروا عوراتكم، قبل أن تتلمسوا العيب للبريء فنذكركم - فوق ما قدمنا - ببعض ما عندكم لعلكم تذكرون.
يذكر سفر الأيام الثاني ص: 21، 22، أن (يهورام) نصبوه ملكا وكانت سنه اثنتين وثلاثين، وأنه ملك ثماني سنين، ثم مات. فتكون سنه عند موته أربعين. وأن ابنه (أخزيا) ملكوه بعد أبيه، وكانت سنه اثنين وأربعين سنة!! ومن مقابلة النصين يكون الابن أكبر من أبيه بسنتين، فيكون قد ولد قبل أبيه، وهذا عندكم كلام مقدس بري من التناقض..
لقد دام جدل بحثي عن حقيقة المسيح - دام في أوربا مائتي عام كاملة، حتى أنكره المنكرون على مدى مائتي عام، وفي سبيل عرض هذه الآراء يذكر
(ول ديورانت) في موسوعته (قصة الحضارة) في المجلد الحادي عشر أن نابليون عندما التقى 1858 بالعالم الألماني (فيلاند)
سأله: هل يؤمن بتاريخية المسيح؟
يقول (ول ديورانت) : ترجع أقدم النسخ التي لدينا من الأناجيل الأربعة إلى القرن الثالث.
أما النسخ الأصلية فيبدو أنها كتبت بين عامي 60، 120 م ثم تعرضت بعد كتابتها مدى قرنين من الزمان لأخطاء النقل، ولعلها تعرضت أيضا لتحريف مقصود. ..
يقول: وإنجيل مرقس يكرر المسألة الواحدة أحيانا في عدة صور..
وإنجيل متى يردد أقوال إنجيل مرقس ولوقا ينص في إنجيله أنه - رغب في تنسيق الروايات السابقة عن المسيح. . ويقتبس كثيرًا من كتابات مرقس، كما يقتبس منها متى. ..
يقول (ول) : وملاك القول أن ثمة تناقضا كثيرا بين بعض الأناجيل والبعض الأخر، وأن فيها نقاطا تاريخية مشكوكا في صحتها، وكثيرا من القصص الباعثة على الريبة.
والشبيهة بما يروى عن آلهة الوثنيين. . . ".
هذه شهادة مسيحي على أعلى مستوى من الثقافة، والحياد العلمي في موسوعته التاريخية، أما كان لكم شغل بما ذكر عن كتابكم من تناقض، وخيال، ووثنية!!
كنت أود لأصحابنا ألا يورطوا أنفسهم فيما لا يعلمون، من أسرار القرآن وأسرار بلاغة العربية وفقه لغتها، وذروتها هو القرآن.
وكل ذلك ميادين فسيحة، جال في رُحبها فطاحل من علماء العربية الأجلاء والذين أفنوا أعمارهم في التعرف على الأسرار الدقيقة لبلاغة القرآن، وقد قضوا وما أفرغوا الدلاء.
وما زال العلماء المعاصرون يغترفون، ويستكشفون، ومنهم من برز في بيان الوحدة الموضوعية في القرآن كله، وفي كل سورة من سوره، طالت أم قصرت.
والوحدة الموضوعية في كل سور القرآن من موضوعاته الدقيقة، وقد تكلم فيها الشيخ رشيد رضا في تفسيره، ثم بلغ الذروة فيها المرحوم الشهيد سيد قطب في (ظلال القرآن) .
لقده كان العرب المكذبون للرسول حراصا على اتهام القرآن بكل ما ينفي أنه وحي فهل سمعتم أنهم اتهموه بالتناقض، أو تفكك الموضوع، وهم أفصح فصحاء لغته؟
لقد كان العربي الأصيل يدرك بعض هذه الأسرار البلاغية في القرآن بفطرته، حتى الصبية منهم.
حدث الأصمعي قال: مررت بصبية وهي تغنى منشدة:
أستغفر اللَّه لذنبي كله. . . قبلت إنسانا بغير حِلِّه
مثل الغزال ناعما في دَلّه. . . فانتصف الليل ولم أصلّه
قال الأصمعي: فقلت لها. قاتلك اللَّه، ما أفصحك!!
قالت: أتعد هذا فصاحة مع قول اللَّه:
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) .
قال الأصمعي: قلت للصبية: وما فيها؟
قالت: آية واحدة جمع فيها بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وبشارتين.
هذا شأن صبية لم تدخل معهدا، ولم تنتسب إلى جامعة لكنها عربية.